رأي الهدىهمسات كنسية

فوضى كنيسة تعددية

الهدى                                                                                                                                                                              أكتوبر 2008

للدكتور القس يوسف بطرس

همس في أذني أحد الرعاة قائلاً تعال نلقي نظرة على خريطة كنيستنا الإنجيلية المشيخية والتي تشمل المطبوعات والممارسات والبنايات وغيرها وغيرها فستجد فوضى وكل الفوضى في الممارسة العملية- ولنبدأ معاً الهمس في :-

(1) فوضى المطبوعات

استمر هامساً قائلاً تسلمت هذا العام عشرات الخطابات من كنائس إنجيلية مشيخية بمناسبة عيد الشكر والذي فيه تعرض الكنائس ملخصاً عن مشروعاتها وقائمة باحتياجاتها بعد حصولها على قرار جمهوري أو محلي بالإحلال والبناء والترميم..الخ

وما أن تلقي نظرة على الورق المكتوب عليه والمرسل فستجد أن كل كنيسة (تقريباً) اختارت لنفسها “لوجو” أو “تروية” أو “شعار” خاص- سترى العجب العجاب من نوعيات الشعارات والتي ساعد الكمبيوتر في تقديم الآلاف منها- والكل يختلف عن الآخر- فهذا اختار صليباً قال عنه إنه صليب الكنيسة المشيخية بأمريكا، وهذا اختار حمامة رمز الروح القدس وهذا كتاب مفتوح- الكتاب المقدس، وهذا كتاب وصليب معاً، وهذه منارة كنيسة مع قبتها حتى شعار أوراق المجالس السنودسية- ابتدع رئيس كل مجلس شعاراً خاصاً يتمشى مع فكره الشخصي واستراتيجيته.

مع حرص بعض الزملاء بأن يكون الشعار المرسوم على مطبوعات كنيسته حكر خاص لا يقلد ولا يعار ليكون مختلفاً ومتميزاً عن أقرانه. وتساءل هذا الراعي: ألسنا كنيسة إنجيلية كتابية واحدة؟ أم أننا مذاهب داخل مذهب؟ كل مجمع منا مذهب، وكل كنيسة تزيد عضويتها عن 300 عضو تصبح مستقلة وكأنها مذهب لها شعارها ولها خطابتها ولا ارتباط لها بمجمع ولا بسنودس!!

وتسائل هذا الراعي قائلاً ألم يتخذ السنودس في سنة ما قراراً مثل مئات القرارات…أن يكون له شعار موحد الذي نراه على مكاتيب السنودس وحتى كتاب الترانيم البني وهو الكتاب المقدس وبجواره المستندات ومغلف ومتوج بصليب!!

وصار هذا الشعار حتى لأختام الجامع والكنائس وسرنا لسنوات بموجبه ثم نحونا نحو التغير لأن التغيير مطلوب!!!

بحق هناك فوضى مطبعية وورقية يتساءل عنها الشارع الكنسي وتحتاج إلى توحيد الخطاب واللغة والتعامل الداخلي مع الكنائس الأخرى ومع المسئولين والحكومة والتعامل الخارجي مع سنودسات وهيئات- ما أن تتسلم خطاباً فتعرف من مظروفه ثم من شعاره أنه خاص بالكنيسة الإنجيلية المصرية!!

أنني لا أهمس بل أصرخ وبأعلى صوتي وأوجه النداء تلو النداء إلى مسئولي الكنيسة إلى الحرس الجديد أن يعملوا شيئاً لم يعمله الحرس القديم- وحدوا المطبوعات وأجعلوا الكنيسة عامرة في كل ربوع بلادنا شعاراً واحداً وكفانا هذه الفوضى الطباعية.

(2) فوضى المباني

من المعروف والبديهي أن مباني الكنائس عامة لها وقارها وهيبتها وفق علم هندسي يدرس في كليات الهندسة في كل العالم- مبنى الكنيسة له صفاته الخاصة في الحوائط والأعمدة- الصحن- السقف… الخ.

وعندما تخل الكنيسة التقليدية ستجد التوحيد في المعمار وستحس أنك {داخل كنيسة..} عندما ترى منظر الهيكل الثلاثي الأبواب والمداخل والمخارج- حتى مكان وقوف الشماسة- منظر المقاعد والمرسوم عليها!

حتى وإن كنا لا نؤمن بمناظر وصور ورسومات في الكنيسة أو على الجدران، ولكن نؤمن بالجمال واللمسات الكتابية ومقاطع من المزامير وأقوال الرب يسوع، وما يعبر عن لاهوتنا وفكرنا وبدأنا نرسم على زجاج نوافذ الكنيسة بدءاً من قصة الميلاد وحتى القيامة والصعود حسب عدد النوافذ الموجودة. ولكن كل قسيس ومجلس كنيسة عندما يفكرون في إعادة بناء أو بناء كنيستهم فيحمعون أكبر عدد من المهندسين المتطوعين أو مدفوعي الأجر ويطلبون منهم إعداد رسومات تتمشى مع أفكارهم وتراثهم وما سوف يتركون وراءهم من تاريخ ولا يهمهم التكلفة الكبيرة أو المتوسطة، المهم أن يكون مبنى كنيستنا شاهقاً لا يضارعه أي مبنى آخر. أن نكون مختلفين ومتميزين نضع رخاماً- نضع سيراميك- نضع خشباً- نكتفي بزيت ودهانات!

أليست هذه فوضى في المباني؟!

ألم يحن الوقت بعد لأن يكون لنا مكتب هندسي استشاري أو مجموعة من أبناء الكنيسة المهندسين المتخصصين وتوضع أمامهم جميع رسومات الكنائس لإجازته أو إعادة دراسته بما يتمشى مع لاهوت وفكر الكنيسة وما يتمشى مع النفقات الباهظة سواء موجودة لهذا الغرض في البنوك أو نقدية من العشور ومال الرب؟!

(3) فوضى الممارسات  

ولقد سبق وكُتِبَ عن هذه القضايا على صفحات الهدى بشأن ممارسات الرعاة في الزواج- الخطبة- المعمودية- العشاء الرباني….الخ

ولفت نظري ما تم في إحدى عقد خطبة إنجيلية فبعد القرارات والتعبديات والكلمات والتسبيحات قام عاقد الخطبة وأمسك بالميكروفون وأوقف الخطيب والخطيبة وجعلهما يمسك الواحد بيد الآخر.ثم تلا عهوده التي وضعها لنفسه { لأنه لا يوجد لدينا كنيسة، في دستورنا أية عهود مطبوعة ملزمة}. وكان لابد أن يسمع كل الناس كلمة نعم من كل منهما- ثم أمرهما بالركوع ثم أقرن رأسيهما معاً وقدم صلاته الخاصة وبركاته المتعددة مرة لهما كخطيبين أو كعروسين والناس يصححون له (راجع الورق)

وتعجبت!! إن كانت هذه مراسيم وشكل الخطبة فماذا سيكون الزفاف؟!! وذلك لأن الزواج يختلف من راعي لراعي، حيث يقول أحدهم الأسئلة والعرسان يجيبان بنعم وغيره يطلب من العريس أن يكرر وراءه ومرات تكون الجملة طويلة فينسى العريس نصفها أو يكررها كما وصلت إليه ويتم التصحيح والإعادة مع ابتسامات ساخرة وماذا عن العريس صاحب الأذن الصماء في هذا الأمر؟

هل يجب أن يكون العريس والعروس تلاميذ يحفظون الدرس جيداً ويكررونه ويرددونه أمام المدرس المتأهب….

أرحموا شعبكم! أرحموا أولادكم وبناتكم- أرحموا عرسانكم وقدروا مسئولية اليوم الطويل وإعداد منزل الزوجية! وما بذل من مجهود والذهن غير صاف ويريد إنهاء الأمر بسرعة.

وماذا عن ممارسة المعمودية؟!

يتم العماد في الجرن في المعمودية التي حرص الراعي أن تبنى داخل الكنيسة وبجوار المنبر وعليها الصلبان والكتابات وكأنه يقول لقد بنيت لكم المعمودية وملأتها بماء خاص وسأقيم القداس وتعالوا لأغطس لكم الأطفال، وإمعاناً في ترويج البضاعة يجهز لهم لباساً أبيض مطرزاً بالقصب والصلبان والصور، ومنهم من يؤجر لهم أو يقدمه هدية زغللة للعيون للتعميد في كنيسته! ومنهم من يعمد بالسكب أو الرش وإمعاناً في الحنان والعطف والأبوة الخالصة يأخذ الطفل من أمه ويحمله هو شخصيا ويعمده ويرده إلى أمه! يا له من راعي!!!. ولقد نال الطفل بركة ال يدي الطاهرة المقدسةً!!

ألا يمكن إعادة النظر في فكرنا التعليمي عن المعمودية والرجوع إلى الكتاب المقدس حتى لا نضفي عليها مظهريات خارجية وتفقد معناها الداخلي الأساسي وسيظل عالقاً في أذهان الأسرة مناظر الفيديو والCD والحفل التي سجلت في هذه المناسبة القومية الأسرية للطفل المعجزة!!.

وماذا عن العشاء الرباني.

وهنا أتحدث عن العناصر المستخدمة! أي رغيف أي خبز! فينو- شمسي- قرص- قربان من أقرب كنيسة ارثوذكسية ألا يكون هناك مواصفات خاصة لخبز موحد يفي الغرض بعيداً عن استخدام السكين وتقطيعه أو القيام بالتقطيع المسمي بالكسر بأيدي القسيس والشيوخ ولسنا نعلم ما في هذه الأصابع وما خلف الأظافر ونأكل ونقدم للناس ليأكلوا تماماً كما نأخذ الخبز من الفرن ساخناً ونضعه على الرصيف أو على السيارة حتى يبرد ثم نأكله بترابه وغباره وزبالة الأرض لأنه عيش! وهذا ما يحدث مع خبز المائدة!!

وماذا عن النبيذ؟! نبحث عنه ونحضره من دير أبو مقار أو غيره من الأديرة أو منافذ البيع- ويختلف النبيذ في طعمه ولونه وأنت وحظك!!. ونحن كطائفة إنجيلية وكنيسة إنجيلية نستخدم مئات وآلاف الزجاجات من النبيذ شهرياً أو مرتين كل شهر حسب نظام الكنيسة المحلية! ألا يمكن الاتفاق مع أحد مصانع النبيذ ليصنع لنا نبيذاً بمواصفات خاصة وزجاجات موحدة وتوزع على الكنائس مرة أو مرتين كل سنة أو حتى شهرياً حسب الاستخدام! أنا أرى أن هناك مصانع نبيذ يمكنها أن تسعى إلينا وتتعاقد معنا فقط يجب أن نوفر المتعاقد والموزع والكنائس ستشكر وتستريح!!.

وأشير سريعاً إلى ما يحدث في الممارسة من يصلي؟ هل الراعي؟ أم الشيوخ ومن يوزع؟ الشيوخ أم الرعاة؟ وطريقة التوزيع كيف تتم؟ بكرامة- بهيبة- بوقار أم بهزار مع من نحب ونتحدث مع من نعرف ونطبطب على الأطفال ونقبلهم أثناء التوزيع وإكراماً لوالديهم نعطيهم خبزاً ليأكلوا ونبيذاً ليشربوا….

يا سادة- يا قوم- يا حضرات القسوس  قدموا للمائدة المباركة تقديرها واحترامها وقداستها وراجعوا نفوسكم في كيفية الممارسة.

(4) فوضى الملابس

وأختم همستي هذه بالحديث عن فوضى الملابس- فمنذ أن دخل القميص باللياقة البيضاء واستخدمته كنيسة الإصلاح- نهضة الكنيسة وصار زياً رسمياً لقسوسها- حتى كبر الأمر في عقول بعض القسوس آنئذ وقرروا عدم لبس مثل هذا الزي لأنه لا يتناسب معهم طالما لبسه غيرهم- فيجب أن يكونوا مختلفين ومميزين!!

وبدأوا في استخدام البدلة والقميص الأبيض المنشي والكرافتة صيفاً وشتاء حتى ظهر على مسرح الكنيسة الراحل القس الدكتور صموئيل حبيب الذي قاد ثورة اجتماعية كان أهمها التنازل عن البدلة لأن القسيس ليس بملابسه بل بشخصه وقدوته وكلامه وتخلص القسوس من البدلة والكرافت! وصار قميصاً (بكم) حتى تطور الأمر وصار بنصف كم في وسط الأسبوع والزيارات ومن السادة إلى الكاروهات والمزركش ولم يصبح هناك أي فارق بين القسيس ورجل الشارع العادي، حتى صار القميص بنصف كم مستخدماً أيام الأحاد!

وهو بذاته الذي نادى باستخدام الأرواب كزي رسمي داخل الكنيسة وفي المناسبات ووفر الأرواب وبأسعار في متناول اليد- وفي وقتها كان الروب موحداً وللجميع حتى تطور الروب ورسم عليه أنواع من الصلبان والألوان وتعددها حتى ظهرت أرواب رمادي وملونة وليس فقط الأسود وتطرزت الأرواب بأنواع متعددة من الرسومات  والتي لا تعرف رمزها اللاهوتي أو سبب استخدامها حتى وصلت إلينا مع الأرواب (كوفيات حمراء وبنفسجي وطويلة وأوشحة مختلفة وهدب وهودج.

حتى أختلط الحابل بالنابل فأصبحت علامة الشهادات العلمية توضع على كل أكمام الأرواب كأنها علامة الشاويش بصرف النظر عن الدرجة العلمية أو بكالريوس اللاهوت العادي.

وليس نقداً- بل أمنية أن يكون كل الزملاء دكاترة وأصحاب درجات علمية ويلبسون أرواباً تتمشى مع درجاتهم!!

إنها ليست همسة واحدة بل هي عدة همسات أضعها أمام القراء الأعزاء لموافاتنا بأرائهم واقتراحاتهم ومساعدة الكنيسة لتحسين أوضاعها وأضعها أمام اللجان التنفيذية لمجامعنا الموقرة ليعطوها فسحة من الوقت للدراسة المتأنية الجادة وانتظر أن يطلع علينا مجمع أو أكثر من المجامع الرائدة وقد أتخذوا قرارات أو حتى كلمة جنتلمان أو اتفاقية كنسية لتوحيد الكنيسة في شعاراتها ومبانيها وممارستها وملابسها وطرق العبادة فيها ونتخلص من الفوضى ونعود إلى النظام والشكل الكتابي والاحترام (راجع الورق)

وإلى لقاء مع همسة كنسية أخرى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى