فنون

الخواجة عبدالقادر … ميديا الخيال وراحة المشاهد

الهدى 1217                                                                                                                                      يناير 2020

الخواجة عبد القادر، مسلسل مصري من بطولة يحيى الفخراني، أنتج في عام ٢٠١٢، وعرض لأول مرة في شهر رمضان للعام نفسه، من تأليف عبد الرحيم كمال، من إخراج شادي الفخراني.

جدير بالذكر إنه هناك نوعان من ميديا الخيال Fantasy، أو الخيال العلمي أو أفلام الوهم Fiction في هذا المضمار. الأولي، أي أفلام الخيال Fantasy، تقدم أحداث تَصَوُّرية في صورة قصة أو ملحمة روائية، فيها ربط بالواقع، أي أن هناك أناس، ومجتمعات، وعادات وتقاليد تبدو حقيقية. أم الثانية، أي أفلام الوهم Fiction، فليست لها أي شيء يتعلق بالواقع أو الحقيقة، مثل أفلام Avatar، Pirates of the Caribbean، Ratatouille، كذلك أغلب أفلام الكارتون لديزني، وغيرها. هذه القصص كل شخصياتها وأحداثها غير حقيقية.
يقع مسلسل الخواجا عبد القادر من النوع الأول، ميديا الخيال Fantasy، فالشخصيات والأحداث تبدو حقيقية، أما كون القصة حقيقية أم لا، ففي الغالب غير حقيقية بأحداثها التاريخية، لكن بها حقيقة لا نعرف كنهها. أما الجمهور فيستمتع بها أيما استمتاع، لماذا؟ لأنها تقدم أحداثًا لأمور يعاني منها الكثير، حيث يجد لها المشاهد حلولًا في ميديا الخيال، فيشعر براحة نفسية بعد مشاهدتها.
قصة المسلسل
مسلسل الخواجة عبد القادر يدور في إطار صوفي خيالي، يؤكد على علاقة الحب بالله سبحانه، فهي تقدم الراحة، والحلول للمشاكل المستعصية كالاكتئاب وغيرها من مشاكل الحياة.
تدور أحداث المسلسل بالتناوب بين فترتين من الزمن، الأولى خلال الحرب العالمية الثانية والتي تتناول قصة (هربرت دوبرفيلد) وهو رجل إنجليزي سكير يعمل مع شركة إنجليزية في مصر. هربرت لديه نزعة انتحارية حيث لا يرى طائلًا من استمراره في الحياة وينتظر الموت أن يأتيه، حيث يقبل عقاب الشركة في نقله للسودان برحابة، فقد يُسرع هذا النقل بوفاته. يسافر هربرت إلى السودان ليعمل في محجر، ليجد من حسن المعاملة وطيبة النفوس هناك ما يعيد له الأمل في الحياة والرغبة فيها حتى يعتنق الإسلام على يدي شيخ سوداني زاهد اسمه (عبد القادر) فيتسمى باسمه قبل أن ينتقل إلى صعيد مصر. تتغير وجهة نظر هربرت تجاه الحياة، بعد أن تعرف على الشيخ عبد القادر، ويخرج رويدًا من حالة الاكتئاب التي كانت تلازمه بعد أن يتعرف على الله ويدخل معه في علاقة حب نتيجة تعليم الشيخ عبد القادر وتتغير حياته تمامًا، ثم يختار لنفسه اسمًا جديدًا «عبد القادر»، ليكون اسمه من قبل الناس «الخواجا عبد القادر». تأتي أول النِعَم فيكتشف مدير الشركة إخلاصه ومهارته في العمل؛ ومن ثم ينتقل لصعيد مصر.
الفترة الثانية تتناول السنوات الأخيرة من القرن العشرين، وفيها تسرد قصة (هربرت دوبرفيلد) أو (الخواجة عبد القادر) بعد اعتناقه للدين الإسلامي بعقيدة صوفية. في الصعيد يلتقي الخواجا عبد القادر بـ(كمال) الصغير فتنشأ علاقة قوية بينهما، حيث يقنعه الخواجا بالعودة للمدرسة التي تركها ليُكمل تعليمه، وفي المقابل يعلمه كمال اللغة العربية والشعر وتلاوة القرآن.
تدور الأحداث المستقبلية حول أسرة كمال الذي يصير رجلًا تقيًا وواعظًا، وأسرة العمدة وتأثير قصة الخواجة عليها وعلى القرية بأسرها، الخواجة الذي صار من أهل الله وصار أهلها يعتبرونه من أولياء الله الصالحين. أما العمدة الذي يفتخر أنه هو «ملك القرية»، سواء وُجد ملك، في مصر، أو احتلال إنجليزي، أو رئيس جمهورية، فكل ذلك لا يهم، فهو وعائلته، كانوا ومازالوا، هم ملوك القرية على الدوام.
حاول مجموعة من السلفيون هدم أحد المقامات والذي يطلق عليه مقام (الخواجة عبد القادر) فيتصدى لهم (كمال) محاولًا إقناعهم بالعدول عن الأمر، ساردًا لهم قصة الخواجة عبد القادر وما لاقاه بعد الحرب العالمية الثانية عندما قُتل شقيقه في الحرب مما أثر ذلك على نفسية الخواجة عبد القادر؛ الذي كان اسمه وقتئذ هربرت دوبرفيلد، وسعى للتخلص من نفسه بشتى الطرق واستسلم للخمر، حتى تتغير حياته تمامًا ويصير من الصالحين.
الصراع والحل:
يدور الصراع في الجزء الأول بين الخواجا عبد القادر، وعمدة القرية الغني، عبد الظاهر، لنشاهد أحداثًا فيها تضاد بين طيبة الخواجا عبد القادر وبساطته، وشر العمدة عبد الظاهر، الذي يرفض زواج أخته «زينب»، من كل من يتقدم لها، متحكمًا فيها كوارثة لثروة طائلة، بقبضة من حديد. وتأتي قمة الصراع حتى نهاية المسلسل في تقدم الشيخ عبد القادر للزواج من زينب، ليسخر منه عبد الظاهر ويقول له، «روح اتغطى ونام يا خواجة»، وفي موقف يثير الشفقة والضحك في نفس الوقت، يذهب الخواجا في اليوم التالي ليقابل عبد القادر سائلًا إياه أن يزوجه زينب، فهو قد «تغطى ونام مثلما قال له»!
أم الجزء الثاني فيعرض بتبادل مع الجزء الأول، ليدور الصراع بين أحد أبناء العمدة عبد الظاهر الذي يصير مثل والده في جشعه وبطشه، كذلك يستمر كوالده في سرقة الآثار والتجارة فيها. ليكون الصراع بين المهندس كمال والعمدة، كلاهما كانا أطفالًا وقت وجود الخواجة، ويعرفانه شخصيًا. الأول كمال، يؤمن به كرجل صالح وبنى له مقامًا في القرية، والثاني يريد هدم مقامه، لأن تحت المقام توجد خبيئة أثرية ثمينة.
ينتهي الصراع الأول بزواج الخواجا بزينب، عندما يسافر عبد الظاهر ليوم واحد، ليأتي ليجد الخواجا قد تزوج زينب بموافقة أخيه الكاره له. حاول عبد الظاهر حرق الزوجان معًا، ليجد أهل القرية أنه لا توجد آثار لجثتيهما، حيث ينقذهم الله بمعجزة ليشاهدا في السودان بعد ذلك، ثم يموت عبد الظاهر في غرفة أخته زينب بعد حالة اكتئاب شديدة.
ينتهي الصراع في الجزء الثاني بفشل العمدة في هدم المقام بنوع آخر من المعجزات، ليسير كمال عائدًا إلى بيته أكثر ايمانًا ببركات الخواجة عبد القادر.
ويصير المشاهد أكثر راحة بالرغم من معرفته أنه خيال، فهو خيال مريح، يساعد على الحياة بأمل في الواقع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى