من كنائسنا

من كنائسنا الكنيسة الإنجيلية في الشروق

الهدى 1254-1255                                                                                                          مارس وأبريل 2024

«أشكر المسيح يسوع ربنا الذي قواني، أنَّه حسبني أمينًا، إذ جعلني للخدمة» (1تيموثاوس 12:1)
مقدِّمة لا بُد منها
إنَّ خدمة السّيد هي تشريف، وتكليف، ومسؤولية، وأمانة. لقد دعاني الرب للتفرغ الكامل لخدمته منذ عام 2002 فتفرغت مع هيئة الخدمة الروحيّة وتدريب القادة بالقاهرة Campus Crusade For Christ والتي خدمت من خلالها أنا وزوجتي كل الوقت لمدة سبع سنوات كاملة. خدمت الشّباب ورجال الأعمال والمهن الحرّة والأسر الحديثة والخريجين حديثًا. أثناء ذلك التحقت بكلية اللّاهوت الإنجيليّة بالقاهرة ودرست بها إلى جانب خدمتي مع الهيئة وبكنيستي الأزبكيّة إلى جوار الرّاعي والمُعلم الفاضل القس رضا عدلي والذى تعلمت منه كثيرًا وشجعني وساعدني كثيرًا في خدمتي.
بعد التخرج في كلية اللّاهوت نُصِّبت أوّل قسٍ مُساعدٍ بالكنيسة الإنجيليّة في حدائق القبّة، والّتي خدمت فيها مدّة ثلاث سنوات ونصف بحسب قرار السّنودس ثم أطعت تكليف الرّب لي من خلال مجمعي -الذي أعتز أنَّني جزء منه، أنتمى له وأخدم الرّب من خلاله وخاضعًا له- مجمع القاهرة الإنجيلي المشيخي الموقر للبدء في زرع وتأسيس كنيستنا الإنجيليّة في مدينة الشّروق (شمال شرق القاهرة) على بُعد 40 كم، وهي مدينة جديدة ولا يوجد بها أي عمل إنجيليّ. وكان ذلك في منتصف عام 2014 م.
قبلت من فوري التّكليف، بل التّحدي متكلًا على نعمة الله ومعونته وإرشاده لزرع وتأسيس كنيسة جديدة في منطقة جديدة بكر. ومن ضمن التّحديات الأساسية التي واجهتني في البداية أنني أسكن بعيدًا عن هذه المدينة الجديدة بمسافة طويلة، حيث إنَّني من قاطني حي الزّيتون ولا أملك سيارة! تقابلت مع أسرة وزُرتها عدّة مرّات للصّلاة معهم، وكانوا ينتمون إلى كنيسة الأخوة. واتفقنا على البدء في عقد اجتماع أسبوعيّ في بيتهم ودعوة أسر جديدة للانضمام معنا. فرحبوا بذلك وفتحوا بيوتهم لنا، ليكافئهم الرّب. وقد هاجروا منذ فترة!
فبدأنا اجتماع أسبوعيّ للصّلاة ودراسة كلمة الله، ثم ممارسة فريضة العشاء الرّباني شهريًّا، وبدأ العدد يتزايد وينضم إلينا آخرون، وكان هذا بمثابة تأييد وتشجيع من الرّب لي وللخدمة التي أخذتها من الرّب يسوع لأشهد ببشارة نعمة الله. في نفس الوقت كنت أتوجه إلى جهاز مدينة الشّروق عدّة مرات أسبوعيًا للسّير في اجراءات عديدة، روتينيّة، ومعقدة جدًا لاستخراج التراخيص اللّازمة لبناء الكنيسة على قطعة الأرض المخصصة لذلك من هيئة المجتمعات العُمرانية. أثناء ذلك كنت أسير في شوارع المدينة طالبًا وجه الرّب وقيادته ووضع الرّب في قلبي الرّؤية وقتها، وهي كالتالي:
«هًلُمَّ فنَبنَيَ» (نح 17:2)
وسمعت صوت الرّب واضحًا: «هكذا قال رب الجنود: اجعلوا قلبكم على طرقكم . اصعدوا إلى الجبل وأتوا بخشبٍ وابنوا البيت، فأرضى وأتمجد، قال الرّب» (حجَّي 1: 8،7). وقال لي الرّب: لكى أرضى وأتمجد، عليك أن تبني لي بيتًا هنا في هذه المدينة لشعبي، وقد اخترتك لهذه المهمة. فقلت آمين ساعدني يا رب. وكتبت هذه الرّؤية على Panner وعلّقتها على الحائط في البيت الذي كنا نجتمع فيه لكى تراها كل عين ولكي أنقلها للجميع هناك. وكنت أصلي هكذا: يا رب أنت تعرف كل شيء. نحتاج قيادتك. أنت تعرف أنّنا نريد أن نصل إلى الجميع، إلى المختارين، إلى شعبك في هذه المدينة ولا نعرف أين هم أو كيف نصل إليهم، وهناك من يريد الوصول إلينا والانضمام ولا يعرف طريقنا، لكنك وحدك تستطيع أن تفعل هذا. أن تجمعنا من كل مكان بهذه المدينة لنلتقي معًا. اجمع كنيستك يا رب. وضم إليها كل يوم الذين يخلصون أيضًا.
وبالفعل، كنا نرى كل يوم استجابات الرّب لنا وعمله معنا وفي وسطنا، وجمعه لنا جسدًا وكنيسةً، وبدأنا نرى بوضوح نمو الاجتماع الأسبوعيّ وكان يتصل بي أشخاص جدد شهريًّا ليخبروني فرحتهم لوجود كنيسة إنجيليَّة في المدينة. وكنت اشجعهم على الانضمام معنا والصّلاة ليكمل الرب عمله في بناء الكنيسة وكنت أنقل لهم الرؤية التي وضعها الرّب على قلبي، مُتحديًا المجموعة التي معي بسؤالهم: أيهما أيسر أن نحصل على التّراخيص اللّازمة للبناء، أو أن ندبر المال اللّازم لبناء الكنيسة؟ وأخبرتهم أن الرب سيعطينا التّرخيص والمال اللّازم للبناء فلا تطرحوا ثقتكم ولا تشكوا في وعده وتفقدوا إيمانكم.
بعد عامين كاملين من الإجراءات الرّوتينيّة المُعقدة من خلال القطاعات المختلفة بجهاز المدينة والأجهزة الأخرى، والانتهاء من التصميمات الهندسية وتعديلها عدّة مرّات بناء علي طلبهم والاشتراطات البنائيّة الكثيرة، وما إلى ذلك من أوراق وموافقات وإجراءات ومتطلبات -أجهدتني وأنهكتني- إلّا أن الرّب بسلطانه وقدرته ومعيته أكمل معي كل المطلوب إلى أن حصلت أخيرًا على ترخيص بناء كنيستنا الإنجيليّة في مدينة الشّروق (ترخيص رقم 404/ لسنه 2016) مجدًا للرّب، لنعود ونبدأ من جديد رحلة أخرى من المُعاناة والرّوتين والإجراءات لاستخراج «تصريح الحَفر» والذي استغرق وحده سبعة أشهر كاملة من الإجراءات والأوراق والموافقات والتصميمات والمُعاينات الخاصّة بهذه الأمور مع جهاز المدينة، إلى أن حصلنا على «تصريح الحَفر» في نهاية عام 2016م.
بدأت في الاتفاق مع المكتب الهندسيّ والمقاول للبدء في الحَفر في مطلع عام 2017م، وفي أثناء ذلك كُنا نُصلي وندرس الكتاب في اجتماعنا الأسبوعيّ وكنت من البداية أصلي معهم أن يتقدمنا الرّب ويفتح لنا الأبواب في كل الاجراءات السّابقة وكنت أؤمن أنّه يقودنا ويسدد احتياجاتنا وسيكمل معنا عمله إلى النّهاية. وبالفعل بدأنا في بناء الكنيسة مع بداية عام 2017م بحفر الأرض وكانت هذه الخطوة جبارة ومليئة بالتّحديات لا شك! واحتفلنا معًا -نحن شعب الكنيسة- بهذه الخطوة. الحفر ثم الخرسانة العادية، فالأساسات الخرسانيّة، ثمّ الأعمدة فالسّقف الأوّل، ثمّ استكمال الأعمدة على ارتفاع 9م من أرضية الكنيسة، ثمّ السّقف النّهائيّ على مساحة 300م2، هي مساحة مبنى الكنيسة من إجمالي مساحة 1000م2 المخصصة لبناء الكنيسة بحسب الاشتراطات البنائيّة.
مراحل عدَّة تطلّبت منا وقتًا وجهدًا ومالًا دبّره لنا الرّب بطُرق عجيبة ومعجزيّة لم نكن نتوقعها، لكنّنا كنا نثق فيه ونتكل عليه ونعلن إيماننا أنّه هو الذي سيدبر الأمر ليبني البيت فيتمجد ويرضى (يُسَرْ). وانتهينا مع نهاية 2019 من بناء مبنى الكنيسة وأيضًا من السّور الخارجي حول القطعة المُخصصة لنا وبارتفاع 4م، وما زال العمل جارٍ على قدم وساق في التّشطيبات الدّاخليّة لكي نستطيع افتتاح الكنيسة وممارسة شعائر العبادة فيها. كان على أن أتنقل بالمواصلات العامّة ذهابًا وعودة. وهذا يستلزم وقتًا وجهدًا ومالًا، الأمر الذي استلزم مني الانتقال بين أربع مواصلات مختلفة ذهابًا وعودة إلى بيتي إلى أسرتي. وكانت الرِّحلة إلى مكان خدمتي بالشّروق يستغرق ساعتين ذهابًا ومثلهم في العودة!
لا تتعجب إن أخبرتك أنني حتى تاريخه أفعل هذا الأمر في ذهابي وعودتي لمكان خدمتي بالمدينة الجديدة لعدّة مرّات أسبوعيًّا ، وصلت في بعض الفترات إلى خمسة أيام أسبوعيًّا لكنني إذ أرى كل ما فعله الرّب معنا في رحلة زرع وتأسيس الكنيسة في الشروق أتهلّل وأفرح رغم كل هذا العناء والمشقة. وإذ أرى الكنيسة تنمو يومًا بعد يوم أفرح وأنسى المشقة وكمياه عبرت أذكرها. الرّب صالح.
البداية
بدأت الذهاب لاستكشاف المنطقة والمدينة، عدّة مرّات. والتركيز على الصّلاة في البداية وطلب وجه الرّب ليضع رؤية في قلبي ويشجعني تجاه هذا الأمر، فزرع وتأسيس كنيسة ليس بالأمر الهين، فلا توجد موارد، لا بشريَّة، ولا ماليَّة، ولا إمكانيات، ولا أدوات مُساعدة إلّا القليل جدًا. علمت من مجمعي أنّ لدينا أرضًا مُخصصة في المدينة لكن لا نعرف مكانها تحديدًا فتحركت في زيارات ميدانيَّة لمنطقة الخدمة (الصّحراء) المُخصص لنا فيها أرض في الحي الأوّل شرق المدينة وكنت أصل إلى هناك بصعوبة ولم تكن قطعة الأرض التي تم تخصيصها من الدّولة لبناء كنيسه لنا قد تحددت بعد من قِبَل جهاز المدينة وكنت أقضي أوقاتًا في الصّلاة في القطعة المجاورة لها، ظنًّا منى أنها الأرض خاصتنا، وفيما بعد شكرت الله الذي قادني للصّلاة في كل هذه الأرض ليباركها ويبارك المدينة كلها كما كنت أصلي ومثلما كانت صلاتي. ولا يسعنا إلّا أن نقدم السّجود والحمد للرب الذي أعاننا ويعيننا وسوف يُعيننا لاستكمال بناء بيته في الشّروق.
الدّروس
زرع الكنائس وتأسيسها يستلزم رؤية واضحة، تكريس ، إيمان وثقه في الرب الذي يفتح الأبواب ويقود ويعتني، شجاعة، ومسؤوليّة اتخاذ القرارات الصحيحة في وقتها، وكذلك المثابرة في الصّلاة والعمل والاستمراريّة رغم كل الظروف أو التّحديات التي يمكن أن تقابلنا. بدأنا بالفعل نُصلي في بيت الرّب في الشّروق لعدّة شهور، حتّى طلب منا الأمن التّوقف عن التّجمع داخل الكنيسة إلى حين الانتهاء من تتميم كافة الإجراءات الأمنيّة والحماية المدنيّة الخاصّة بالكنيسة، ونشكر الله أنَّنا انتهينا بالفعل من إجراءات الحماية المدنيّة كافة، ونستكمل الآن باقي المتطلبات الأمنية الأخرى لإعادة فتح الكنيسة مرة أخرى للعبادة، وبعدها مباشرة سيتم تنظيم الكنيسة والتي وصل عدد المترددين عليها حتّى الآن إلى ما يقرب من 70 فردًا، ينتظرون عودة العبادة بشكل دائم في كنيستهم، صلوا من أجلنا ومن أجل استكمال أعمال التّشطيبات الدّاخليّة والتي أنجزنا فيها حتى الآن ما يقرب من 80٪ منها.
مجدًا للرّب
«صَغيرٌ أنا عن جميعِ ألطافِكَ وجميعِ الأمانَةِ الّتي صَنَعتَ إلَى عَبدِكَ. فإنّي بعَصايَ عَبَرتُ هذا الأُردُنَّ، والآنَ قد صِرتُ جَيشَينِ.» (تكوين 10:32)
الشكر
أشكر من كل قلبي، كل من دعمنا ماديًا ومعنويًّا، أشكر شعب كنيسة الشّروق الذين لولا صلاتهم لما اكتمل هذا العمل، وأشكر كل صاحب بيت فتحه لنا لنجتمع فيه معًا -جسد المسيح، وأشكر كل من تعب في أمور بناء هذه الكنيسة فالله الذي لا ينسى تعب المحبة قادر أن يعوض الجميع. «اذكُرْ لي يا إلهي للخَيرِ كُلَّ ما عَمِلتُ لهذا الشَّعبِ.» (نحميا 19:5) «اذكُرني يا إلهي مِنْ أجلِ هذا، ولا تمحُ حَسَناتي الّتي عَمِلتُها نَحوَ بَيتِ إلهي ونَحوَ شَعائرِهِ.» (نحميا 14:13)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى