أسرة

هل يستطيع زوجكِ أن يقرأ ما في عقلك؟

الهدى 1222                                                                                                                   يوليو وأغسطس 2020

الكاتبة: ساندي بيل

في السنوات الأولى من زواجنا كنت أرغب باستماتة أن يقرأ زوجي «كريس» ما في عقلي دون أن أفصح بالكلام. كنت أريده أن يعرف كيف أشعر، وماذا أحتاج، دون أن أضطر لإخباره بذلك.. في النهاية، هو زوجي وأتوقع منه أن يعرف كل هذا على الفور.
عندما كنت أدخل من الباب بعد يوم عصيب من التدريس لأطفال من ذوي الثماني سنوات، كنت أفكر أنه يجب أن يدرك من تلقاء نفسه أنني متعبة ومحبطة. كنت أريده أن يدرسني جيدًا، ويرى الإشارات على وجهي، وفي لغة جسدي، ثم يتقدم ويعالج الموقف حسب الاحتياج. في ظني، كان يجب أن يقول بعد اعترافه بدعمه وحبه لي إلى الأبد: ”هلم لنتناول طعامكِ المفضل. هل هذا سيريحكِ أكثر؟“
لكن ما كان يحدث بالفعل أنني أدخل من الباب في غاية الإرهاق بعد يوم من التدريس لما يقرب من عشرين طفلاً من المشاغبين في الصف الأول الابتدائي، والإحباط يخيِّم عليّ، بينما عليّ أن أخبره بما أشعر به.لم أكن أريد أن أضطر لأخبره أنني على وشك الانهيار، أو أنني لا أملك قدرة حتى على فتح علبة تونة.. كان يجب عليه أن يعرف كل هذا من تلقاء نفسه. لقد تزوجنا من أجل أن نصرخ بصوت مسموع ونعبّر عن انفعالاتنا بشكل واضح.
لم أقابل حتى الآن زوجين لم يصارعا مع التوقعات غير المعلنة في مرحلة ما من حياتهما الزوجية.. كلنا نفعل ذلك. نحن نتوقع من شريك حياتنا أن يعرف بالضبط ما نحتاجه، وهذا يضع عبئًا غير واقعي عليه، وقد يولّد داخله شعورًا بالاستياء بمرور الوقت. إن فكرة قراءة ما في عقل الآخر هي فكرة سخيفة بعض الشيء. كنت ملكة هذا النوع من التفكير، لذلك رجاءً لا أريد أن أسمع إدانة. أريدك أن تسمع ما يدعو للأمل: عندما تتعلم أن تتحدث عن توقعاتك في علاقتك بشريك حياتك، تبدأ في الاستمتاع والرضا أكثر في حياتك الزوجية.
تحديد التوقعات
مشكلة توقعاتنا أننا لا نعيها دائمًا.. إنها تتشكل دون وعي منا من خلال علاقاتنا وخبراتنا في الماضي، وربما لا نتوقف لنفحصها أو نعبِّر عنها بالكلام. كيف إذًا تحددين توقعاتكِ غير المعلنة عن زواجكِ؟ قد يكون عن طريق كتابة الملاحظات في حالة وجدتِ نفسكِ غاضبة أو محبطة بشكل منتظم، ثم بعد ذلك تسألين نفسك بصراحة عن التوقعات التي ولَّدت هذه المشاعر السلبية.
من النافع أيضًا أن تحصلي على رأي شريك حياتك؛ فهو يراقب طريقة انفعالك عن قرب، ويستطيع أن يرصدها جيدًا. وإذا لم تقدري على اتخاذ هذه الخطوة في الوقت الحالي، اطلبي مشورة من بعض الأصدقاء الحكماء والأتقياء، أو أحد المشيرين المتخصصين.. أي شخص من الخارج سيساعدك على رؤية ما لا تستطيعين رؤيته عند النظر إلى زواجكِ، وتحديد التوقعات التي تولّد المشكلات.
بمجرد أن تحددي التوقعات التي تسبب الخلافات في زواجكِ، من الحكمة أن تتوقفي وتتأملي هل هذه التوقعات واقعية أم لا. ضعي في اعتبارك أن ما يعتبر واقعيًا بالنسبة لأحدكما لا يكون واقعيًا بالنسبة للآخر. دعنا نقول مثلاً أن والدكِ كان يقوم بكل أعمال الإصلاحات المنزلية بنفسه دون الحاجة لأحد، فهل من الواقعية أن تتوقعي من زوجكِ نفس الشيء، رغم أنه لا يملك المعرفة أو الوقت اللازم لإتمام هذه المهام؟
لقد نشأت بطريقة مختلفة عن تنشئة زوجي كريس، وتربيتُ في عائلة كل فرد فيها يعتمد على نفسه؛ لذا أتوقع من الجميع أن يفعل نفس الشيء. بينما كانت والدة كريس لا تجعله يفعل شيئًا، لأنها كانت ذا قلب خادم بشكل مذهل، لا أستطيع أبدًا أن أظهر الحب من خلال الخدمة مثلما كانت تفعل هي. لكني تعلمت أن أخدم زوجي بطريقة واقعية بالنسبة لي، وفي نفس الوقت تُظهر له الحب. لكن لم يحدث هذا تلقائيًا، بل كان عليّ أن أتعلّم ذلك وأجتهد فيه.
الإفصاح عن المشاعر
تحتاج التوقعات أن تُعرض للنقاش.. عندما تواجهين مشاعر الاستياء أو الإحباط، اجلسي مع شريك حياتكِ، وناقشي معه هذه التوقعات. وبعد أن تحددا الجوانب التي تسبب المشكلات، من الهام أن تبدءا حوارًا مستمرًا ومفتوحًا. تحدثا عن هل توقعات كل منكما للآخر واقعية أم لا، وإن كانت واقعية كيف تعملان معًا على تحقيقها.
هذه الحوارات كانت تفسد بعض الرومانسية بيننا؛ لأنني بصراحة كنت أريد أن يلاحقني كريس للدرجة التي يستطيع فيها أن يتوقع كل احتياج عاطفي لديّ. لكن الآن تعلمت أن أساعد كريس أن يلتقط الإشارات. كريس شخص مفكّر، وأنا انفعالية أكثر؛ لذا عندما يحدث خلاف بيننا، فهو يعالج الأمر بعقله، بينما أعالجه أنا بقلبي.. وهذا يعني دموعًا كثيرة. وعندما تبدأ الدموع، أكثر ما أحتاجه منه هو أن يطمئني، ويحضني، ويقول لي إنه يحبني. كنت أفترض في السابق أنه يعرف ما أريد، لكني كنتُ مخطئة. أثناء أحد خلافاتنا الزوجية المبكرة، بدأت أبكي؛ فوقف كريس وحملق فيّ. لم أصدق أنه لم يطمئني بحضن منه. لم أقل شيئًا، وعانيتُ من الإحباط لسنوات. أخيرًا في يوم من الأيام، سألته: «عندما أبكي وأتضايق، هل تقدر أن تحضني فحسب؟» فقال: «نعم، بالطبع. لماذا لم تخبريني من قبل بأن هذا ما تحتاجينه؟»
تقديم النعمة
ماذا لو كانت التوقعات الزوجية واضحة وواقعية، لكن شريك حياتك لايزال يحبطك؟ هذه الظاهرة تحدث لأننا عادة ما نتوقع من شريك حياة غير كامل أن يتصرف بشكل كامل. أؤمن أن الله يريد للزوجين أن يسيرا سويًا في الحياة حاملين أحدهما الآخر عندما يتعثر أحدهما في السير بمفرده، ومحفزين أحدهما الآخر على مواصلة السير بخطوات أحيانًا مثيرة وأحيانًا مخيفة. لكن لا أؤمن أن الله أراد للزوجين أن يسددا احتياجات أحدهما الآخر (هذه وظيفة يسوع المسيح).
اختبرنا، كريس وأنا، مزيجًا من الصراعات والإحباطات وخيبة الأمل في حياتنا الزوجية. أحد هذه الصراعات حدث عندما قررنا إنجاب أطفال في هذا العالم. نشكر الله أننا كنا مستعدين لهذا في ذلك الوقت. ومع ذلك، توقيت الله لم يتطابق مع توقيتاتنا. لمدة ما يقرب من أربع سنوات، انتظرنا أن يُظهر اختبار الحمل نتيجة إيجابية. كانت فترة الانتظار قاسية جدًا عليّ؛ فقد كان قلبي يشتاق إلى الأمومة. وبينما كان صبري يتناقص مع كل شهر يمر، لم يكن زوجي هكذا، بل كان راضيًا وواثقًا في أن توقيت الله هو الأفضل. من المؤكد أنه كان يريد أن يصير أبًا، لكنه لم يصارع مع تأخر هذا الأمر مثلما كنت أصارع. كنت أتوقع منه أن يعاني هو الآخر، بل أردت أن يشارك في وجعي. ولكن بدلاً من ذلك كان يحاول كثيرًا أن يشجعني ويرفعني من هاوية حزني. هذا جعلني أغضب بشدة في بعض الأحيان؛ لأن بؤسي يحب العشرة.. كنت أتوقع منه أن يصير بائسًا معي.
في انتظارنا للإنجاب، كنا قادرين على التحدث عن الجرح الذي أشعر به، وبالتالي ارتياحي أنه ليس غارقًا في أعماق اليأس معي. بشكل أساسي، كان عليّ أن أقدم النعمة لكريس، وأسمح للروح القدس بأن يعزيني.
اليوم كريس وأنا أكثر قربًا للمسيح ولأحدنا الآخر من أي وقت مضى؛ لأننا تعلمنا أن نعبر عن أوجاعنا وسوء الفهم الناتج عن التوقعات غير المسددة. وعندما لا ينجح هذا بشكل كامل، لأننا غير كاملين أيضًا، تعلمت أن أثق أن المسيح سيعوض النقص، وفي الوقت المناسب سيسدد توقعاتي وأكثر.
الإحباطات الشائعة
ما هي التوقعات غير المسددة التي تحتاج إلى مناقشتها مع شريك الحياة؟ راجع القائمة التالية لبعض الجوانب التي يحدث فيها إحباطات بشكل متكرر. إذا كان أحد هذه الجوانب يثير مشاعر سلبية لديك، ربما حان الوقت لفتح حوار من القلب عن هذا الجانب.
معدل ممارسة العلاقة الحميمية: هل شريك حياتك يسدد احتياجك للحميمية الجسدية؟
كلمات التشجيع: هل كلمات شريك حياتك تبنيك أم تحطمك؟
اللمسات الرقيقة: هل يظهر شريك حياتك التودد يوميًا وليس فقط عندما يريد ممارسة العلاقة الجنسية؟
الحوار المتبادل: هل يكون متشتتًا بالأجهزة الإلكترونية عادة؟ هل تودين نقاشات أكثر وجهًا لوجه؟
الواجبات المنزلية: هل ترغبين في المزيد من مساعدة شريك الحياة في احتياجات المنزل؟
القيادة الروحية: هل يمارس دوره القيادي بدون التقليل منكِ أو تجاهل رأيكِ؟
الأمور المالية: هل أنتِ راضية عن طريقة إنفاقكِ وإنفاق زوجكِ وكذلك الادخار؟ هل يجب عمل تعديلات في هذا الجانب؟
المظهر الخارجي: هل يهتم بنفسه بطريقة تجعلكِ تشعرين بالرضا والفخر؟
المساعدة في التربية: هل تشكلان جبهة موحدة؟ هل تشعرين بدعم شريك حياتك في القرارات المتعلقة بالتربية؟

http://www.focusonthefamily.me

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى