تشجيع الأبناء على الانسجام معًا
الهدى 1210 يونيو 2019
بقلم: سينثيا توبياس
لديّ ابنان توأم، يفصل بينهما دقيقتان فقط في الولادة، وهما نسختان متطابقتان في الشكل. ومع ذلك في كل شيء آخر، من حيث الطباع والميول، هما على نقيضين. ابنان مولودان في نفس الوقت من نفس الأبوين، ولا يوجد شخصين مختلفين كل هذا الاختلاف مثلهما.
أحبّ مايكل قراءة الكتب عن كواكب المجموعة الشمسية والأرقام؛ بينما أحبّ روبرت التعرف على الناشطين في المجتمع وعن المناسبات العامة. عندما كان روبرت يلعب مع أصدقائه، كان يحرص على ألا يجرح مشاعر أحد، بينما كان مايكل دائم المنافسة.
وعندما كانا في سن المشي، أتذكر أثناء العودة من الكنيسة في السيارة في أحد الأيام أنني سمعت صوت روبرت الرقيق يقول: «ماما، أريد أن أكون مثل يسوع!». وقبل أن أُجيبه بكلمة، اختلف مايكل معه وقال بوضوح: «لا بل أريد أنا أن أكون مثل الله!»
لقد واجهنا كأبوين مهمة مساعدة كل ابن بتفرده على أن يقبل ويقدّر الاختلافات بينه وبين إخوته وأخواته. وبالتالي كيف تساعد طفلك على أن يقدّر السمات المتفردة لدى إخوته؟
راجع قدوتك
قدّم قدوة في السلوك الذي تتوقعه من أبنائك. أطفالك يراقبون كيف تتعامل مع ضغوط الحياة ومع هؤلاء الذين لا يفكرون مثلك ولا يتصرفون بنفس طريقتك. إذا كنت مثلي، لاخترت شريك حياة على النقيض منك تقريبًا. في المعاملات اليومية، مهما كانت محبتك لهذا الشخص، فإن الاختلافات يمكن أن تصبح أكثر إزعاجًا وأقل إبهاجًا. هذه الحقيقة ثمثل فرصة لنا لنُظهر التقدير لكيف تكمّل هذه الاختلافات بعضها البعض وتقوي من علاقتنا. بالنسبة للعلاقة بين الأشقاء رسخ سلوكيات يسودها الود والحب في نفوس أبنائك لتساعد على خلق مناخ أكثر انسجامًا في بيتك.
ركّز على نقاط القوة
الفت الانتباه إلى الصفات المتفردة في كل طفل، خاصة عندما تمثل هذه السمات نوعًا من المقارنة مع نقاط القوة لدى أخيه أو أخته. وضّح الإيجابيات أمام أفراد آخرين من العائلة كلما سمح الأمر. ربما تقول: «سارة، أنتِ تعرفين دائمًا مَنْ يحتاج لسماع نكتة» أو «يوسف، يُفرحني جدًا أن أراك في ملء الطاقة والنشاط!»
ساعد أبناءك أن يدركوا ويقدّروا الجانب الإيجابي لكونهم مختلفين. على سبيل المثال، الطفل المنظم جدًا الذي يفضل جدولاً منظمًا للمهام يمكن أن يساعدك كثيرًا في تصميم جداول لمتابعة المهمات المطلوبة من العائلة. أمّا الطفل المبدع الذي يحب التلقائية يمكن أن يساعدك في ابتكار أفكار لوسائل الترفيه للعائلة.
عندما كان طفليّ صغارًا، كان لدينا تقليد عائلي يحبانه. على الأقل مرة أسبوعيًا ينام أحدنا بجوارهما حتى ينعسا. وكنتُ أسألهما نفس السؤال: «هل تعلمان ماذا أحب فيكما؟» ثم استرجع الأيام السابقة وأذكّر كل صبي بما لاحظته فيه من سلوكيات إيجابية. «أعجبني جدًا عندما شاركت دُميتك مع أخيك وكيف فتحت الباب لجدتك ..». كان وقتًا رائعًا أتواصل فيه مع ابنيّ وأتشارك معهما كم أحبهما، وأشجّع سلوكياتهما الجيدة.
ساعد في حل الخلافات
عندما يحدث خلاف أو نزاع بين أبنائك، ابدأ في مجهوداتك للتوسط بروح إيجابية: «أنا أعرف أنكما تحبان الحفاظ على ألعابكما منظمة طوال الوقت، لكن أخوك يستمتع عندما يشعر بأنه قادر على ترتيب ألعابه بعد استخدامها». عندما تخبر ابنك بأن نقاط القوة لديه مختلفة عن نقاط القوة عند أخيه، فأنت تساعده على التوجه نحو الحل.
عادة ما تبدأ النزاعات عندما يشعر أحد الأطفال بأنه يُعامل بطريقة ظالمة. وربما يجد صعوبة في فهم لماذا تختلف توقعاتك له عن توقعاتك لأخيه أو لأخته. دعه يعرف أنك تتوقع نفس النتيجة من كل طفل، لكن أخيه أو أخته قد يكون لديه طريقة مختلفة تمامًا في فعل ما يحتاج أن يفعله. اشرح لهم النتيجة التي تتطلع إليها، واجعلهم مُساءلين أمامك. على سبيل المثال: «أنت وأخوك تحتاجان كلاكما إلى ترتيب ألعابكما عندما تنتهيان من اللعب، لكن أسلوبك في ترتيبها وتخزينها ليس بالضرورة نفس أسلوب أخيك».
عندما تسمع أحدهما يبكي ويقول: «هذا ليس عدلاً!»، يمكنك مناقشته هل النتيجة النهائية هي نفسها أم لا. على سبيل المثال، ابننا مايكل كان يحتاج أن يجلس في مكان هادئ ليقوم بواجباته المدرسية. لكنّ أشد ما كان يثير جنونه أن أخيه روبرت يتسلل إلى غرفة المعيشة ويذاكر على طاولة القهوة ويصغي إلى الموسيقى بينما ينهي واجباته. ولكن كان عليهما أن يثبتا نجاح أسلوب كلٍّ منهما بأن يُسلما واجباتهما في الوقت المحدد. بدأ مايكل يدرك أن طريقة أخيه في عمل الواجبات لا تنجح معه.
علِّم مهارات حل المشكلات
لا يوجد ما هو أكثر إزعاجًا من التعامل مع طفلين يتتبعان أحدهما الآخر كالظل ويخبران والديهما بكل تصرف صغير أو كبير. وبالرغم أن هذا يبدو جزءًا طبيعيًا من النمو، لكن عندما يُعرف عن الطفل أنه «نمّام» فلن يجعله هذا في علاقة جيدة مع الآخرين. في الواقع، النميمة المستمرة قد تسبب شرخًا في العلاقة بين الأشقاء. أكّد لأبنائك أهمية التغاضي عن الأخطاء والعيوب البسيطة، وشجعّهم على أن يخبروك فقط بالأمور الطارئة.
ثم تأكد أن أطفالك يعرفون معنى كلمة «طارئة». من الأسئلة التي يمكن أن يسألوها لأنفسهم ليحددوا مدى احتياجهم لتدخل أحد الأبوين ما يلي: هل تعرّض أحد لأذى؟ هل هذا أمر خطير؟ هل هناك مخالفة سلوكية قد تؤدي إلى ضرر؟ هذه الأسئلة تساعد على خلق وعي وتمييز بين ما هو نميمة وما هو غير ذلك.
إذا أردت أن تزيد وعي أبنائك بمدى ممارستهم للنميمة على أحدهم الآخر، فربما تستخدم بعض التذاكر كإشارات ملموسة. يحصل كل طفل على عدد محدد من التذاكر. وفي كل مرة يمارس أحدهم النميمة على أخيه أو أخته، يُسلِّم تذكرة من رصيده. وفي نهاية الأسبوع، قدّم مكافأة أو امتيازًا خاصة لمَنْ يتبقى لديه أكبر عدد من التذاكر. هذا الحافز يشجّع الطفل على حل الخلافات بدون تدخل ماما وبابا، وأن يعرف الفارق بين المخالفات الصغيرة والسلوكيات غير الآمنة.
في النهاية، نريد لأطفالنا أن يحتفظوا بذكريات عن أوقات سعيدة وليس ذكريات عن الخلافات والمشاحنات. وبالرغم أنه لا يمكن تجنب الخلافات بشكل كامل، لكن الأمر يستحق أن نبذل جهدًا لتعزيز تقديرهم للاختلافات فيما بينهم كأساس للتعامل فيما بينهم مستقبلاً.
ابنيّ الآن في عمر العشرين، وقد تعلَّما أن يقدّرا كيف تكمِّل اختلافاتهما أحدهما الآخر. أحب أن أراهما وهما يخططان ماذا سيفعلان سويًا. يقوم مايكل بتنسيق احتياجات الرحلة، بينما ينظم روبرت اللقاءات الاجتماعية. لقد تعلَّما أن يقدّرا ما يجعلهما متفردين، وهذا جعل صداقتهما أقوى.
http://www.focusonthefamily.me