تراث الهدى

روح أخرى … نحو الحق

الهدى 804                                                                                                                                ديسمبر 1977

روح أخرى، هذا هو الوصف القديم الذي وصف به الله كالب بن يفنه. الرجل الذى عاش في الشيخوخة بروح الشباب، وهو يصلح أن يكون قدوة على الدوام للمؤمنين والأبطال من الشباب أو الشيوخ على حد سواء وهو الوصف الذي يجمل بنا أن نتحلى به في مواجهة العالم في كل شيء … وليس معنى هذا أن نكون على خلاف مع البشر في كل ما يفعلون، لأن هذا ينتهي بنا لا إلى الروح الأخرى، بل إلى الشذوذ …، فنحن لا نسير شرقًا لمجرد أن الآخرين يسيرون غربًا، ولا نتراجع عن شيء لأن الآخرين يقدمون عليه، … أن معيار روح الأخرى أو صورتها الصحيحة تأتى في القول: “وأما عبدي کالب فمن أجل أنه كانت معه روح أخرى وقد اتبعني تمامًا أدخله إلى الأرض التي ذهب إليها وزرعه يرثها (عد ١٤: ٢٤) … فالقياس الصحيح، أو التفسير الصحيح للروح الأخرى التبعية الله … في فندق في مدينة جنيف، كنت الوحيد في الفندق الذي أطلب مع الطعام عصير أشريه، بدلًا من المسكرات التي يراها الجميع شيئًا عاديًا وطبيعيًا واجتمع حولي بعض الموظفين يسألونني لماذا لا أشرب كما هي عادة الجميع، فقلت لهم أنى لا أدخن، ولا أشرب وجاء الجواب، ولكن لماذا لا تدخن ولماذا لا تشرب، وكان الرد أسمحوا لي أن السؤال خطأ … أن السؤال الصحيح لماذا أدخن!!؟ ولماذا أشرب !!؟ ومن هذا المنطلق جلسنا نناقش، ما يعتبر به الناس قضية مسلمه فإذا هي قضية خاطئة غبية حتى ولو أمسك بها جميع البشر !!…

أنهم يذهبون إلى الغرب، ويهجرون الوطن، ويبحثون عن القمة العيش أو الخبز التي يرونها هناك أيسر وأفضل ويعتقدون أن الحياة المريحة ينبغي أن تكون نهج الطامحين … وأن الجلوس في عقر الدار حماقة وغباء، وموضوع الهجرة من المواضيع التي تحتاج إلى نقاش طويل، … لكنني أذكر هنا كلمة السيد: ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان. فإني على استعداد أن أموت جوعا، قبل أن أفرط في علاقة بالله، أو في شركة مع المسيح، قلت هذا لأنى في الغرب رأيت الفجور العلني في المناظر المخزية، ومن العجيب أن هذا لا يعد عيبا، لمجرد أن الجميع يرونه عاديا وطبيعيًا، والعيب في نظرهم لمن يلتفت ليعلن هذا العيب، … يقول السيد المسيح (من نظر إلى امرأة واشتهاها فقد زنى بها في قلبه . . . فاذا عاش الناس ليقبلوا الدنس لمجرد أنه شائع بين الناس، فإن من الحق أن نعيش بالروح الأخرى !!…

هل تقبل أن يقال عنك أنك إذا رأيت بلدًا تعبد عجلًا، فإن واجبك أن تقدم له الحشيش، أو إذا ذهبت إلى روما فاعمل عمل الرومان، أننا في كل هذا في حاجة إلى أن يستيقظ كالب بن يفنه ليقود الكثيرين في القرن العشرين !!

القس إلياس مقار

ولد في 7 مايو 1917م، في قرية دير الجرنوس التابعة لمركز مغاغة بمحافظة المنيا – مصر.
تخرج في كلية اللاهوت الإنجيلية عام 1941م.
تخرج ونال ليسانس الحقوق من جامعة عين شمس عام 1960م.
أثناء دراسته خدم في كنيستي صفانية والعطف (مركز الفشن) وسراي القبة
خدم بعد التخرج راعيًا مساعدًا بكنيستي الفجالة بالقاهرة والعطارين بالإسكندرية .
سيم راعيًا شريكًا في الكنيسة الإنجيلية في مصر الجديدة في 7 ديسمبر عام 1945م، ثم راعيًا في مارس عام 1951 م.
عُيّن مديرًا لكلية اللاهوت الإنجيلية عام 1969م، وكان يقوم بتدريس مادتي سياسة الكنيسة (الدستور) وعلم الوعظ والرعاية.
تولى رئاسة الطائفة خلفًا للراحل د. القس إبراهيم سعيد في نوفمبر عام 1970م، وجددت مدة رئاسته من 1975حتى عام 1983.
كاتب العديد من الكتب والدراسات اللاهوتيّة منها: رجال الكتاب المقدس، إيماني، الكتاب المقدس في الميزان.
انتقل الى المجد في 10 يناير عام 1980.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى