تعليق على الأحداث
الهدى أكتوبر 2007
الكاتب القس فكري رجائي
تتسارع الأحداث وتتلاحق الأخبار وتحمل لنا وسائل الإعلام جديداً في كل ساعة، بل إن شئت فقل كل ثانية. ومن بين المئات من الأحداث اخترت النزر اليسير لأبدي رأياً شخصياً، فحتى ولو اختلفت معي، عزيزي القارئ، فما أكتبه ما هو إلا مجرد رأي يحتمل الصواب كما يحتمل الخطأ !!
الموقف المخزي
فاجأتنا الكنيسة علي عكس تاريخها المكتوب والذي تحاول دائما تعليمه للشعب، إن الكنيسة حامية الإيمان وهذا حق ولكن اليوم نجد ماأسميه بالموقف المخزي حيث تنصلت الكنيسة من مسئوليتين:
أولاً: حماية أولادها: وهذا ما نراه بالهروب من المسئولية الروحية والقانونية مع الطفلين الذين اسلم والدهما، فلازال الطفلان في مرحلة الحضانة القانونية للأم وحتى اليوم لايوجد نص يمنع الحضانة للأم بسبب الدين وكان علي الكنيسة اذا لم تتحرك عليها ان تصمت وتترك الأمر لرجال القانون للبحث في أحقية الأم من عدمه، وإذا أرادت الكنيسة أن تكون أماً فنرجو أن تكون أماً تُضحي ولا تكون أماً تأكل أولادها.
ثانيًا: قبول جدد: عندما أعلن أحد الاشخاص إيمانه بالمسيح أمام العامة، ويعتبر هذا الإعلان بكل المقاييس طفرة في الإعلام ومدى قدرة المجتمع على استقبال هذا الاتجاه سلبا وايجاباً، وهنا بدأت الأقلام بالتعبير غضباً أو تعاطفاً مع الموقف، واذ بنا نرى للمرة الثانية الكنيسة تتبرأ من دورها الحقيقي والخاص بتوضيح قوة وعمل المسيح الذي قال: “وإن ارتفعت عن الأرض أجذب إليَّ الجميع، وكان على الكنيسة الصمت بدلاً من استغلال الموقف للهجوم علي الآخر، لذا ارجو من قادة الكنيسة دراسة تاريخها من جديد والبحث لها عن نماذج مشرفة من تاريخها تتعلم منها وتسلك في نهجها. لكن موقف من يذهب فليذهب ومن يريد المجئ لا نعرفه، فهذا يتعارض بكل المقاييس مع الحق الكتابي وطبيعة الكنيسة ورسالتها في هذا العالم.
ممكن نعيش من غير كورة
بدأ الدوري المصري وقد صرفت الملايين لانتقال اللاعبين من نادٍ إلى آخر، واذا حاولنا تصنيف اللاعبين على المستوي الدولي ومن الخبرة السابقة نجد أن الغالبية العظمي منهم لم يعرفوا الاحتراف ولا حياة المحترفين ولكن الصراع بين الأندية صعد هذا الأمر حتى أصبحنا نقرأ عن أجور ومكافأت تفوق الخيال، واذا نظرنا إلى مرتبات المدربين نشعر بالغرابة من أن هذه المرتبات في بلادنا الغنية جداً!!، وأشعر بالحسرة علي اساتذة الجامعة والمثقفين وأصحاب المهارات الدراسية والعقلية أمام أصحاب الأقدام الذهبية. وهنا أناشد رجال الاعمال بدلاً من التركيز علي الكرة واللاعبين العودة مرة أخرى للتوازن في التركيز على احتياجات المجتمع الحقيقية، وادعوهم إلى ترك المدينة بكل الصخب والأضواء وليذهبوا إلى القرى والنجوع لبناء مدرسة أو وحدة صحية أو مساكن ايواء لمن لا مسكن لهم، ووأيضاً لإقامة مشروع تبني الموهوبين في الرياضة والفيزياء والطب ومجالات العلوم المختلفة التي يمكن ان تاخذ المجتمع الي التنافس العلمي والتكنولوجي .. وممكن نعيش من غير كورة.
أزمة ذوق: بحبك
إن ما يمر به المجتمع في كل مجال من المجالات العامة والخاصة، يمثل بكل المقاييس أزمة ذوق وتسطيح للفكر المصري والهروب من المواجهة الحقيقية لأمراض المجتمع والقضايا الحقيقية له، واذ استمعنا إلى الأغاني التي تغني في الأسواق والأفراح وأنواع المواصلات العامة، فسوف نتأكد من مدى التدهور ليس على مستوى اللحن بل على مستوى الكلمات التي تعبر عن الفراغ الفكري واللغوي وانحطاط في الذوق الفني، فكم من كلمات وأغان هابطة والكل يسمع ويغني ويرقص، بعد أن كانت الأغنية السائدة في المجتمع هي الأغنية الراقية سواء في الكلمات أو اللحن، ومن المؤكد أن هناك في ذات الوقت أغان ضعيفة وربما هابطة، أما اليوم فنجد انحساراً في الأغنية الراقية مقابل انتشار الأغنية الهابطة، وما أكثرها.
ونحن في احتياج إلى توعية ثقافية وأدبية لتنمية التذوق الفني والذوق في الآداب العامة، وهنا نصرخ هل للكنيسة دور لوقف هذا التدهور الأدبي والأخلاقي أم إنها صارت مثل العالم، وهل تقدم الكنيسة نموذجاً راقياً في ترانيمها وألحانها.
إنني أدعو الكنيسة إلى توسيع خطابها العام للتوعية الأدبية والثقافية وأن تقف بكل يقظة لكي تكون في هذا الوقت المرسي للمجتمع عندما يبحث عن التمييز والقيم والمثل.
راحة السيد الرئيس:
في بلاد العالم المتقدمة شخصية الرئيس شخصية عامة، وبالتالي لا ينطبق عليها قانون الخصوصية. فكل تحركات الرئيس وزياراته وراحته والصحة العامة له، أمر لا يخص الرئيس وحده بل يخص الشعب، ومن هذا المبدا نسأل: أين البيان الصادر من رئاسة الجمهورية الذي يوضح حالة الرئيس وسبب تغيبه؟. وهل هو فعلاً مريض أم في إجازة؟ وماذا فعلت أجهزة الرئاسة تجاه هذا الأمر؟، فبغض النظر عن المواقف السياسية الحزبية إلا أن سلامة الوطن وأمنه قضية لا تقبل الجدل أو القسمة على اثنين، فكل موقع له امتيازاته ومسئولياته أيضاً. وبرغم ظهور الرئيس في أماكن متفرقة إلا أن هذا لم ينفِ بعض الشائعات الخاصة بسلامته الأمنية والتي لم نسمع عنها تأكيداً أو تكذيباً حتى ظهر الرئيس في أنشطته اليومية في التلفزيون.
حاضر ومحاضر
تعودنا عبر تاريخ كنائسنا أن نسمع عما يسمى بالنظام العام الذي يحكم كنائسنا والدستور والقيم الكتابية، فكان الحق الكتابي المعاش والتقوى الشخصية هما خط الدفاع الأول للكل، ولم يكن أحد علي استعداد أن يسئ إلى الآخر لأن هناك إله يصلى له ويقدم له حساب عن حياته ومائدة سوف يتحد بها مع أخيه، والخط الثاني الذي كان يحكمنا هو الإطار الأدبي والأخلاقي للكافة فكان ولازال لدى الكثيرين حدود في التعامل مع الآخر في الكنيسة وكان الكبير له احترامه والراعي له وقاره والعضو عليه الالتزام الذي يعيش به وسط الجماعة، أما الخط الثالث الذي يحكمنا هو الدستور بكل الضوابط العقائدية والتأديبة والعلاقات داخل الكنيسة، والإطار الأخير الذي كان يحكمنا هو المصلحة العامة للكنيسة والرسالة التي تحملها للمجتمع، فكم من قيادات وأسماء ضخمة في كنائس عندما شعرت أن هناك وجهة نظر لها سوف تحدث بلبله وانقساماً كانوا يتنازلون عن آرائهم حرصاً على وحدة الكنيسة ورسالتها الداخلية والرسالة للمجتمع الذي تعيش فيه.
واليوم وبكل اسف بعد ان كانت كلمة حاضر هي التي تحكمنا وبعد أن سقطت المبادئ والإطارات واحد بعد الآخر، لم يعد أمامنا غير المحاضر، وغداً ماذا يكون؟