أسرة

أثناء العزل الذاتي لكورونا.. اقترب أكثر من شريك حياتك

الهدى 1220                                                                                                                                  أبريل 2020

الكاتب: تروي جريبنتروج

المحلات فارغة.. المطاعم مغلقة.. والفعاليات أُلغيت.. حتى الكنيسة أغلقت أبوابها. ربما تعمل من البيت، وحتى إن لم تكن مريضًا، أو تخضع رسميًا للحجر الصحي، فأنت تقضي وقتًا طويلاً في البيت مع شريك حياتك. هل سيمتلئ هذا الوقت بالإحباط والتوتر، أم ستستخدم هذا الوقت لتقوية حياتك الزوجية؟
يقول دكتور جريج سمالي، نائب الرئيس لقسم الزواج بمؤسسة Focus on the Family: «ستزعجان أحدكما الآخر، لذا قدما كميات هائلة من النعمة. واسألا أنفسكما كثيرًا هل الموضوع يستحق أم لا يستحق.»
يقول دكتور سمالي إنه يجب أن تكون قادرًا على أن تتغاضى عن الأمور المزعجة البسيطة، لكنه ينصح الزوجين بمعالجة القضايا المهمة حتى لا تتسرب وتتراكم مشاعر الاستياء داخلهما.
وسواء كنتما ستتواجدان في المنزل لمدة أسبوعين أو لشهرين، فإن توجهكما ونظرتكما للموقف سيحددان الفارق. فيما يلي بعض الخطوط الاسترشادية لتحقيق أكثر تجربة إيجابية، بالرغم من الموقف المتأزم.
ابدأ بالكلمة
يمكنك أن تخمن بشأن كل ما قد يحدث أثناء أزمة وباء ڤيروس كورونا: الأمور المالية والصحية، وقضاء وقت طويل جدًا مع شريك الحياة والأطفال، ونفاذ الاحتياجات الضرورية.. لكن «مَنْ مِنْكُمْ إِذَا اهْتَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى قَامَتِهِ ذِرَاعًا وَاحِدَةً؟» (لوقا ١٢: ٢٥)، أو يزيد ساعة واحدة على عمره. بالطبع الاستعداد الجيد واتباع الاحتياطات والتحذيرات هو أمر يتفق مع فكر الكتاب المقدس بالتأكيد.
من المؤكد أن كثيرين سيختبرون مواقف عصيبة مثل المرض، أو الحزن، أو الجوع.. إلا أن الامتنان أثناء الأزمة ليس استجابة طبيعية لمعظم الناس. لكن الكتاب المقدس يتضمن نصائح عظيمة جدًا لوضع إطار للنقاش. تقول رسالة تسالونيكي الأولى: «اشْكُرُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ» (١تس ٥: ١٨). وتقول رسالة فيلبي:«لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ» (في ٤: ٦).
الاختيار يظل بين القلق أو الصلاة بشكر.. حتى تحافظ على نظرة إيجابية للأمور، فإن أفضل الخيارات المتاحة لك هي الصلاة والشكر.
ضع خطة
التواصل مع شريك حياتك شيء جيد في أي وقت، لكن في الأزمات يصبح أمرًا ضروريًا لا غنى عنه. فيما يلي بعض الأسئلة التي يمكنك أن تسألها لشريك حياتك عندما تعرف أنكما ستقضيان أوقاتًا طويلة معًا في مكان واحد:
ما هي أكثر مخاوفك تجاه الأزمة؟
إذا كان لديك تحفظات حول بقائنا لوقت طويل معًا، كيف يمكننا إتاحة مساحة خاصة كافية لأحدنا الآخر، وفي نفس الوقت نظل نعمل معًا كفريق خلال هذا الوقت العصيب؟
* كم من الوقت تريد أن تبقى بمفردك كل يوم، وكيف تريد أن يكون هذا الوقت؟
* ماذا تود أن نفعله سويًا؟
* ما هي توقعاتك للأوقات التي سنعمل فيها من البيت؟
* كيف يمكننا استخدام هذا الوقت لتعميق حياتنا الزوجية؟
* كيف يمكننا استخدام هذا الوقت للاقتراب أكثر من الله؟
يضيف دكتور سمالي شيئًا إلى قائمة الأسئلة؛ إذ يقول: «تحدث عن بعض السلوكيات التي تجعلك تشعر بأنك محبوب. زوجتي وأنا طلبنا من أحدنا الآخر أن نكمل العبارة التالية: أنا أشعر أنني محبوب عندما…».
بينما تناقشان هذه الأسئلة، ضعا في ذهنكما أن بعض الأشخاص يحتاجون للمزيد من المساحة مقارنة بآخرين. يقول دكتور سمالي: «يحتاج كل شخص مساحة ووقتًا انفراديًا- وقتًا للتركيز على اهتمامات شخصية. اكتشفا كيف يبدو هذا الوقت لكل شخص، ورتبا في جدول المهام أوقاتًا للتمارين الرياضية، ومشاهدة التليفزيون، وممارسة الهوايات، وكذلك الأوقات الانفرادية التي يأخذها كل فرد بمعرفته.»
التوازن في الأعباء
بعض المهام المنزلية الإضافية قد تمثل جزءًا من روتين العزل الذاتي، وتقسيم المهام بطريقة ترضي جميع الأطراف هو شيء هام جدًا. يقول دكتور سمالي: «تحدَّث عن مَنْ سيقوم بالمهام خلال هذه الفترة من التواجد معًا. عندما تتغيّر الظروف، من الجيد مراجعة التوقعات بحيث يتم الاتفاق عليها. هذا ما يجعل التوقعات واقعية.»
لكن ليس عليكما أن تقسما كل المهام.. فإدارة المسؤوليات المطلوبة معًا يمكن أن يكون حلاً رائعًا أيضًا. يقول دكتور سمالي: «استغلا الفرصة في العمل سويًا على المهام التي يفعلها أحدكما في المعتاد- وخاصة الطبخ؛ لأن الطبخ معًا يمكن أن يقربكما أكثر، ويجعلكما تشعران بالتواصل العميق كزوجين.»
ثم يقدّم مثالاً خاصًا عن إدارة التوقعات.. عندما يعمل الزوجان بدوام كامل، لكن أحدهما فقط يكون مسؤولاً عن بعض المهام الروتينية الخاصة بالأطفال. يقول: «عندما تتواجدان معًا طوال الـ ٢٤ ساعة، يمكن لأحد الزوجين أن يفعل شيئًا بشكل مختلف عما تتم به الأمور في المعتاد. وهذا قد يولّد مشاجرات وإحباط للشريك الذي اعتاد على اتخاذ هذه القرارات. إن المفتاح الحقيقي هو التعبير بالكلام عن هذا التغيير-إن وجد، واكتشاف الحل الذي يبدو مناسبًا لكلا الزوجين. ركزا على العمل الجماعي والشراكة.»
تجاوز الحزن بسبب التغيير أو الخسارة
التغيير هو سمة كل الأشياء، ولكنه قد يولّد إحساسًا بالخسارة. يقول دكتور سمالي: «أنت وشريك حياتك تختبران بعض الخسارات مثل الروتين المعتاد، السيطرة على الأمور (حتى وإن كانت وهمية)، الاستقلالية، والتفاعل الاجتماعي، والأكل خارج البيت، والرياضات، والأنشطة، والهوايات، والأمور المالية، والسفر، ولحظات أو خبرات أخرى مهمة.»
لذلك قد يشعر شريك حياتك بما هو أكثر من الإحباط والخوف والإجهاد.. ربما يشعر بالأسى بسبب التغيير. ولكي نساند أحدنا الآخر خلال هذا الوقت، تحتاج أولاً أن تفهم مشاعر شريك حياتك. على سبيل المثال، قد تسأله: ”ما هو أكثر شيء تفتقده أثناء هذه الأزمة؟“ يقول دكتور سمالي: ”ليكن هدفك أن تهتم بتأثير أزمة ڤيروس الكورونا على شريك حياتك. القلوب تتآلف عندما تقضي وقتًا في الاعتناء والتعاطف تجاه مشاعر شريك حياتك في مواجهة التغيير والخسارة.»
اقترب أكثر من شريك حياتك
إذا استخدمتم هذا الوقت الفائض بشكل أفضل، ستخرجون من هذه الأزمة بحياة زوجية أكثر قوة وصحة؛ والابتعاد عن الأخبار والسوشيال ميديا قد يكون أفضل نقطة للبدء في هذا. هذا سيمنحك فرصة لفتح حوارات هادفة مع شريك حياتك بدلاً من الاكتفاء بتبادل المعلومات بينما تهرول من خبر لآخر.
تذكَّر أيضًا تلك الأمور المبهجة التي اعتدت على فعلها في بداية تعارفكما قبل الزواج. ربما يكون هذا الوقت مثاليًا للمشاركة في اللعب معًا بألعاب الـﭬيديو أو كرة السلة. قد تخرجان معًا للتمشية في منطقة قريبة من المنزل لا تكون مزدحمة- إن أمكن ذلك. كذلك من أفضل الأشياء لتعميق التواصل في علاقتكما هو أن تحلما معًا وتخططا معًا لمستقبل مشرق. اقضيا معًا ١٠ دقائق على الأقل يوميًا في التركيز فقط على أمور حياتنا الداخلية (مثل المشاعر، المخاوف، الهواجس، الآمال، والاحتياجات). يقول دكتور سمالي: «هذا سيجعلكما على دراية بما يدور داخل قلب شريك حياتك.»
قد يكون هذا الوقت رائعًا أيضًا لاكتشاف أنشطة جديدة يمكنكما فعلها معًا، أو أمور روتينية جديدة تحبان أن تضيفاها إلى حياتكما. يقول دكتور سمالي: ”اخلقا جوًا من التقاليد المرحة أثناء أوقات الحظر في البيت. العبا الكوتشينة، أو الدومينوز، أو الشطرنج، أو ألعاب الـﭬيديو. اجمعا الپازل. شاهدا الأفلام والمسلسلات التي فاتتكما. اطبخا معًا. رتبا الملابس والملائات ورصاها في الدولاب معًا.»
اقتربا أكثر إلى الله
إذا كان لديكما أطفال في البيت، فهذا الوقت، مع تجنُّب الاتصال مع الناس من خارج عائلتكما، قد لا يكون وقتًا هادئًا. ومع ذلك، إذا كان لديكما وقت متاح بدون تقطع، فقد يسمح لك بدراسة الكتاب المقدس مع شريك حياتك. هذا سيكون مفيدًا بشكل شخصي إذا كان أحدكما أو كلاكما خائفًا من الأزمة.
ربما كنتما تصليان معًا قبل الذهاب إلى النوم كل ليلة، أو قبل المغادرة للعمل كل صباح. لكن مع تواجدكما في البيت لفترة طويلة من الوقت، يمكنكما إضافة وقت آخر للصلاة كزوجين بعد الظهر أو في أي وقت آخر من اليوم. جزء من هذا الوقت الخاص للصلاة يمكن تخصيصه لنطلب من الله من أجل صحة العائلة والأصدقاء، والحكمة في تعاملهم مع معالجة الأزمة.
أي وقت متأزم يمكن أن يصبح فرصة رائعة لإظهار الحب والخدمة لشريك حياتك. يمكنك فعل هذا بالنعمة، والصبر، والتواصل المنفتح المغلف بمحبة المسيح.

http://www.focusonthefamily.me

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى