المجوس رحلة تكشف وتعلن
الهدى 1227 يناير 2021
كل الحوادث والقصّص الورادة في الميلاد لها أهميتها وقيمتها ومغزاها، وليس هناك ما يُسَمَّى بالصدفة، بل نحن أمام قصة منسوجة جيدًا حول مركزية شخص المسيح ومَنْ يكون؟ وما هي رسالته؟
وقد ورد في قصة الميلاد مجموعة من الشخصيات، وسلسلة النسب التي نجد فيها أربع سيدات إمميات تاريخهن غير مشرف: ثامار، راحاب، راعوث، بثشبع، خير دليل على ذلك. وفي قصة الميلاد نجد أسرتين هما: زكريا وإليصابات، يوسف ومريم. وجماعتين هما: الرعاة والمجوس. كل شخص وأسرة وجماعة لها دور ورسالة في قصة الميلاد، فالأربعة أسماء للسيدات الواردات في سلسلة النسب تعبر أنْ لكل شخص مكان في المسيح، وتعبر عن لاهوت النعمة لكل البشر مهما كانت خطاياهم، بالرغم من أنْ هذه الأسماء صادمة للقارىء اليهوديّ في الوقت الذي لم ترد فيه سارة على سبيل المثال؛ جاء أولئك ليعبرن عن فكر متى أن المسيح لكل الناس. مع أن متى كتب إنجيله إلى اليهود إلا أنَّه طوال الإنجيل يمدح في الأمم، ويُبرز إيمانهم بالمسيح، وفي المقابل يُبرز رفض اليهود له المتكرر من ميلاده حتى صلبه، والموقف السلبي منه حتى بعد القيامة.
بدأ إنجيل متى بما يسمى بعالميّة رسالة المسيح حيث ذكر أنَّ المسيح ابن داود (النسب الملوكي) ابن ابراهيم «وَتَتَبَارَكُ فِيكَ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ» (تكوين 12: 2)، وقد تأكّد الوعد في تكوين 15، وتكوين 17.» فضم في سلسلة النسب راحاب وراعوث المؤابيّة (متى 1: 5)، وجاء المجوس من الشرق متى 2، وقائد المائة متى 8، والمرأة الكنعانيةّ متى 15، زوجة بلاطس متى 27، قائد المائة عند الصليب في متى 27، وهو نموذج لصورة الكنيسة في يوم الخمسين (أعمال 1: 9 – 11). إنَّ عالمية وعمومية الرسالة هي دافع الكنيسة للخدمة والكرازة، الإرسالية تصنع الكنيسة وليس العكس.
ولعل كلام المسيح في نقد الشديد لليهود يثبت أنه لكل العالم والأمم: «وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ مِنَ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِب وَيَتَّكِئُونَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، وَأَمَّا بَنُو الْمَلَكُوتِ فَيُطْرَحُونَ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ».» (مت 8: 11، 12)، وبعد مثل الابنين وجه المسيح نقدًا شديدًا أيضًا لقادة اليهودن بالقول: «فَأَيُّ الاثْنَيْنِ عَمِلَ إِرَادَةَ الأَبِ؟» قَالُوا لَهُ: «الأَوَّلُ». قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ الْعَشَّارِينَ وَالزَّوَانِيَ يَسْبِقُونَكُمْ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ،» (مت 21: 31).
يُعلَنُ عن طريق جماعة الرعاة أن المسيح مخلص العالم قد ولد «وَكَانَ فِي تِلْكَ الْكُورَةِ رُعَاةٌ مُتَبَدِّينَ يَحْرُسُونَ حِرَاسَاتِ اللَّيْلِ عَلَى رَعِيَّتِهِمْ، وَإِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ وَقَفَ بِهِمْ، وَمَجْدُ الرَّبِّ أَضَاءَ حَوْلَهُمْ، فَخَافُوا خَوْفًا عَظِيمًا. فَقَالَ لَهُمُ الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَافُوا! فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: «أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ». (لوقا 2: 9 – 11)
هو نفس التأكيد الذي أعلن في إنجيل متى ليوسف: «فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ» (متى 1: 21)، في المسيح هناك إمكانية طيبة ومتاحة وأساسية للخلاص المجاني، وتصبح إنشودتنا هي: «لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ لَيْسَ مِنْ أَعْمَال كَيْلاَ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ» (أفسس 2: 8-9). خلاصنا بالإيمان ببر المسيح الذي أنقذنا من عبودية وسلطان الخطية إلى حرية مجد أولاد الله.
يسرد إنجيل متى مواصفات المسيح، هو ابن إبراهيم، فهو يسوع، الذي يخلص شعبه من خطاياهم، وهو عمانوئيل «هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللهُ مَعَنَا» (متى 1: 23)، وهو نفس التأكيد الذي أكده متى في نهاية إنجيله: «وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ». آمِينَ (متى 28: 20).
مواصفات المسيح في قصة الميلاد بحسب البشير متى في الإصحاح الأول والثاني: ابن داود، ابن إبراهيم (متى 1: 1)، المسيح (متى 1: 16، 17)، يسوع (متى 1: 21)، ملك (متى 2: 2)، عمانوئيل (متى 1: 23)، مدبر (متى 2: 6)، راعي (متى 2: 6).
في الأصحاح الثاني في قصة المجوس التي تعبر عن التواصل الحضاريّ في قصة الميلاد، وهي تعتبر من القصص الصادمة للقارئ اليهوديّ الذي جاء عن طريقهم الإعلان بميلاد الملك دوَّن علماء الدين اليهوديّ وحافظي الشريعة. فقد أعلن لهم بطريقة خاصة عن ميلاد ملك عظيم، وهذا يوضِّح أنَّ الله يتعامل مع الشعوب بطرق خاصة، لا يمكن أنْ نضعها في اتجاه واحد. فالذين هم بلا ناموس هم ناموس لأنفسهم حسب قول بولس في رومية: «لأَنَّهُ الأُمَمُ الَّذِينَ لَيْسَ عِنْدَهُمُ النَّامُوسُ، مَتَى فَعَلُوا بِالطَّبِيعَةِ مَا هُوَ فِي النَّامُوسِ، فَهؤُلاَءِ إِذْ لَيْسَ لَهُمُ النَّامُوسُ هُمْ نَامُوسٌ لأَنْفُسِهِمِ،» (رومية 2: 14).
المجوس أُعلِنَ لهم: نجم، وأعلن من خلالهم: يوسع ملك اليهود، وتأكّد إعلانهم بالمكتوب: «أَمَّا أَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمِ أَفْرَاتَةَ، وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ أَنْ تَكُونِي بَيْنَ أُلُوفِ يَهُوذَا، فَمِنْكِ يَخْرُجُ لِي الَّذِي يَكُونُ مُتَسَلِّطًا عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَمَخَارِجُهُ مُنْذُ الْقَدِيمِ، مُنْذُ أَيَّامِ الأَزَلِ» (ميخا 5: 2)، الإعلان الطبيعيّ بالنجم تأكّد من خلال المكتوب، وهو مقياس لكل أعلان أنْ يُفحَص في ضوء المكتوب، مصداقية أي تعليم أو إعلان هي في الكتاب المقدس.
والجدير بالذكر أنَّ إنجيل متى سجَّل هذه القصة، وذكر قبلها الأربع نساء الأمميات (متى 1)، وبعدها شهادة قادة المئة (متى 8) أنَّ المسيح أتى للجميع، ليس لفئة معينة، أو شعب معين، حسب قول بولس الرسول: «لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ. لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ. لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ» (غلاطية 3: 24).
كلنا نعلم قصة المجوس، والكل يركِّز عن السؤال الهام: «أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَإِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ.» (متى 2: 2) وكيف قدَّموا هداياهم وعطاياهم: «فَخَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ. ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا: ذَهَبًا وَلُبَانًا وَمُرًّا» (متى 2: 11).
كان سؤال المجوس أين هو المولود ملك اليهود؟ وحسب قصة الميلاد في إنجيل متى السؤال عن المكان أين ولد المسيح؟ ويأتي مع هذا السؤال سؤالًا آخر: من هو المسيح؟ فرحلة المجوس تكشف عن هوية المسيح قبل أن يولد ومن هو، فتكشف هذه الرحلة عن ثلاث أمور هامة في شخص المسيح:
1) يسوع المسيح الملك: أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ (متى 2: 2)
2) يسوع المسيح المدبر: لأَنْ مِنْكِ يَخْرُجُ مُدَبِّرٌ (متى 2: 6)
3) يسوع المسيح الراعي: يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ (متى 2: 6)
أولًا: يسوع المسيح الملك: أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟
هذا هو الإعلان المتميز والواضح حول إعلان عن من هو يسوع المسيح، المجوس أعلنوا أنه هو ملك اليهود، وبيلاطس علق على الصليب لافت «المسيح ملك اليهود»، وهذا الملك دفع إليه كل سلطان حسب ما ورد في نهاية إنجيل متى «فَتَقَدَّمَ يَسُوعُ وَكَلَّمَهُمْ قَائِلًا: «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ» (متى 28: 18). المسيح يملك روحيًا على قلوب البشر. فالمسيح هو ملك صاحب السيادة، يفدي ويخلّص.
أعلن الله في قصة الميلاد عن شخص المسيح بالطريقة التي يفهمها البشر، المجوس «بالنجم» (متى 2: 2) ولليونانيين من خلال مفهوم الكلمة «اللوجوس» (يوحنا 1: 1)، وكذلك لليهود عن طريق مفهوم «الحمل» (يوحنا 1: 39)، أنَّ مفهوم التجسد هو مفهوم شامل لتجسد المسيح في كل الثقافات.
بكل براعة قارن متى بين يسوع المسيح الملك الذي يخلص، وهيرودس الملك الذي يقتل ويدمر ويهلك. فالمسيح ملك متميز صاحب سيادة وسلطان للخلاص والفداء. المسيح الملك يقابله خضوع، ويكون رد الفعل هو:
فلنفتح القلب له ولنعطه اسمى مقام
في كل قلب حله حل السرور والسلام
ثانيًا: يسوع المسيح المدبر: لأَنْ مِنْكِ يَخْرُجُ مُدَبِّرٌ
هذه الصفة إنَّه «مدبر» أنَّه الملك صاحب السلطان الذي يدبر الأمور، صورة الراعي حسب مزمور 23 «ترتب قدامي مائدة» الله يدبر، الإدارة مهمة، وهو يرتب أمور حياتنا. وفي رحلة حياة المسيح عاش وعلَّم كثيرًا عن النظام الترتيب وحساب النفقة فنراه في معجزة إشباع الجموع يجلّس الجموع خمسين خمسين. طلب الرب أن يتَّكئ الآلاف فرقًا فرقًا، ويأتيهم الطعام وهم جلوس في أماكنهم. وهكذا تمَّ كل شيء في هدوء وأَكَلَ الجميع وشبعوا دون تزاحُم وهرج بما مجَّد الله.
فإلهنا طيِّب ومتضع، ولكنه أيضًا «إله سلام» ونظام وترتيب، «وليس إله تشويش» (1كو 14: 33). وهذا ما ينبغي الالتزام به في أمور الحياة. في حالة الفوضى والعشوائيّة التي نعيش فيها، يتحدانا المسيح المدبر بنظامه وترتبيه، فنكون مثله، فننتقل إلى الترتيب والنظام في كل شيء.
وفي تعليمه عن حساب لنفقة يقول: «وَمَنْ مِنْكُمْ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بُرْجًا لاَ يَجْلِسُ أَوَّلًا وَيَحْسِبُ النَّفَقَةَ، هَلْ عِنْدَهُ مَا يَلْزَمُ لِكَمَالِهِ (لوقا 14: 28). في كونه مدبر كان يرصد الظواهر ويعطي الحلول: «وَلَمَّا رَأَى الْجُمُوعَ تَحَنَّنَ عَلَيْهِمْ، إِذْ كَانُوا مُنْزَعِجِينَ وَمُنْطَرِحِينَ كَغَنَمٍ لاَ رَاعِيَ لَهَا (متى 9: 36)، ثم صلى «حِينَئِذٍ قَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «الْحَصَادُ كَثِيرٌ وَلكِنَّ الْفَعَلَةَ قَلِيلُونَ. فَاطْلُبُوا مِنْ رَبِّ الْحَصَادِ أَنْ يُرْسِلَ فَعَلَةً إِلَى حَصَادِهِ» (متى 9: 37-38). وفي نفس الوقت أقام خدامًا «ثُمَّ دَعَا تَلاَمِيذَهُ الاثْنَيْ عَشَرَ وَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا عَلَى أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ حَتَّى يُخْرِجُوهَا، وَيَشْفُوا كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضُعْفٍ». (متى 10: 1).
نموذج المسيح «مدبر يرعى» حسب وصف البشير متى (متى 2: 6) المعتمد على (ميخا 5: 2) عكس نموذج هيرودس «ملك يقتل»، هيرودس هو صورة لكل قاتل الإنسانية في صور مختلفة، وفي ظل الحالة المأسوية بالقتل في زمن هيرودس نجد صورة أخرى مشرفة في المسيح الذي يدبر ويرعى.
المسيح المدبر الذي يرعى شعب إسرائيل يعلمنا أن ندبر أمور حياتنا بكل إلتزام ومسؤولية، «الْمُدَبِّرُ فَبِاجْتِهَادٍ» (رومية 12: 8) فلا وقت للعشوائيّة في التفكير أو في الحياة. ما أحوجنا إلى تذوق طعم الإدارة ولا سيما في مجتماعتنا التي تسير بعشواية شديدة في كل شيء.
مسيح «مدبر يرعى» وصف البشير متى للمسيح بناء على (ميخا 5: 2)، مدبر تمثل القيادة والإدارة والترتيب للحاكم أو الوالي أو المسؤول، وهي مسؤولية جسيمة قد يبدوا من خلالها الشخص قاسيًا ولكن هذه القسوة غُلفت بالرعاية، فأصبح هناك توازن بين اللين والشدة، الحزم والحب، الرعاية والمسؤولية، التدبير والرعاية، ولعل هذا الأمر كان واضحًا في شخصية المسيح ويريده أن يكون موجودًا في حياة الكنيسة، وفي من يتبعونه.
ثالثًا: يسوع المسيح الراعي: يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ
أعلنت قصة الميلاد من خلال قصة المجوس أن المسيح راعي: يرعى شعبي إسرائيل، ورعاية المسيح هي رعاية كاملة شاملة فهو الراعي الصالح كما قال عن نفسه: «أَنَا هُوَ الرَّاعِي الصَّالِحُ، وَالرَّاعِي الصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَافِ» (يوحنا 10: 11). فرعاية المسيح رعاية بالحب والاهتمام والتقدير للحياة. فهو يهتم بالإنسان روحيًا وجسديًا، ويشبع حياة الإنسان روحيًا وجسديًا، فقد قال: «وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ.» (يوحنا 10: 10)
ومن أروع الصور التي تحدث عنها الكتاب المقدّس عن فهم الله هي صورة الراعي الذي يرعى شعبه بحب، ومزمور 23 خير نموذج لصورة الراعي الذي يشبع رعيته ماديًا ويردهم روحيًا. لماذا اختار المسيح صورة الراعي؟ لأنَّ الراعي يعلم ما تحتاجه الرعية دون أنْ تنطق بكلمه، فالراعي يتعامل مع الأغنام التي لا تنطق، ولا تتكلم، لكنه يعلم ما تريده جيدًا.
أول جماعة سجدت للمسيح في إنجيل متى هم المجوس «وَأَتَوْا إِلَى الْبَيْتِ، وَرَأَوْا الصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ. فَخَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ» (متى 2: 11) وأخر مجموعة سجدت للمسيح هم التلاميذ «وَلَمَّا رَأَوْهُ سَجَدُوا لَهُ» (متى 28: 17). وهو نفس المشهد الذي الوارد في سفر الرؤيا: «يَخِرُّ الأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ شَيْخًا قُدَّامَ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ، وَيَسْجُدُونَ لِلْحَيِّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ، وَيَطْرَحُونَ أَكَالِيلَهُمْ أَمَامَ الْعَرْشِ قَائِلِينَ: «أَنْتَ مُسْتَحِقٌ أَيُّهَا الرَّبُّ أَنْ تَأْخُذَ الْمَجْدَ وَالْكَرَامَةَ وَالْقُدْرَةَ، لأَنَّكَ أَنْتَ خَلَقْتَ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَهِيَ بِإِرَادَتِكَ كَائِنَةٌ وَخُلِقَتْ.» (رؤيا 4: 10 – 11)
قصة المجوس قصة ملهمة لنا فقد أعلنت عن من هو شخص المسيح، وهم يسألون عن مكان ولادته، فهو الملك صاحب السلطان الذي يجب الخصوع والسجود له، وهو المدبر النموذج الذي يجب أن نقتدي به في الحياة، وهو الراعي الذي يهتم بنا ونسير في هداه.