فيروس كورونا والخوف
الهدى 1219 مارس 2020
سادت في الآونة الأخيرة حاله من الخوف والهلع الرهيب في أرجاء المسكونة كلها فأصبح العالم فجأة في خندق واحد في مواجهه فيروس كورونا.
وإجمالًا نحن نعيش في عالم ملئ بالخوف … يقول المرنم:
«طَلَبْتُ إِلَى الرَّب فَاسْتَجَابَ لِي وَمِنْ كُلِّ مَخَاوِفِي أَنْقَذَنِي.» (مزمور 1:34-10)
نعيش في عالم مليء بكل صور الخوف وأشكاله، ومن ينكر الخوف يعيش في الخيال وينكر الواقع. علينا أن نتعرّف بأن كل واحد منا لديه مخاوفه الخاصة به. أي أن الخوف جزء وواقع أساسي في حياتنا كبشر، وجزء من حقائق الحياة. الخوف شيء غير مريح ومضرّ عقليًا ونفسيًا وجسديًا وروحيًا
والخوف بوجه عام يُعتبر حالة طبيعيّة فسيولوجية ونفسية تشعر بها جميع الكائنات، والخوف عند الإنسان موجود في فطرته ومنذ ولادته، لكن نسبة الخوف تختلف من شخصٍ إلى آخر، تبعاً لاختلاف الظروف والبيئات والعمر ونوع الشيء الذي سبب الشعور بالخوف له، وهناك أنواع كثيرة من الخوف، تختلف في قوتها ونوعها وتأثيرها، ويؤثر الخوف بشكلٍ مباشرٍ في الهرمونات التي يفرزها الجسم، كما يؤثّر في طاقته وحيويته، ويؤثر في أجزاء متعددة فيه
أول حالة خوف في التاريخ كانت خوف آدم من الله بعد أن أكل من الثمرة الممنوعة. فعندما سأل الله آدم: «أين أنت؟»، أجاب آدم: «سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِي الْجَنَّةِ فَخَشِيتُ لأَنِّي عُرْيَان ٌفَاخْتَبَأْتُ.» (تكوين 2:3) أي إن الخوف قد دخل حياة الناس عندما ارتكب آدم وحواء الخطيئة الأولى وسقطا
… وفي موضوعنا هذا سنتناول مدخل بسيط للتعريف بهذا الفيروس ثم نحلل موضوع الخوف وكيف يمكن السيطرة عليه أو كيفية النصرة عليه اخذين في الاعتبار ان الخوف الذي نتحدث عنه له مسببات حقيقيه وهو واقع لا تخطئه العين.
أولًا: ماهي فيروسات كورونا وماهي طبيعة هذا المرض؟
هي فصيلة كبيرة من الفيروسات التي قد تسبب المرض للحيوان والإنسان. ومن المعروف أن عدداً من فيروسات كورونا تسبب لدى البشر حالات عدوى الجهاز التنفسي التي تتراوح بين نزلات البرد الشائعة إلى الأمراض الأشد حدة وهو مرض معد ويصيب بعض الناس بالعدوى دون أن تظهر عليهم أي أعراض ودون أن يشعروا بالمرض. ويتعافى معظم الأشخاص (نحو 80%) من المرض دون الحاجة إلى علاج خاص. وتشتد حدة المرض لدى شخص واحد تقريباً من كل 6 أشخاص يصابون بعدوى كوفيد-19 حيث يعانون من صعوبة التنفس. وتزداد احتمالات إصابة المسنين والأشخاص المصابين بمشكلات طبية أساسية مثل ارتفاع ضغط الدم أو أمراض القلب أو داء السكري، بأمراض وخيمة
ثانيًا: تعريف الخوف
(ما هو؟ ما نوع الخوف الذي نشير إليه؟ الفرق بين الخوف والهلع)
الخوف يعني وجود مشاعر أو أحاسيس مؤلمة تثيرها توقّعات بوقوع الشر كالمرض أو الفشل أو الموت، وبأسلوب حياة يؤثر على القوى العقلية والنفسية والجسدية وعلى علاقة الإنسان مع نفسه ومع الآخرين وحتى مع الله. الخوف يعني أيضًا القلق وانعدام الراحة وانعدام السلام القلبي الداخلي والحيرة والشعور بالرهبة والاضطراب.
الخوف هو أيضًا دليل على عدم استقرار في الفكر والمشاعر والأحاسيس. ومعروف أن الخوف لا يوجد في العالم من حولنا، بل هو في عقولنا وقلوبنا ومشاعرنا وتوقّعاتنا لما قد يحصل معنا أو في حياتنا، فالإنسان الذي يخاف من الألم والعذاب هو في الواقع إنسان معذّب ومتألم مما يخاف منه.
فالخوف بشكل عام هو شعور سلبي نحو أمور مختلفة في الحياة.
لكن… ما سنبحثه هنا نستطيع ان نطلق عليه: الخوف المنطقي وهو يحدث عند ظهور مسبب يدعو إلى الخوف وفي حالتنا هذه هناك فيروس ومرض فعلي يزداد انتشارًا في العالم يوم بعد يوم. وهو رد فعل لفعل حادث لا يمكن تجاهله. لكن الخوف شيء والهلع شيء أخر مختلف تمامًا
فالهلع ليس مجرد شعور، بل هو أحد أنواع الاضطرابات النفسية وهو عبارة عن اضطراب وحالة نفسية تنتج عن شعور متصاعد من الخوف الشديد والانزعاج المستمر ويصاحبه تسارع في نبضات القلب، مشاكل وصعوبات في التنفس.
ثالثًا: نتائج الخوف
الخوف يجعلنا غير مستقرين ويملأ عقولنا وقلوبنا بمشاعر مضطربة. يمنعنا من التفكير الواعي والعاقل والمنطقي، ويحرمنا من الاستمتاع بالحياة
الخوف يسرق الفرح من حياتنا ويمنعنا من الاختلاط بالنَّاس. وأخطر نتيجة للخوف أنه يجعل حياتنا عذابًا .
رابعًا: علاج الخوف
1) الثقة بالله وطلب الله في حياتنا، (مزمور 4:34، 6، 17، 19، 22). فالله يمدّنا بالشجاعة والعزيمة لمواجهة ما يعترضنا، والمواجهة لا تكون بقوتنا بل بقوة الله. نقرأ في رسالة فيلبي 13:4 «أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني.»
2) الصلاة والتسبيح وتمجيد اسم الله
نقرأ في مزمور 22:55 «أَلْقِ عَلَى الرَّب هَمَّكَ فَهُوَ يَعُولُكَ. لاَ يَدَعُ الصِّدِّيقَ يَتَزَعْزَعُ إِلَى الأَبَدِ».
فعندما نرفع قلوبنا بالتسبيح فإننا بكل تأكيد لا نغيب عقولنا ولا نتغافل عما يخيفنا بل نثق ان الله له مشيئة وترتيب عظيم لكل موقف نجتاز فيه.
3) الثقة بوعود الله،
نقرأ آيات عديدة جدًا في كلمة الله تساعدنا على مواجهة الخوف: «اَللهُ لَنَا مَلْجَأٌ وَقُوَّةٌ. عَوْنًا فِي الضِّيقَاتِ وُجِدَ شَدِيدًا. لِذَلِكَ لاَ نَخْشَى وَلَوْ تَزَحْزَحَتِ الأَرْضُ وَلَوِ انْقَلَبَتِ الْجِبَالُ إِلَى قَلْبِ الْبِحَارِ.» (مزمور 1:46-2)
«أَيْضًا إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرًّا لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي. عَصَاكَ وَعُكَّازُكَ هُمَا يُعَزِّيَانِنِي.» (مزمور 4:23)
«إن كَانَ اللهُ مَعَنَا فَمَنْ عَلَيْنَا!» (رومية 31:8)
«لاَ تَخَفْ لأَنِّي مَعَكَ. لاَ تَتَلَفَّتْ لأَنِّي إِلَهُكَ. قَدْ أَيَّدْتُكَ وَأَعَنْتُكَ وَعَضَدْتُكَ بِيَمِينِ بِرِّي.» (إشعياء 10:41)
«لاَ تَخَفْ لأَنِّي فَدَيْتُكَ. دَعَوْتُكَ بِاسْمِكَ. أَنْتَ لِي.» (إشعياء 1:43)
«لأَنَّ اللهَ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ الْفَشَلِ، بَلْ رُوحَ الْقُوَّةِ وَالمحبَّة وَالنُّصْحِ.» (2تيموثاوس 7:1) «وَلاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ.» (متى 28:10-29)
«أَخِيرًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ كُلُّ مَا هُوَ حَقٌّ، كُلُّ مَا هُوَ جَلِيلٌ، كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ، كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ، كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ، كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ، إِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ، فَفِي هَذِهِ افْتَكِرُوا»(فيلبي 8:4).
خامسًا: بعض الأفكار العملية لعلاج الخوف:
1) تقبَّل المشكلة التي تخيفك على أنها فرصة من الله للنمو في الإيمان والصبر والثقة في الرَّب.
2) حاول أن ترى الإيجابيات وسط المشكلة. انظرْ إلى النصف الممتلئ من الكأس وليس إلى النصف الفارغ.