الكنيسة الإنجيلية في قوص
الهدى 1226 ديسمبر 2020
تتمتع كنيسة قوص الإنجيلية التابعة لمجمع الأقاليم العليا، بتاريخ مُشرِّف لم يسبق له مثيل، فهي من أعرق الكنائس الإنجيلية في مصر، وقد شهدت التئام المجمع الإنجيلي الذي قرر نتيجة اتساع الخدمة الإنجيلية في بلادنا، تقسيم العمل الإنجيلي إلى أربعة مجامع.
فقد بدأت خدمة السنودس سنة 1898م، حيث أنه عند التئام المجمع المشيخي المصري بالكنيسة الإنجيلية بسنورس بمحافظة الفيوم، وفي 7 فبراير 1897م نظر المجمع في أمر اتساع دائرة العمل الإنجيلي في مختلف جهات مصر، وعدم استطاعة مجمع واحد إدارة شئون كل الكنائس، لذا شكَّلَ المجمع لجنة برئاسة الدكتور القس واطسن، وعضوية الدكتور ألكساندر، والقس إبراهيم طانيوس، والقس بنيامين فام، لدراسة إمكانية تقسيم المجمع، وفي التئام المجمع بالكنيسة الإنجيلية بقوص في 4 فبراير 1898م، قدمت اللجنة المذكورة تقريرها، وهذا نصُّه: «إنه نظرًا لاتساع العمل بالقطر المصري، وتباعد الكنائس والمراكز الكرازية عن بعضها البعض… مع صعوبة حضور كل أعضاء المجمع في اجتماعاته، سيَّما الشيوخ المدبرين، وغير ذلك من الأسباب التي تدل على أنه حان الوقت لإجراء تقسيم المجامع، ولهذا رأت اللجنة أن نشير على المجمع بأن يصير تقسيمه إلى أربعة مجامع…».
دخل الفكر الإنجيلي المشيخي لمدينة قوص من خلال الإرساليات الإنجيلية عام 1863م، وقد قابل الأخوة في كنيسة قوص الإنجيلية اضطهادًا عظيمًا، ولكنهم ثبتوا ثباتًا أعظم! ومن الجدير بالذكر أن العمل الإنجيلي في مصر العليا يرتبط باسم الشيخ والمعلم فام استفانوس، فهو أول إنجيلي في قوص، وأول العلمانيين الذين رحبوا بالخدمة الإنجيلية في بلادنا، وكان له دورًا عظيمًا في التعليم، سواء عندما كان بالكنيسة الأرثوذكسية، أو بعد تحوله للمذهب الإنجيلي، من الجدير بالذكر أن هناك مراجع كثيرة –أغلبها باللغة الإنجليزية- كتبها المرسلون الأوائل (خاصةً ﭼوليان لانسنج، ﭼون هوج، أندرو واطسن) تحدثت عن فام استفانوس، كذلك كتاب «اليوبيل الماسي للكنيسة المشيخية في مصر والسودان»، والذي يفرد فصلاً قصيرًا عن فام استفانوس، وخلفيته الأسرية والعملية وكذلك دوره في الخدمة. يذكر عنه القس فرح بقطر في كلمته في الاحتفال باليوبيل الماسي للكنيسة الإنجيلية: «وُلِدَ فام استفانوس في مدينة قوص سنة 1813م، وهو من عائلة البشايات، التحق وهو طفل بالكتَّاب، حيث درس القراءة والكتابة ومبادئ الحساب، بالإضافة إلى حفظ المزامير، ومبادئ اللغة القبطية. أظهر فام منذ صغره ذكاء وأتقن كل ما تعلمه حيث امتاز بحسن الخط، وفي الحساب، كما برع في اللغة القبطية والعربية اللتين كان يتحدث بهما بطلاقة.»
وفي شتاء سنة 1866م التقى الشيخ فام استفانوس بالدكتور القس واطسن ورافقه في جولاته الكرازية بمصر العليا، كتب عنه القس واطسن، قائلاً: «إنه طويل القامة، عريض المنكبين، جميل التركيب، كبير الرأس، طويل اللحية، وبالإجمالي كان منظره مُهيبًا، وقد تمثَّلَ أمامي في الصورة التي كنت أتخيلها للبطاركة الشرقيين القدماء.»، كان الشيخ فام يعمل صرَّافًا وسبقه في هذه المهنة والده، وبعد لقائه مع المرسلين الإنجيليين تعاون معهم في تأسيس جمعية إنجيلية في قوص، وكان من أوائل الذين انضموا إليها الشيخ بشارة نخلة وآخرون، ونتيجة لاهتمامه بهذه الخدمة طُرِدَ من البلد ونُفِيَّ إلى السودان – بسبب إيمانه – لكنه رجع قبل الوصول إلى السودان، وعاد ليكرز ويفتح جهات جديدة، ومنحته الدولة قطعة أرض أقيمت عليها الكنيسة الإنجيلية الحالية بقوص، وقد تأسست الكنيسة عام 1868م بناءًا على فرمان الخديوي، واستمر الشيخ فام استفانوس يعمل مبشرًا في القرى حتى بعد أن فقد بصره.
ولا يفوتنا أن ننبر على أن كتاب «الرفش القوصي» لم يذكر اسم المؤلف أو المؤلفين، لكن أغلب الظن أن من قام بكتابته هو الشيخ فام استفانوس، وربما ساهم معه بعض الأخوة من قوص، أو واحد من المرسلين الأمريكان.
أول راع عُيّنَ في قوص هو أبونا ميخائيل البليني (وإن كان لم يتسلم الرعوية)، ثم نُصِّبَ للكنيسة القس جرجس أنشليان، وقد كان أرمينيًا، بدأ حياته نسَّاجًا للحرير في تركيا، وسافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث درس في كلية لاهوت «Xenia»، وجاء إلى مصر في نوفمبر 1884م، وفي خريف 1895م سافر إلى أرمينيا لزيارة أهله، ومات في المذبحة التي حدثت في نفس العام.
ثم خدم بالكنيسة القس فرح بقطر كأول راع مصري (1902 – 1960م)، وفي عام 1940 تم تجديد بناء الكنيسة لتكون في مبنى فخم متَّسِع تعلوه ثلاث منارات، وقد رُسِمَ القس جرجس وهبي راعيًا مساعدًا بالكنيسة عام 1957م، وبعد انتقال القس فرح بقطر صار الراعي الأصيل للكنيسة، وفي عام 1965م نُصِّبَ القس سعد قديس راعيًا للكنيسة، كما خدم بالكنيسة القس كمال رشدي وقد بدأت خدمته في يونيو 1986م حتى يناير 1987م، ثم قضى الخدمة العسكرية، وعاد للكنيسة من جديد في 1 أبريل 1988م، ثم تمت سيامته وتنصيبه لخدمة الكنيسة في ا يوليو 1988م، واستمرت خدمته بها حتى 31 يناير 1990م، ثم خلفه القس بولس عبد الله، كما خدم بها في فترة التدريب الصيفي أثناء الدراسة بكلية اللاهوت الإنجيلية: القس يوسف عادل (صيف 1998م)، ثم القس ثروت سمير (صيف 1999م)، ثم تم تنصيب القس صفاء إبراهيم راعيًا للكنيسة، ثم خدم بها في فترات التدريب الصيفي: القس مدحت موريس (صيف 2007م)، القس أمير نافع (صيف 2008م)، القس مايكل سعد (صيف 2009م)، القس أمير ماهر (صيف 2010م)، ثم الخادم العلماني الأخ وليد ثابت، ومن بعده القس عماد سامي (من يونيو 2013 حتى يونيو 2014م)، ثم الراعي الحالي للكنيسة القس بسخيرون حلمي، وقد بدأت خدمته بالكنيسة في 1 يوليو 2014م.