ليس حسنً أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب
الهدى 1235 سبتمبر 2021
إذا ما نطق أحد القادة المسيحيين بمثل هذه الكلمات الصادمة في هذه الأيام: «لَيْسَ حَسَناً أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَبِ». (متى15: 26)، فإننا نضع تساؤلاً حول أهليته لخدمة المسيح والكرازة بين الناس. نطلب منه أولًا، أن يتعلّم كيف يخاطب الناس ويتحسّس لآلامهم ومعاناتهم. كلام صادم بحق أمّ يحترق قلبها ألمًا على ابنتها المصابة بالجنون. عبارة مهينة لم يتوقّع أحدًا أن تخرج من نفس الفمّ، الذي يخرج منه كلام النعمة والحياة الأبديّة. ما الذي حدث؟ ولماذا أظهر يسوع هذا الموقف السلبي من امرأة مسكينة، لا أمنيّة لها في الحياة سوى أن تسترجع ابنتها لعافيتها.
يرد قول يسوع الصادم بحق أم كنعانيّة، في إنجيل متى (15: 28-21؛ مرقس 7: 24-30). حيث يذكر البشير متى، أنه بعد جدال يسوع مع الكتبة والفريسيين، ذهب مع تلاميذه إلى نواحي صور وصيداء، وإذا بهم يلتقون امرأة كنعانيّة. يذكر مرقس، أن امرأة فينيقيّة سوريّة، تتقدّم نحوه وتصرخ له قائلة: «ارْحَمْنِي يَا سَيِّدُ يَا ابْنَ دَاوُدَ. ابْنَتِي مَجْنُونَةٌ جِدّاً». (متى 15: 22). يذكر مرقس: أن روحًا نجسة تملّكت ابنتها. كانت تلك المرأة، الشخص الأول غير اليهودي الذي التقى به يسوع، خارج تخوم مناطق تواجد اليهود. لكن يسوع لم يتجاوب مع صراخها في اللحظة الأولى، ولم يجبها بكلمة. فتبعته وهي تصرخ وتبكي طالبة منه أن يشفي ابنتها. عندها، طلب التلاميذ من يسوع أن يصرفها. لكن يسوع لم يصرفها، بل بحسب سرد متى للحادثة، قال لها: «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ». (متى 15: 24). الاّ أن المرأة لم تستسلم بالرغم من كونها خارج خراف اسرائيل، بل أصرّت على طلبها وسجدت له طالبة العون والشفاء لابنتها. فنطق يسوع بكلماته الصادمة الصاعقة لها، قائلًا: «لَيْسَ حَسَناً أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَبِ». (متى15: 26). مع ذلك، تحمّلت تلك المرأة الكنعانيّة الاهانة، ولم تستسلم. قبلت أن تكون مكانتها، في مصاف الكلاب، وأجابت: «نَعَمْ يَا سَيِّدُ. وَالْكِلاَبُ أَيْضاً تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا». (متى 15: 27). حينئذ، فرح يسوع بصلابة ايمانها، وقال لها: «يَا امْرَأَةُ عَظِيمٌ إِيمَانُكِ! لِيَكُنْ لَكِ كَمَا تُرِيدِينَ». فَشُفِيَتِ ابْنَتُهَا مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ» (متى 15: 28).
كيما نستطيع، إدراك قول يسوع هذا، نحن نحتاج لمعرفة الخلفيّة التاريخيّة والاجتماعيّة لطبيعة العلاقة، بين اليهود وغير اليهود، كون أن يسوع يهودي، والمرأة كنعانيّة أمميّة. اتّسمت العلاقة بين المجموعتين، بالعداوة والتمييز الديني والحضاري. اعتبر اليهود أنفسهم شعب الله الوحيد، أو الشعب المختار بين كافة الشعوب. استخدم النص مصطلح «البنين»، لأنه الشعب الوحيد الذي كان لهم امتياز تواصل الله معهم منذ القديم، وأقامته للعهد معهم من خلال النبي ابراهيم والآباء اللاحقين، وقد منحهم الشريعة والوصايا العشر من خلال موسى. في هذا السياق، نفهم قول يسوع للمرأة الكنعانيّة، «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ». (متى 15: 24). يخفّف سرد البشير مرقس للحادثة، من وطأة حصريّة ارساليّة يسوع لليهود: اذ يذكر أن يسوع قال للمرأة، «دَعِي الْبَنِينَ أَوَّلاً يَشْبَعُونَ لأَنَّهُ لَيْسَ حَسَنا ًأَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَبِ». (مرقس 7: 27). وبالتالي، يبيّن مرقس أن هناك مكانًا للأمم في خطة الله، لكن في مرحلة ثانيّة. لهذا، على البنين أن يشبعوا أولًا، وبعدها يأتي دور الأمم.
حتّمت الشرائع والتقاليد اليهوديّة، عدم الاختلاط مع غير اليهود، لئلا يدنّسوهم بعباداتهم وتقاليدهم الوثنيّة». وبالرغم من أن الله طلب من الشعب اليهودي، أن يكونوا نورًا للأمم في عبادتهم وحياتهم وتعاملهم مع الآخرين، الاّ أنهم لم يكونوا كذلك. فقد نعتوهم بأسوأ الأوصاف والنعوت ومنها نعتهم بال «كِلاَبِ». فكان هذا النعت متداولًا بشكل طبيعي، بين اليهود. كما أطلق لاحقًا على المسيحيين، لأنهم تركوا الايمان اليهودي. نرى هذا الوصف مستخدم من قبل اليهود في الكتاب المقدس. يقول صاحب المزمور: «وَأَنْتَ يَا رَبُّ إِلَهَ الْجُنُودِ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ انْتَبِهْ لِتُطَالِبَ كُلَّ الأُمَمِ. كُلَّ غَادِرٍ أَثِيمٍ لاَ تَرْحَمْ. يَعُودُونَ عِنْدَ الْمَسَاءِ يَهِرُّونَ مِثْلَ الْكَلْبِ وَيَدُورُونَ فِي الْمَدِينَةِ.» (مزمور 59: 5-6). فالمرنّم يصف الأمم، بكلاب الشوارع. استخدم الرسول بولس هذا الوصف للمؤمنين المتهوّدين، الذين أساؤوا في كنيسة فيلبي، بطلبهم من مؤمنين آخرين، الالتزام بالختان اليهودي وبعض تقاليد الشريعة اليهوديّة ذكر بولس قائلًا: «أنظروا الكلاب. أنظروا فعلة الشر. أنظروا القطع» (فيليبي3: 2). كما استخدم، كاتب سفر الرؤيا نفس النعت لمجموعة لن تدخل داخل ملكوت السموات، اذ قال: «لأَنَّ خَارِجاً الْكِلاَبَ وَالسَّحَرَةَ وَالزُّنَاةَ وَالْقَتَلَةَ وَعَبَدَةَ الأَوْثَانِ، وَكُلَّ مَنْ يُحِبُّ وَيَصْنَعُ كَذِباً.» (رؤيا 22: 15).
عندما قال يسوع للمرأة، «لَيْسَ حَسَناً أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَبِ». (متى 15: 26). فانه لم يستخدم هذا الوصف، كوصفه الشخصي للمرأة، لكنه استخدم الوصف المتداول بشكل اعتيادي، علّق المصلح الإنجيلي جون كلفن على إجابة يسوع، قائلًا: «إنه الجواب الأقسى أبدًا. إذ يظن القارئ وكأن يسوع يريد أن يقطع كل رجاء لها بالاستجابة لمطلبها. فهو لا يعلن فقط أن كل النعم يجب أن تعطى فقط للشعب اليهودي لأنه من حقهم، لكنه يقارنها بالكلب، للإشارة إلى أنها لا تستحق أن تكون مشاركة في النعم الممنوحة لليهود، لكنه كان يمتحنها بتلك الكلمات القاسيّة، ليخرج منها أفضل ما عندها، ويقول لها، في النهايّة، «يَا امْرَأَةُ عَظِيمٌ إِيمَانُكِ! لِيَكُنْ لَكِ كَمَا تُرِيدِينَ». (متى15: 28). أما المصلح مارتن لوثر، فقد قال، «كان على المرأة أن تؤمن بما لا يُرى، أن ترجو ما لم يكن متاحًا لها، وأن تحب الله حتى عندما يبدو الأكثر غضبًا منها والأكثر مقاومة لرغبتها».
فاحترام الإنسان هو موقف أساسي في كل تعاليم المسيح، الذي دعا إلى محبة الأعداء، والغفران لهم. نرى موقف الاحترام للإنسان جليّا في عظته على الجبل، اذ قال لتلاميذه: «قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَقْتُلْ وَمَنْ قَتَلَ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلا يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ.» (متى 5: 12-22). وبالتالي، من يرفض أن يغضب الإنسان على أخيه باطلًا، أو يقول له، رقًا، أو أحمق. أفمن المعقول، أن يكون استخدامه لنعت الكلاب، موقفًا شخصيًا فيسوع المسيح، هو ابن الله الحي، الذي بشخصه الإلهي يتجاوز، كل حدود الجنسيات والانتماءات العرقيّة والجغرافيّة. لكن يسوع استخدم تعابير تمييزيّة متداولة، ليصل إلى نتيجة إيمان غير مسبوق، لامرأة غير يهوديّة لم تكن من دائرة شعب الله، بحسب الفكر الديني الشائع.
يرى مفسّرون أن كلمة «الكلاب»، التي استخدمها يسوع في اللغة اليونانيّة، «كونريون»، أي الكلاب الصغيرة الأليفة، التي كان الرومان يربونها معهم في البيوت، كما هي العادة في يومنا عند الكثير من العائلات، وليس كلاب الشوارع التي تكلّم عنها صاحب المزمور. ربما النظرة الحديثة إلى كلاب البيوت الأليفة، تساعد الكثيرين اليوم لتقبّل ما قاله يسوع للمرأة. فالصورة هي صورة عائلة حول المائدة تتضمّن بنين يدور حولها كلاب تأكل ما يرميه ربّ العائلة للكلاب المتواجدة حولها.
يتحدث الرسول بولس في رسالته إلى أفسس، عن سر مكتوم في مقاصد الله الأزليّة، لكن أعلنه الله له: هو أن الخلاص الذي أعدّه الله منذ الأزل، لم يكن فقط للشعب اليهودي، بل أيضا، للأمم ولجميع شعوب الأرض. لكنه انكشف تدريجيًا في التاريخ. يقول بولس: أَنَّهُ بِإِعْلاَنٍ عَرَّفَنِي (الله) بِالسِّرِّ. .. الَّذِي فِي أَجْيَالٍ أُخَرَ لَمْ يُعَرَّفْ بِهِ بَنُو الْبَشَرِ، كَمَا قَدْ أُعْلِنَ الآنَ لِرُسُلِهِ الْقِدِّيسِينَ وَأَنْبِيَائِهِ بِالرُّوحِ: أَنَّ الأُمَمَ شُرَكَاءُ فِي الْمِيرَاثِ وَالْجَسَدِ وَنَوَالِ مَوْعِدِهِ فِي الْمَسِيحِ بِالإنجيل.» (أفسس3: 3-6). ويخبرنا الرسول بولس، كيف أن المسيح بموته على الصليب، أزال العداوة بين اليهود والأمم، وصالحهما مع الله ومع بعضهما البعض. يقول النص: «لِذَلِكَ اذْكُرُوا أَنَّكُمْ أَنْتُمُ الأُمَمُ قَبْلاً فِي الْجَسَدِ، الْمَدْعُوِّينَ غُرْلَةً مِنَ الْمَدْعُوِّ خِتَاناً مَصْنُوعاً بِالْيَدِ فِي الْجَسَدِ، أَنَّكُمْ كُنْتُمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِدُونِ مَسِيحٍ، أَجْنَبِيِّينَ عَنْ رَعَوِيَّةِ إِسْرَائِيلَ، وَغُرَبَاءَ عَنْ عُهُودِ الْمَوْعِدِ، لاَ رَجَاءَ لَكُمْ وَبِلاَ إِلَهٍ فِي الْعَالَمِ. وَلَكِنِ الآنَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، أَنْتُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ قَبْلاً بَعِيدِينَ صِرْتُمْ قَرِيبِينَ بِدَمِ الْمَسِيحِ. لأَنَّهُ هُوَ سَلاَمُنَا، الَّذِي جَعَلَ الِاثْنَيْنِ وَاحِداً، وَنَقَضَ حَائِطَ السِّيَاجِ الْمُتَوَسِّطَ. أَيِ الْعَدَاوَةَ. مُبْطِلاً بِجَسَدِهِ نَامُوسَ الْوَصَايَا فِي فَرَائِضَ، لِكَيْ يَخْلُقَ الِاثْنَيْنِ فِي نَفْسِهِ إنساناً وَاحِداً جَدِيداً، صَانِعاً سَلاَماً، وَيُصَالِحَ الِاثْنَيْنِ فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ مَعَ اللهِ بِالصَّلِيبِ، قَاتِلاً الْعَدَاوَةَ بِهِ.» (افسس2: 11-16).
يرى مفسّرون أن التركيز الأساسي في هذه الحادثة، هو على موقف المرأة الإيماني العظيم، مع كونها لا تنتمي إلى دائرة من اعتبر من شعب الله، وهو شبيه بموقف قائد المئة الإيماني العميق، الذي قال عنه يسوع، «لم أجد ولا في كل إسرائيل، إيمانًا بمقدار هذا». تجلّى عمق إيمان المرأة، بيقينها بأن يسوع قادر على شفاء ابنتها. كإمرأة فينيقيّة، يبدو أنها، لم تكن تؤمن بأن آلهة الفينيقيين، تستطيع أن تقدّم الشفاء لابنتها. آمن الفينيقيون بالآلهة عشتروت، التي اعتبروها ملكة السماء وواهبة الحياة. خاطبت يسوع، بعبارة، «ارْحَمْنِي يَا سَيِّدُ يَا ابْنَ دَاوُدَ.» (متى 15: 22). خاطبته بلقب «يا سيّد»، وليس يا معلّم. إنَّ لقب يا «سيّد» يحمل بعدًا روحيًا لاهوتيًا، يبدو أن تلك المرأة آمنت، أن يسوع هو المسيّا الذي انتظره اليهود. لقد طلبت تلك الأم الكنعانيّة من يسوع الرحمة، لأنها علمت، أنه ابن داود ومن نسل داود. هذه لغة لا يستطيع استخدامها إلاّ من عرف فحوى الإيمان اليهودي. كانت معرفة المرأة عن يسوع، كافيّة لتطلب منه الرحمة والحنو على ابنتها. يرى مفسّرون، أن تلك المرأة كانت من فئة «خائفي الله» مثل قائد المئة، الذين آمنوا بالإله الذي يعبده الشعب اليهودي، بالرغم من كونهم غير يهود. لقد أتت وسجدت له. والسجود لا يستحق إلاّ لمن يرى فيه قوة الله ورحمته وخلاصه واهتمامه بالمتألّمين وبخلاص الإنسان. يذكر مرقس، «فأتت وخرّت عند قدميه» (مرقس7: 25).
عندما قال يسوع للمرأة، «لَيْسَ حَسَناً أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَبِ». أجابت: «نَعَمْ يَا سَيِّدُ. وَالْكِلاَبُ أَيْضاً تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا». (متى 15: 27). إن شعور الإنسان بعدم الاستحقاق وإقراره بالخطيّة، هو الخطوة الأولى نحو الإيمان الحقيقي. فلا أحد يستطيع أن يتقدم من الله، استنادًا على استحقاقه الشخصي، بل يجب علينا جميعًا أن نتقدم معتمدين، على مراحم الله. علّق القديس يوحنا فمّ الذهب، على كلام المرأة قائلًا، «تقرّ المرأة بما تفعل الخطيّة في الطبيعة البشريّة، إذ تجعل من الإنسان أقلّ إنسانيّة، لتضعه في مرتبة الكلاب». ويتابع قائلًا، «لقد رفض المسيح في البدايّة، أن يصغي إلى طلبها كيما يعلّمنا نحن، بأي موقف: إيمان وتواضع واصرار، يجب أن نطلب إليه ونصلّي له، كيما يجعلنا أكثر تحسّسًا لرحمته، وأكثر شوقًا للحصول عليها». لقد قبلت المرأة أن تكون في مصاف الكلاب، غير مستحقة شفاء يسوع لابنتها، لكنها كانت مستعدة لأن تأكل من فتات الخبز الروحي الذي يلقى للكلاب الصغار، التي تلتّف حول مائدة أربابها. يذكر البشير مرقس، بأن المسيح، لأجل ما قالته شفي ابنتها، وأخرج منها الشيطان: فَقَالَ لَهَا: «لأَجْلِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ اذْهَبِي. قَدْ خَرَجَ الشَّيْطَانُ مِنِ ابْنَتِكِ». (مرقس7: 29). إنَّ تجاوب يسوع مع حاجة تلك المرأة الكنعانيّة، يظهر استعداده الدائم، لقبول كل من يأتي اليه، بإيمان حقيقي.
يعتقد مفسّرون إن كلمات يسوع القاسيّة الصادمة، كان هدفها تعليمنا حول اليقين والمثابرة، اللذين هما مكوّنان أساسيان في الإيمان الحقيقي. ان تحمّل المرأة الاساءة، وانكار نفسها، وقبول الموقف الصعب، الذي وضعت فيه، مثال تفسيري لقول يسوع، في الإصحاح الذي يلي: «إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي» (متى16: 28).