كيف تعرف النقاط العمياء في شخصيتك؟
الهدى 1226 ديسمبر 2020
الكاتب: مايك بيكتيل
راجعت المرآة الخلفية مرتين، وكذلك المرآتين الجانبيتين.. بدا كل شيء واضحًا. قمت بالانحراف نحو الحارة الجانبية، وفزعت بسبب آلة التنبيه الزاعقة من السيارة التي كنت أقطع عليها الطريق. وفي الحال رجعت مرة أخرى لحارتي بينما مرت السيارة الأخرى بسرعة عالية من جواري، ثم نظر إليّ السائق شذرًا.
ورغم أنني تعمدت مراعاة السلامة، فإنني لم أرَ السيارة الأخرى. كانت السيارة في «النقطة العمياء» (blind spot) بالنسبة لي- وهي المساحة المحتجبة التي لا يمكنني مراقبتها باستخدام جميع مرايا سيارتي. بالطبع لو عرفت بوجود السيارة، لانتظرت في حارتي، لكني لم أعلم بوجودها.
اعترف بأننا جميعًا لدينا نقاط عمياء
جميعنا لدينا نقاط عمياء- جوانب من شخصياتنا لا نعرف بوجودها؛ تؤثر على أدائنا، ونجاحنا، وعلاقاتنا. ولأننا غير واعين بها، لا نستطيع أن نفعل أي شيء حيالها. النقاط العمياء تصبح مصدر عادات وأنماط سلوكية تتركنا عالقين، وبسببها لا نستطيع التحرك للأمام أو ننضج؛ لأن شيئًا غير معروف يمنعنا ويجذبنا إلى الخلف.
إذا أردت أن تتمتع بحياة زوجية سعيدة، حاول أن تتحسن في كل الجوانب الممكنة. لكن إذا لم ترَ نقاطك العمياء، فقد تعوقك عن بناء علاقة رائعة. في النهاية كيف يمكنك أن تصلح شيئًا لا تعرف عنه شيئًا؟ لكن إذا رأيته يمكن فعل شيء تجاهه.
هناك طريقتان لاكتشاف نقاطك العمياء:
1) أن تنتظر حتى يأتي شخص آخر و»يزمر» لك.
2) أنت تتعمد البحث عن نقاطك العمياء.
الاختيار الأول شائع أكثر، وهو أقل فاعلية. عادة ما «يزمر» لك شريك حياتك عندما يصبح محبطًا ليدعك تتنبه لشيء لا تراه. أمّا الاختيار الثاني عن الضبط المتعمد لمرايا شخصيتنا فهو اختيار فعّال؛ لأنه الأساس للنمو والتغيير في العلاقات الشخصية.
اسعَ نحو معرفة حقيقة النقاط العمياء في شخصيتك
كيف تكتشف الجوانب التي تحتاج أن تنمو فيها إذا كنت لا تراها؟ سفر المزامير يعبّر عن هذه المعضلة كالآتي: «اَلسَّهَوَاتُ مَنْ يَشْعُرُ بِهَا؟» (مزمور ١٩: ١٢). الطريقة الوحيدة لتكتشف نقاطك العمياء إذا أخبرك آخر عنها.
الحصول على رأي شريك حياتك قد يبدو أمرًا سهلاً، لكنه قد يتضمن مخاطرة على كليكما:
ربما تتردد في أن تسأله لأنك لا تريد أن تسمع أي شيء سلبي عنك.
ربما يخشى شريك حياتك أن يجرح مشاعرك (إذا كان الرأي سلبيًا)، وبالتالي لا يشارك بأية ملاحظات.
وإذا حاول شريك حياتك في الماضي، ستصبح متحفزًا أو ستقدم تبريرات.
سيبدو الأمر غير آمن إذا كانت الثقة منخفضة.
لم تتخذ إجراءً بشأن الأمور التي شاركها معك شريك حياتك من قبل.
هذه المخاطرات تظهر بشكل خاص في الزواج، لأننا نراهن على أشياء كبيرة. وإذا لم يُقبل الرأي بترحاب، سيكون على الشريك الذي تحدث معك أن يعيش مع الخلاف الذي ينتج عن ذلك. أحيانًا يكون الصمت هو الأسهل.
الطريقة الوحيدة للحصول على رأي صادق أن توفر الأمان لشريك حياتك ليشاركك به. فيما يلي بعض الأفكار لتوفير مناخ يساعد على حدوث هذا الحوار الصادق:
اعترف بضعفك الشخصي
من الصعب أن تعترف بعيوبك الشخصية، لكن عندما لا ترى ولا تعترف بها فأنت تزيد فرص تدهور الأمور. التقييم الدقيق لنقاط قوتك ونقاط ضعفك هي أفضل وسيلة لحمايتك من «الانحراف إلى حارة» علاقتك بشخص آخر.
محاولة تحسين علاقاتك بدون فحص (خاصة من جانبك) تصبح حاجزًا لنموك الشخصي.. الأمر يشبه طبيبًا يكتب روشتة بدون القيام بفحص دقيق.
تعمّد طلب الرأي
إذا كنت غير جاد في طلب الرأي، على الأرجح ستحصل على رد غير جاد. لكن حتى تحصل على رد مدروس جيدًا، خطط لكيفية الحصول على ذلك.
اختر وقتًا جيدًا لتسأل شريك حياتك عن النقاط العمياء في شخصيتك
لا تفتح الموضوع أثناء مناقشة حامية، ولا تختر وقتًا يكون أي منكما مشتتًا أو جائعًا أو مُجهدًا.
أعطِ شريك حياتك فكرة مسبقة عما تنويه
قل شيئًا مثل: «كنت أفكر في الفترة الماضية في شيء أفعله وأشعر أنني لا أستطيع تجاوزه. هل يمكننا توفير بعض الوقت للتحدث خلال اليومين التاليين؟» وإذا سأل شريك حياتك عن طبيعة الأمر، فلا توجد مشكلة في مشاركته بالموضوع- لكن أجّل النقاش الفعلي. «هذا ما أفكر فيه، لكني أريدك أن تفكر فيه لبعض الوقت قبل أن نجلس ونتحدث. سأفعل نفس الشيء، بحيث نجلس سويًا ونشارك بأفكارنا. ما الوقت المناسب لك لنجلس؟»
كن محددًا وتحدَّث في نقطة واحدة
لا تقل: «هل أنا تصرفاتي جيدة؟» وإنما: «عندما نجتمع معًا مع الأصدقاء، أشعر أنهم لا يصغون إليّ. أريد أن أعرف إذا كنت أفعل شيئًا لا أدركه يمنع الناس من التحدث معي. أحب أن أسمع وجهة نظرك -هل تقدر أن تفكر في هذا الأمر؟» تحدَّث في موضوع واحد، وليس تقييمًا شاملاً لكل شيء.
أصغِ بدون تحفز للدفاع عن نفسك
لا تقدّم تبريرات أو تعرض أسبابًا تفسر أفعالك، وإلا لن يشاركك شريك حياتك بأي شيء آخر. أصغِ بعناية بدون أن تقاطعه، أو تبرر أو تقلل من شأن كلماته. أغلق التليفزيون، واترك التليفون في حجرة أخرى؛ كعلامة على أنك تحتفظ بتركيزك الكامل. فقط اطرح أسئلة لاستيضاح ما قاله شريك حياتك، لأن هدفك هو أن تفهم. حافظ على تواصل بصري جيد، وربما تدوّن ملاحظات أيضًا: «ما تقوله مهم جدًا بالنسبة لي، لذا أريد أن أحتفظ به بحيث أستطيع أن أفكّر فيه أكثر فيما بعد.» ليس عليك أن تتفق مع كل ما يقوله شريك حياتك، لكن هذا ليس وقت الاختلاف.. هذا وقت لتفهم أنت.
حدد وقتًا للرد
هذا الحوار سيكون أكثر تأثيرًا إذا أصغيت بدون مشاركة ردودك الفورية. اشكر شريك حياتك على ما شارك به، واتفق على الرجوع للجلوس معًا بعد أن تتوفر فرصة للتفكير فيما قيل: «هذا رائع جدًا، لأنك تخبرني بأمور لم أكن أدركها. دعني أجلس وأفكر في هذا لمدة يومين، وسأشاركك بأفكاري بعدها، حسنًا؟» إذا استطعت فعل ذلك، تكون قد مهدت الطريق للمزيد من الآراء الأخرى؛ لأنك وفرت الأمان لذلك، وأظهرت أنك تقدّر رأي شريك حياتك عن النقاط العمياء في شخصيتك.اتخذ إجراءً
بعد أن تستكشف النقاط العمياء في شخصيتك، قرر خطوة واحدة بسيطة يمكنك أن تتخذها في سبيل التغيير. إذا اتخذت إجراءً، سيواصل شريك حياتك مشاركتك بما لديه.
اضبط المرايا الخاصة بشخصيتك لتحسّن زواجك
يقول الكتاب المقدس: «أَمِينَةٌ هِيَ جُرُوحُ الْمُحِبِّ، وَغَاشَّةٌ هِيَ قُبْلاَتُ الْعَدُوِّ» (أمثال ٢٧: ٦). شريك حياتك قد يكون مرآة تُظهر لك شيئًا لا تعرفه. ليست وظيفته أن يصلحك، هذه وظيفتك أنت. وظيفة شريك حياتك ببساطة أن يعكس لك بأقصى درجة من الدقة ما يراه.
استكشف هذه الخطوات مع شريك حياتك، ثم جربها. بذلك أنت تخلق مناخًا آمنًا للنمو معًا، وستجعل من النمو شيئًا تتطلع إليه. لا أحد آخر يعرفك بقدر شريك حياتك؛ لذا التواصل مع أحدكما الآخر لتكتشف النقاط العمياء في شخصيتك، والعمل عليها، يؤدي إلى تغييرات مهمة في العلاقة.
http://www.focusonthefamily.me