لاستبقاء حياة
الهدى 1209 مايو 2019
وُلد، عاش، صُلب، قُبِرَ، وقام لاستبقاء حياة. لاستبقاء حياتي وحياتك وحياة الجميع، اجتاز جميعها طواعية وعن اختيار وبمحبة خالصة. اجتاز جميعها على الرغم من صعوبتها وقسوتها، اجتاز الآلام النفسية والجسدية، آلآم الخيانة والفقد والظلم والقسوة والوحدة والعذابات والإهانات.
إن قوة الكلمات اللاذعة التي اتهم بها واللكمات التي وجهت له، والطعنات التي تلقاها في جسده ونفسه. كانت لاستبقاء حياة فعلها، وهزم الموت بالحياة، ولاستبقاء حياة دعانا نحن أيضًا لنفعلها. لم يدعنا لنسير نفس مسيرته، فصليبه لم ولن يستطيع غيره أن يحمله، لكن دعانا لنسير خلفه كمؤمنين ومتمثلين به حاملين صليبه. دعانا لنساعد الأخرين لاستبقاء حياتهم كما فعل هو معنا، لنعلمهم عنه ولنرشدهم لمعرفته ولنساعدهم في السير في الطريق نحوه.
وهنا لن أسأل: هل تدرك مدى قوة ما فعله المسيح لأجلك؟ هل تسير في الطريق وتحمل صليبك وتساعد على استبقاء حياة الأخرين كما فعل المسيح معك؟ كم حياة استبقيتها بشهادتك عن إلهك؟ ما الذي دفعك لتفعل ذلك؟ هل استطعت أن تنقذ بعضًا ممن قابلت؟ أن لم تستطع، ماذا شعرت حينها هل شعرت بالتقصيرلكونك كإنسان محدود فهذا أمر طبيعي.
لكنني سأستكمل مشاركتك باختبار شخصي، لقد أمنت بالمسيح مخلص منذ سنوات طويلة هذه عددها، أدركت وما زلت مدركة عمله الكفاري على الصليب لأجلي، خدمته بكل قوتي لأوفى محبته الخالصة لي، إلا إنني لم أكن مدركة لمعنى «استبقاء حياة» فلقد كنت أظن انها تعنى الكرازة المباشرة عن المسيح والصليب والقيامة وكفى، ولكن مع الوقت أدركت أنها ليست الكرازة المباشرة فحسب إنما المحبة الخالصة للأخر، الإيمان به، التواجد لأجله، تقديم البسيط – المتجسد حتى في ابتسامة وكوب ماء- والذى اضحى نادرًا في عصر المشغوليات والضوضاء، هذه جميعها تستبقى حياة وتجعل الأخر يتساءل عن السبب وراء هذه التصرفات ويسعى ليعرفه وقوة قيامته ويختبره ويسير وراء.
فهلا جعلنا الأخرين يتساءلون عن سبب الرجاء الذي فينا بأبسط البسيط الذي نقدمه لهم من القلب، والذي بقوة المحبة المتجسدة فيما نفعله نستبقى حياتهم الأبدية ملكًا لله بدلًا من أن تضحى لإبليس.