الله معنا
عِمَّانُوئِيلَ.. اللهَ مَعَنَا
“«هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللهُ مَعَنَا.” (متى1: 23)
‘‘عِمَّانُوئِيلَ’’ كلمة عبرية تعني الله معنا. وهو لقب إلهي جاء كوعد لخلاص إلهي. تتحقق النبوات في موجات (أبعاد). التاريخي هو رسالة النبي لمعاصريه هناك وآنذاك. والنبوي هو المستقبل القريب لمعاصري النبي، والعهد الجديد في المسيح. والروحي هو الرسالة الروحية لكل آنٍ ومكان.
ملك آحاز على مملكة يهوذا وهو شاب، وواجه متاعبًا صعبة، واتحد ضده ملكا أرام وإسرائيل، ليعزلاه ويعينا ملكًا آخر: ‘‘فَرَجَفَ قَلْبُهُ وَقُلُوبُ شَعْبِهِ كَرَجَفَانِ شَجَرِ الْوَعْرِ قُدَّامَ الرِّيحِ’’. عنذئذ أرسل الرب نبيه إشعياء برسالة طمأنة للملك وشعبه.
فكر أن يقدِّم ابنه محرقة، ظنًا منه أن يسترضي الله، كما خطّط للتحالف مع أشور لإنقاذه، بحثًا عن الأمان. لذلك جاءته رسالة الطمأنة: ‘‘اِحْتَرِزْ وَاهْدَأْ. لاَ تَخَفْ وَلاَ يَضْعُفْ قَلْبُكَ’’ وأوضح الرب أسباب رسالته. فإن كان ملكي أرام وإسرائيل من وجهة نظر آحاز قوى عظمى، إلا أنهما من وجهة نظر الله مجرد ‘‘ذَنَبَيْ شُّعْلَتَيْنِ مُدَخِّنَتَيْنِ’’، على وشك الإنطفاء. والسبب الثاني أن هدفهما لن يتحقق، فهما يهدفان لإزاحة النسل الداودي عن المُلك، ومن ثم زوال عهد الله مع داود ونسله، الذي منه يأتي المسيا، لذلك يقول الله: ‘‘لاَ تَقُومُ! لاَ تَكُونُ!’’ أمّا السبب الثالث يتعلّق بسيادة الله، فإن كانت دمشق عاصمة ‘‘رَأْسَ” أرام، والسامرة ‘‘رَأْسَ’’ أفرايم، وفقح ‘‘رَأْسَ’’ السامرة. إلا أنهم مجرد بشر ينكسروا أمام سيادة الله، الذي هو رأس شعبه. ومَنْ ثم فالإيمان به هو سر الأمان.
بعدما طمأن إشعياءُ آحاز، تحداه: ‘‘«اُطْلُبْ لِنَفْسِكَ آيَةً مِنَ الرَّبِّ إِلهِكَ. عَمِّقْ طَلَبَكَ أَوْ رَفِّعْهُ إِلَى فَوْق»’’. وتأكيدًا لتدخُل الله قال إشعياء: ‘‘يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ»’’. ثم تابع حديثه ليصف التحقيق التاريخي للنبوة (اقرأ ع15- 16). ومن يدرس (إش8: 1- 4) يدرك الإنقاذ الإلهي، فالطفل الذي يحمل اللقب الإلهي ‘‘عِمَّانُوئِيلَ’’ يُولد عاجلًا، مما يؤكد خلاص الله لشعبه هناك وآنذاك. أمَّا البُعد النبوي تحقق في ميلاد المسيح العذراوي (مت1: 22، 23). إذ فيه نختبر ‘‘عِمَّانُوئِيلَ’’.
هذه النبوة تحمل رسالة روحية لنا نحن هنا والآن، فهي تؤكد باستمرار أن الله معنا.. كان وسيظل معنا، لأنه ‘‘عِمَّانُوئِيلَ’’.