خميس العهد
خميس العهد .. حدِّد موقفك
“وَكَانَتْ بَيْنَهُمْ أَيْضًا مُشَاجَرَةٌ مَنْ مِنْهُمْ يُظَنُّ أَنَّهُ يَكُونُ أَكْبَرَ. فَقَالَ لَهُمْ: «مُلُوكُ الأُمَمِ يَسُودُونَهُمْ، وَالْمُتَسَلِّطُونَ عَلَيْهِمْ يُدْعَوْنَ مُحْسِنِينَ. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَيْسَ هكَذَا، بَلِ الْكَبِيرُ فِيكُمْ لِيَكُنْ كَالأَصْغَرِ، وَالْمُتَقَدِّمُ كَالْخَادِمِ. لأَنْ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ: أَلَّذِي يَتَّكِئُ أَمِ الَّذِي يَخْدُمُ؟ أَلَيْسَ الَّذِي يَتَّكِئُ؟ وَلكِنِّي أَنَا بَيْنَكُمْ كَالَّذِي يَخْدُمُ.” (لوقا22: 24 – 27)
ليلة المسيح الأخيرة قبل الصليب، هي أقدس ليلة، سنّ فيها أقدس سر ‘‘العشاء الرباني’’، وقدَّم أعظم حديث لتلاميذه، وصلى أهم صلاة. إلا أننا نلحظ باندهاش المواقف المتناقضة، أركِّز على موقفين: “التناقض بين موقف التلاميذ وموقف المسيح”.
حدثت بين التلاميذ مُشَاجَرَةٌ!! لأنهم كانوا ينتظرون مسيا سياسيًا ، وهكذا توقعوا أن يأخذوا هم المناصب الأولى. وكلُّ واحد منهم رأى نفسه الأفضل والأحق من غيره بالسيادة والسلطة.
في كل بيت يهودي ثري، أيام المسيح، كنت تجد عبدًا عند مدخل البيت متزرًا بمنشفة وبيده مغسل، ليغسل أرجل الضيوف ويمسحها بالمنشفة. إلا أنه في وليمة المسيح وتلاميذه لم يكن هناك عبدٌ يقوم بهذه المهمة الوضيعة، ولأن التلاميذ رأوا في أنفسهم أسيادًا، لذلك رفضوا أن يقوموا بدور العبد. وتشاجروا ‘‘مَنْ مِنْهُمْ يُظَنُّ أَنَّهُ يَكُونُ أَكْبَرَ’’ . هنا نجد موقف المسيح (يوحنا13: 1- 6).
كان المسيح يعلم هُويته الإلهية ‘‘أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَرَجَ، وَإِلَى اللهِ يَمْضِي’’. وسلطانه الإلهي ‘‘أَنَّ الآبَ قَدْ دَفَعَ كُلَّ شَيْءٍ إِلَى يَدَيْهِ’’. ومجده الإلهي ‘‘أَنَّ سَاعَتَهُ قَدْ جَاءَتْ لِيَنْتَقِلَ مِنْ هذَا الْعَالَمِ إِلَى الآبِ’’. لكنه تواضع وقام بأكثر الأعمال تواضعًا. لقد عرف أنه سيد الكل لكنه غسل أرجل تلاميذه. وبعدما عَمِلَ عَلَّم (إقرأ يو13: 12- 17). وهو اليوم يتحداني ويتحداك: حدِّد موقفك.
التناقض بين موقف ملخس وبطرس وموقف المسيح (إقرأ يو18: 10- 11).
جاء الخائن يهوذا مع جمع ليلقوا القبض على المسيح. وكان خدام رئيس الكهنة في المقدمة، واحد منهم اسمه ملخس. همَّ بفظاظة للقبض على يسوع. كان دافعه هو فتوى السنهدريم ، أن المسيح متمرد على الرومان ويريد إسقاط النظام، كما أن المسيح مُجدِّف، إذ ساوى نفسه بالله. ولمّا اقتنع العبدُ ملخس بالفتوى إمتلأ قلبه عداوة وغضب، إذًا فليمُت المسيح.
تسرّع بطرس للدفاع عن يسوع، وبطريقة عنيفة قطع أذن ملخس. فقد كان موقف ملخس عدوانيًا إرهابيًا، وكان موقف بطرس جاهلًا. إلا أن موقف المسيح هو موقف النعمة الشافيه، فهو يشفي ملخس رغم عداوته. يا لها من نعمة مذهلة!