ميلاد السيد بين السلطة والسلطان
الهدى 1217 يناير 2020
إنَّ المتمعن والدارس لأحداث التجسد والميلاد يلاحظ مشيئة الله وسلطانه على كل الأحداث منذ الخليقة وحتى مجيئه الثاني، ونجد:
أولًا: عندما خلق الله الرجل والمرأة على صورته ومثاله جعلهما حرين في أن يختارا بين الطاعة وبين العصيان، فلا يمكن للإنسان أن يكون حرًا في أن يُطيع ما لم يكن حرًا أيضًا في ألا يُطيع، فمع أنَّ الله قد خلق الشر (إشعياء 45: 7) إلا أنه لم يجبر أو يرشد أدم إلى الخطية.
ثانيًا: صارت معاملات الله مع الإنسان الساقط لانتشاله من الموت فكان في سلطان الله أن ينفذ وعده ويميت الإنسان وينتهي الأمر، لكن الله في سلطان محبته للإنسان أكمل تعاملاته معه ممثلًا في إسرائيل إذ أعطاهم الناموس، فكسروه، وأرسل لهم الأنبياء فقتلوهم، فقال في النهاية: « أُرْسِلُ ابْنِي الْحَبِيبَ. لَعَلَّهُمْ إِذَا رَأَوْهُ يَهَابُونَ!» (لوقا 2: 13).
ثالثًا: الله في سلطانه أعطى النبوات
تعددت النبوات التي تُشير إلى مجيء شخص المُخلِص، المسيح، نذكر منها
1) أن المسيح سيكون من نسل المرأة ومن نسل ابراهيم (تكوين 15:3؛ 18:18)
2) أنه من سبط يهوذا (تكوين 49: 10).
3) عن مكان مولده (ميخا 2:5)
4) زمان مولده (دانيآل 25:9)
5) سيولد من عذراء (إشعياء 14:7)
كل هذه النبوات قد تحققت عندما جاء ابن الله في ملء الزمان المحدد في مشيئة وسلطان الله
رابعًا: في سجلات الأناجيل نرى مناسبات عديدة في حياة يسوع المبكرة حيث أثر الحكام بطريقة مباشرة في حياته وفي كل مناسبة يذكر الكتاب المقدس أنه عن طريق أعمالهم قد تمت النبوات ومنها:
* أصدر أغسطس قيصر مرسوما بأن يتم إحصاء شعب البلاد وقد قاد هذا الإحصاء إلى المكان الذي ولد فيه يسوع ونتج عن ذلك النبوة (لوقا 2: 1-7).
* حاول هيرودس أن يقتل الطفل يسوع حين قتل جميع اطفال بيت لحم من ابن سنتين فما دون وقد أتم ذلك نبوة ارميا (متى 2: 16-18).
* كان تهديد هيرودس هو السبب في أن يهرب يوسف بمريم والطفل يسوع إلى مصر حيث بقيَّ فيها فترة من الزمن كما تنبأ (هوشع 11: 1) (متى 2: 14، 15).
* أرتقى هيرودس عرش أبيه الأمر الذي قاد أن يتربى يسوع في مدينة الناصرة بالتمام كما سبق وتنبأ (إشعياء 1:11، متى 2: 16-23).
خامسًا: اختار الله في سلطانه حكام أيام يسوع، وقرر أعمالهم وقراراتهم وبرغم أنهم عملوا وقرروا ما قصدوا بحسب تفكيرهم وبرامجهم الخاصة، إلا أن الله بسلطانه أيضًا تتمم مقاصده في الأوقات التي حددتها مشيئته وأبطل كل خططهم وساد على أفكارهم.
سادسًا: وهنا نرى السجال بين سلطة الحكام وبين سلطان الله عليهم، فهذا السلطان قد يكون غير واضح لنا لأننا نرى خطط البشرية بعيدة عن تنفيذ إرادة الله، وعلى السطح يبدو لا شيء إلا النشاط الإنساني يخلق ويحدد التاريخ على مستوى الأفقي، لكن فقط في إعلان الكتاب المقدس نرى سلطان الله يحكم ويتحكم ويقود أنشطة الأمم على المستوى الرأسي.
فنشكرك أيها الإله القدير لأنك ثابت في ضبطك للتاريخ سواء اعترف بك الناس أو لم يعترفوا أنك تصنع الأحداث وصاحب السلطان عليها.