الكتب الأربعة
الهدى 1222 يوليو وأغسطس 2020
أخي الكريم، إذ كان كثيرون، أخذوا بموضوع الكتب الأربعة التي حملت أسماء، المعنى الصحيح لإنجيل المسيح، البيان الصريح لحواري المسيح، الإنجيل قراء شرقيّة، قراءة صوفيّة لإنجيل يوحنا، رأيت أن أكتب بعض النقاط التي ربما توضح بعض الأمور وتستجلي بعض الحقائق. وإذ كنت أُقدِر غيرتك على الكنيسة الإنجيليّة المشيخيّة بمصر والعالم، أكتب إليك في نقاط مُحددة، بعضًا مما استرحت له:
١) الوحي والعصمة، في البدايّة، لا بُد وأنْ نُؤكِّد على أهميّة وحي وعصمة كلمة الله، فقد قالها الروح القدس صريحة: «كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحىً بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ، (2تيموثاوس 3: 16)، وَ «لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللَّهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ» (2بطرس 1: 21)، فلا مجال للمزايدة على أنَّ كلمة الله مُوحى بها ومعصومةٌ من كُلِ خطأ.
2) ثوابت الإيمان المسيحي، إنَّ للإيمان المسيحي ثوابت لا يُمكن المساس بها، تحت أي مُسمى، وفي أي ثقافة أو لغةٍ، وقد أقرَّت قوانين وإقرارات الإيمان كل هذه الثوابت، ومنها الإيمان بالثالوث، يسوع المسيح ابن الله، مولود غير مخلوق، واحد مع الله في الجوهر، الفداء، النعمة، إلى آخر هذه الثوابت.
3) الترجمات، إنَّ ما يتم تداوله من نسخ للكتاب المقدس ما هو إلا ترجمات من أقدم نصوص أو مخطوطات لكلمة الله، وهذه الترجمات ساعدت على وصول كلمة الله لملايين من البشر وغيَّرت في قلوب وحياة الآلاف منهم فقبلوا كلمة الله بكل فرحٍ، واختبروا خلاص الله بالإيمان بالرب يسوع المسيح، كالمخلص والفادي الشخصي لحياتهم، ومع ذلك فإنَّ أيَّا من تلك الترجمات لا يرتقي أبدًا لقوةِ وحي كلمة الله، وليس لهذه الترجمات عصمةٍ كلمة الله، وذلك لأنَّها ترجمةٍ، قام بها البشر، لنقل رسالة الله من خلال مصطلحات ولغة البشر في مكانٍ وزمانٍ محددين؛ وإن كانت هناك قواعد مُحدِدة ومُلزمة لكلِ ترجمةٍ حسبَ تصنيفها.
4) أمَّا بعد، وَعوُدٌ إلى موضوعِ الكتب الأربعة، وعلاقتها بكنيستنا الإنجيليّة، علينا أن نعترف بأنَّ كنيستنا الإنجيليّة المشيخيّة تتعرض في هذه المرحلة لهجمةٍ شرسة، ويُستخدمُ في هذه الحملة عدد من خُدَّامها.
5) البيانات، من المُلاحظ، أنَّ غالبية الذين أصدروا بيانات لم يتعرضوا بالدراسة الموضوعيّة لهذه الكتب، ومنهم مَن لم ير هذه الكتب أصلًا؛ وربما هذا يضع إجابةِ للسؤال، لماذا جاءت كل البيانات وهي تضع الكتُب الأربعة في سلةٍ واحدة؟ مع أنَّ كتابين منها هما ترجمة، والكتابين الآخرين تفسيرات، وعلى الناقد الموضوعي، والدارس الأصيل أن يُفرق بين آليات تقييم الترجمة، وآليات تقييم التفسير؛ لذا وتداركًا لتصحيح بعضٍ من تلك البيانات وبمسؤوليّة كاملة، تجتهد بعض المؤسسات التي أصدرت تلك البيانات في محاولة تصحيح هذا الخطأ الفني، وتحليل ونقد هذه الكتب الأربعة في ضوء هذه الفكرة التي غابت عنها في هوجة البيانات ومغازلة جماهير الفيس بوك.
6) هيئات ودُور الكتاب المُقدس، من المعلوم، أنَّ هناك دُور لترجمة ونشر الكتاب المقدس حول العالم، ومن أكبر هذه الدُور، دار «ويكليف لترجمات الكتاب المقدس www.wycliffe.org»، ولأنَّ هذه الدار غنيّة عن التعريف، فعندما صدرت هذه الترجمات، كانت تحت إشراف وتمويل من هذه الهيئة، وكذلك إشراف رجال أفذاذ لهم من التاريخ المسيحي والإيماني والأكاديمي الكثير، وبمشاركة رجال مشهودٌ لهم، ويخدمون في المناطق المُراد مدَّها بهذه الترجمات، ويعرفون ثقافاتها وأسرار ودقائق مصطلحاتِ لغتها.
7) المُستهدف، إنَّ المُستهدف من هذه الترجمات، والتفاسير، أولئك الذين يحتاجون ترجمات وتفاسير تتواصل معهم بلغتهم وثقافتهم، فليس المُستهدف من هذه الترجمات ولا التفاسير شعب كنائسنا، الذين يملكون العديد من الترجمات والتفاسير الأخرى.
8) التاريخ، لقد بدأ العمل على هذه الكتب منذ عقود، وآخر كتابٍ منها صدر في عام 2016م، فلماذا لم يتعرض أحدًا بالنقد أو الهجوم على تلك الكتب قبل الآن؟ فهل اختيار التوقيت له دلالاته؟ أم هو جهلٌ بما يصدر من المكتبة العربيّة، وقد كُنا متروكين خلال تلك العقود لهذه الكتابات وغيرها دون ناصحٍ، أو مُرشدٍ أمين، يشرح لنا ويُحذرنا ومعنا جموع الشعب كغنم لا راعٍ لنا؟ وهل من شبهةٍ في نقد هذه الكتابات الآن؟ لماذا إثارة هذه القضية الأن؛ إلا إذا كانت لأسبابٍ أخرى غير الحفاظ على حق كلمة الله.
9) تعلَّمنا، أنَّه يجب أن كان علينا أنْ نُحارب حروب الله، فلابُد أنْ نستخدم طريقة وأسلوب الله، وليس كما حدث من ابتذال لفظي، وتشهير شخصي، وابتعادٍ عن موضوعيّة النقد وآلياته.
10) هل تعلَّم، عزيزي القارئ أنَّ المعركة تحولت من الاعتراض على ترجمة ما، إلى تقديس ترجمة أخرى، مع أنَّ جميعها ترجمات تحتمل الصواب والخطأ!
إنَّ ما سجلته هنا، إنما هو رأيي الشخصي، الذي أرى أنَّه صواب يحتمل الخطأ، وربما هناك أراء أعتبرها خطأ ولكنها تحتمل الصواب، لكن ما أؤكد عليه أنَّ هذه الحملة ليست بريئة تمامًا كما تحاول أن تبدو.
الرب يحفظ كنيسته، وكلمته، والذين هم له.