في الفيوم .. المرأة شيخًا بقرار سنودسي
الهدى 1073 يناير 2007
الكاتب القس نصرالله زكريا
شهدت الكنيسة الإنجيلية بمدينة الفيوم، أول رسامة للمرأة شيخاً بعد قرار السنودس الأخير في دورته 116، والتي وافق فيها السنودس بالإجماع على إقرار رسامة المرأة شيخاً في كنيستنا الإنجيلية المشيخية بمصر.
كان مجلس الكنيسة الإنجيلية بالفيوم قد رأى الاحتياج لرسامة شيوخ وشمامسة لخدمة الكنيسة، وإذ اتخذ السنودس قراره برسامة المرأة شيخاً، وإيماناً من الكنيسة بالفيوم راعياً ومجلساً بدور المرأة وحقها الذي كفله لها الكتاب المقدس، فالمرأة أئتمنها الله على قيادة شعبه في القديم، فاختار المرأة لتكون مرنمة كمريم، ونبية، كحنة، وقاضية كدبورة، وملكة كأستير، وحين أتى المسيح لم يفرق بين الرجل والمرأة، وكانت المرأة تحظى باهتمام خاص في خدمته، وهكذا في الكنيسة الأولى كانت المرأة خادمة كفيبي خادمة كنيسة كنخاريا، وقد قالها الرسول بولس صريحة: “لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعاً وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ” (غلاطية 3: 28).
لذا جاء قرار مجلس الكنيسة الإنجيلية بالفيوم بإمكانية ترشيح المرأة لانتخابات المشيخة، قراراً جريئاً، ورائداً وكتابياً في ذات الوقت.
وعندما رُشحت الدكتورة وفاء فيكتور لتكون أول إمرأة ترشح لوظيفة شيخ في الكنيسة الإنجيلية في مصر بعد القرار التاريخي للسنودس، كانت المفاجأة التي كشفت عن قناعة الكنيسة بدور المرأة، فقد حازت الدكتورة وفاء فيكتور على أعلى الأصوات في إنتخابات الكنيسة، ومعها أربعة رجال أخرين كلٌ منهم يتميز بإمكانيات خاصة يخدم بها الكنيسة عاملاً على امتداد ملكوت الله.
وفي يوم الخميس الموافق 9 نوفمبر 2006م، إزدانت الكنيسة واستعدت لاحتفال رسامة الشيوخ والشمامسة الجدد، الذين سبق أن انتخبتهم الكنيسة، خمسة شيوخ هم: الدكتور مجدى هنري، الدكتور وائل جوزيف، الدكتور وفاء فيكتور، الأستاذ إيليا ثابت، الأستاذ حسام وجدي، والشمامسة وهم: الأستاذة فيكتور أديب، يعقوب جرجس، سامي أمين، هناء فوزي، منى إسكندر، والدكتور ماجد إيليا.
حضر الاحتفال قيادات الكنيسة العامة ممثلة في رئيس السنودس الدكتور القس أندريا زكي، الذي قدَّم كلمة تشجيع أكد فيها على دور الكنيسة الإنجيلية وريادتها ودورها، وسكرتير السنودس القس إميل زكي، الذي تحدث إلى المرتسمين في كلمة عنوانها الامتياز مقابل المسؤولية، ورئيس مجلس العمل الرعوي والكرازي القس جورج شاكر، الذي تحدث في كلمة تعبدية روحية، ورئيس مجمع الأقاليم الوسطى القس مجدي نجيب، وعدد من القيادات الدينية والمدنية في محافظة الفيوم، وقد أناب السيد المحافظ فضيلة الشيخ محمد السنراوي المستشار الديني بمحافظة الفيوم في حضور الاحتفال وتقديم كلمة تهنئة خاصة للكنيسة ولشعبها وللمرتسمين، وأخذ العهود وأكمل المراسيم راعي الكنيسة القس مدحت غطاس.
وفي لقاء مع بعض القيادات التي حضرت الاحتفال، كان هذا الحوار مع الدكتور القس أندريا زكي.
- ما هو انطباعك عن اتخاذ كنيسة الفيوم قراراً برسامة إمرأة شيخاً؟
لا أخفي إنني شعرت بسعادة غامرة، بأن تقوم كنيسة من مجمع الأقاليم الوسطى برسامة إمرأة شيخاً، ولتكون بذلك أول كنيسة تتجاوب بسرعة مع قرار السنودس برسامة المرأة، وسر سعادتي أن الكنيسة التي بادرت برسامة المرأة، هي كنيسة الفيوم وهي ليست من كنائس القاهرة، مما يؤكد الوعي العام لدى الشعب الإنجيلي في مختلف أماكن تواجده.
- v ما هي الدلالات التي تراها في سرعة تفعيل هذا القرار السنودسي، وخاصة بشأن رسامة المرأة؟
أرى عدة دلالات، أولها، انتظار الشعب الإنجيلي لمثل هذا القرار، ثانيها، أن هذا القرار له قاعدة عريضة عند الشعب، فهو إذاً ليس قراراً فوقياً، أو قرارا قيادياً.
- ماذا رأيت في كنيسة الفيوم؟، وماذا تقول لهذه الكنيسة؟
رأيت في الفيوم كنيسة مجتهدة، وشابة في عقلها، رأيت حضور إنجيلياً متميزاً وفاعلاً، رأيت راعياً شاباً يجتهد أن يصنع مجتمعاً إنجيلياً مؤثراً في محيطه ومجتمعه، ولهذه الكنيسة أقول، إن النموذج يأتي من أشخاص أصروا أن يصنعوا فرقاً، وأشكرهم على أنهم قدموا نموذجاً يُحترم.
- ماذا عن أمنياتك لمشاركة المرأة في الخدمة الكنسية مستقبلاً؟
أتمنى أن أرى في الخمس سنوات القادمة، خمسين إمرأة شيخاً منتدباً في اجتماعات السنودس، وأرى في كل مجلس كنيسة أكثر من إمرأة شيخاً، ليكون تمثيل المرأة تمثيلاً حقيقياً وفاعلاً.
وفي لقاء أخر مع سكرتير السنودس، القس إميل زكي، قال: إن انتخاب المرأة شيخاً في كنيسة الفيوم، لم يكن مجرد إستجابة لقرار سنودسي، بقدر ما هو إنعكاس لدور المرأة في كنيسة ومدينة الفيوم، وهذا يعود لتواجد خادمة مُكرسة للخدمة وسط السيدات والبنات في الفيوم، وهي مس آماليا خليل، التي كرست نفسها للخدمة، وقيادة مدرسة البنات في الفيوم، كما أن الاحتفال يعتبر في رأيي أكثر من مجرد تكريم للمرأة، لكنه التوزان في الاحتفالية والجو العائلي الذي ساد الاحتفال، فها هي الدكتور وفاء تُرتسم شيخاً في حين أن ابنها يُرتسم شماساً في ذات الوقت.
وعن التمثيل السنودسي في الاحتفال، قال القس إميل زكي: إن ما دفع قيادات السنودس للحضوروالمشاركة في هذه الاحتفالية، هو اهتمامنا بكنيسة الفيوم، وأيضاً لوجود راعٍ شاب، بدأ خطوات ناجحة، في تدريب قيادات شابة في الكنيسة، وبعض هذه القيادات اشتركت في برامج تدريب أعدها الراعي لتدريب قيادات الكنيسة.
وعن المستقبل قال القس إميل زكي: إني متفائل جداً بهذه الخطوة، خاصة بعدما قرأنا مؤخراً عن تعيين وزير الأوقاف لسيدات مرشدات، وهذا يعطي إنفتاحاً للكنيسة على مجتمع يتطور، وليس مجتمعاً جامداً.
وقد كان الراعي الشاب القس مدحت غطاس صاحب خطوة رائدة في رسامة إمرأة شيخاً، بعد قرار السنودس في دورته الأخيرة، تلك الخطوة التي لم ينافسه فيها سوى عملاقين من عمالقة الكنيسة، هما الدكتور القس لبيب مشرقي الذي رسم أول سيدتين شيخاً، هما: السيدة ماري فاضل، والسيدة منيرة توفيق، في الكنيسة الإنجيلية بالملك الصالح، والقس باقي صدقه الذي رسم أول إمرأة شيخاً في صعيد مصر، وهي السيدة مارسيل مهني، وبالتحديد في الكنيسة الإنجيلية الأولى بأسيوط.
كان السؤال للقس مدحت غطاس راعي الكنيسة، لماذا هذه المرأة بالذات؟ ويجيب القس مدحت قائلاً: إن الدكتورة وفاء فيكتور، مشهودٌ لها من الجميع بأمانتها، ومحبتها وخدمتها، وهذه الشهادة تأتي من الكنيسة وخارجها، وهي من أنشط سيدات الكنيسة، ونحن لم نتخذ هذه الخطوة إلا إيماناً منا بأهمية دور المرأة في الكنيسة وحاجة الكنيسة لخدمة المرأة ومساندتها لخدمة الرجل، وهنا لابد أن أتوجه بكلمة شكر وتقدير لشعب الكنيسة الذي أظهر نضجاً كافياً في تنفيذ مثل هذه الخطوة.
وفي لقاء مع الدكتورة وفاء فيكتور، أحدث إمرأة شيخ في كنيستنا، وفي تواضع جم، قالت: لقد فاض قلبي بالعرفان والسجود لسيدي ومخلصي وفاديَّ يسوع المسيح الذي اختارني وشرفني بخدمته، وقد شَرُفت بأن أكون شيخاً في كنيسته، وأشعر بأنني لست مستحقة لهذا، لكنني أشكر إلهي وكنيستي على هذه الثقة الغالية، وأصلي أن أكون دائماً عند حُسن ظن سيدي وكنيستي.
وفي لقاء مع السيدة هبه إسحق عضو الكنيسة الإنجيلية بالفيوم، قالت: كانت لحظات جميلة وممتعة عندما قامت كنيستنا برسامة مرأة شيخاً، شعرنا بالفخر لإنتمائنا لكنيسة ديمقراطية بحق، وزادت سعادتنا عندما شاركت الدكتور وفاء شيخ الكنيسة في تقديم المائدة لنا لأول مرة، حيث شكرها الحضور بعد نهاية الاجتماع، لاسيما وهي أم عظيمة ومثالية وتستحق كل التقدير.