أخطاء وسائل التواصل الاجتماعي، وكيف تعاملت الكنيسة الأولى مع المتلقين؟
الهدى 1232 يونيو 2021
قال هنري وادزورث لونغفيلو «تصحيح الخطأ يأخذ منك وقتاً أقل من حديثك لكل شخص عن سبب ارتكابه.» فمن المحتمل أننا سمعنا بالفعل أن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تكون وسيلة فعالة للخدمة، وهذا يصعب تحقيقه إن لم نتحاشَ الأخطاء المعتادة لبعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي:
1.النشر بدون استراتيجية
يشارك كثير من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي أجزاء من الكتاب المقدس وتأملات واختبارات مختلفة، بدون استراتيجية واضحة وبصورة عشوائية مما يشتت المتلقي، بينما بدأت الكنيسة نشر رسالتها باستراتيجية واضحة منطلقة من الأساس (2كورنثوس 13:4)، محددة الأهداف (متى 20:28، أعمال 8:1)، واضع في الاعتبار المعايير التي وضعها المسيح (متى 5:10-42، أعمال 18:20- 35)، لم يكن نشر الرسالة بصورة عشوائية بل قاد الرب فيلبس للتحرك لغزة (أعمال 29:8)، بينما منع الروح القدس بولس من الخدمة في آسيا (أعمال 6:16)، لم تكن رسالة بدون دراسة بل كان يقنع الرسول بولس محاجًا اليهود بالكتب (أعمال 43:13، 4:18)، كان الرسول بولس يتابع الخدمة ويشدد الكنائس (أعمال 41:15)، وكان هناك تقييم واضح للخدمة ومدى تأثيرها في سامعيه (مرقس 30:6)، دعونا نتعلّم كيف نضع استراتيجية واضحة لما ننشره على وسائل التواصل الاجتماعي حتى يكون آداة فعالة في ملكوت الله وليس أداة معثرة.
2.نشر نفس الشئ على كل شبكة اجتماعية
اعتاد كثير من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي نشر نفس الفكر أو المنشور على كل وسائل التواصل الاجتماعي، دون وضع في الاعتبار أن لكل نافذة منهم ما يميزها من مستخدمين وأغراض تختلف عن الأخرى، لقد كان المسيح يميز في نشر رسالته بين المستمعين، فلقد استخدم مثل الزارع لأنه كان يتكلم إلى مزارعين، واستخدم مثل الشبكة والبحر لأنه كان يوجه كلامه لصيادي سمك، ويظهر هذا جليًا في تنوع تناول البشيرين لأحداث حياة يسوع على الأرض طبقًا لتنوع المتلقين سواء من اليهود أو الرومان أو اليونانيين،…، علينا أن نتفهم طبيعة مستخدمى كل وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي وأن يكون المضمون الذي نقدمه على كل وسيلة يختلف عن الأخرى، مما يؤدي إلى اكتساب ثقة المتلقين ويمنع تثبيط الاستهلاك السلبي للمعلومات وتفقد تأثيرها مع الوقت.
3.اهمال التفاعلات أو المشاركات
إن إهمال تفاعلات الآخرين ومشاركتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، وعدم النشر بصورة متوازنة إن لم تكن محددة بزمن، فإن هذا يضعف المتابعة لما تقدمه، ويقلل من تأثيره في نشر الرسالة، بينما اهتم المسيح والكنيسة الأولى بتعليمنا أهمية التفاعل المستمر مع احتياجات وأسئلة المتلقين، فلقد كان المسيح قريبًا من الناس حتى أن العشارين وكان الخطاة يدنون منه لأنه يسمعهم ويهتم بما يقولوه، كان يجول يصنع خيرًا ويقدم إجابات لأسئلتهم بأكثر من طريقة (لوقا 18:18-22)، وكان الرسول بولس يصرف زمانًا مع كل كنيسة ليتفاعل معهم ويثبتهم (أعمال 30:28، 23:18)، فينبغي أن نفرغ وقتًا لمتابعة تفاعلات ومشاركات الأخرين على ما ننشره من رسالة.
4.غياب الموضوعية فيما انشره
إن جزءً مهمًا يغفله كثيرون من مستخدمى وسائل التواصل الاجتماعي لما ينشروه، هو عدم التمييز بين ما هو شخصى أو ما هو موضوعي، هذا يشتت المتلقين في أمور جانبية بعيدًا عن مضمون الرسالة، خصوصًا أن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي يتنوعون في الميول والثقافات، وغياب الموضوعية يفقدهم كثير من متابعيهم، بينما نتعلَّم من الكنيسة الأولى تركيزها على تقديم الرسالة دون تعصب أو رفض الأخر ودون الاخلال بالمضمون (1كورنثوس 12:1-13، يوحنا 20:4-23).
5.اهمال الأحداث الجارية والثقافات الشعبية
إن جزءً من التأثير المطلوب للوصول بخدمتك إلى الهدف المنشود مرتبط بالتفاعل مع الأحداث الجارية للمتلقين وثقافاتهم الشعبية وكيفية تفهمهم للأحداث، فإن اهمال ذلك يعيق مع الوقت، نجاح الخدمة أو الرسالة المقدمة، بينما كانت الكنيسة الأولى لا تهمل في تقديمها للرسالة الأحداث الجارية والثقافة الشعبية ونرى ذلك بوضوح في رسالة الرسول بولس إلى المتلقين في ساحة آريوس باغوس وهو لم يستخدم في رسالته آيات من العهد القديم، أو مصطلحات يفهمها المسيحيون آنذاك بل استخدم ما كان يمارسونه وهو السجود لإله مجهول (أعمال 23:17) كمدخل لتقديم الرسالة، واستخدم قصائدهم الشعرية (أعمال 28:17) كأحد الوسائل في شرح رسالته، كما أن معمودية المسيح من يوحنا كانت صورة من صور التفاعل مع الأحداث الجارية في كل اليهودية.
6.غياب الدور العملي للمضمون:
هل أنت مجرد صفحة فيس بوك مثيرة للاهتمام يجب متابعتها، أم أنك تهدف من خلال رسالتك أن تقود المتلقين أن يتغيروا ويأخذوا خطوات إيجابية وعملية في حياتهم، إنّ كثيرين من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي يهملون هذا الجانب مما يفقد تأثيرهم بمرور الوقت ولا تحقق الرسالة غايتها، بينما نرى في الكنيسة الأولى كيف قدم أكيلا وبريسكلا الرسالة لأبلوس، ليس في صورة نظرية، تقتصر على أن يكون مجرد متلقي وتابع، لكن كانت تحمل الرسالة في طياتها أن يكون المتلقي شريكًا فاعلًا في ملكوت الله، نحتاج ونحن نقدم الرسالة أن نقدم أيضًا الدور العملي الذي يمكن أن يقوم به المتلقى حتى يتغير وينمو حتى يصبح فاعلًا في ملكوت الله.