آراء

العنصرية ليست نغمة مسيحية

الهدى 1223                                                                                                                                 سبتمبر 2020

«لا يولد أحد يكره شخصاً آخر بسبب لون بشرته أوعرقه أو دينه، الناس تتعلم الكراهية، وإذا تمكنوا من تعلم الكراهية، يمكنهم تعلم الحب». نيلسون مانديلا.

العنصرية مشكلة لا يمكننا تجاهلها أو الهروب منها، إنها قضية اليوم، وكانت مشكلة عبر التاريخ، بما في ذلك وقت كتابة الكتاب المقدس.
لماذا تتزايد العنصرية في عالمنا؟
• قال س.اس . لويس: «إذا كان أي شخص يرغب في اكتساب التواضع، أعتقد أنه يمكنني إخباره بالخطوة الأولى. وهي إدراك أن المرء متكبر، إذا كنت تعتقد أنك لست متكبرًا، فهذا يعني أنك متكبرًًا جدًا حقًا» (المسيحية المجردة)، فان أحد الأسباب التي تجعل التمييز العنصري يمثل مشكلة دائمة هو أنه يجتذب جوهر طبيعتنا الخاطئة، كما في جنة عدن، الوعد بأنك، «ستكون مثل الله» (تكوين 3: 5).
• منذ ذلك الحين وحتى الآن، فإن رغبتنا في أن نكون إلهنا هي أصل كل خطايانا، وكما أشار فريدريش نيتشه، فإن «إرادة السلطة» هي الدافع الأساسي للطبيعة البشرية، وأعتقد أن الشيطان يريدنا ألا نعترف بميلنا التمييزي، حتى لا نعترف بها ونتوب عنها.
مفاهيم مغلوطة حاول العنصوريون يبررون مواقفهم بها:
1.ماذا عن «علامة قايين»؟
بعد أن قتل قايين أخاه حكم عليه الله بأن يكون «هاربًا ومتجولًا على الأرض» (تكوين 12:4)، احتج قايين، فرد الله : «إذا قتل أي شخص قايين، يُؤخذ الانتقام منه سبعة أضعاف» (ع 15 أ) ثم، «وضع الرب علامة على قايين لئلا يهاجمه من وجده» (ع ١٥ ب)، فقد زعم البعض إن أولئك الذين كان جلدهم أسود هم أحفاده ولعنهم الله، تم استخدام هذا الادعاء لتبرير استعباد الأفارقة، لاحظ معي:
• الكلمة العبرية المترجمة «علامة» تشير إلى علامة أو رمز مميز، لا يشير ولا مرة واحدة إلى لون البشرة.
• فإنّ «علامة» قايين لا علاقة لها بلون بشرته، و ربما نسل عائلة قايين مات في الطوفان.
2. وماذا عن «لعنة حام»؟
كان حام أحد أبناء نوح الثلاثة، و ولد حام أربعة أبناء: كوش ومصرايم وفوط وكنعان (تكوين 10: 6)، يعتبر حام والد السود، حيث استقر بعض نسله في أفريقيا.
يخبرنا الكتاب المقدس أنه بعد الطوفان، أصبح نوحًا ثملاً (تكوين 21:9)… بعد أن استيقظ نوح، قال: «ملعون كنعان، عبد العبيد يكون لإخوته» (ع 25)، لاحظوا معي:
• أن نوح لعن كنعان وليس حام، وهكذا كانت لعنته غير ذات صلة بأبناء حام الذين استقروا في أفريقيا وأحفادهم.
• لاحظ أيضًا أن لعنة نوح كانت موجهة على وجه التحديد إلى كنعان، دون ذكر ذريته.
• منذ كتابة الشريعة فان اللعنات الكتابية تتحول الى بركة عندما يتوب الناس ويطيعوا وصايا الله (خروج 20: 5 – 6 ).
3. أين كانت النصوص الكتابية من توارث العنصرية عبر الأجيال؟
• كان الأجانب بصفة عامة قديمًا يوظفون عبيدا عند رؤساء وأحرار الشعب الاصيل، وكانت المرأة تعامل معاملة المواطنين من الدرجة الثانية، حتى العبادة كانت رغبة الكثير من اليهود عند دخولهم إلى المسيحية، أن يلزموا الأمم أولًا بالدخول إلى اليهودية، كتمييز بينهم، لاحظ معي:
• عندما يسيء الطبيب استخدام الدواء، فإننا نلوم الطبيب، وليس الطب، وعندما يسيء محام تطبيق القانون، فإننا نلوم المحامي وليس القانون، لذا الذين أساءوا استخدام الكتاب المقدس لتبرير العبودية، يجب أن نلوم العنصريين، وليس كلمة الله.

حقائق كتابية تدحض العنصرية
1. كل البشر جميعاً، خلقنا من الله:
تبدأ القصة البشرية في (تكوين 27:1) «خلق الله الإنسان على صورته، على صورة الله خلقه ؛ ذكر وأنثى خلقهم»، (عبرانيين 2:1) فكل شخص خلق من قبل الله على صورته الإلهية.
2. كلنا ولدنا من نفس الوالدين:
ينحدر كل إنسان من آدم وحواء (تكوين 28:1)، ونتيجة لذلك، «أعطى أدم زوجته اسم حواء، لأنها كانت أم جميع الأحياء» (تكوين 20:3)، كما تظهر أيضًا في (أعمال 26:17).
3. كل شخص له نفس القدر من القيمة في نظر الله:
في الوقت الذي نظر فيه العديد من اليهود الى اليونانيين نظرة نجسة ودونية، فزعم البعض أن الله صنع الأمم، لذلك سيكون هناك «حطب في الجحيم»، كما رفض الكثير حتى النظر إلى الأمم في الأماكن العامة، نجد انه بدلًا من مطالبة المسيحيين بتجاهل التمييز ضد الأمم، قال بولس ضد كل أشكال التمييز العنصري والاجتماعي بجراءة : «لانه لا فرق بين اليهودي واليوناني – لان ربا واحد للجميع غنيا لجميع الذين يدعون به» (رومية 12:10)، كما قال «ليس يهودي ولا يوناني، ليس عبد ولا حر، ليس ذكر وأنثى، لأنكم جميعًا واحد في المسيح يسوع» (غلاطية 28:3)، الله الذي خلقنا جميعًا يحبنا جميعًا، «لا يُظهر الله تحيزاً» (أعمال 34:10-35).
4. كل شخص متاح له الخلاص في المسيح:
• الله يحب كل البشر حتى الخطاة ويريد الجميع أن يؤمنوا بابنه (رومية 5: 8)وأن يرجعوا إلى التوبة وإلى معرفة الحق ولا يرغب في إهلاك أحد منهم (2بطرس 3: 9)، (1تيموثاوس 2: 4)، (رومية 16:1).
• محبة الله المخلصة متاحة للجميع لكل من يقبلها: (رومية 12:10)، (يوحنا 3: 16)، تجعلنا شعبًا واحدًا وجسدا واحدا (أفسس 14:2)، (1كورنثوس 13:12)، والمسيح «هو الكفارة لذنوب العالم كله أيضا» (1يوحنا 2: 2). «لم يميز بيننا (المسيحيين والأمم وكل العرقيات).
5. كل الناس في السماء لهم نفس القيمة:
«بَعْدَ هَذَا نَظَرْتُ وَإِذَا جَمْعٌ كَثِيرٌ لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَعُدَّهُ، مِنْ كُلِّ الأُمَمِ وَالْقَبَائِلِ وَالشُّعُوبِ وَالأَلْسِنَةِ، وَاقِفُونَ أَمَامَ الْعَرْشِ وَأَمَامَ الْحَمَلِ، مُتَسَرْبِلِينَ بِثِيَابٍ بِيضٍ وَفِي أَيْدِيهِمْ سَعَفُ النَّخْلِ 10وَهُمْ يَصْرُخُونَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلِينَ: «الْخَلاَصُ لِإِلَهِنَا الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ «(رؤيا 7: 9).
6. علينا أن نحب جميع الناس دون قيد أو شرط لان العنصرية خطية:
• نرى في (يعقوب 2: 9) يترجم لنا «التحيز أو المحاباة ( التعامل مع شخص على أنك أفضل بطبيعتك منه) هذا التحيز هو «خطية»، فكل شخص على وجه الأرض هو حامل صورة لله، لذا فإن الإيحاء بأن أي مجموعة من الناس تكون بطريقة أو بأخرى أدنى أو أقل من البشر، هي محاولة لتحطيم صورته(متى 5:22)، ايضا العنصرية أو الكراهية هو تناقض تام لطبيعة الله، ويعيق قدرة المرء على معرفة الله(1يوحنا 4: 7-8).
• دعوة الله عبر كل الكتاب المقدس بمحبة الجميع دون تمييز ودون شرط قال الله لشعبه (لاويين 34:19)، (متى 39:22)، (متى 12:7)، ( أعمال 28:10).
الكنيسة الاولى كانت مثالًًا عمليًا لمحاربة العنصرية:
1. نظر المسيحيون الأحرار إلى العبيد على قدم المساواة: ناشد بولس فليمون أن يرى عبده، أنسيمس، «لم يعد خادمًا ولكن أكثر من خادم، كأخ محبوب» (فليمون 16).
2. أعطت كنيسة العهد الجديد لأولئك الذين استُعبدوا عائلةً وبيتًا.
3. لم يكن هناك قائد واحد بالعهد الجديد يمتلك العبيد، على الرغم من امتلاك العديد من الموارد لشرائهم.
ما هو دوري اليوم كجزء من الكنيسة؟
1. فحص أنفسنا: اطلب من الروح القدس أن يظهر لك أي مواقف أو افتراضات غير معلنة تكون تمييزية، اطلب منه أن يكشف لك أي أفكار أو كلمات أو أفعال عنصرية.
2. صل بانتظام: من أجل هذا التمييز، و تب عنه.
3. خذ المبادرة الثقافية:
• الحقيقة هي أنه ما لم يعلم الآباء الأطفال بفاعلية ألا يكونوا عنصريين، فسيكونون كذلك. « هذه هي الطريقة التي تشرح بها جينيفر ريتشيسون (عالمة النفس الاجتماعي).
• عنصر هام لمقاومة التمييز هو تغيير الثقافة»، «عليك تغيير ما هو معتاد في المجتمع. فأنتم «ملح الأرض» و «نور العالم» (متى 5:13، 14)، إذا كان الطعام يفتقر إلى الملح، فإن الخطأ ليس في الطعام، أن «إحدى المآسي الحقيقية اليوم هي أن الكنيسة ككل لم تعزز نور الله وإنصافه وحبه ومبادئه في أرضنا، من أجل أن يكون لها تأثير إيجابي للخير وسط الظلام والخوف والكراهية».
• يجب أن نضع أنت وأنا المعيار في كنائسنا ومجتمعاتنا وعائلاتنا، يجب أن نكون التغيير الذي نريد رؤيته، يجب أن نتخذ خطوات استباقية وإيجابية لنعيش المحبة الشاملة ليسوع.
4. نحتاج فقط أن نتذكر أن قيمتنا لم ترتبط بالدم أو العرق:
«نحن ملتزمون بالمثل المشتركة». ونتيجة لذلك، لن تكون وحدتنا الحقيقية أفقية، بل عموديًا، قال الرئيس بوش: «في أفضل حالاتنا، نحترم صورة الله التي نراها في بعضنا البعض، نحن ندرك أننا إخوة وأخوات، نتشارك نفس اللحظة القصيرة على الأرض ونعطي بعضنا البعض ولاء لإنسانيتنا المشتركة»، وبعبارة أخرى «كلما اقتربنا من الله أبانا، كلما اقتربنا من بعضنا البعض».
5. فهم المعنى الأشمل للمصالحة:
• الله في جوهره، هو رسالة مصالحة، الله يجلب السلام حيث كان هناك صراع، والمحبة حيث كان هناك عداء، لقد فعل ذلك في علاقته معنا ويمكنه فعل ذلك بيننا وبين جيراننا – سواء كانوا سود او بيض او غير ذلك، هذه هي الأخبار السارة – الإنجيل – لا تعني فقط أننا اقتربنا من الله، بل ايضا أننا اقتربنا من الأشخاص الذين اعتبرناهم مختلفين عن أنفسنا ذات مرة (أفسس 2: 13)، الله يعيد علاقتنا مع الناس والجماعات التي أسيء معاملتها.
• هذا هو السبب في أن إنجيل محبة الله هو الجواب الوحيد للتحول الذي نريده، إن التشريع وحركة الحقوق المدنية ضروريان لتحسين حياة أولئك الذين واجهوا تمييزاً قانونياً، لكن القوانين لا يمكنها تغيير الناس، فقط الروح يمكنه أن يفعل ذلك، و لذلك يقف المسيحيون في الخطوط الأمامية لهذه المعركة الروحية من أجل العالم ومستقبله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى