قوة قيامة المسيح
الهدى 1209 مايو 2019
ليس الصلب هو الذي يجعل قصة حياة يسوع المسيح تختلف عن الآخرين. فلم يكن المسيح هو الرجل الصالح الوحيد الذي مات ظلمًا من أجل قضيةٍ جديرة بالموت. ولم يكن الرجل الوحيد الذي مات مصلوبًا. لكن ليس الألم ولا الظلم هو الذي يجعل قصة موت يسوع مختلفة عن الآخرين.
إنَّ ما يجعل قصة حياة يسوع مختلفة عن الأخرين، هو حدث القيامة، فجميع الذين ماتوا قبله أو بعده، مهما كانت وجاهة الأسباب التي دعتهم للموت، فإنَّ قصة حياتهم جميعًا انتهت بالموت، لكنَّ المسيح وحده، هو مَن سُجِل عنه أنه مات ولم يكن الموت نهاية قصة حياته، لكنه حلقة من قصة حياة الملك المنتصر.
إنَّ قيامة يسوع هي أقوى حدث في التاريخ. لا شيء آخر يمكن أن يقارن به. لقد صُلِبَ ومِات وقُبِرَ وظلَّ في القبر مدة ثلاثة أيام، لكنه قام كما قال، خرج من القبر حيًا وتراءى لكثيرين، وأخيرًا صعد إلى يمين الله في الأعالي، حيث كان قبل تجسده، يكتب الرسول بولس: «وَتَعَيَّنَ ابْنَ اللهِ بِقُوَّةٍ مِنْ جِهَةِ رُوحِ الْقَدَاسَةِ بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ: يَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا» (رومية 1: 4)؛ ما أكدته قيامة المسيح، إنَّ أحدًا ليس لديه القدرة على قهر الموت، سوى يسوع، الذي مات، لكنه قام مؤكِدًا أنَّه ابن الله.
إنَّ قوة قيامة المسيح، وحقيقة حياته الآن في السماويات، جعلت بولس الرسول يُنشد: «لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ» (فيلبي 3: 10)؛ هذه القوة التي أقامت المسيح من موته، مُتاحة لتنهض بحياتنا، وهذا ما يؤكده الرسول بولس قائلًا: «وَإِنْ كَانَ رُوحُ الَّذِي أَقَامَ يَسُوعَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَاكِناً فِيكُمْ فَالَّذِي أَقَامَ الْمَسِيحَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَيُحْيِي أَجْسَادَكُمُ الْمَائِتَةَ أَيْضاً بِرُوحِهِ السَّاكِنِ فِيكُمْ» (رومية 8: 11).
كما أنَّ قيامة المسيح تمنحنا التأكد من غفران خطايانا، «الَّذِي أُسْلِمَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا وَأُقِيمَ لأَجْلِ تَبْرِيرِنَا» (رومية 4: 25)، وفي المعمودية حيث نُدفن معه، نُقام أيضًا معه، كما قام هو هكذا نحن، «مَدْفُونِينَ مَعَهُ فِي الْمَعْمُودِيَّةِ، الَّتِي فِيهَا اقِمْتُمْ ايْضاً مَعَهُ بِإِيمَانِ عَمَلِ اللهِ، الَّذِي اقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ» (كولوسي 2: 12)؛ إنَّ القيامة هي تؤكد لنا أنَّ الله قادر على بث الحياة في حياتنا وموتنا الروحي.
وكما قام المسيح تاركًا خلفة الأكفان في القبر، هكذا نحن الذين اختبرنا قوة قيامته، علينا أن نطرح كل ما له علاقة بالأرضيات، يكتب الرسول بولس: «فَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ قُمْتُمْ مَعَ الْمَسِيحِ فَاطْلُبُوا مَا فَوْقُ، حَيْثُ الْمَسِيحُ جَالِسٌ عَنْ يَمِينِ اللهِ. اهْتَمُّوا بِمَا فَوْقُ لاَ بِمَا عَلَى الأَرْضِ، .. أَمِيتُوا اعْضَاءَكُمُ الَّتِي عَلَى الأَرْضِ: الزِّنَا، النَّجَاسَةَ، الْهَوَى، الشَّهْوَةَ الرَّدِيَّةَ، الطَّمَعَ الَّذِي هُوَ عِبَادَةُ الأَوْثَانِ، الأُمُورَ الَّتِي مِنْ اجْلِهَا يَأْتِي غَضَبُ اللهِ عَلَى ابْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ» (كولوسي 3: 1-8)، إنَّ قوة قيامة المسيح المُقام تمنحنا القوة في مواجهة إغراءات وتجارب الحياة، لأنه «يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَ أَيْضاً إِلَى التَّمَامِ الَّذِينَ يَتَقَدَّمُونَ بِهِ إِلَى اللهِ، إِذْ هُوَ حَيٌّ فِي كُلِّ حِينٍ لِيَشْفَعَ فِيهِمْ» (عبرانيين 7: 25).
ولئن المستقبل لا يبدو مُشرقًا في هذا العالم، فإنَّ القيامة تمنحنا الرجاء، والثقة واليقين في مستقبل أكثر إشراقًا، فعندما نجتمع كعائلةٍ واحدة في بيت الله كل يوم أحدٍ، فإننا نُذكّر أنفسنا بأننا نعبد ونتبع إلهًا حيًا، يكتب الرسول بطرس: «مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي حَسَبَ رَحْمَتِهِ الْكَثِيرَةِ وَلَدَنَا ثَانِيَةً لِرَجَاءٍ حَيٍّ، بِقِيَامَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مِنَ الأَمْوَاتِ، لِمِيرَاثٍ لاَ يَفْنَى وَلاَ يَتَدَنَّسُ وَلاَ يَضْمَحِلُّ، مَحْفُوظٌ فِي السَّمَاوَاتِ لأَجْلِكُمْ، أَنْتُمُ الَّذِينَ بِقُوَّةِ اللهِ مَحْرُوسُونَ، بِإِيمَانٍ، لِخَلاَصٍ مُسْتَعَدٍّ أَنْ يُعْلَنَ فِي الزَّمَانِ الأَخِيرِ» (1بطرس 1: 3-5).