أسرة

مساعدة أبنائنا ليقبلوا ويستمتعوا بمن يكونون

الهدى 1209                                                                                                                               مايو 2019

بقلم:لوري والين

«أتعلمين.. يقول الناس: يجب أن تكون نفسك».. بهذه الكلمات تمتمت ابنتي نيڤيا بالصف الأول الإعدادي بينما كنا في طريقنا للمدرسة، وأكملت قائلة: «أنا لا أرى أن هذا يسير على ما يرام.. فكوني نفسي يُشعرني أنني غريبة وغير مرئية.»
لم تكن القهوة قد بدأت مفعولها بعد، لكن ما قالته ابنتي أيقظني. لقد أردت أن أكون بجانبها خلال يومها الدراسي لأطمئنها- مثلما كنت أفعل في أيامها الأولى العصيبة بالحضانة؛ لكن هذا لم يعد ممكنًا لطالبة بالإعدادي. لذا في ذلك اليوم، كما في أيام أخرى، استندت إلى استراتيجيات ساعدت في بناء ثقة ابنتي بنفسها خلال هذه السنوات الصعبة من النمو.

عليك أن تصبح تلميذًا لطفلك
لا أستطيع أن أساعد نيڤيا لتُقدِّر وتستمتع بمن خلقها الله لتكونه إن لم أقضِ وقتًا لأعرفها، وأعرف ما الذي يجعلها متفردة. واحدة من الطرق التي وجدتها لفعل هذا هو أن ألاحظ توجهاتها.. فمنذ كانت في الخامسة من العمر كانت تجمع الصواميل، المسامير، الأغصان، أغلفة الحلويات، الريش، والخيوط –أشياءً أعتبرها نفايات، وتحولهم لعمل فني. لقد كانت إبداعاتها من تلك «الكنوز» جزءًا من هويتها –الفنانة التي كخالقها تأخذ ما يظنه الآخرون غير نافع وتخلق منه جمالاً.
عندما أصطحب ابنتي وزميلاتها إلى المدرسة، أستمع لأحاديثهن في المقعد الخلفي في السيارة.. فالمراهقون يقولون الكثير لأصدقائهم أكثر مما يقولون لوالديهم. عندما تمتليء سيارتي بالمراهقين، أستمع لموسيقاهم، وأنتبه لأحاديثهم، وأسمع ما يقولونه عن الحياة والأصدقاء والعالم. لقد أصغيت لأحاديث ابنتي عن المدرسة، والرياضة، وجسمها؛ مما يعطيني فكرة عن الخطأ في طريقة تفكيرها (والذي أتناوله معها عندما لا يكون أصدقاؤها حولها).
لقد استمعت لكل شيء.. بداية من الاستقلال الجريء، وتأكيدات بأن ما تشعر به ابنتي هو صحيح، إلى الألم بسبب تعليق لئيم من صديق، إلى الكذب في أمر ما للحصول على تأييد الأصدقاء. سواء كانت سلبية أو إيجابية، فالأحاديث التي تجري في المقعد الخلفي بالسيارة هي محتوى لا يقدر بثمن لمن هم في المقعد الأمامي.. فهي لحظات من استكشاف الهوية التي تعطيني الفرصة لإرشاد ابنتي.
فقط عندما نصبح تلاميذ لأطفالنا نستطيع أن نفهم كيف يتغيرون، وهذا بدوره سيساعدنا في تأييدهم بأسلوب له قيمة بالنسبة لهم.

قدّم تأييدًا
بمجرد أن أعرف شخصية ابنتي، والهدايا المميزة بالنسبة لها، وطباعها، أصبح مصدرًا قويًا لتعزيزها وتمكينها؛ وهذا التأييد ساعدها لترى بشكل أوضح أنها من خلقها الله لتكونه.
لقد صاغ الأمر صديقي طبيب الأطفال النفسي على هذا النحو: «في سنوات ما قبل المراهقة، يتغير عالم الأطفال؛ فهم ينتقلون من كوننا مركزهم إلى كون أصدقائهم هم مركزهم.» في تلك السنوات يتحول دورنا في حياتهم من دور المُخرج إلى دور الجالس في غرفة التحكم.
عندما شاركت نيڤيا برأيها في السيارة، كان يمكن أن أخبرها كيف يجب أن تفكر حيال هذه الفكرة، لكن أفضل شيء كان أن أسألها عن رأيها وما الذي أدّى بها لتفكر بهذا الأمر في ذلك اليوم تحديدًا. لقد كنت أحتاج أن أعكس لها ثقتي في قدرتها على أن تصل لاستنتاج مفيد؛ حتى تتمكن هي من الثقة بقدرتها لحل المشكلات. أستطيع أن أكون مرآة إيجابية، وأسألها عمّا تحتاجه مني لأساعدها لتشعر بالرضا حول من تكون مع أقرانها.
بينما يصارع أبناؤنا في فترة ما قبل المراهقة مع هويتهم التي تتغير وتكبر، علينا أن نشير إلى الصفات الجوهرية والإيجابية في أفعالهم وردودهم ومشاعرهم. في ذلك الصباح في السيارة، أخبرت نيڤيا كيف أن تفكيرها مرتب؛ فهي تأخذ وقتًا لتفكر فيما تسمعه بدلاً من أن تنساق مع ما يقوله الناس. لقد امتدحت قدرتها التحليلية، وأمانتها، واستعدادها لإظهار ضعفها للمشاركة بشعورها بالصعوبة حيال أن تكون نفسها. وفي خلال حديثي هذا ربطت بين أسلوبها الفني والطريقة التي تعمّدت بها اختيار ملابسها (حتى وإن كان هذا الأسلوب مختلفًا عمًا كنت سافعله أنا).
الكبار، وكذلك الأطفال قبل سن المراهقة، يكون لديهم شعور أفضل تجاه هويتهم عندما يُذكّرهم الآخرون بمن يكونون في أفضل حالاتهم. لذا ونحن نشير إلى نقاط القوة لديهم، فهذا يساعدهم على التواصل مع تفردهم وقبول من يكونون.

علّمهم ما يقوله الله
أدرك اللحظة التي أصل فيها لفرصة هامة للتعليم عن تنمية هوية أطفالي.. ففي السيارة بينما كانت نيڤيا تشارك بأمثلة عما لا تحبه في نفسها، أجبتها: «أتساءل كيف يفكر الله حيال هذا.» وبينما أعطتني نظرة غير راضية، أكملت من مزمور ۱٣٩ : ۱٣و۱٤: «لأَنَّكَ أَنْتَ اقْتَنَيْتَ كُلْيَتَيَّ. نَسَجْتَنِي فِي بَطْنِ أُمِّي. أَحْمَدُكَ مِنْ أَجْلِ أَنِّي قَدِ امْتَزْتُ عَجَبًا.»
ومع نظرة عدم رضا أخرى، رأيت أيضًا لمحة من الفضول، فشرحت قائلة: «أتعلمين، لقد خلقنا الله كلنا بتميز وعجب.. ربما ما تحاولين فهمه هو الجزء الخاص بكِ –المذهل والملهم وغير المفهوم بالكامل– المتعلق بالتميز.»
هذه المرة لم أتلق نفس النظرة، بل ولم أتلقَ أي رد فعل على الإطلاق، لكن لاحقًا في تلك الليلة وأنا أدلك ظهرها (وقت رائع لقضاء الوقت في نهاية اليوم) قالت لي: «لقد كنت أفكر في الآية التي قلتها لي.. لقد سمعتها من قبل، لكني لم أفهم أبدًا الجزء المتعلق بالتميز. أعتقد أنني كنت أشعر بالسوء حيال مقدار ما لدي من الجزء المتعلق بالتميز.. لكن ربما إذا كان الله قد خطط لهذا، فهو أمر جيد.»
هل دائمًا ما تنتهي لحظات الصراع مع إثبات الهوية مع أبنائي على هذا النحو الجيد وبهذه السرعة؟ أتمنى هذا! لكن حتى عندما لا يحدث هذا، فإني أثق أن الله سيساعد ابنتي لتفكر في صراعاتها في ضوء الطريقة التي يراها بها الله. وسأظل د ائمًا الملجأ الآمن لها، والمستشار الصحيح لأفكارها، بدلاً من أن أكون مديرتها؛ متاحة لأساعدها لتفهم وتكتشف وتحب هويتها المتفردة.
http://www.focusonthefamily.me

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى