مقالات

أزمة جائحة وأسئلة حائرة

الهدى 1220                                                                                                                                  أبريل 2020

صنفت منظمة الصحة العالمية وباء كورونا بدرجة جائحة وهو أعلي تصنيف لوباء من ناحية الخطورة والانتشار، وتأتي كلمة جائحة في الأصل اللغوي بمعنى المصيبة العظيمة التي تجتاح لتستأصل كل شيء وتقود إلى القحط وتسمي الأيام الجائحة بالأيام الغبراء وأيام القحط.
وكل من يتابع الأزمة الحالية التي سبَّبها انتشار فيروس كورونا في كل بقاع العالم يدرك كل هذه المعاني الصعبة المؤلمة والتي يؤكد الخبراء والمسؤولون أن حجم التأثير السلبي سيزداد مع الأيام وأن الأسوأ لم يأت بعد، وأن التأثير سوف يطول كل مناح الحياة المختلفة والتي ستصل إلى تغييرات جوهرية ضخمة حتى بعد انتهاء الأزمة فالتأثيرات ستطول الحياة الاجتماعية والدينية والسياسية والاقتصادية وحياة الأفراد والجماعات والكيانات المختلفة بكل بساطة ما بعد كورونا سيختلف تمامًا عما قبل كورونا في نواح كثيرة ومختلفة والتغيير سيطول الجميع.
ومع كل أزمة شديدة وصعبة مثل هذه التي نعيشها والتي أعتقد أننا في بداية مبتدأ أوجاعها تطرح الكثير من الأسئلة الصعبة المحيرة وتدخل الإنسان في صدمة شديدة ودوامة قاسية من الأفكار المتصارعة والمختلفة، نعم فكم واحد منا لم يجلس يفكر فيما يحدث وكم واحد منا لم يستوعب ما يحدث وكم من الأسئلة الكثيرة التي طرحتها هذه الأزمة، وأنا أعتقد أن محاولة قراءة المشهد الآن ليخرج الإنسان بتصور شامل ومنطقي ستكون محاولة غير كاملة لأن المشهد لم ينته بعد وأن الصورة الشاملة المتكاملة لم تتضح، ومن رأيي أن العالم الآن يتخبط في إدارة الأزمة لأنها كبيرة وضخمة ولا يوجد في كل التحليلات التي استمعت إليها سيناريو نهائي أو تصور أخير لما ستكون عليه نهاية الأزمة وكلها تقديرات غير يقينية تمامًا والعالم اليوم مشغول في تبعات التأثيرات السلبية الشديدة الحادثة والتي ستحدث والكل ينتظر كيف سيتعامل فقط مع هذه التأثيرات والتي لا يعرف مدي حجمها وتأثيرها السلبى علي المستقبل، بكل بساطة لم أر العالم منشغلًا بالحاضر قدر هذه الأيام في ظل هذه الأزمة وأصبح التفكير في المستقبل لا يأخذ المساحة المعتادة للدرجة التي فيها أجلّت الإدارة الأمريكية التفكير في مستقبل الاقتصاد الأمريكي لمدة أسبوعين وأصبح شغلها الشاغل هو الخروج من عنق الزجاجة الحالية.
والأزمة من قساوتها طرحت أسئلة كثيرة وعميقة خاصة بالله وبالإنسان وبالحياة ليس مجالها الآن لكننا في أعماقنا نعرف بعضها.
بالنسبة لي الأسئلة الحالية والبسيطة والتي تشغل الكل سواء الإنسان البسيط أو المفكر والمثقف والمهتم بقضايا الحياة.
*متي ستكون نهاية هذه الأزمة؟
*ما هو التأثير المباشر للأزمة عليَّ أو على من أعرفهم؟
*هل سيتم اكتشاف علاج لهذا الفيروس ومتى ومن سيقوم بذلك؟
*ماهي حجم هذه التأثيرات التي ستحدث على العالم بعد انتهاء الأزمة وخاصة تأثيرها على الكنيسة الأمر الذي يشغلني بطبيعة خدمتي واهتمامي ورسالتي؟
*ما هو تأثيرها المباشر على الإنسان في شخصه ورؤيته وعلاقاته؟
*كيف سيتم التعامل مع هذه المتغيرات؟ وما هو دور الكنيسة والمؤمنين في ذلك؟
*كيف سيتم التعامل مع الأسئلة العميقة بل وشديدة التعقيد التي خلقت بسبب هذا الواقع المؤلم والقاسي؟
*هل نحن مستعدون للتعامل مع المستقبل فس ضوء تبعات هذه الأزمة؟
*هل نحن مستعدون للتغيير والتجاوب الصادق الحقيقي ومستعدون للمرونة للتعامل مع المتغيرات أم أننا سنبقى كما نحن؟
أسئلة كثيرة وجوهرية وحائرة بلا إجابات في الوقت الحالي ونحن في عمق هذه المعمعة الشديدة.
لكن الأروع أن الأزمة تطرح أسئلة وإن كانت حائرة اليوم، أرجو أن توجد لها إجابات حقيقية وهذه الإجابات هي التي ستحدد شكل المستقبل القادم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى