طريق الصليب
“لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ تَحْصُرُنَا. إِذْ نَحْنُ نَحْسِبُ هذَا: أَنَّهُ إِنْ كَانَ وَاحِدٌ قَدْ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ، فَالْجَمِيعُ إِذًا مَاتُوا. وَهُوَ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ كَيْ يَعِيشَ الأَحْيَاءُ فِيمَا بَعْدُ لاَ لأَنْفُسِهِمْ، بَلْ لِلَّذِي مَاتَ لأَجْلِهِمْ وَقَامَ.” (2كورنثوس5: 14- 15).
سار المسيح ‘‘طريق الصليب’’ ويدعونا للسير فيه. وأقصد معنيين، قريب وبعيد. المعنى القريب هو طريق الآلام الذي ساره المسيح وهو حاملٌ صليبه، وقد عانى آلامًا جسدية (جلد، مسامير، شوك، حِرابٌ). وآلامًا نفسية (هزءٌ، سخرية، تعيير). وآلامًا إلهية كفارية تمثلت في ترك الآب له لأنه حَمَلَ عقاب خطايانا في جسده ‘‘فصَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: «إِيلِي، إِيلِي، لِمَا شَبَقْتَنِي؟» أَيْ: إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟’’ (مت27: 46). والمعنى البعيد هو ‘‘طريق الصليب’’ الذي اختاره المسيح لفدائنا. فصليب المسيح هو الحل الإلهي لمشكلة الخطية: ‘‘مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ، وَهكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ’’ (رو5: 12). فقد حُكِمَ على الجميع بالموت، لكن الله دبَّر الحل، وهو الصليب. واختار المسيح هذا الطريق الصعب، فلماذا صُلِبَ؟ وما هو الدافع ؟ وما النتيجة؟
1) مَاتَ الْمَسِيحِ لأَجْلِ الْجَمِيعِ
مات لأجل جميع البشر، برحمته أخذ العقاب الذي يستحقونه، وبنعمته وهبهم الخلاص الذي لا يستحقونه. فنحن جميعًا أخطأنا، فصدر ضدنا قرارٌ بالموت الجماعي، إلا أن المسيح مات لأجلنا. هو القدوس البار، صار خطية لأجلنا، لنصير نحن بر الله فيه.
2) الدافع لموت المسيح
يوضح بولس الدافع لموت المسيح بقوله: ‘‘لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ تَحْصُرُنَا. إِذْ نَحْنُ نَحْسِبُ هذَا: أَنَّهُ إِنْ كَانَ وَاحِدٌ قَدْ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ، فَالْجَمِيعُ إِذًا مَاتُوا’’. فطبيعة الله هي الحب بلا حدود وبلا شروط. والمسيح هو حبُّ الله المتجسّد. وصليب المسيح هو برهان حب الله للبشر (رو5: 8). فلا يمكن للعالم أن يعرف المحبة الحقيقية إلا بالصليب، فأسمى درجات الحب والجود هو أن يجود المسيح بنفسه.
لذا أدعوك الآن، أن تدرك محبة المسيح لك، وتتجاوب معها بالتوبة الصادقة.
3) نتيجة موت المسيح
‘‘وَهُوَ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ كَيْ يَعِيشَ الأَحْيَاءُ فِيمَا بَعْدُ لاَ لأَنْفُسِهِمْ، بَلْ لِلَّذِي مَاتَ لأَجْلِهِمْ وَقَامَ’’. فقد اختار المسيح ‘‘طريق الصليب’’ طريق بذل الذات لأجلنا.. ودورنا نحن أن نختار ‘‘طريق الصليب’’ وأن نحيا له ونكرس حياتنا لأجله.
طريق الصليب الذي نختاره هو أن نموت عن ذواتنا، تموت الأنا القديمة الخاطئة، لنحيا حياة المسيح، حياة مركزها المسيح، وهدفها المسيح، نحيا لا لأنفسنا بل للذي مات لأجلنا وقام.