وجهة نظر

جنودنا في الميدان من هم؟

الهدى 1210                                                                                                                               يونيو 2019

يوجد عمود يومي بعنوان «وجدتها» بجريدة «المصري اليوم» يكتبه كاتب رفيع المستوي والخبرة تحت اسم مستعار «نيوتن» جاء فيه يوم 18/11/2012 تحت عنوان «الغبي النشيط…احذروه»، تحليلاً رائعاً مختصراً لأنواع الشخصيات في علاقتها بالعمل، سأقدم لك عزيزي القارئ هذا المقال مختصراً وبتصرف.
يقول نيوتن:- (قول منسوب إلى مونتجمري عندما سُئِل .. كيف تصنف جنودك؟ فقال:- لدي أربعة أنواع: الذكي الخامل، الذكي النشيط، الغبي الخامل، الغبي النشيط وبقدر ما أتمنى أن يزيد عدد الأذكياء النشيطين بقدر ما أخشى من الغبي النشيط. ونُقِل عن الخليل بن أحمد (من أئمة اللغة والأدب وواضع علم العرووض 718م- 786م) قوله الرجال أربعة: رجل يدري ولا يدري أنه يدري فذاك غافل فنبهوه، ورجل لا يدري ويدري أنه لا يدري فذاك جاهل فعلموه، ورجل يدري ويدري أنه يدري فذاك عاقل فأتبعوه، وأخيراً رجل لا يدري ولا يدري أنه لا يدري فذاك أحمق فإحذروه.
الثقافتان الغربية والشرقية حذرتا من نوع واحد تقريباً -الغبي النشيط- والجاهل الذي يصر أنه يعرف كل شئ. تخيل أفيال تتجول لاهية في متحف الخزف .. النتيجة معروفة .. تحطيم كل مقتنيات المتحف دون أن يدري الفيل ماذا يفعل، فهو لا يمكنه أن يستوعب أنه يخرب. كان يجب آلا يدخل هذا المكان من الأصل. ففي أمثال هؤلاء الأغبياء النشيطون تكمن المشكلة إذ يظنون أنهم يحققون إنجازاً!!، وإذا كان تحطيم متحف الخزف إنجازاً فإن وجود هؤلاء يكون مفيداً.
يجب أن ندرك أن ليس كل البشر من نوع «الذكي النشيط»، فهؤلاء في الأغلب أقلية فإذا عثرنا عليهم علينا أن نستثمرهم ونستفيد من طاقاتهم بكل ما أوتينا من قدرة، وعلينا أن نبذل جهداً كي نحفز «الذكي الخامل»، وعلينا أن نضع «الغبي الخامل» في مواقع أقل أهمية وأن لا نقبل في مستويات الإدارة العليا إلا «الذكي النشيط». أما إذا أفلت شخص من فئة «الغبي النشيط» إلى موقع في الإدارة العليا للمؤسسة فهنا تكون الكارثة والحكم على المؤسسة بأن تتحول إلى متحف خزف سابق، فهو يعبث ويعتقد أن لديه خطة، ثقافته محدودة، حلوله منعدمة، إنتاج تفكيره في حد ذاته سلبي، يتخذ قراراً أو يقوم بتصرف لا يدرك أبعاده، لا يميز بين الأولويات، حتي حين يتم تنبيهه إلى الخطأ يواصل ما يفعل بإصرار وبعناد، لايدري أنه لا يدري، لديه ثقة كبيرة جداً فيما يعتقد أنه ذكائه، يرغب دائماً أن يثبت للأخرين أنه قادر ومتمكن.
هذه النوعية من البشر لابد أن تكون موجودة، فلا يمكن إجتناب وجودها، المؤسسات الناجحة هي التي تتمكن من أن تكون لديها أليه فرز ذكية تنحي جانباً ما يمكن أن يضر المنظومة حتى لا تنهار المؤسسة).
ثم يختم الكاتب عموده بقوله .. (خلال خبرة عملي الطويلة في مختلف دول العالم أدركت نوعاً خامساً أكثر خطورة وهو «الغبي النشيط العنيد» ونوعاً سادساً وهو الذي يستدعي نهاية العالم «الغبي النشيط العنيد الذي يتطلع إلى ما لدي الأخرين». عملت في شركات كبيرة تعلمت فيها هذه الخبرة … إذا وصلت لطريق مسدود عليك أن تُغَير طريقة التفكير وقم بإجبار المسؤول على أن يغير أسلوبه، وإذا لم يكن مرناً يجب أن يترك موقعه) إنتهى المقال.
يتكون سنودس النيل الإنجيلي من ثمانية مجامع تضم عدد 295 كنيسة رعوية تقريباً وبه 14 مجلسًا ورابطة وهيئة ولجنة وعدد من المؤسسات التعليمية والطبية ووفق نظامه المعتمد فأنه يتم أختيار قيادات وعاملين بكل هذه الكيانات سواء بالإنتخاب أو التعيين حسب اللائحة المنظمة لكل كيان، وبالطبع القوي البشرية الموجودة في كل هذه المواضع لابد وأنها تتضمن كل الأنواع الموجودة في التصنيف الوارد في المقال، الأمر الذي أثار في ذهني عدد من التساؤلات أشاركك بها عزيزي القارئ.
هل نحن واعون ومدركون لهذا التصنيف، وهل –على أسس علمية موضوعية- قادرون على تقييم كل القوى البشرية الخادمة في الحقول المختلفة وتسكينها في الأنواع الستة المختلفة؟؟
هل لدينا الجرأة والآلية التي تمكننا من تصحيح الأوضاع إذا تبين لنا خللاً ما بعد التقييم؟؟
وهل لدينا يقظة وشجاعة وإرادة التغيير في أسس وآليات الاختيار الحالية حتى نحول دون تكرار الأخطاء مستقبلاً؟؟ وحتى نتحول من منهج «إطفاء الحرائق» إلى منهج «منع الحرائق».
أعتقد أنه إذا كنا مدركين المعنى الحقيقي لإستمرارية الإصلاح علينا بكل الاتضاع والمحبة والحسم والموضوعية التصدي لمثل هذه القضايا بالتفكير الجماعي الجاد في روح الصلاة وفي ضوء قيم ومبادئ الكلمة المقدسة.
وختاماً أدعوك عزيزي القارئ للمشاركة الإيجابية والتفاعل بأفكار إيجابية بناءه بعيداً عن الشخصنة والهدم والإساءة.

القس محسن منير

قس إنجيلي بالكنيسة الإنجيلية المشيخية الراعي الأسبق للكنيسة الإنجيلية الأولى في أسيوط الأمين العام الأسبق لمجلس المؤسسات التعليمية في سنودس النيل باحث وكاتب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى