تأمل يومي

القيامة ومؤشر السعادة

“… اقْتَرَبَ إِلَيْهِمَا يَسُوعُ نَفْسُهُ وَكَانَ يَمْشِي مَعَهُمَا.” (لوقا24: 15)

حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم 20 مارس من كل عام، اليوم العالمي للسعادة، باعتبار السعادة يتطلّع إليها البشر جميعًا.

وفي تقريرها 2016م الذي جاء حصيلة لتحليل الأوضاع السائدة في 157 دولة، واستند الترتيب إلى 38 مؤشرًا. جاءت الدول الأربع القمة: الدانمارك، سويسرا، أيسلندا، النرويج، فيما احتلت مصر المركز الخامس عشر عربيًا، والثاني والعشرين عالميًا.

مؤشر السعادة عند تلاميذ المسيح ما بين الصليب والقيامة كان في أدنى مستوى، جميعهم كانوا محبطين وحزانى وخائفين. فالمريمات ‘‘كُنَّ خَائِفَاتٍ وَمُنَكِّسَاتٍ وُجُوهَهُنَّ إِلَى الأَرْضِ’’. والمجدلية ‘‘كانَتْ وَاقِفَةً عِنْدَ الْقَبْرِ خَارِجًا تَبْكِي’’. واجتمع التلاميذ في العلية وغلَّقوا الأبواب ‘‘لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ’’. وتلميذا عمواس كانا محبطين، ينتابهما شعور بخيبة الأمل، فيسوع الذي كان موضوع رجائهما قد مات! لذا ‘‘كَانَا عَابِسَيْنِ’’ . وظهر إحباطهما في حديثهما. وبسبب اليأس والحزن الشديد ‘‘اقْتَرَبَ إِلَيْهِمَا يَسُوعُ نَفْسُهُ وَكَانَ يَمْشِي مَعَهُمَا. وَلكِنْ أُمْسِكَتْ أَعْيُنُهُمَا عَنْ مَعْرِفَتِهِ’’. ربما لمعرفتهما الناقصة لهوِّية المسيح، وطبيعة رسالته، وحتمية صلبه، ويقين قيامته.. كل هذا سبّب لهما يأسًا، فانحدر مؤشر السعادة.

إلا أن المسيح عالج إحباطهما، ورفع مؤشر السعادة، برفقته. ففي المحنة، لم يرسل لهما ملاكًا بل ‘‘اقْتَرَبَ إِلَيْهِمَا يَسُوعُ نَفْسُهُ’’. وبكلمته فهي وسيلته الرئيسية لتغيير حياتنا، فهي تجدِّد أذهاننا وتُلْهِبُ قلوبنا. وإذ شرح المسيح لهما النصوص النبوية عن حتمية صلبه ويقين قيامته، أنار بصيرتهما وفتح ذهنهما والتهب قلبُهما.. فروح الله استخدم كلمة الله للاستنارة فارتفع مؤشر السعادة.

كما أن المسيح رفع مؤشر السعادة بشركته، فهو إذ رأى قلبهما الملتهب المشتاق، دخل ليمكث معهما، ومجرد أن دخل أصبح هو المضيف: ‘‘فَلَمَّا اتَّكَأَ مَعَهُمَا، أَخَذَ خُبْزًا وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَنَاوَلَهُمَا، 31فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَرَفَاهُ ثُمَّ اخْتَفَى عَنْهُمَا’’.

عندئذ حدث تحوّلٌ جذريٌ في شخصياتهما (ع33- 35). فالمعرفة العميقة، والإدراك والاستنارة، تُلهِبُ القلب، فينطلق شاهدًا عن قيامة المسيح. كيف لا، والرب المقام يُجري تغييرًا جذريًا في حياة كلِّ مَنْ يؤمن به، فيرفع مؤشر السعادة.

هللويا.. المسيح قام بالحقيقة قام

القس محسن نعيم

حاصل على بكالوريوس علوم لاهوتية ۱۹۸۸.
* ليسانس فلسفة وعلم نفس ۱۹۹۳م.
* دبلوم علم نفس ۱۹۹۷م.
* له أكثر من ۲۰ مؤلف في مجالات اللاهوت والدراسات الكتابية.
* راعي الكنيسة الإنجيلية في شبرا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى