رئيس التحريركلمات وكلمات

كلمات وكلمات أبريل 2022

الهدى 1242 – 1243                                                                      أبريل ومايو 2022

اختلف كثيرون منذ أن أعلن تلاميذ السيد المسيح قيامته وهو الذى مات مصلوبًا أمام الأشهاد من الرومان واليهود وجنسيات أخرى كثيرة كانت تتجمع فى أورشليم فى ذلك الوقت، وهكذا كان الإعلان عن قيامته صادمًا، فيسوع المسيح الذى صلبه اليهود منذ ثلاثة أيام قام من بين الأموات، وأمام هذا الخبر الذى اعتبره كثيرون إشاعة أو خرافة، انقلبت مدينة أورشليم، فالقبر فارغ والحنوط موجودة، والصخرة التي كانت على بوابة القبر مدحرجة… إلخ، هذا فضلًا عن شهادة المريمات، اللاتي ركضن للقبر وكذلك التلاميذ، ولك أن تتخيل – عزيزى القارئ – الإنقلاب الذى جعل أورشليم تهتز، بين مُصدقٍ ومُكذبٍ وساخرٍ… إلخ.
فى ذلك الوقت كان التلاميذ مجتمعين فى العلية خوفًا من اليهود، لأنهم معروفون أنهم تلاميذه، وبالتالي سوف تطولهم السلطات لسبب أو لآخر، بإتهامات مثل إطلاق الشائعات، أو تكدير المدينة والناس، أو الأكاذيب التى يطلقونها والحكايات التى يتلونها من تلاميذه الذين ادعوا أنه قال لهم أنه سيقوم، وأنه إلتقى بشهود خاصة المريمات من النساء والتلاميذ من الرجال، فى مثل هكذا أحداث يتوقع العقلانيون أنها تهيؤات لأنَّ القيامة من الأموات أمر غير منطقى وعكس مسيرة الحياة فكل من قالوا أنه قام من الأموات إعتبرهم البعض أنهم تخيلوا ذلك لأنهم كانوا يُحبون الشخص الذى تركهم فيتخيلون عودته، وكان موقف العقلاء أن الناس مع الزمن سوف ينسون الأمر خاصة لأن الذين رأوه كان قد شُبه لهم لأنهم يحبونه فتصوروا قيامته.
لكن مع مرور الأيام وظهور السيد المسيح لأفراد من تلاميذه (المريمات – تلميذي عمواس – التلاميذ… إلخ) تأكدت قيامة السيد المسيح من الأموات.
وكان لقيامة السيد المسيح من الأموات رسالة بل رسالات اقترح البعض منها.
1- أن الموت ليس هو نهاية المطاف، فالإنسان (كجسد) قابل للقيامة والعودة للحياة.
٢ – أنه لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس فنهاية كل إنسان الموت، لكن هناك دائمًا رجاء، والرجاء يعطى الإنسان القدرة على تخطى المشاكل بفكر القيامة يعيش داخلنا فننتصر.
٣ – هناك رجاء وأمل وقيامة، فى كل يوم، وفى كل أسبوع وكل شهر وكل عام، فعندما تجتاحنا مشكلة غير قابلة للحل، وتجد الناس من حولك يملأهم اليأس هنا يأتى دور لاهوت وفلسفة القيامة لمن يؤمن بها.
٤ – القيامة لا تقف عند الفرد لكن تمتد إلى الجماعات والشعوب، فالشعوب التى تنتفض لتتحرر من الجوع والمرض فهذه قيامة، والشعوب التى ترزح تحت الإستعمار، نصرتها قيامة، والكنائس التى تنهار وتضيع وتضعف تحتاج لفكر القيامة لتبدأ من جديد. والأسرة التى تنهار بسبب مشاكل بين الزوج والزوجة أو الأباء والأبناء… إلخ فالخلاص من هذه المشاكل قيامة.
خبرة رعويَّة
لا شك أن عيد القيامة يختلف عن عيد الميلاد، وأهم ما فى عيد الميلاد – بحسب رأيي – والذى يميزه عن كل الأعياد الدينية والوطنية… إلخ أنه يجمعنا كمسيحيين بكل الطوائف ومع العالم كله، فالعالم كله يعترف بالسيد المسيح حسب دينه وطائفته، وإن كان عيد الميلاد هو العيد الأكبر للمسيحيين فى كل أنحاء المسكونة إلا أن عيد القيامة لا تهتم به سوى الكنيسة الأرثوذكسيّة الشرقيّة، وبالطبع الكنائس المصلحة لكن ليس بالقدر الذى يحتفل به الجميع بعيد الميلاد بل عيد القيامة يمر على الغرب بدون أى تأثير أو إحتفالات فلولا الميلاد ما كانت القيامة.
خدمت فى الريف والمدينة فى الصعيد ثم توجهت إلى القاهرة حتى اليوم وبالطبع القاهرة هى الأكثر قوة فى كنائسها وخدامها وإنتشارها، سافرت لمعظم بلدان العالم وملاحظتى التى لم أكن أتوقعها هى الإحتفال بميلاد المسيح ليس فى الغرب والشمال فقط بل يحتفل به الآسيويون وجنوب شرق آسيا وهم ليسوا بمسيحيين وأيضًا البوذيون والهندوس… إلخ… كنت فى التسعينات من القرن الماضي فى هونج كونج والصين وتايلاند ومعظم جنوب شرق آسيا، وبالطبع لا يُحتفل هناك بعيد القيامة إلا الأقلية من المسيحيين خاصة الكنيسة الأرثوذكسية المصرية وباقى الكنائس الكاثوليكية الغربية والإنجيلية المصلحة.
حكاية لاهوتية
كانت المحاضرة عن علاقة أستاذ اللاهوت بتلاميذه من ناحية وفكره اللاهوتي من الناحية الأخرى، بمعنى هل يقدم الأستاذ المنهج فقط حتى لو اختلف عن قناعاته، هل المهم هو نص الكتب اللاهوتية أم شخص الأستاذ اللاهوتي؟ أيهما الأقوى وأيهما الأسهل والأفضل؟ قال الأستاذ سأحكي لكم قصة من ديانة «الزن» في الهند وكيف يقوم علماؤهم بالتعليم وتوارث الفكر الديني واللاهوتي للأجيال وكيف يوجد معلم يستطيع أن يقدم ويعبر عن نفسه لتلاميذه، ويخرج من تحت يده كوادر علمية لاهوتية قوية. سأل أحد التلاميذ كيف تستطيع أستاذنا أن تجعل منا فلاسفة ولاهوتيين؟! وإلى أى درجة يمكن أن نكون قريبين منك أو بعيدين عنك في الفكر والتوجه.
عاد الأستاذ لقصته التي أخبر بها تلاميذه عن ما يقوم به المعلم الهندي في ديانة الـ «زن» حيث يقوم المعلم بإعداد أحد الطلبة الذى يرى فيه قدرته على التعلم ليكون خليفته ويرث التعليم، وقد إختار طالبًا اسمه «شجوا» وعندما قرر ترك التعليم إستدعاه وقال له : لقد أصبحت أنا الآن كمعلم رجلًا عجوزًا يا «شجوا»، وأنت الذى إتفقنا أن تكون وريثى فى التعليم وفى المكانة، ثم أخرج الكتاب من عبه قائلًا هذا هو الكتاب الذى يجب عليك أن تستخدمه، وهو الذى توارثناه لسبعة أجيال من معلم إلى تلميذ إلى معلم وهكذا، قال التلميذ: هل هذا ما ورثته من معلمك أستاذي؟ أجاب المعلم نعم، لكنى أضفت إليه الكثير من خبرتي، وسوف تجد تعليقات كتبتها لها فائدة.
احفظ هنا الكتاب يا ولدى معك كعلامة على أنك كنت تلميذًا لى وتابعى وخليفتى كمعلم، من الأفضل لك أن تحتفظ بالكتاب، أجاب التلميذ لقد استمعت إلى كلماتك وحفظتها فى قلبى كلمة كلمة دون كتابة أى حرف على ورق وأنا مستعد لحفظها لسنوات قادمة.
أجاب المعلم «أنا أعرف ذلك..» ثم تنهد بصبر وقال حتى لو كنت قد حفظتها عن ظهر قلب كما قلت تمامًا.. لكن إنتبه لقد خدم هذا الكتاب سبعة أجيال، وسوف يكون هذا الكتاب عونًا لك أيضًا.. ها هو احتفظ به.
بدأ الأستاذ يجمع أوراقه وكتبه وقد صمت، هنا هتف التلاميذ كيف كانت نتيجة الحوار بين المعلم وخليفته؟ قال الأستاذ وهو فى الطريق خارجًا : كان الإثنان المعلم والتلميذ يجلسان حول المدفأة وبمجرد أن تناول التلميذ الكتاب فى يده ألقى به فى المدفأة (النار) فاحترق جميعًا.
على باب الفصل قال الأستاذ: هنا ملأ الغضب المعلم وصرخ في وجه التلميذ: لماذا ارتكبت هذا الفعل المجنون؟!
أجابه التلميذ صارخًا:
ما هو الجنون الذي فعلت… يا سيدى لا يوجد معك أى كتاب!!
مختارات
لى قمران واحد فى الأعالي
وآخر فى الماء يسبح
لى قمران واثقين كأسلافهم.
من صواب الشرائع..
سكوا حديد السيوف محاريث.
لن يصلح السيف ما أفسده الصيف.
محمود درويش

يا طفلتى
أنا لم أفكر يوم جئت…
بأنك أنت ربيعى أنا لم أفكر أن تضوع حداثتى
بالمسك منك وأن تضاء شموعى

صلاح عبد الصبور قصيدة طفلتى

د. القس إكرام لمعي

قسيس في الكنيسة الإنجيلية المشيخية
رئيس مجلس الإعلام والنشر
كاتب ومفكر وله العديد من المؤلفات والكتابات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى