الصلاة والكرازة
الهدى 1244-1245 يونيو ويوليو 2022
كثيراً ما نظن أنَّ الصلاة هي فقط الكلمات التي نتكلم بها أمام الله في فرص الصلاة، ولكن يمكن أن نصلي مصلين، ونرنم مصلين، ونسمع الكلمة مصلين، وأيضاً نكرز مصلين، فالصلاة هي الصلة المستمرة بالله، وقد تكلَّم الرسول بولس عن أهميّة الصلاة وحمل السلاح الكامل في أفسس 6، واختتم كلماته بالصلاة، وهو يضع أمامنا بعض الدروس في الصلاة لأجل الكرازة، فيقول: صلوا:
1- لأجلي!!!: وهنا نرى ديموقراطية الصلاة، فقد طلب الرسول بولس أن يُصلى لأجله، وهو أمر عجيب جداً لأن الطبيعي أن نطلب منه أن يصلي هو لأجلنا لكن المفاجأة أنه يطلب منا أن نصلي لأجله. ماذا نمتلك نحن لكي نصلي لأجلك؟!! فسرَّ القس ابراهيم سعيد هذه الأية بقوله إنها «ديموقراطية الصلاة» لأنَّه في الصلاة ليس كبير أو صغير، فكلنا يمكن أن نصلي لأجل بعض. كم مرة صليت لأجل الخادم الذي يخدمك، لأجل راعي كنيستك؟ لأجل قائدك الروحي؟ لأجل رئيس طائفتك؟ كما نهتم في كنيستنا الإنجيلية بالديمقراطية وكل واحد له صوت مساوٍ للأخر. هكذا أيضاً في الصلاة لنصلِ بعضنا لأجل بعضٍ.
2- لأي أمر نصلي في الكرازة؟ كثيراً ما نصلي لأجل من نكرز لهم، مَن نقدمُ لهم الرسالة، لكي يعد الله القلوب المتحجرة، لكنَّ الرسول بولس هنا يطلب الصلاة لا لأجل النفوس، بل لأجل الكارز نفسه، ليُعدَّ ويجهز ويكون مؤهل لتقديم الرسالة فكثيراً ما نقول إن المشكلة في الناس أنهم لا يريدون قبول الرسالة وربما كانت هذه شماعة نعلق عليها أهملنا في الكرازة لأن يسوع قال: «الحصاد كثير والفعلة قليلون» فنحتاج ان نصلي للفعلة أكثر من اهتمامنا بالصلاة لأجل الحصاد. ربما تركيزنا على الناس حولنا هو نوع من أنواع الهروب من المسئولية الشخصية في عمل الكرازة. أكثر من مرة الرسول بولس يقول «وفتح لنا الرب بابًا»، التركيز على الكارز «… لأجلي…»، و «لكي يعطى لي…» يطلب الصلاة لأجل أمور عند الرسول بولس نفسه.
3- «سفير في سلاسل»… تعبير جميل.. دائماً نرى السفير في السفارة أو في السيارات الفارهة أو في القصور الرئاسيّة… ولكن هذه المرة يعرض لنا الرسول بولس صورة مختلفة عن السفير أنه سفير في سلاسل. لأن الرسول بولس لأجل سفارته عاش سنين كثيرة من حياته في سلاسل. ما هو تركيز صلاتنا في هذه الأيام؟ هل نصلي لأجل السفارة أم نصلي لأجل السلاسل؟ أغلب الوقت في صلواتنا نصلي لأجل السلاسل سواء كانت للمسيح أو سلسل لأجل الظروف الصعبة التي نمر بها فتركيز صلاتنا على المشكلات والأزمات والأمراض والاقتصاد…… ونادراً ما نصلي لأجل السفارة. لم يطلب الرسول بولس لأجل أن ينفك من السلاسل بل طلب لأجل السفارة. التركيز على السلاسل يحول أنظارنا عن السفارة، والسلاسل لن تنتهي فننشغل عن دورنا الكرازي بسبب سلاسلنا. وإذا بحثنا في حياة الرسول بولس نكتشف انه كان في السلاسل لأجل الكرازة
4- الاحترافية في الخدمة: بالمعنى السلبي للكلمة. الاعتياد على الخدمة يجعلنا نفعلها بالاتكال على قدرتنا وخبرتنا الشخصية. وعندها نفقد هيبة الكلمة. فالهيبة ليست في الحالة، لكن الهيبة في الرسالة، في مضمون ما نقدم من رسالة؛ نحن نحمل رسالة ما أروعها وما أقدسها. لأننا نتكلم عن الرب يسوع وإياه مصلوب. ولأن الرسول بولس يقدر قيمة رسالته فيقول «…. لِكَيْ أُجَاهِرَ فِيهِ كَمَا يَجِبُ أَنْ أَتَكَلَّمَ» فتكون كل مرة بهيبة أول مرة.
5- المجد لله وحده: نصلي أن يكون الله هو محور الكرازة منه وبه وله نكرز بالمسيح ونصلي لأجل قيادة إلهية «وَبَيْنَمَا هُمْ يَخْدِمُونَ الرَّبَّ وَيَصُومُونَ، قَالَ الرُّوحُ الْقُدُسُ: «أَفْرِزُوا لِي بَرْنَابَا وَشَاوُلَ لِلْعَمَلِ الَّذِي دَعَوْتُهُمَا إِلَيْهِ».» (أع 13: 2). قيادة إلهية بالكامل
6- يفتح لنا الرب بابًا: كان بالسجن؟ في فيلبي كان في السجن، في قيصرية كان في السجن، في روما سجنه الأول والثاني، فكان سجن بولس البيت الذي استأجره ليسجن فيه في روما كان مزارًا كرازيًا لكل من يزوره أو يحرسه.
ملاحظات ختامية:-
1- في مدينة الأثار الاقصر ونحن نرى أمورًا مبنية منذ آلاف السنين ولكنها سيأتي وقت وتنتهي، ابني بيتًا سيبقى 100 سنة، ابني كوبريًا سيبقى 300 سنة، ابني هرمًا سيبقى 7000 سنة، لكن عندما نبني في ملكوت الله سيبقى البناء إلى الأبد. فنحن في ملكوت الله نبني أمور أبدية وليس وقتية.
2- عندما كان الرسول بولس يتكلم عن فتح الأبواب كان ذلك خلف القضبان. هل مستعدون لدفع التكلفة؟ أم نريد أن نعيش أمجاد بولس بلا ألمه؟
3- ازمنة مثمرة: كلنا نبحث ونسعى إلى الثمر ولكن من كلمة الله (يوحنا 15: 4) فأساس الثمر هو الثبات في الكرمة. كثيراً ما نقف في المكان الخطاً باحثين عن الثمر ولكن المكان الصحيح هو نقطة التقاء الغصن بالكرمة لأنه بثبات الغصن في الكرمة يصبح الثمر نتيجة طبيعية وتلقائية.
قُدمِت هذه المقالة كعظة من عظات احتفال الصلاة 121 بالكنيسة الإنجيلية بالأقصر – مارس 2022.