القيامة والصعودقضايا وملفاتملفات دينية

كريستولوجيا .. قيامة المسيح

الهدى 1249                                                                                                                        مايو ويونيو 2023

المسيح قام بالحقيقة قام ويستخدم الكتاب عبارة المسيح المُقام ماذا تعني هذه العبارة المسيح المُقام؟ إنَّ موته كان حقيقيًا وهو قد قام فعلًا ِمْن الموت الله أقامه مِنْ الأموات هو قام وقائم حي ولايزال حيًا. وقد اشترك الثالوث في القيامة كما يشترك في كل الأعمال الإلهية وكانت كالتالي «َذَا أَخَذْتُمُوهُ مُسَلَّماً بِمَشُورَةِ اللهِ الْمَحْتُومَةِ وَعِلْمِهِ السَّابِقِ وَبِأَيْدِي أَثَمَةٍ صَلَبْتُمُوهُ وَقَتَلْتُمُوهُ. اَلَّذِي أَقَامَهُ اللهُ نَاقِضاً أَوْجَاعَ الْمَوْتِ إِذْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِناً أَنْ يُمْسَكَ مِنْهُ. فَيَسُوعُ هَذَا أَقَامَهُ اللهُ وَنَحْنُ جَمِيعاً شُهُودٌ لِذَلِكَ … وَرَئِيسُ الْحَيَاةِ قَتَلْتُمُوهُ الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ مِنَ الأموات وَنَحْنُ شُهُودٌ لِذَلِكَ» (أعمال 3: 12-15)، وهذا دور الآب. «أَجَابَ يَسُوعُ: انْقُضُوا هَذَا الْهَيْكَلَ وَفِي ثلاَثَةِ أَيَّامٍ أُقِيمُهُ. هُوَ فَكَانَ يَقُولُ عَنْ هَيْكَلِ جَسَدِهِ. فَلَمَّا قَامَ مِنَ الأموات تَذَكَّرَ تلاَمِيذُهُ أَنَّهُ قَالَ هَذَا فَآمَنُوا بِالْكِتَابِ وَالْكلاَمِ الَّذِي قَالَهُ يَسُوعُ» (يوحنا 2: 21). وهذا دور المسيح. «وَإِنْ كَانَ رُوحُ الَّذِي أَقَامَ يَسُوعَ مِنَ الأموات سَاكِناً فِيكُمْ فَالَّذِي أَقَامَ الْمَسِيحَ مِنَ الأموات سَيُحْيِي أَجْسَادَكُمُ الْمَائِتَةَ أيضًا بِرُوحِهِ السَّاكِنِ فِيكُمْ» (رومية 8: 11)، وهذا هو دور الروح القدس أيضًا.
نظريات إنكار قيامة المسيح

هناك أربع نظريات يفسِّر بها غير المؤمنين القبر الفارغ الذي لا خلاف عليه عليهم وهم:

أولًا: نظرية الإغماء
ويدعي أصحاب هذه النظرية (أنَّ يسوع لم يمت بل أُغمي عليه واستفاق بعد أن استراح مِنْ الألم في القبر وخرج وذهب للتلاميذ)
والرد على هذه النظرية:
1) الطريقة المتبعة قديمًا مِنْ الرومان هي الصلب فكانوا يعلمون ماذا يحدث للمصلوب.
2) تأكيد قائد المئة بموت المسيح وقوله بالحقيقة هذا كان ابن الله.
3) تأكيد بيلاطس بموت المسيح واستغرابه أنَّه مات سريعًا.
4) تأكيد يوسف الرامي بموت المسيح عندما أخذ جسده ليدفنه.
5) تأكيد أحباء المسيح والنسوة الموجودين موته.
6) ضربات وجلدات المسيح وحمله للصليب وطعن الحربة ونزول الدم والماء تؤكد موته.
7) ظهوره للتلاميذ في كامل صحوته وقوته ولم يظهر لهم ضعيفًا ومريضًا.

ثانيًا: نظرية السرقة
ويدعي أصحاب هذه النظرية (جاء التلاميذ أو غيرهم ليلًا وسرقوه بينما الحراس نيام وقالوا بعدها أنَّه قام).
والرد على هذه النظرية هو:
1) وجود الحراس الرومانيين على القبر وكانت فرقة الحراسة مَنْ 10 إلى 30 جنديًا.
2) لو كان الحراس نائمين فكيف عرفوا أنَّ التلاميذ هم الذين سرقوه.
3) وهل مِنْ المنطق أنَّ الجنود كلهم نائمين مرة واحدة وهم يعرفون أنَّ عقوبة النوم أثناء الحراسة هي الإعدام.
4) إذا كان التلاميذ سرقوه كيف لم يتم التحقيق معهم والقبض عليهم مِنْ قِبَل السلطة الرومانية.
5) بقاء الأكفان بترتيبها كما وجدوها دليل على عدم سرقته.
6) التلاميذ لم يفكروا بالقيامة ونسوا الكلام عن القيامة فالوحيدون الذين كانوا متذكرين كلام القيامة هم اليهود الذين أكدوا على وضع الحجر وختمه وحراسته مِنْ الرومان.
7) التلاميذ لديهم مصداقية فهم إذا لم يكونوا متأكدين مِنْ قيامته لما كان لهم أنْ يضحوا بأنفسهم كنتيجة لكذبة أو خرافة اسمها القيامة.
8) القيامة ليست في مصلحة الأعداء ولا قدرة الأحباء بمعنى أنَّه إذا اعترف الأعداء بعدم وجود المسيح في القبر فهو بالتالي قام. ولا في قدرة الأحباء لأنَّ احتياطات السرقة كانت شديدة جدًا وتمَّ ختم القبر ووضع الحراس عليه. فمَنْ هؤلاء التلاميذ الذين يخاطرون بأنفسهم لسرقته.

ثالثًا: نظرية الهلوسة أو الخيالات
ويدعي أصحاب هذه النظرية أنَّ القيامة لم تكن مادية ملموسة لكنها خيالات وهلاوس قام بها التلاميذ لتعلقهم بالمسيح.
والرد على هذه النظرية:
1) المسيح ظهر لمجموعة مختلفة مِنْ الأشخاص والتلاميذ فِمْن المستحيل أنَّ جميعهم أُصيب بالهلوسة مرة واحدة ولم يوجد فيهم عاقل.
2) الهلوسة مرتبطة بمرض أو خلل في التفكير.
3) الهلاوس عامة تظهر لفرد واحد ولكن المسيح ظهر لمجموعات.
4) التلاميذ لمسوا المسيح هذا كان تأكيدًا على عدم الهلوسة وتأكيد على إيمان توما.

رابعًا: نظرية الخطأ في القبر
ويدعي أصحاب هذه النظرية أنَّ النسوة ذهبن لقبر لم يكن هو الذي دُفن فيه المسيح. والرد على هذه النظرية هو
1) النسوة لم يكن لهن وقت طويل منذ أخر مرة كنَّ عند القبر فاحتمالية أنَّهن أخطأنَّ في القبر ضعيفة.
2) عندما أخبرنَّ النساء التلاميذ بقيامة المسيح فذهب تلميذان سريعًا إلى مكان القبر.
3) الملاك الذي أخبر بالبشارة لا يكون في القبر الخطأ.
4) الحراس هل يحرسون القبر الخطأ وختموا الحجر الخطأ وقد كانت كل الإجراءات بالاشتراك مع اليهود المتشددين في هذا الأمر.
5) موقف صاحب القبر الذي آمن فلن يخطئ في مكان قبره.
6) وإذا كان القبر الخطأ فلماذا لم يذهب الأعداء إلى القبر الصحيح ليروا الجسد ويدحضوا هذه الكذبة؟

جسد القيامة
يمكن وصفه بأنَّه جسد روحاني بحسب (١كو١٥) وليس لدينا تفاصيل كثيرة أو إدراك تام لهذا التحول مِنْ الجسد المادي المحكوم بقوانين والتزامات الجسد المادي بل روحاني تحت قيادة الروح القدس فلقد عرفوه بعد القيامة وقال لهم انظروني وجسوني وعرفوا مَنْ هو ولكنهم أيضًا عرفوا أنَّه تغير جسده وهذا التغيير هو رمزٌ لتغيير جسد الإنسان البشري الذي يكون تحت سلطان الروح تمامًا ويسير بمقتضى قصد الله صار حرًا طليقًا أسير قيادة الروح فقط وكان بعد القيامة وقبل الصعود مسموعًا ومحسوسًا ومرئيًا لقد قام المسيح جسدًا وروحًا ولم يترك شيئًا مِنْ ذاته في القبر بل ترك القبر فارغًا
وهو أيضًا جسد ممجد أي أنَّه يحمل فكرة مزدوجة للاستمرار والتغير فلم يعد لجسده البشري الأول فهو الجسد المعروف للمسيح ولم يقم بجسد عادي كلعازر أو مَنْ أقامهم هو مِنْ الموت ورجعوا لنفس الحياة الطبيعية الجسدية ولكنه أيضًا تغير ليتوافق مع ظروف حياة مختلفة.
لكن مع كل هذه التفسيرات فتظل قيامة المسيح سرًا، فكيف حدثت؟ وكيف كان يظهر لتلاميذه مرة بجسد ومرة كأنه روح فقط؟ يخطئ مَنْ يظن أنَّه قادر على تفسير ماهية جسد القيامة بشكل وافٍ. ولكن عدم إدراك ماهية الشيء لا ينفي وجوده فالمسيح ترك القبر فارغًا وظهر بجسد محسوس ولكنه أيضًا أظهر أعمالًا تدل أنَّه لم يكن له جسد مادي يقيده فقد كان يظهر ويختفي وقتما يريد.

دلائل القيامة
هناك أدلة دامغة على قيامة المسيح مِنْ الموت تستطيع الرد على كل النظريات التي حاولت تزييف الحقيقة وهي:
1) الحجر الكبير الثقيل. كان الحجر ثقيلًا جدًا ولم يكن في إمكان النسوة أنْ يحركنَّ الحجر.
2) الختم الروماني الخطير. كان الختم الروماني يجرم مَنْ يتجرأ على الاقتراب منه ويضع نفسه تحت عقوبة القانون الروماني الصارم في هذه الجريمة. تحريك الحجر الصعب الذي وجدوه قد تحرك.
3) عدد الحراس عند القبر مِنْ 10 إلى 30 حارسًا. كان عدد الحراس يسمح بتبادل الحراسات والتناوب عليها ولم يكن مِنْ الممكن الاقتراب مِنْ القبر.
4) جُبن وخوف التلاميذ. كان أمر الصلب مخيفًا جدًا للتلاميذ مما جعلهم يتوارون ِمْن المشهد بل دخلوا وأغلقوا الأبواب وكان الأمر مروعًا لهم فكيف يتجرأون على مجرد الظهور أمام أي سلطة رومانية أو دينية.
5) القبر الفارغ. لقد كان القبر الفارغ وسيظل أكبر دليل على القيامة.
6) الأكفان الموضوعة. إنَّ الأكفان الموضوعة تدل على أنَّ الأمر لم يكن سرقة فلو سُرِقَ الجسد أو نُقِلَ كانوا قد نقلوه بأكفانه وطريقة وضعها لا تنم عن استعجال في الأمر.
7) شهادة الحراس الرومان. ومؤامرة الشيوخ معهم. «وَفِيمَا هُمَا ذَاهِبَتَانِ إِذَا قَوْمٌ مِنَ الْحُرَّاسِ جَاءُوا إِلَى الْمَدِينَةِ وَأَخْبَرُوا رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ بِكُلِّ مَا كَانَ. فَاجْتَمَعُوا مَعَ الشُّيُوخِ وَتَشَاوَرُوا وَأَعْطَوُا الْعَسْكَرَ فِضَّةً كَثِيرَةً قَائِلِينَ: قُولُوا إِنَّ تَلاَمِيذَهُ أَتَوْا لَيْلاً وَسَرَقُوهُ وَنَحْنُ نِيَامٌ. وَإِذَا سُمِعَ ذَلِكَ عِنْدَ الْوَالِي فَنَحْنُ نَسْتَعْطِفُهُ وَنَجْعَلُكُمْ مُطْمَئِنِّينَ. فَأَخَذُوا الْفِضَّةَ وَفَعَلُوا كَمَا عَلَّمُوهُمْ فَشَاعَ هَذَا الْقَوْلُ عِنْدَ الْيَهُودِ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ‘‘. (مت 28: 11-15).
8) ظهورات المسيح لمريم المجدلية وللنسوة ولبطرس ولتلميذي عمواس وللأحد عشر تلميذًا والتلاميذ الآخرين ولسبعة تلاميذ وليعقوب فقد ظهر لقرابة ٥٠٠ شخص. كما أخبرنا بولس في كورنثوس الأولى «فَإِنَّنِي سَلَّمْتُ إِلَيْكُمْ فِي الأَوَّلِ مَا قَبِلْتُهُ أَنَا أيضًا: أَنَّ الْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ الْكُتُبِ وَأَنَّهُ دُفِنَ وَأَنَّهُ قَامَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَسَبَ الْكُتُبِ 5وَأَنَّهُ ظَهَرَ لِصَفَا ثُمَّ لِلِاثْنَيْ عَشَرَ. وَبَعْدَ ذَلِكَ ظَهَرَ دَفْعَةً وَاحِدَةً لأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِمِئَةِ أَخٍ أَكْثَرُهُمْ بَاقٍ إِلَى الآنَ. وَلَكِنَّ بَعْضَهُمْ قَدْ رَقَدُوا. وَبَعْدَ ذَلِكَ ظَهَرَ لِيَعْقُوبَ ثُمَّ لِلرُّسُلِ أَجْمَعِينَ» (1كورنثوس 15: 7).
9) شهادة التلاميذ وبعض اليهود. لقد تجرأ التلاميذ الخائفون وصارت لهم شجاعة المجاهرة بالمسيح وبصلبه وبموته وبقيامته «يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ بِقُوَّاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا اللهُ بِيَدِهِ فِي وَسَطِكُمْ كَمَا أَنْتُمْ أيضًا تَعْلَمُونَ. هَذَا أَخَذْتُمُوهُ مُسَلَّماً بِمَشُورَةِ اللهِ الْمَحْتُومَةِ وَعِلْمِهِ السَّابِقِ وَبِأَيْدِي أَثَمَةٍ صَلَبْتُمُوهُ وَقَتَلْتُمُوهُ. اَلَّذِي أَقَامَهُ اللهُ نَاقِضاً أَوْجَاعَ الْمَوْتِ إِذْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِناً أَنْ يُمْسَكَ مِنْهُ» (أعمال 2: 22 -24).
10) صمت الأعداء تجاه القيامة يهود ورومان. لم يستطع اليهود أو الرومان مواجهة القيامة فحاولوا ترويج إشاعات عن سرقته لكن لم تصمد أمام انتشار الخبر وظهورات المسيح وقبوله وتغيير حياة تابعيه يهود وأمم.

وتتضح أهمية القيامة في فوائد أو ثمار أو نتائج عديدة هامة جدًا. فقد قدمت قيامة المسيح:
1) تبرهن أنَّه ابن الله بالقيامة. هو لم يصبح إبنًا بالقيامة لكن القيامة كانت شاهدًا على أنَّه ابن الله.
2) كفاية واكتمال العمل الفدائي. لو انتهى الأمر بالموت لكان المسيح مجرد شهيدًا قدَّم حياته لأجل مبدأ لكن القيامة تعلن اكتمال العمل الفدائي وكفايته لخلاصنا.
3) النصرة على الموت. لقد خضع المسيح للموت لكنه صارع الموت فصرعه وأستطاع بقوة لاهوته أنْ يهزم الموت «أَيْنَ شَوْكَتُكَ يَا مَوْتُ؟ أَيْنَ غَلَبَتُكِ يَا هَاوِيَةُ» فلا يكون له سلطان عليه بل انتصر عليه وأعطى لنا هذه النصرة.
4) رجاء قيامة الأموات. القيامة هي سر الرجاء لقيامتنا فالمسيح فتح الباب لكي نعبر نحن منه ورجوع روحه لجسده وبالتالي القيامة هي ما سيحدث لنا في القيامة «فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قِيَامَةُ أَمْوَاتٍ فَلاَ يَكُونُ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ! وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ فَبَاطِلَةٌ كِرَازَتُنَا وَبَاطِلٌ أيضًا إِيمَانُكُم».
5) هزيمة إبليس. ظنَّ إبليس أنَّه بموت المسيح قد تحقق الانتصار العظيم ونجحت مخططاته التي كان يرغبها ولكنه لا يعرف أبعادها وتوابعها فقد ألقى في قلب يهوذا أنْ يسلمه ولكنه لم يكن يعلم أنَّ الصليب والموت تعقبه قيامة وبالتالي حياة وامتداد لملكوت الفادي فكانت القيامة هي لطمة على وجهه.
6) صحة اقواله وتعاليمه ونبوات الكتاب. في كل مرة كان المسيح يتحدث عن موته كان يتكلم عن القيامة فقد كانت القيامة هي جزء أصيل من الخطة الإلهية للخلاص وحدوثها أظهر صدق النبوات وأيضًا ما قاله المسيح للجميع عن موته وقيامته
7) المسيح حي ويعطي الحياة. القيامة لم يكن تأثيرها فقط على جسد المسيح بل أعطت لنا حياة وهذه الحياة هي أبدية «لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ هَكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى