سبع عبارات قيلت للمسيح وهو على الصليب
الهدى 1230 أبريل 2021
الكلمة الأولى: وجهها له المجتازين
«وَكَانَ الْمُجْتَازُونَ يُجَدِّفُونَ عَلَيْهِ وَهُمْ يَهُزُّونَ رُؤُوسَهُمْ (علامة الاحتقار والسخرية) قَائِلِينَ: «يَا نَاقِضَ الْهَيْكَلِ وَبَانِيَهُ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ خَلِّصْ نَفْسَكَ! إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللَّهِ فَانْزِلْ عَنِ الصَّلِيبِ!». (متى 27: 39،40).
بينما كان ابن العلى يصلى من أجل صاليبيه، كان صالبوه يتهكمون علية قائلين (إن كنت ابن الله) ورددوا الاتهام الذي أدلوا به إثناء المحاكمة: «هَذَا قَالَ إِنِّي أَقْدِرُ أَنْ أَنْقُضَ هَيْكَلَ اللَّهِ وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَبْنِيهِ». (متى 61:26) وسخروا من أقوالة ويطلبون معجزة النزول عن الصليب لكن المسيح قدم لهم المعجزة الأعظم وهي أن يصلى من أجل غفران خطاياهم والعفو عن المذنبين. قائلًا: «يَا أَبَتَاهُ اغْفِرْ لَهُمْ لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ»
لقد طلب المجتازون أن ينزل من على الصليب حتى يؤمنون به لقد كان طلبا خاطئا يتناقض تمامًا مع ما جاء يسوع لأجله لأن يسوع قد جاء ليظهر حب الله للبشر وتحقيق النبوة «وَكَمَا رَفَعَ مُوسَى الْحَيَّةَ فِي الْبَرِّيَّةِ هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْفَعَ ابْنُ الإِنْسَانِ.» لقد قال يسوع وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ أَجْذِبُ إِلَيَّ الْجَمِيعَ» (يوحنا 12: 32) لقد جذب اليهودي والأممي (اللص التائب وقائد المئة) الإيمان بيسوع المسيح لا يكون إلا وهو معلق على الصليب. فإيماننا رهن موته فوق الصليب.
الكلمة الثانية: وجهها إليه الصفوة المرموقة من رؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ والشعب
رؤساء الكهنة والكتبة وشيوخ الشعب يقفون عند الصليب شامتين مهللين إذ نالوا ما أرادوا لذلك وقفوا عند الصليب ساخرين قائلين خلص آخرين وأما نفسه فما يقدر أن يخلصها (نعم هو خلص كثيرين أما هو فقد أسلم نفسه بإرادته كما قال: «لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي». (يوحنا 10: 18)، وحيث أنهم آئمة الدين لذلك استخدموا ألقاب يسوع مجتمعه (المسيح ملك إسرائيل – المسيح مختار الله) وجعلوها مادة لسخريتهم «خلص آخرين» فهو إذن المخلص / فإن كان ملكًا فلينزل فهو الملك / لينقذه الله لأنه قال أنا ابن الله. لقد ربطوا إيمانهم بيسوع بنزوله عن الصليب. البشر يطلبون النزول عن الصليب لكي يؤمنوا به أما البقاء على الصليب فهو لفدائهم.
وَكَذَلِكَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ أَيْضًا وَهُمْ يَسْتَهْزِئُونَ مَعَ الْكَتَبَةِ وَالشُّيُوخِ قَالُوا: «خَلَّصَ آخَرِينَ وَأَمَّا نَفْسُهُ فَمَا يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَهَا». إِنْ كَانَ هُوَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ فَلْيَنْزِلِ الآنَ عَنِ الصَّلِيبِ فَنُؤْمِنَ بِهِ! قَدِ اتَّكَلَ عَلَى اللَّهِ فَلْيُنْقِذْهُ الآنَ إِنْ أَرَادَهُ! لأَنَّهُ قَالَ: أَنَا ابْنُ اللَّهِ!». (متى 27: 41-43) وكان الشعب واقفين ينظرون والرؤساء أيضًا يسخرون به قائلين:
«خَلَّصَ آخَرِينَ فَلْيُخَلِّصْ نَفْسَهُ إِنْ كَانَ هُوَ الْمَسِيحَ مُخْتَارَ اللهِ» (لوقا 23: 35)
الكلمة الثالثة: وجهها إليه اللص المجدف
لقد اشترك اللصان في الجرم وكانا يجدفان عليه في البداية «وَاللَّذَانِ صُلِبَا مَعَهُ كَانَا يُعَيِّرَانِهِ.» (مرقس 15: 32) ومع ذلك تصرف كل واحد منهم بإزاء المصلوب بطريقة مختلفة عن الآخر. هذا اللص لما سمع رؤساء الكهنة والجند انحاز لهم فشاركهم التعيير وقال للمسيح ما قاله وهو لا يدري ما يقول لقد استمر في تجديفه «وَكَانَ وَاحِدٌ مِنَ الْمُذْنِبَيْنِ الْمُعَلَّقَيْنِ يُجَدِّفُ عَلَيْهِ قَائِلًا: «إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمَسِيحَ فَخَلِّصْ نَفْسَكَ وَإِيَّانَا!». (لوقا 23: 39). الخلاص الذي كان ينشده لم يكن خلاصًا روحيًا أو أدبيًا بل خلاص الجسد. لقد كان قريبًا جدًا من يسوع ورأى يسوع مصلوبًا بجواره ربما كان قد سمع عنه وعن معجزاته المقتدرة لقد فكر في نفسه وفي كيفية التخلص من آلام الصلب الجسدية فيقول له لماذا تقف على الصليب عاجزًا «إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمَسِيحَ فَخَلِّصْ نَفْسَكَ وَإِيَّانَا!». لم يفكر في خطاياه التي أقترفها ولا في العقاب الأبدي الذي سيناله بعد الموت كان كل تفكيره كيف ينجو من العذاب الوقتي. نظر إلى يسوع كوسيلة لإنقاذه من المتاعب الجسدية ولم يقتنص الفرصة لأن نظرته للأمور كانت جسدية هذا اللص استمر في تجديفه والثاني تاب وقبل المسيح. هذان اللصان يمثلان البشرية في فسادها ويمثلان أنواع الاتجاهات التي يتخذها الناس تجاه المسيح.
الكلمة الرابعة: وجهها إليه اللص التائب صاحب المصلحة
لقد كان الاثنان مذنبين بنفس الذنب ونالا نفس العقاب، في البداية كان هذا اللص يُعيّر يسوع المصلوب ولكن حدث شيئًا في نفس انفتحت بصيرته وبدأ يتغير ولم يجدف مع زميله وعندما سمع زميله يجدف على يسوع وهو على الصليب «فَانْتَهَرَهُ الآخَرُ قَائِلًا: «أَوَلاَ أَنْتَ تَخَافُ اللهَ إِذْ أَنْتَ تَحْتَ هَذَا الْحُكْمِ بِعَيْنِهِ؟ أَمَّا نَحْنُ فَبِعَدْلٍ لأَنَّنَا نَنَالُ اسْتِحْقَاقَ مَا فَعَلْنَا وَأَمَّا هَذَا فَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ». (لوقا 23: 40،41) لقد أعترف أولًا بخطئه، ثم اعترف ببر المسيح وبملكه وسلطانه، والتجأ إلى يسوع بالإيمان. فقد عرف أن يسوع لم يعمل شيئًا يستحق هذا التعذيب وانفتحت عيناه ورآه ملكًا وتوسل إليه أن يذكره مجرد ذكرى في ملكه العتيد. لقد نادى يسوع معترفًا بربويته قائلًا: «اذْكُرْنِي يَا رَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ». (لوقا 23: 43) هذه الكلمات كانت خالية من السباب أو التهكم فما كان من المسيح إلا أنه دعاه ليكون معه في الفردوس وفتح له باب الخلاص والملكوت معًا. لقد نال سعادة سماع الوعد وكانت الكلمة الوحيدة التي فازت بجواب من الرب «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ».
الكلمة الخامسة: وجهها إليه قوم من الحاضرين
عندما سادت ظلمة على الأرض كلها من الساعة السادسة إلى التاسعة وفي نهايتها صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا «وَفِي السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلًا: «إِلُوِي إِلُوِي لَمَا شَبَقْتَنِي؟» (اَلَّذِي تَفْسِيرُهُ: إِلَهِي إِلَهِي لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟)» (مرقس 15: 34) وإذا سمع قوم من الحاضرين (بعض أفراد الشعب هيجهم الكتبة والكهنة ودفعوا لهم شيئًا من المال) هذه العبارة قالوا فَقَالَ قَوْمٌ مِنَ الْحَاضِرِينَ لَمَّا سَمِعُوا: «هُوَذَا يُنَادِي إِيلِيَّا».. لقد خلط القوم بين لفظ إيلى وإيليا؟
الكلمة السادسة: وجهها إليه الجند
الجند كانوا من الرومان وحتمت عليهم المقادير أن يصلبوا رب المجد كجزء من عملهم واستهزئوا بيسوع كملك لليهود كما كان مكتوبًا على الخشبة التي ثبتت على الصليب وأيضًا أستهزأوا به وهم يأتون ويقدمون له خلًا قائلين «إِنْ كُنْتَ أَنْتَ مَلِكَ الْيَهُودِ فَخَلِّصْ نَفْسَكَ» (لوقا 23: 37). فركض واحد وملأ أسفنجه خلًا وجعلها على قصبة وسقاه قائلًا «خَلَّصَ آخَرِينَ وَأَمَّا نَفْسُهُ فَمَا يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَهَا. لِيَنْزِلِ الآنَ الْمَسِيحُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ عَنِ الصَّلِيبِ لِنَرَى وَنُؤْمِنَ» (مرقس 15: 31). لأنهم يعلمون إن لكل شعب إلهتهم القومية التي يعبدونها فكيف يصلب اليهود إلههم ولم يروا ملكًا صلب من قبل.
الكلمة السابعة: وجهها إلية قائد المائة (غريب الجنس)
عندما صلب المسيح أظلمت الشمس ولما أسلم الروح تزلزلت الأرض وتشققت الصخور وتفتحت الغيوم وقام كثير من الراقدين وانشق حجاب الهيكل من فوق لأسفل. وأما قائد المئة والذين كانوا معه يحرسون يسوع فلما رأوا الزلزلة وما حدث خافوا جدًا. قائد المئة بحكم عمله شهد حوادث صلب كثيرة ومصلوبين كثيرين وكان يراقب المكان ولكن عيناه كانت على المسيح المصلوب وكيف تصرف في آلامه وموته ولكنه رأى في المسيح ليس إنسانًا عاديًا وشهد لبر المسيح وأنه ابن الله. من أجل ذلك نطق بهذه العبارة التي تعبر عن بر المصلوب. ولما رأى قائد المئة الواقف مقابله أنه صرخ هكذا وأسلم الروح قال «حَقًّا كَانَ هَذَا الإِنْسَانُ ابْنَ اللَّهِ!» (مرقس 15: 39). لقد استعمل عبارتين (كان هذا ابن الله / كان هذا الإنسان بارًا) لقد أعترف بأنه هو ابن الله ومجد الله واعترف أنه بار قائلًا: «بِالْحَقِيقَةِ كَانَ هَذَا الإِنْسَانُ بَارًّا!» (لوقا 23: 47) لقد شهد للمسيح في عبارة هي أقرب إلى التعبد أو التمجيد بالحقيقة كان هذا الإنسان بارًا. بالحقيقة هذا الإنسان ابن الله.
لقد اتهم اليهود المسيح بالتجديف ولكن قائد المئة الوثني مجدّ الله.
نعم لقد أعطى المسيح الخلاص للعالم.
عندما لجأ إليه اللص اليهودي لينال الخلاص قال له «اليوم تكون معي في الفردوس». وعندما انسحق قائد المئة الروماني للمسيح أعطاه أيضا الخلاص. لقد باشر المسيح رسالته في الغفران حتى وهو فوق الصليب فطلب الغفران لصاليبيه وغفر للص التائب معلنا بذلك إن الصليب جزء من رسالته.
السؤال الآن أين أنا من الصليب؟
من السهل عليَّ أن أرى الآخرين عند الصليب أبحث عن مزاياهم وأتكلم عن عيوبهم وأحكم عليهم من خلال الأجيال واتطلع نحوهم، فـ:
- هل أنا ممتلئ خجلًا عند الصليب: لأني رأيت في الصليب خطاياي هي التي صلبته وكنت واحدًا من المتفرجين عند الصليب.
- هل أنا مغمور بالحب عند الصليب: لأن الدم الذي سال عليه هو سبب مغفرة خطاياي لأنه رد لي بهجة خلاصي.
- هل أنا مصلوب معه على الصليب: هل أنا صلبت الجسد مع الأهواء والشهوات لكي أحيا حياة حسب قصده. هل أنا أهتف وأقول» مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي.» (غلاطية 2: 20).
- هل أنا مفتخر بالصليب: وأهتف مع الرسول بولس وأقول وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ.» الافتخار بالصليب ليس هو وشمًا على الأيادي أو ذهبًا على الصدور أو خشبًا يعلق على الجدران إنما هو افتخار بقوة الله المخلصة في الصليب، نعم عند الصليب يختفي الإنسان ويظهر الله.