وجهة نظر

آفات المجتمعات

الهدى 1211                                                                                                                               يوليو 2019

في جريدة «المصري اليوم» كتب الكاتب الكبير الأستاذ وحيد حامد مقالاً في 15/2/2015 بعنوان «الآفات الأربع» وسأضع عزيزي القارئ بين يديك ملخصاً بتصرف لهذا المقال لنري ما يثيره لنا من أفكار نحو مجتمعاتنا الكنسية.

يبدأ الكاتب بالآفة الأولي فيقول (الغباء هو عدم الفهم والإمتناع عن إعمال العقل الذي يتم استخدامه حيث التفكير والتدبير. قالوا في الأمثال «السرج المذهب لا يجعل الحمار حصاناً» وما أكثر الحمير في هذا البلد الذين وضِعَت على ظهورهم سروج من ذهب فظنوا أنفسهم من أعظم سلالات الخيول وأخذوا مكانة لا يستحقونها ومسؤولية لا يقدرون عليها وتم تكليفهم بمهام لا تتفق مع إمكاناتهم المحدودة ومتواجدون في مختلف المواقع المهمة والحساسة. فكانت النتيجة فوضي عارمة. فالمصائب التي يجلبها الأغبياء إلى أوطانهم تتساوي أحياناَ مع مصائب الحروب والكوارث الطبيعية. والسؤال الحتمي الأن: هل تُنزع السروج الذهبية من على أظهر الحمير؟
ثم الخوف وهو السبب الأول والأساسي للفشل في العمل وهو شعور إنساني جالب للقلق والتوتر والإزعاج، فعندما يستولي على الفرد او الجماعة فإنه يُحطم الهمة التي في داخلهم ويُسقِط العزيمة ويزرع الجبن ويدفع إلى التراجع وعدم الإقدام. والخوف نوعان، الأول هو الخوف من أشياء حقيقية مثل وجود عدو ظاهر مُعلن والثاني هو الخوف من أشياء غير موجودة لكن إحتمال وجودها وارد مثل إنقطاع الكهرباء والإنسان داخل المصعد وهذا يسمي «رهاب». والناس على اختلاف نوعياتها .. حكامًا ومحكومين لا تطمئن إلى مستقبلها وتنظر إلي الغد في حيرة و توتر لأنها تأمل في الأمن ولا تراه … تنشد الأمل ولكنها تحصد الإحباط .. تنتظر الحسم ولا تجده. إلا أن العقلاء يدركون أن الخوف من الشئ يوقعنا في الأسوأ وثالثًا «الفساد» كاتبنا الكبير نجيب محفوظ له جملة قصيرة كأنها طلقة رصاصة «إننا نستنشق الفساد فكيف نأمل أن يخرج من المستنقع أمل حقيقي لنا» والتعريف الإنجليزي للفساد «أنه انحراف وتدمير للنزاهة في أداء الوظائف العامة من خلال الرشوة والمحاباه والمجاملة». فأنه بذلك يعني إساءة استخدام السلطة لأغراض غير مشروعة لتحقيق مصالح شخصية في المقام الأول والفساد يعطي الحق لغير صاحبه ويُسَهِل كل أنواع الجرائم ويعمل على نشر كل الرذائل. وحيث أن لكل داء دواء فيبدو ان دواء الفساد ممنوعاً من التداول في العديد من الجهات في بلادنا أو يتم حظره لأننا كثيراً ما نري بعض المسؤولين عن مكافحة الفساد هم أصلاً من الفاسدين الكبار، وثقافة الفساد وفلسفته تفرضان على الفاسدين التعاون وتبادل المصالح بحيث يتعاون الفاسد في مجال ما مع الفاسد في مجال أخر ليتحول الأمر إلى شبكة عنكبوتية سوداء.
وأخيراً العناد وهو التصلب في الرأي والاستمرار فيه بغض النظر كان خطأ أم صواب وهو نادراً ما يصيب أهل الصواب لأنهم يفكرون ويُعمِلون عقولهم. وهو أيضاً الرفض السلبي المستمر لأراء وأفكار الأخرين بشكلٍ دائم ومتكرر ويكون فيه خروج على القيم والمبادئ والأعراف والعناد السلبي يقف حائلاَ ضد تصحيح أي مسار خاطئ). إنتهى المقال.
والأن عزيزي القارئ بعد أن طالعت هذا التشخيص الدقيق من الكاتب الكبير الأستاذ وحيد حامد لأخطر آفات المجتمع .. أثق أنك قد استوعبت تماماً المعاني والأبعاد المختلفة لهذه الآفات لنشترك معًا في التفكير الجاد والعميق في روح الاتضاع والصلاة وإدراك المسؤولية للوصول إلى إجابات أمينة للأسئلة الأتية:
هل تسربت هذه الأفات، كلها أو بعضها، إلى مجتمعاتنا الكنسية على اختلاف مستوياتها؟؟ وإذا كان لها نصيب فترى لماذا عجزت أجهزة المناعة الداخلية لدينا في منعها من التسلل إلينا؟؟
وإذا حقاَ هي موجودة لدينا ولو بنسب متفاوتة فهل ندرك ونعي ونقر بذلك؟؟ أم أننا نسير في رحلة البحث عن شماعات لتبرير الأخطاء؟!
هل لدينا خطة علاج لما هو موجود تحول دون نموه واستمراره؟؟ بل إستئصاله تماماً؟؟
هل لدينا خطة لتقوية جهاز المناعة في مجتمعاتنا الكنسية حتى لا تتسرب إلينا هذه الأفات أو غيرها مرة أخرى بعد تنفيذ خطة العلاج؟؟

القس محسن منير

قس إنجيلي بالكنيسة الإنجيلية المشيخية الراعي الأسبق للكنيسة الإنجيلية الأولى في أسيوط الأمين العام الأسبق لمجلس المؤسسات التعليمية في سنودس النيل باحث وكاتب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى