مقالات

القس باقي صدقه .. رب الأسرة في المنزل

الهدى 1228                                                                                                                  فبراير 2021

عدد خاص عن وداع القس باقي صدقه راعي الكنيسة الإنجيلية الأولى في أسيوط

القس باقي صدقة هو القس المفوه، صاحب الكلمات الجميلة المنمقة، ذو الشهرة الواسعة والعلاقات العديدة المتفرعة في الوسط الكنسي والمجتمعي والسياسي أيضًا. شخصية تحوز على احترام وتقدير ومحبة الجميع من الصغير إلى الكبير. يتسابق الجميع إلى أخذ موعد للجلوس معه والاستمتاع بالحديث إليه. المشارك في الكثير من مجالات الخدمة الكنسية، والمهتم بأمور المجمع بكل كنائسه، والمؤثر في كثير من أنشطة السنودس وترتيباته. وهو المدعو الأول لتمثيل الطائفة الإنجيلية أو المسيحيين جميعًا في المحافل السياسية أو الانشطة الاجتماعية ومع هذا الانتشار إلا انه في البيت الزوج المحب المتعاون والآب الراعي المرشد والجد المتواجد القدوة بالعمل والفعل قبل الكلام.
القس باقي صدقة تزوج من السيدة إيفون مسعد في ٩ / ٩ / ١٩٥٧ وبدأ بيت جديد مؤسس على الصخر محفوظ بقوة القدير، وقد كان القس باقي صدقة عملاقًا في كل المحافل بحضوره القوي الذي يدعو الجميع على احترامه فيكون هو محور الجلسة وكان دائمَ التصريح بأنَّ كل ما هو حسن فهو نتاج عمل النعمة، أما كل ما هو سيء فهو بعض مما فيَّ، لكن عمل نعمة الله فيَّ يجددني للأفضل لأشابه صورة ابنه.
1. رب أسرة محب متواجد كل الوقت: حتى عندما تضطره ظروف الخدمة للسفر كان التليفون بصفة دائمة (قبل أن يكون هناك اختراع التليفون المحمول) للاطمئنان عن أحوال كل فرد في الاسرة ومتابعة أمورهم وكانت كتابة الخطابات والكروت التذكارية من كل بلد يتواجد فيها (يرسلها عن طريق البريد) لكي يشعر أسرته وكأنهم معه باستمرار. تفكيره المستمر ومتابعته لتسديد كل احتياج روحي ونفسي واجتماعي على قدر طاقته. لذا كان الأخ الأكبر والمشير لكل أفراد العائلتين (أقاربه وأقارب شريكة حياته).
2. لديه شعور شديد بالامتنان لزوجته ولدورها: ويرى أن دورها في حياته ورعايتها وتربية الاولاد بالإضافة إلى دورها مع كل شعب الكنيسة وكأنها أم للجميع، هو من أهم أسباب نجاحه في خدمته وحياته وكانت له أقوال كثيرة تشير إلى أن زوجة الراعي هي الرقبة التي ترفع رأس زوجها ليكون الراعي والخادم الناجح المؤثر.
3. كان شديد الحساسية لطبيعة كل فرد واحتياجه فكان يراقب طرق اهل بيته ويلحظ كل احتياج قبل ان يطلبوه ويحاول تسديده بكل السبل.
4. كان شديد الكرم ومهتم بالمهمشين: كان مقتنعًا تمامًا أنه كإبن لله يجب أن تعكس تصرفاته صفات الله (يشرق شمسه على الأشرار والصالحين)، (يعطي بسخاء ولا يعير) لذا فكان في تشبهه بالله كريم وسخي مع الجميع، فكان يصر على أن جامع القمامة (الزبال) يمر علينا كل يوم صباحًا ويحرص على أن يفتح له الباب بنفسه (حتى في تعبه) ويحييه بعبارات كثيرة مملوءة بالحب والتشجيع ويمنحه بعض الطعام والنقود. وعندما كنا نطلب منه ألا يخرج له بنفسه لأنه متعب والخروج في وقت مبكر (حوالي السادسة صباحًا) في البرد سيزيد تعبه، إلا إنه كان يقول إذا لم أظهر له أنا محبتي لكي يشعر بمحبة الله له فمن سيظهرها له؟! فإننا مجرد قنوات للتوصيل ولسنا أواني للتخزين. فالله يضع في حياتنا بعض ممن يحتاجون لكي نعطيهم مما سبق وأعطانا. وهكذا كان يهتم بكل الكناسين في الشوارع، بائعي المحلات، وأحيانًا يدخل يشتري من أحد المحلات على الرغم من عدم احتياجه لهذه الاشياء فقط ليزيد مبيعاتهم ويزيد مكسبهم. وهذه الحياة أثرت تأثيرًا شديدًا في أبنائه فتطبعًوا بالكرم والسخاء.
5. كان حنونًا وشفوقًا حتى مع الحيوان: يوجد كلب صغير خاص بالأحفاد يربونه على سلم البيت، فكان دائم الاطمئنان على أكله وشربه، حتى أنه في أحد أيام تعبه الأخير وقع القس باقي فجرًا أمام باب الشقة على السلم واستيقظ صموئيل ابنه على صوت ارتطامه بالأرض، وعندما سأله عن سبب خروجه على السلم قال أنَّه يطمئن على وجود ماء لدى الكلب.
6. الجد القدوة والغارس في الأحفاد حب الله والكتاب: حرص منذ نعومة أظافر أحفاده أن يهديهم نسخ مختلفة من الكتاب المقدس حسب سنهم بداية من الكتاب المصور – شرائط الكاسيت -….. ويحرص على أن يجلس معهم أوقاتًا طويلة يوميًا يحكي قصص الكتاب وما نتعلمه منها، ويسأل عن كل حفيد وينتظر حتى وصولهم المنزل ليلًا ولابد أن يجمعهم كلهم قبل النوم ليحفظوا آية ويصلوا معًا، وكان حريصًا على تضمين الصلاة طلبات من أجل الآخرين الذين لهم ظروف صعبة. مما غرس في الأحفاد التعلق بقراءة الكلمة والصلاة.
7. غرس في أولاده وأحفاده شعاره (للمسيح والكنيسة) بالقدوة العملية: عاش حياته أمينًا للشعار الذي انتهجه منذ حداثة سنه فكانت الكنيسة هي بيته الذي لا يألوا جهدًا في خدمته سواء الكنيسة المحلية أو العامة فكان يحرص على التواجد في الكنيسة مع كل الاجتماعات ويتابع كل الأنشطة فانتقل هذا الحب للخدمة والكنيسة لأبنائه وأحفاده إذ أن الحياة المعاشه غرست بهم الانتماء للكنيسة.
8. المشجع والمادح لكل تصرف حسن: عندما كان يحكي له أحد زائريه عن موقف حلو فعله أحد الأحفاد لا ينتظر حتى رجوع الحفيد إلى البيت بل يطلبه تليفونيا ويمدحه، لكن يحذره بأنك عندما تسمع أي مدح تذكر أن الشيطان واقف ليجعلك تعجب وتزهو بنفسك فارفع قلبك إلى الله لتتذكر أن كل ما هو طيب فيك هو من نعمة الله.
9. صاحب رؤية للخدمة لذا كان دائم الانجاز: حتى في آخر شهور حياته وقد تمكن المرض منه حتى أنه لم يعد يقوى على المشي بمفرده وضعف البصر فأصبحت القراءة أمرًا مضنيًا وقل الاحساس في الأصابع فأصبحت عملية الاتصال التليفوني صعبة عليه وتلجلجت الكلمات أحيانًا مع صعوبة في التنفس، إلا أنه كان له الانشغال الدائم بالآخرين وظروفهم ومشاركتهم وتشجيعهم فكان يطلب ممن يجلس معه أن يطلب له تليفونيًا يوميًا مجموعة من الأسماء للسؤال عنها. بالإضافة للاتصال بدار الثقافة دوريًا لمعرفة الجديد من الكتب ويشتري مجموعة كبيرة مما يرى أن فيه فائدة للخدام يقوم بتوزيعها على كل من يزوره في البيت أو يرسل البعض منها إلى الجيران. كان ينشغل بخدام كنائس الريف فيحرص على مكالمتهم وتشجيعهم ويطلب منهم أن يزوروه ليقدم تقدمة لتعضيد العمل الروحي. إذ كان له حس رعوي فاستطاع العمل والتأثير بالرغم من الصحة العليلة.
ش. د.سها سامي
شيخ الكنيسة الإنجيلية الأولي بأسيوط وزوجة الشيخ صموئيل باقي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى