القيامة والصعودملفات دينية

مركزيّة القيامة في حياة الكنيسة

الهدى 1254-1255                                                                                                          مارس وأبريل 2024

القيامة والمسيحية يقومان معًا. لقد أصبحت قيامة المسيح بمثابة نقطة انطلاق لكل الثوابت الإيمانيّة، لأنه دون القيامة لا يتبقى لنا إلا إيمان مزعزع، وإنجيل غير مكتمل، ورسالة مبتورة، وشهادة باطلة، ومستقبل غامض، وكنيسة خلف الأبواب المغلقة. كم نحتاج أن نُنهض أذهاننا بالتّذكرة لهذه الحقيقة المباركة، وكيف هي مركزيّة في حياة الكنيسة.

  • القيامة حقيقة تاريخيّة

يعتبر النّص الكتابيّ الإنجيليّ، المرجع الأساسي لهذه الحقيقة التاريخية. وقد دون البشيرون الأربعة روايتهم للحدث، والبعض منهم كان شاهد عيان (مت 28: 1-20، مر 16: 1-20، لو 24: 1-49، يو 20: 1-21: 25). دون الدخول في تفصيلات كثيرة في هذه النصوص المقدسة، فإنها تشير إلى أشخاص بعينهم، كان لهم نصيب في رؤية الحدث والشهادة عنه، مثل مريم المجدليّة ومريم أم يعقوب وسالومة، بطرس ويوحنا، حراس القبر، اثنان من التلاميذ في طريقهما إلى عمواس، توما، بقية الأحد عشر رسولًا، وتتفق شهادة هؤلاء جميعًا بما فيهم الحراس، في أنّ القيامة قد حدثت.

ثم إن القيامة حدثت في وقت معروف ومحدد في عهد بيلاطس البنطي (26-37م)، وقد دفن في قبر يملكه يوسف الرامي، يقع خارج أسوار أورشليم (يو 19: 17)، كما كان مكان صلبه مرئيًا (مر 15: 40).، بل إن قادة اليهود الذين كانوا يرفضون يسوع، لم ينكروا قيامته وعودته للحياة (قارن أع 4: 1-22). شهد المؤرخ المشهور يوسيفوس فلافيوس: “كان هناك في هذا الزمن يسوع، رجل حكيم، وإذا كان شرعًا أن يدعي إنسان، لأنه يقوم بأعمال رائعة، هو معلم من هؤلاء الرجال الذين قبلوا الحقيقة بفرح، وقد جذب إليه كثيرًا من اليهود والوثنيين. كان هو المسيح، وتلبية لطلب من الرجال الوجهاء اليهود بيننا، أعدمه بيلاطس على الصّليب. أما أولئك الذين أحبوه في البداية، لم يتركوه لأنه ظهر لهم حيًا مرة أخرى في ثالث يوم من موته، كما تنبأ الأنبياء عن ذلك، وعن عشرات الأحداث الرّائعة الأخرى بشأنه، والجماعة المسيحيّة التي سميت باسمه لم تنقرض (Antiquities of the Jews 18: 63-64.)

هذا اليقين بتاريخية القيامة، أعطى الكنيسة قوة الحجة في الرد على كل الأفكار المغلوطة، إذ هناك من قال: “إن يسوع كان مغمًي عليه، ثم عاد إلى وعيه”، ولكن البشير يوحنا يرد بقوة على هذا الإدعاء الكاذب، بأن يسوع قد مات فعلًا: “وَأَمَّا يَسُوعُ فَلَمَّا جَاءُوا إِلَيْهِ لَمْ يَكْسِرُوا سَاقَيْهِ، لأَنَّهُمْ رَأَوْهُ قَدْ مَاتَ. لكِنَّ وَاحِدًا مِنَ الْعَسْكَرِ طَعَنَ جَنْبَهُ بِحَرْبَةٍ، وَلِلْوَقْتِ خَرَجَ دَمٌ وَمَاء” (يو 19: 33، 34). هناك كذلك إدعاء سرقة الجسد من لصوص مجهولين أو من التلاميذ، وهذا ينفيه تمامًا الحراسة التي كانت على القبر والحجر الكبير الذي وضع على بابه (مت 27: 65، 66)، وكيف للتلاميذ في حالة سرقتهم للجسد، وكانوا على استعداد للموت لأجل إيمانهم في المسيح المقام (أع 12: 2، 3). فإن سرق التلاميذ الجسد، لكان إيمانهم بيسوع باطلًا، واستشهادهم لأجله لا معنى له.

يرى بعضٌ أن القيامة حدثت في قلوب التلاميذ. لقد ولد في قلوبهم الإيمان بالمسيح المقام، ولم يقم المسيح بجسده، وهذا بالطبع غير صحيح. فليس الإيمان بالمسيح المقام هو الذي جعل التلاميذ ينادون بحقيقة القيامة. العكس هو الصحيح، أى أن يسوع الذي قام بجسده وقد رأوا قبره الفارغ بعيونهم، ورأوا جسده المقام ولمسوه بأيديهم. الرؤية هي التي قادتهم للإيمان، فشخص يسوع المسيح المقام هو موضوع إيمانهم، وهو سر قوة إعلانهم.

  • مركزية القيامة في الكنيسة الأولى

ظهر المسيح أولًا للرسل مجتمعين في مساء أحد القيامة. خاطب الرب المقام الرسل: «كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ أُرْسِلُكُمْ أَنَا» (يو 20: 21)، وعند صعوده قال لهم: «لكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ». حلّ الروح القدس (أع 2: 1-4)، ونال الرسل هذه القوة للشهادة، وخرجوا يعلنون الأخبار السارة (الإنجيل) الخاصة بيسوع المسيح المقام. واضح جدًا أن قمة هذه الأخبار السارة هو قيامة المسيح. كل أحداث حياة المسيح على الأرض، تستحق الاهتمام والتأمل والتعليم. إلا أن كرازة الرسل كانت تنبر أكثر على قيامة المسيح، باعتبارها حجر الزاوية في الإيمان المسيحي، وقبل ذلك وعند اختيار بديلًا ليهوذا، كان الشرط الأساسي لمن يُختَار شاهدًا معنا بقيامته (أع 1: 22). هكذا توالت شهادات الرسل والكارزين، لتكشف مركزية القيامة في حياة الكنيسة الأولى:

«هذَا أَخَذْتُمُوهُ مُسَلَّمًا بِمَشُورَةِ اللهِ الْمَحْتُومَةِ وَعِلْمِهِ السَّابِقِ، وَبِأَيْدِي أَثَمَةٍ صَلَبْتُمُوهُ وَقَتَلْتُمُوهُ. اَلَّذِي أَقَامَهُ اللهُ نَاقِضًا أَوْجَاعَ الْمَوْتِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا أَنْ يُمْسَكَ مِنْهُ. لأَنَّ دَاوُدَ يَقُولُ فِيهِ: كُنْتُ أَرَى الرَّبَّ أَمَامِي فِي كُلِّ حِينٍ، أَنَّهُ عَنْ يَمِينِي، لِكَيْ لاَ أَتَزَعْزَعَ. لِذلِكَ سُرَّ قَلْبِي وَتَهَلَّلَ لِسَانِي. حَتَّى جَسَدِي أَيْضًا سَيَسْكُنُ عَلَى رَجَاءٍ. لأَنَّكَ لَنْ تَتْرُكَ نَفْسِي فِي الْهَاوِيَةِ وَلاَ تَدَعَ قُدُّوسَكَ يَرَى فَسَادًا. عَرَّفْتَنِي سُبُلَ الْحَيَاةِ وَسَتَمْلأُنِي سُرُورًا مَعَ وَجْهِكَ. أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ، يَسُوغُ أَنْ يُقَالَ لَكُمْ جِهَارًا عَنْ رَئِيسِ الآبَاءِ دَاوُدَ إِنَّهُ مَاتَ وَدُفِنَ، وَقَبْرُهُ عِنْدَنَا حَتَّى هذَا الْيَوْمِ. فَإِذْ كَانَ نَبِيًّا، وَعَلِمَ أَنَّ اللهَ حَلَفَ لَهُ بِقَسَمٍ أَنَّهُ مِنْ ثَمَرَةِ صُلْبِهِ يُقِيمُ الْمَسِيحَ حَسَبَ الْجَسَدِ لِيَجْلِسَ عَلَى كُرْسِيِّهِ، سَبَقَ فَرَأَى وَتَكَلَّمَ عَنْ قِيَامَةِ الْمَسِيحِ، أَنَّهُ لَمْ تُتْرَكْ نَفْسُهُ فِي الْهَاوِيَةِ وَلاَ رَأَى جَسَدُهُ فَسَادًا. فَيَسُوعُ هذَا أَقَامَهُ اللهُ، وَنَحْنُ جَمِيعًا شُهُودٌ لِذلِكَ» (أع 2: 23-32)

«وَرَئِيسُ الْحَيَاةِ قَتَلْتُمُوهُ، الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَنَحْنُ شُهُودٌ لِذلِكَ» (أع 3: 15)

«فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا عِنْدَ جَمِيعِكُمْ وَجَمِيعِ شَعْبِ إِسْرَائِيلَ، أَنَّهُ بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ النَّاصِرِيِّ، الَّذِي صَلَبْتُمُوهُ أَنْتُمُ، الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، بِذَاكَ وَقَفَ هذَا أَمَامَكُمْ صَحِيحًا» (أع 4: 10)

«إِلهُ آبَائِنَا أَقَامَ يَسُوعَ الَّذِي أَنْتُمْ قَتَلْتُمُوهُ مُعَلِّقِينَ إِيَّاهُ عَلَى خَشَبَةٍ. هذَا رَفَّعَهُ اللهُ بِيَمِينِهِ رَئِيسًا وَمُخَلِّصًا، لِيُعْطِيَ إِسْرَائِيلَ التَّوْبَةَ وَغُفْرَانَ الْخَطَايَا» (أع 5: 30، 31)

«لَيْسَ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ، بَلْ لِشُهُودٍ سَبَقَ اللهُ فَانْتَخَبَهُمْ. لَنَا نَحْنُ الَّذِينَ أَكَلْنَا وَشَرِبْنَا مَعَهُ بَعْدَ قِيَامَتِهِ مِنَ الأَمْوَاتِ. وَأَوْصَانَا أَنْ نَكْرِزَ لِلشَّعْبِ، وَنَشْهَدَ بِأَنَّ هذَا هُوَ الْمُعَيَّنُ مِنَ اللهِ دَيَّانًا لِلأَحْيَاءِ وَالأَمْوَاتِ. لَهُ يَشْهَدُ جَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ أَنَّ كُلَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ يَنَالُ بِاسْمِهِ غُفْرَانَ الْخَطَايَا» (أع 10: 41-43)

«وَلَمَّا تَمَّمُوا كُلَّ مَا كُتِبَ عَنْهُ، أَنْزَلُوهُ عَنِ الْخَشَبَةِ وَوَضَعُوهُ فِي قَبْرٍ. وَلكِنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ. وَظَهَرَ أَيَّامًا كَثِيرَةً لِلَّذِينَ صَعِدُوا مَعَهُ مِنَ الْجَلِيلِ إِلَى أُورُشَلِيمَ، الَّذِينَ هُمْ شُهُودُهُ عِنْدَ الشَّعْبِ» (أع 13: 29-31)

«فَاللهُ الآنَ يَأْمُرُ جَمِيعَ النَّاسِ فِي كُلِّ مَكَانٍ أَنْ يَتُوبُوا، مُتَغَاضِيًا عَنْ أَزْمِنَةِ الْجَهْلِ. لأَنَّهُ أَقَامَ يَوْمًا هُوَ فِيهِ مُزْمِعٌ أَنْ يَدِينَ الْمَسْكُونَةَ بِالْعَدْلِ، بِرَجُل قَدْ عَيَّنَهُ، مُقَدِّمًا لِلْجَمِيعِ إِيمَانًا إِذْ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ» (أع 17: 30-31)

هكذا كان الرسل ومنهم بولس، عندما يعظون لليهود أو للأمم، يأتون في الختام إلى قمة الرسالة بالإعلان والتأكيد على قيامة المسيح.

  • مركزية القيامة في حياة الكنيسة

يمكننا أن نعدّ المواضع الكتابية المشار إليها سلفًا (في مركزية القيامة في الكنيسة الأولى) وثائق وشهادات تاريخية عن الكنيسة في القرن الأول. هناك مواضع كتابية كثيرة نعدها تعليمية للكنيسة في كل العصور، وهى تكشف حتمية أن تكون القيامة مركزية في حياة الكنيسة. من أشهر هذه النصوص، ما كتبه الرسول بولس لكنيسة كورنثوس: «فَإِنَّنِي سَلَّمْتُ إِلَيْكُمْ فِي الأَوَّلِ مَا قَبِلْتُهُ أَنَا أَيْضًا: أَنَّ الْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ الْكُتُبِ، وَأَنَّهُ دُفِنَ، وَأَنَّهُ قَامَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَسَبَ الْكُتُبِ» (1كو 15: 3-5). هذا النص هو “تعريف الانجيل”. إن عناصر رسالة الانجيل الأساسية، هي موت ودفن وقيامة المسيح وظهوره. دفنه يؤكد موته، وظهوره يؤكد قيامته. هذه الرسالة هي قلب رسالة الكنيسة التي تقدمها للعالم.

يفترض الرسول بولس وجود معترض على القيامة، وواجه اعتراضه بقوة ووضوح: «وَلكِنْ إِنْ كَانَ الْمَسِيحُ يُكْرَزُ بِهِ أَنَّهُ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ، فَكَيْفَ يَقُولُ قَوْمٌ بَيْنَكُمْ إِنْ لَيْسَ قِيَامَةُ أَمْوَاتٍ؟ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قِيَامَةُ أَمْوَاتٍ فَلاَ يَكُونُ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ! وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ، فَبَاطِلَةٌ كِرَازَتُنَا وَبَاطِلٌ أَيْضًا إِيمَانُكُمْ، وَنُوجَدُ نَحْنُ أَيْضًا شُهُودَ زُورٍ للهِ، لأَنَّنَا شَهِدْنَا مِنْ جِهَةِ اللهِ أَنَّهُ أَقَامَ الْمَسِيحَ وَهُوَ لَمْ يُقِمْهُ، إِنْ كَانَ الْمَوْتى لاَ يَقُومُونَ» (1كو 15: 12-15). هكذا تظل القيامة قلب الكرازة، وأساس الإيمان، وقوة الشهادة.

أما كونها “قلب الكرازة”، فهذه حقيقة لا جدال فيها، لأنه كيف تكتمل رسالة الكرازة دون القيامة؟ إذا افترضنا جدلًا أن القبر أمسك يسوع كما يفعل مع كل البشر، فبماذا تنادي الكنيسة؟ لقد أصبح مسيحها مثل كل الناس، وفي أحسن الأحوال كواحد من الأنبياء!، لكنه تميز عن جميعهم في أمور كثيرة، وعلى رأسها القيامة. تعلن كرازة الكنيسة عن التبرير المجاني بيسوع المسيح، الذي “َأُقِيمَ لأَجْلِ تَبْرِيرِنَا” (رو 4: 25). تبشر الكنيسة في الكرازة بغفران الخطايا، و”َبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ” (عب 9: 22)، وفي المسيح “لَنَا الْفِدَاءُ بِدَمِهِ، غُفْرَانُ الْخَطَايَا” (أف 1: 7)، وكانت القيامة تأكيدًا لقبول ذبيحة المسيح. هذا ما ينبغي أن تعلنه الكنيسة على الدّوام.

تظل القيامة “أساس الإيمان”. كان القانون الإلهي –وما زال– “أَنَّكَ إِنِ اعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِالرَّبِّ يَسُوعَ، وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ أَنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، خَلَصْتَ” (رو 10: 9). لا تقف هذه الحقيقة إقرار إيمان مجرد، بل هي حق اختباري لكل من يؤمن. أليس هذا ما أعلنه المسيح شخصيًا: “«أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا، وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيًّا وَآمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى الأَبَدِ. أَتُؤْمِنِينَ بِهذَا؟» (يو 11: 25، 26).

القيامة كذلك هي قوة الشهادة. كيف كان للرسل الذين ملأهم الخوف والاختباء خلف الأبواب المغلقة خوفًا من السلطات الدينية والسياسية في ذلك الوقت، كيف لهم أن يقفوا بثبات وجرأة أمام هذه السلطات؟ إنها القيامة التي منحت القوة لشهادتهم “حِينَئِذٍ امْتَلأَ بُطْرُسُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَقَالَ لَهُمْ: «يَا رُؤَسَاءَ الشَّعْبِ وَشُيُوخَ إِسْرَائِيلَ، إِنْ كُنَّا نُفْحَصُ الْيَوْمَ عَنْ إِحْسَانٍ إِلَى إِنْسَانٍ سَقِيمٍ، بِمَاذَا شُفِيَ هذَا، فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا عِنْدَ جَمِيعِكُمْ وَجَمِيعِ شَعْبِ إِسْرَائِيلَ، أَنَّهُ بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ النَّاصِرِيِّ، الَّذِي صَلَبْتُمُوهُ أَنْتُمُ، الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، بِذَاكَ وَقَفَ هذَا أَمَامَكُمْ صَحِيحًا” (أع 4: 8-10)، “«أَمَا أَوْصَيْنَاكُمْ وَصِيَّةً أَنْ لاَ تُعَلِّمُوا بِهذَا الاسْمِ؟ وَهَا أَنْتُمْ قَدْ مَلأْتُمْ أُورُشَلِيمَ بِتَعْلِيمِكُمْ، وَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْلِبُوا عَلَيْنَا دَمَ هذَا الإِنْسَانِ». فَأَجَابَ بُطْرُسُ وَالرُّسُلُ وَقَالُوا: «يَنْبَغِي أَنْ يُطَاعَ اللهُ أَكْثَرَ مِنَ النَّاسِ. إِلهُ آبَائِنَا أَقَامَ يَسُوعَ الَّذِي أَنْتُمْ قَتَلْتُمُوهُ مُعَلِّقِينَ إِيَّاهُ عَلَى خَشَبَةٍ. هذَا رَفَّعَهُ اللهُ بِيَمِينِهِ رَئِيسًا وَمُخَلِّصًا، لِيُعْطِيَ إِسْرَائِيلَ التَّوْبَةَ وَغُفْرَانَ الْخَطَايَا. وَنَحْنُ شُهُودٌ لَهُ بِهذِهِ الأُمُورِ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ أَيْضًا، الَّذِي أَعْطَاهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُطِيعُونَهُ» (أع 5: 28-32).

هكذا كانت القيامة، وينبغي أن تستمر قوة شهادة الكنيسة.

الكنيسة لا تؤمن فقط بأهمية القيامة من جهة رسالتها وكرازتها وإيمانها، بل ترى أن القيامة تمس بكيفيّة مباشرة حياة شعبها. يعمل الروح القدس في حياة الكنيسة، لينضم إليها كل يوم الذين يخلصون (أع 2: 47). هؤلاء المخلَّصون هم من يؤمنون أن يسوع المسيح هو ابن الله، قد تبرهن وثبت هذا من خلال القيامة: «وَتَعَيَّنَ ابْنَ اللهِ بِقُوَّةٍ مِنْ جِهَةِ رُوحِ الْقَدَاسَةِ، بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ: يَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا» (رو 1: 4).

تصبح القيامة –قيامة المسيح– اختبارًا حيًا في حياة شعب الرب، لأنه عندما قام المسيح: «وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِالْخَطَايَا أَحْيَانَا مَعَ الْمَسِيحِ ­بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ­ وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ» (أف 2: 5، 6). لقد حدث اتحاد بين المسيح وكل المؤمنين به: «فَدُفِنَّا مَعَهُ بِالْمَعْمُودِيَّةِ لِلْمَوْتِ، حَتَّى كَمَا أُقِيمَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ، بِمَجْدِ الآبِ، هكَذَا نَسْلُكُ نَحْنُ أَيْضًا فِي جِدَّةِ الْحَيَاةِ؟ لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا قَدْ صِرْنَا مُتَّحِدِينَ مَعَهُ بِشِبْهِ مَوْتِهِ، نَصِيرُ أَيْضًا بِقِيَامَتِه» (رو 6: 4، 5). يترجم هذا الاتّحاد السّري في خطوات عملية ملموسة في الحياة اليوميّة: «َإِنْ كُنْتُمْ قَدْ قُمْتُمْ مَعَ الْمَسِيحِ فَاطْلُبُوا مَا فَوْقُ، حَيْثُ الْمَسِيحُ جَالِسٌ عَنْ يَمِينِ اللهِ. اهْتَمُّوا بِمَا فَوْقُ لاَ بِمَا عَلَى الأَرْضِ» (كو 3: 1، 2). ولأجل هذا يسعى المؤمن كل يوم أن يرتقي في معرفة الرب وقوة قيامته (في 3: 1).

القس حمدي سعد

* تخرج في كليّة اللاهوت الإنجيليّة في القاهرة 1982م، ثم حصل على ليسانس الآداب من جامعة الإسكندريّة 1986م،
* حصل على ماجستير اللاهوت من كليّة اللاهوت المشيخيّة في سيدني 2007م،
* خدم في الكنيسة الإنجيليّة في الإبراهيميّة من 1982 إلى 1989م، خدم راعيًا للكنيسة الإنجيليّة في سيدي بشر من 1989 إلى 1994م،
* ثم الكنيسة الإنجيليّة في سيدني من عام 1994إلى 2019م،
* ألَّف وترجم نحو عشرين كتابًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى