ميلاد يسوع وطفولته
الهدى 1217 يناير 2020
«يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا مُشِيرًا إِلَهًا قَدِيرًا أَبًا أَبَدِيًّا رَئِيسَ السَّلاَمِ. لِنُمُوِّ رِيَاسَتِهِ (لمُلكه) وَلِلسَّلاَمِ لاَ نِهَايَةَ عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ وَعَلَى مَمْلَكَتِهِ لِيُثَبِّتَهَا ..»
طفلٌ مولودٌ عجيبٌ قالت فيه الكلمة النبوية: «يُدعى اسمه عجيبًا … لنمو رياسته وللسلام لا نهاية”، “ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه”، طفل ٌ ملكٌ، وقد تمت هذه النبوة التي تنبأ بها إشعياء وأعلن إتمامها ملاكٌ من السماء قائلًا: “ها أنا أبشركم بفرحٍ عظيم يكون لجميع الشعب أنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلصٌ هو المسيح الرب”.
الكلمة مخلص هي الاسم يسوع كما جاء في البشارة من الملاك إلى مريم أمه: “تلدين ابنًا وتسمينه (وتدعين اسمه) يسوع” لأنه يخلص شعب الله، وبناءً على الكلمة النبوية والبشارة الملائكية، كلمة إشعياء وبشارة جبرائيل، جاء ملاكٌ من السماء يعلن هذا الميلاد العجيب قائلًا لرعاة الغنم في بيت لحم: “ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلصٌ هو المسيح الرب”، فاتفقت النبوة مع البشارة مع إعلان خبر الميلاد.
البشارة بميلاده كانت من الملاك لرعاة الغنم عند بيت لحم كانت في تلك الليلة التي ولد فيها المسيح، ذهب الرعاة ليروا المولود فماذا وجدوا؟ قالوا لنذهب إلى بيت لحم لنري ما هو الأمر الواقع، ماذا رأوا؟ وجدوا مريم ويوسف والطفل، فلما رأوا أخبروا بالكلام الذي قيل لهم من الملاك الذي أتى وبشر، وكان مع الملاك جمهورٌ من الجند السماوي مرنمين: “المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة”، مجدٌ في السماء، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة، ثلاثية: مجدٌ لله الذي أرسل ابنه إلى العالم “هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية”، على الأرض السلام حل عليها رئيس السلام، فالرعاة أخبروا بكل هذه الأشياء، في أي مكان كان الخبر من الرعاة؟ في مكانٍ هو مزود للبقر، وهل ابن الله يولد في مزود بقر؟ لماذا يولد ابن الله في مزود بقر؟ عجيبٌ، بحسب التاريخ أنه ولد في مزود بقر لأنه لم يكن موضعٌ ليوسف ومريم عندما أتوا إلى مدينة يهوذا من الناصرة ليكتتبوا.
كانت مريم مخطوبة لرجلٍ من الناصرة اسمه يوسف فجاءتها البشارة وصلت، وظهرت، وأراد يوسف أن يُخليها سرًا أي يطلقها ويعطيها كتاب طلاقٍ حسب الشريعة الموسوية، كانت مريم وهي مخطوبة امرأةً شرعيةً ليوسف فلماذا أراد تخليتها في السر؟ حتى لا يشهرها، قال له الملاك: «لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.»، فلما استيقظ فعل كما أمره الملاك وأخذ امرأته، كل هذا كان في الناصرة حتى وقت الميلاد ثم “صدر أمرٌ من أوغسطس قيصر بأن يُكتتب كل المسكونة”، فصعد يوسف من الناصرة إلى بيت لحمٍ في اليهودية ولكن هذا ليس لإتمام أمرٌ حكوميٌّ ولكن لإتمام النبوة، أمرٌ من السماء ليولد المسيح في بيت لحم مدينة داود لأنه من نسل داود وله كرسيّ داود وله مملكة داود: “أوصنا مباركٌ الآتي باسم الرب مباركةٌ مملكة أبينا داود” أوصنا “مبارك الملك الآتي”، هتافٌ له وقت دخوله أورشليم ملكٌ.
النبوة في ميخا: “وأنت يابيت لحمٍ لست الصغرى”، عندما ذهب المجوس الذين رأوا نجم المولود ملك اليهود في المشرق ذهبوا إلى أورشليم لأنهم رأوا نجم ملكٍ فالملك في أورشليم، وذهبوا يسألون: “أين هو المولود ملك اليهود فإننا رأينا نجمه في المشرق وأتينا لنسجد له”، اضطربت المدينة وانزعج الشعب لأن الخبر غريبٌ.
هذه هي الولادة، مولود في مزود بقر، ويقول الرسول: “افتقر وهو غني”، أبوه نجار، واحتُسب هذا النجار أبًا له وإلا لا يكون من بيت داود، لما ذهب الرعاة وجدوا الطفل ومريم أمه ويوسف، ذهب يوسف وامرأته مريم إلى بيت لحمٍ ليكتتبوا، ذهب الرعاة ليروا ولما رأوا فرحوا وسبحوا الله.
وفي اليوم الثامن للميلاد خُتن الصبي حسب الشريعة الموسوية، في الأربعين لما تمت أيام تطهيرها (أي مريم) حسب شريعة موسى صعدوا إلى أورشليم ليقدموه للرب، لماذا؟ لأنه تحت الناموس وإلا لا يكون مخلص “لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودٌ من امرأة مولودٌ تحت الناموس ليفتدي الذين تحت الناموس”، ذهبت به أمه إلى الهيكل بعد أن أتمت أيام تطهيرها وعمر الطفل أربعون يومًا ليقدموه للرب، لما دخل كان هناك رجلٌ اسمه سمعان ذهب بالروح في تلك الساعة “وكان قد أوحيَ إليه أنه لا يرى الموت حتى يرى مسيح الرب”، قدمت زوج يمام لأنهم عائلة فقيرة وولد في مزود، الرجل سمعان رأى الطفل وأخذه على ذراعيه وبارك الرب.
ننظر إلى هذا الرجل وهو يتنبأ، قال سمعان: “أن هذا وضع لسقوط وقيام كثيرين”، هذه نبوة قيل عنها في (رومية 9 : 32): “حجر صدمةٍ وصخرة عثرةٍ وكل من يؤمن به لا يُخزى”، هذا هو الكلام الذي قاله سمعان لأبويه ثم قال لمريم: “أنت أيضًا يجوز في نفسك سيفٌ لتُعلن أفكارٌ من قلوب كثيرين”، هذه الأفكار عن هذا الصبي.
قالوا عنه به شيطانٌ، أهل الناصرة أنفسهم عندما بدأ في العمل بعد ما عاش بينهم ثلاثين سنةٍ أرادوا أن يلقوه من فوق الجبل ولكنهم لم يجدوه.
الولادة في بين لحم، خُتن في اليوم الثامن، في الأربعين ذهب إلى أورشليم ليُقدم للرب، وتنبأ عنه سمعان الشيخ أنه “وضع لقيام وسقوط كثيرين”، ويوضع في قلب مريم سيفٌ أقل ما فيه أنهم أرادوا أن يلقوه من فوق الجبل، ثم رجعوا إلى بيت لحمٍ أخذوا بيتًا سكنوا فيه وجاء المجوس هيجوا الملك هيرودس الذي أمر بقتل كل أولاد بيت لحم وتتم النبوة: “راحيل تبكي على أولادها ولا تريد أن تتعزى”، في هذا الوقت هرب يسوع إلى مصر حسب أمر الملاك وبعد موت هيرودس رجعوا إلى الناصرة وهناك ظل حتى بلغ اثنى عشرة سنةٍ وذهب مع أبويه إلى الهيكل في العيد وهم راجعون بقيَ يسوع في الهيكل مع المعلمين شيوخ اليهود يسمعهم ويسألهم، أمه تفتش عليه حتى وجدته بعد ثلاثة أيام، أبوه هنا هو الذي أرسله من السماء، وأبوه وأمه لم يفهما وهكذا عاشوا لم يعرفونه ولم يعرفه أحدٌ ولا أمه، قالت عنه إنه مختل، خرجت مع إخوته لتمسكه وترده إلى البيت.
هذا هو الطفل يسوع العجيب، لا ننظر إلى أبيه ولا أمه، ننظر إليه يقول نزلت من السماء، هو الإنسان الثاني، وليس الأول “الإنسان الأول من الأرض ترابي، الإنسان الثاني الرب من السماء” (1كورنثوس 15: 45 – 48)، من عجبٍ أن يضيع منا إذا فكرنا في الأمور الجسدية الأرضية.
“ليس أحدٌ صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء” (يوحنا 3: 13)، له المجد أولًا وآخرًا.
عظة قدَّمها القس غبريال رزق الله بكنيسة الملك الصالح الإنجيلية مساء يوم الخميس 4 /1/1979.