القيامة
الهدى 1209 مايو 2019
إن عقيدة القيامة هي محور الإيمان المسيحي. كتب بولس، «إن كان لنا في هذه الحياة فقط رجاء في المسيح، فإننا أشقى جميع الناس» (1كورنثوس 15: 19). إذا ما هو شكل رجاء المؤمنين؟ العهد الجديد يتحدث بشكل قاطع. إن القيامة ليست ببساطة استمراراً للوجود.
1. الكلمات اليونانية.
2. القيامة في العهد القديم.
3. استرداد الحياة الأرضية.
4. قيامة يسوع.
5. قيامة المؤمنين.
6. الخلاصة.
الكلمات اليونانية.
إن العهد القديم لا يحتوي على مفردات خاصة للقيامة. أما في العهد الجديد، توجد كلمتان مألوفتان تستخدمان للتعبير عن هذه العقيدة الأساسية. الفعل (anistemi) يعني «يقيم» أو «يوقظ» (من النوم)، يستعمل العهد الجديد كل هذه الكلمات في معاني اعتيادية كما في قرينة القيامة من الأموات. وهذه الكلمات، لم تكن تستخدم إطلاقا في الفكر اليوناني للتعبير عن الرجوع للحياة، إلا إنها تُستخدم في العهد الجديد للتعبير عن قيامة المسيح وقيامة المؤمنين.
إن الفعل Egeiro هو فعل متعدٍ يعني «لينهض، « «ليوقظ. « نجد egersis مرة واحد في العهد الجديد (متى 27: 53) وهي تعني « استيقاظ / صحوة، « « قيامة. « تُستخدم هذه الاشتقاقات من الكلمات عندما يحول كُتاب العهد الجديد انتباهم للذي حدث ليسوع وإلى ما الذي سوف يحدث لهؤلاء الذين هم خاصته.
القيامة في العهد القديم.
لا توجد عقيدة معرَّفة بوضوح عن القيامة في العهد القديم. في نفس الوقت، يؤمن الكثيرون أنهم يستطيعون أن يروا تلميحات في العهد القديم لحقيقة أن قصد الله للإنسانية شمل حياة تمتد إلى ما بعد الحياة على الأرض. وثمة أطروحات يمكن أن تُناقش في هذا المجال.
توجد فقرات في العهد القديم من الممكن تفسيرها للحديث عن الخلاص في هذه الحياة مع تلميحات عن الخلاص الذي يمتد بعد الموت (مثلًا، أيوب 14: 14، مزمور 17: 15، 73: 23 ـ 26، قارن مزمور 49: 7 ـ 20).
بعض الفقرات تبدو أنها تتحدث عن القيامة بشكل مفصل في نصوص العهد القديم. وهذه نجدها على وجه الخصوص في النبوات. على سبيل المثال، كتب اشعياء، «يبلعُ الموت إلى الأبد» (25: 8) و»تحيا أمواتك، تقوم الجثث. استيقظوا، ترنموا يا سكان التراب « (26: 19).
أما أوضح تعبير في كل هذا فهو موجود في عبارة: «وكثيرون من الراقدين في تراب الأرض يستيقظون، هؤلاء إلى الحياة الأبدية، وهؤلاء إلى العار للازدراء الأبدي» (دانيال 12: 2).
مع أن هذه الفقرات تلمح إلى القيامة إلا أنها لا تتحدث عنها بطريقة مباشرة. لقد فسر المسيح طلب الله في خروج 3 (لتكون إله إبراهيم، واسحق، ويعقوب) لتشمل وجود لا متناه: «ليس الله إله أموات بل إله أحياء» (متى 22: 32). صُدمت عرافة عين دور عندما ظهر بوضوح صموئيل الميت ليعطي رسالة الله لشاول (1صموئيل 28: 13 ـ 15). كلا من أخنوخ وايليا قد تم أخذهم مباشرة ليكونوا مع السيد بدون العبور من خلال الموت (تكوين 5: 24، 2ملوك 2: 11) وهذا يدعم اختطافهم واستمرار الحياة بعد عالمنا، مع أن الطريقة التي بها تركوا العالم مختلفة جداً عن الطرق العادية.
مع إن عقيدة القيامة لم تأخذ شكلاً كاملاً في العهد القديم إلا أنه من العدل أن نقول إن بدايات ظهور تعليم العهد الجديد عن القيامة لم يُنظر إليه كمفاجأة. الفريسيون الذين يؤمنون بعقيدة القيامة، والصدوقيون الذين ينكرونها، من الممكن أن يكونوا قد تناقشوا عن استنتاجات العهد القديم عن القيامة، لكن يسوع بإنصاف أدان إنكار الصدوقيين، قائلاً، «تضلون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله « (متى 22: 29، قارن. مرقس 12: 27، لوقا 20: 38).
استرداد الحياة الأرضية.
كل من العهد الجديد والعهد القديم يخبرنا عن أشخاص قد رُدوا إلى حياتهم الأرضية. من بين هؤلاء نجد إعادة حياة لأبناء أثنين من النساء (املوك 17: 17 – 24، 2ملوك 4: 18 – 37)، إقامة يسوع لابنة يايرس (متى 9 : 18 – 26، مرقس 5: 22 – 43، لوقا 8 :41 – 56) وأكثر المناظر إثارة هي إقامة لعازر بعد ثلاثة أيام من دفنه (يوحنا 11).
كل من هذه الحوادث تثبت بوضوح أن الله لديه سيادة على الموت. ولكن لا تحتوي أي من هذه الحوادث على قيامة. القيامة كما نعرفها في العهد الجديد هي قيامة لحياة لا متناهية (أبدية)، في هيئة مختلفة، كل هؤلاء الذين استردوا حياتهم الأرضية ماتوا ثانية، بينما المُقام لا سلطة للموت أو الفساد عليه.
قيامة يسوع.
أهمية قيامة يسوع تفوق الخيال. فقط قليل من أفكار العهد الجديد المرتبطة بالقيامة تُظهر المكانة المحورية الذي تمثله القيامة لإيماننا.
- أولًا: بولس يشير إلى أن يسوع «تعين ابن الله بقوة من جهة روح القداسة، بالقيامة من الأموات» (رومية 1: 4)، فالقيامة دليل لكل ما قاله المسيح عن نفسه وهي أساس متين وراسخ لإيماننا.
- ويطلق الكتاب المقدس على المسيح لقب باكورة الراقدين (1كورنثوس 15: 20). إن قيامته تؤكد على أن الموت الذي أمسك بقبضته على الجنس البشري بسبب خطية ادم، قد فقد هذه السيطرة وإن الحياة صارت مصير الإنسان.
- ثانيًا: قيامة يسوع لحياة أبدية تضمن «وأما هذا فمن أجل أنه يبقي إلى الأبد، له كهنوت لا يزول. فمن ثم يقدر أن يخلص أيضًا إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله، إذ هو حي في كل حين ليشفع فيهم» (عبرانيين 7: 24، 25).
- في النهاية: قيامة يسوع هي المفتاح لتحقيق كل وعود العهد الجديد والعهد القديم عن المستقبل. مقاصد الله سوف تتم فقط عند عودة المسيح. إن هذا العرض المختصر يساعدنا في فهم السبب الذي من اجله قدم الرسل في وعظهم قيامة المسيح على أنها أمراُ أساسيًا (أعمال 2: 24 – 36، 3: 15 – 26، 4: 10، 5: 30، 10: 40، 13: 34، 37، 17: 18 – 32).
قيامة المؤمنين.
يوضح العهد الجديد أن الموتى سوف يقفون أمام الله للدينونة (عبرانيين 9: 27، رؤيا 20: 11 -15). ولكن القيامة كتحول لحالة مختلفة من الكيان هو للمؤمنين فقط. يمكن أن ندرك أن أفضل لب تعاليم العهد الجديد عن القيامة بالإجابة عن ثلاثة أسئلة وهي:
1 – ماذا نعرف عن القيامة كتحول؟
2 – ماذا نعرف عن حالة القيامة؟
3 – ما هي قوة القيامة؟
أولاً: ماذا نعرف عن القيامة كتحول؟
كتب يوحنا أن الله جعلنا أولاده (1يوحنا 3: 1) وأضاف في عدد 2 «لم يُظهر بعد ماذا سنكون، ولكن نعلم أنه إذا أُظهر نكون مثله لأننا سنراه كما هو.» بولس في (1تسالونيكي 4) يقدم مخططاً شاملاً. عندما يعود يسوع «هؤلاء الراقدون» عدد 15 سوف يأتي معهم، وهؤلاء الباقون أحياء سوف يقابلهم في الهواء. «الأموات في المسيح» عدد 17 سوف يقومون قبل أن يُخطف المؤمنون الأحياء الباقون، وهكذا كل العائلة تقابل يسوع في الهواء. بولس يختم ويقول «وهكذا نكون كل حين مع الرب» عدد 17.
توجد تفاصيل أكثر في 1كورنثوس 15 للسؤال كيف يقوم الموتى؟ وبأي نوع من الأجساد سوف يأتون؟»، في عدد 35 يذكر بولس أن الجسد المقام سوف يتوافق مع أجسادنا الحاضرة، ولكن بالمقارنة سوف يكون عديم الفساد، وممجدًا، ويكون قويًا من الناحية الروحية (عدد 42 – 44). سوف يكون «صورة السماوي» عدد 49، من خلال التحول الذي سيحدث «في لحظة في طرفة عين» عدد 52، بعد ذلك « يُقام الموتى عديمي فساد، ونحن (الأحياء) نتغير».
ثانيًا: ماذا نعرف عن حالة القيامة؟
هل الشخص المقام يستطيع التنقل بين ذرات العالم المادي؟ بينما مثل هذا التفكير يكون مثيراً. نحن نبذل قصارى جهدنا لكي نجعل القضية متروكة لله، مثلما فعل يوحنا وبولس. نحن لا نعرف بعد ماذا سنكون، ولكن سنكون مثله. إن حدود طبيعتنا المادية ستنتهي، وإن كنا الآن فاسدين، سنلبس عدم فساد، القوة تحل محل الضعف، الخلود سوف ينهي الفناء.
ثالثاً: ما هي قوة القيامة؟
هذا هو واحد من أكثر موضوعات العهد الجديد إثارة. بولس يكتب «إن كان روح الذي أقام يسوع من الأموات ساكناً فيكم، فالذي أقام المسيح من الأموات سيحيي أجسادكم المائتة أيضا بروحه الساكن فيكم.» (رومية 8: 11).
يتحدث بولس عن الروح القدس، الفاعل في قيامة يسوع، والذي يحيا بداخل المؤمنين. هذا يعني أن قوة القيامة متاحة لنا حتى في أجسادنا الفانية. ومن خلال الروح القدس نتخلص من حدودنا البشرية ونستطيع أن نحيا حياة بارة صحيحة.
عقيدة القيامة أحيانا يتم التغاضي عنها، وبعض الأجزاء الكتابية الخاصة بها يتم تفسيرها بطريقة غير صحيحة. على سبيل المثال (فيلبي 3)، بولس لا يقدم أي شك في قيامته هو شخصيًا عندما يعبر عن اشتياقه لإدراك القيامة من الأموات عدد 11. الآية الكاملة تُقرأ « لأعرفه وقوة قيامته وشركة آلامه، متشبها بموته، لعلي أبلغ إلى قيامة الأموات» (عدد 10، 11). فكر بولس يركز على الحاضر – حياة القيامة نوع من الحياة الآن – وليس على الأبدية. إن قوة القيامة هو ما يرجوها المؤمنون.
تلخيص:
اعتقد اليونانيون أن الروح لها وجود دائم، وحتى المعرفة تجدد الحياة من خلال التقمص. لكن الروح ليست شعورًا شخصيًا بالفردية، والحالة الجديدة ليست القيامة، القيامة في الحقيقة غريبة عن الفكر اليوناني. كما كان اليونانيون يعتبرون مصطلح القيامة مجرد مزحة.
أما في العالم اليهودي، في القرن الأول، فالآراء كانت منقسمة بين الفريسيين المستقيمين الذين كانوا يؤمنون بالقيامة والصدوقيين الذين أنكروها. الانقسام والاختلاف كان ممكناً لأن العهد القديم لم يكن واضحًا بطريق أكيدة في هذه العقيدة، إنه العهد الجديد الذي يجعل خطة الله للكيان الفردي البشري واضحاً. يوجد نصيب أبدي، حياة بعد هذه الحياة فالقيامة ستحدث في المستقبل. إن استخدام المسيح للعهد القديم يوضح بعض البراهين التي غالبًا ما يُغض الطرف عنها.
إن قيامة يسوع هي البرهان النهائي. قيامة يسوع ليست فقط تعلنه كما تكلم هو عن نفسه كابن الله، ولكنها أكدت يقين قيامتنا. لأن يسوع يحيا، لذلك نحن أيضاً سوف نحيا وسوف نشاركه نصيبه «ولكن نعلم أنه إذا أُظهر نكون مثله، لأننا سنراه كما هو» (1يوحنا 3: 2).
Richards, O. Lawrence. Expository Dictionary of Bible Words. MI: Zondervan Publishing Company, 1991, 528- 530.
مقال مترجم