عذرَاويّة القديسة مريَم الدّائمة في فكر المُصلِحين
الهدى 1252-1253 يناير وفبراير 2024
من الأمور التي يجهلها معظم إنجيلييّ العصر الحاضر، حقيقة اعتقاد المصلحين الإنجيليين في القرن السّادس عشر، بالعذراويّة الدائمة للقديسة مريم العذراء. إلاّ أنّ المصلحين احْتَجَّوا على كثيرٍ مِن المُمارسات التي كانَت شائِعَة في كنيسة القرون الوسطى، ومِنْها المُمارَسات المرتبطة بالقديسة مَرْيم العذراء التي سادَها كثيرٌ مِن المُبالَغة والتَّمجيد إلى حَدِّ العبادة والتَّألِيْه، كونهم رأوا أنّ تلك الممارسات أخرجت مريم العذراء عَن إطار تعليم الكتاب المقدس وسِجِلّ الكنيسة الأولى. كما رفضوا الألقاب المُخْتلفة التي أطلقت عليها، مثل: شَريكةٌ في الخَلاص، أمّ الرَّحْمَة، شَفيعَة بَيْنَ السَّماء والأرض، مُوزِّعَة النِّعَم، وغيرها مِن الألقاب التي لا يجوز أنْ تُطْلَقَ إلاَّ على شَخْصِ الرَّب يسوع المسيح وَحْدَه. ورفضوا إقامة الصَّلوات والقَداديس والاحْتفالات لها.
في هذا الجَوّ مِن المُبالَغَة في تَمْجيد مريم العذراء، بَرَز المُصلِحون الإنْجيلييون في القَرْن السّادس عشر، ونَقَدوا تِلْك المُمارسات المَرْيميّة المُبالَغ فيها، التي أخْرَجَتْ مريم عن كَوْنِها مَخْلوقًا لتُنافِس شَخْص المسيح في العِبادة والشَّفاعة والوَساطَة، بل وتَحْجُبُه عَن الأنْظار وتَحُلّ مَحَلَّهُ في بَعض الأحيان. كانَت ردَّة فِعْل المُصلِح مارتن لوثر إلغاء كُلّ مُمارسةٍ لها علاقة بمريم العذراء، حتى لا يَبْقى المسيح الرَّب مَحْجوبًا عن أنْظار المؤمنين. وهكذا رَفَع المُصلِحون شعار العودة في العبادة والعقيدة، إلى الجذور الأولى، إلى كنيسة الرسل التي شدَّدَت على مركزية الرَّب يسوع المسيح في كلّ الحياة، كَيْما تستَعِيد مريم العذراء مكانَتها ودَورها الطَّبيعي الإنْجيلي، الذي يُعْلِنه ويعلِّمه الكتاب المقدّس.
لكن لا بُد من العودة إلى تاريخ الكنيسة، لمعرفة كيفيّة تطوّر فكرة عذراويّة القديسة مريم الدائمة. فإنه بعد مرور قرنين على ولادة الكنيسة، برز سؤالٌ مُفاده: هل يمكن أنّ تكون القديسة مريم قد بقيت عذراء بعد حبلها بالروح القدس؟ فالبشير متى والبشير لوقا ذكرا أنّ يسوع هو ابن مريم البِكر. وردت الآية الأولى في إنجيل متى: «وَلَمْ يَعْرِفْهَا حَتَّى وَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ. وَدَعَا اسْمَهُ يَسُوعَ.» (متى1: 25) ووردت الثانية في إنجيل لوقا، «فَوَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ وَقَمَّطَتْهُ وَأَضْجَعَتْهُ فِي الْمِذْوَدِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَوْضِعٌ فِي الْمَنْزِلِ.» (لوقا 2: 7) أيضا ذكرت الأناجيل أسماء أربعة إخوة ليسوع، هم: يعقوب ويوسي ويهوذا وسمعان. يذكر النص في إنجيل متى: «أَلَيْسَ هذَا ابْنَ النَّجَّارِ؟ أَلَيْسَتْ أُمُّهُ تُدْعَى مَرْيَمَ، وَإِخْوَتُهُ يَعْقُوبَ وَيُوسِي وَسِمْعَانَ وَيَهُوذَا؟ أَوَلَيْسَتْ أَخَوَاتُهُ جَمِيعُهُنَّ عِنْدَنَا؟ فَمِنْ أَيْنَ لِهذَا هذِهِ كُلُّهَا؟» (متى13: 55-56). بدأت النقاشات حول هذين السؤالين: الأوّل، معنى تعبيرَيّ: «ولم يعرفها»، و»البِكر». والثاني، من هم إخوة يسوع؟
منذ النصف الثّاني من القرن الثّاني الميلادي. وابتداءً من القرن الثّالث، أصبح الاعتقاد بعذراويّة القديسة مريم الدائمة، شبه عقيدة مؤسسّة في الكنيسة. مال المفكرون المسيحيون إلى الاعتقاد، بأن مريم استمرّت عذراء، ولم تدخل في علاقة زوجية مع يوسف، مفسرّين مصطلح: «إخوة» بطريقة سياقيّة. برز في تلك الفترة ، القديس أنطونيوس الكبير (251-356)، أب الأسرة الرهبانية، ومؤسس الحركة الرهبانية في العالم. وساد الفكر التقشفي، الذي اعتقد أنّ العلاقة الزوجيّة، هي أقل تقوى، وأقل قيمة روحية، من حياة العزوبية والعذراوية في خدمة المسيح. في المقابل، ظهرت في تلك الفترة جماعة، أُطلق عليها اسم، مناوئوّ مريم، التي كانت حركة دينية غامضة، انتشرت في الشرق وأفريقيا. ادّعت أنّ مريم -بعد ولادتها للمسيح بالروح القدس، تابعت حياتها الزوجية والجنسية، بشكل طبيعي، مع زوجها يوسف، كأي رجل وامرأة، وأنجبا أولاد هم إخوة وأخوات يسوع. وبالتالي، فقدت مريم عذراويتها، بعد ولادتها ليسوع بالروح القدس.
في العام 380، كتب كاتب -غير معروف، اسمه كارتاريوس، كتابًا دافع فيه عن أهمية حياة العزوبية والعذراوية في خدمة المسيح، مستندًا إلى الإيمان بعذراوية مريم الدائمة. وردًا على كتاب كارتاريوس، كتب مسيحي روماني، اسمه هيلفيديوس، نقدًا للكتاب، مستندًا الى مراجع الكتاب المقدس، حول وجود إخوة وأخوات ليسوع، مؤمنًا بأن مريم لم تبقَ عذراء بعد حبلها بالروح القدس وولادتها يسوع. كما استشهد بأشخاص معروفين في الكنيسة، أمثال: فيكتورينوس، وترتليانوس، وغيرهم، الذين رفضوا عذراوية مريم الدائمة، انطلاقًا من مبدأ أن العزوبية أو العذراوية، ليست أسمى من الزواج. وقد لاقت أفكار هيلفيديوس، رواجًا كبيرًا في الكنيسة، اذ ربح إلى جانبه عديدًا ممن كانوا يعتقدون قبلًا بعذراوية مريم الدائمة.
بعد ثلاث سنين من كتاب كارتاريوس، طُلب من القديس الشاب جيروم، أن يُعدّ ردًّا على أفكار هيلفيديوس. عندها، كتب ردًّا تفصيليا، بعنوان: حول العذراوية الدائمة، لمريم العذراء المباركة، آخذًا بعين الاعتبار، تفسير آية: «ولم يعرفها، حتى ولدت إبنها البكر»، والسّياق الكتابيّ والاجتماعيّ، لورود مُصطلحَيّ «إخوة وأخوات». جاء في رد القديس جيروم، ما يلي: أوّلًا، مع أن كلمة حتَّى في قول إنجيل متى: «ولم يعرفها حتَّى ولدت ابنها البكر»، تشير إلى نتيجة، لكن هذا لا يعني أنّ ما كان مخططًا له قد تحقّق وقد ظهرت النّتيجة، بل تشير إلى عمل كان مخطّطًا مسبقًا للقيام به، قبل أن توجد حُبلى بالروح القدس، لكن هذا لا يعني أنّ يوسف ومريم تابعا حياتهما الزوجية، وأنجبا أولاد، بل بقيت مريم عذراء بشكل دائم. ثانيًا، بالنسبة لكلمة البكر، أي الولد الأوّل. هناك أمثال في الكتاب المقدس، تفيد أنّه بالرغم من إطلاق مصطلح البكر على الولد الأوّل، لكن ليس هناك ذكر لأولاد آخرين، قد وُلِدوا بعد الولد الأوّل. وبالتالي، فكلمة البكر قد تعني أيضّا، أنه الولد الأوّل والأخير. ثالثًا، مع أن كلمة أخ في اللّغة اليونانيّة الأصليّة، أدولفوس، تعني من نفس الرَّحم، لكن الكتاب المقدّس، يستخدمها بشكل أوسع من المعنى الحرفي للكلمة. تستخدم كلمة أخ لأربعة أسباب: للإشارة إلى الولادة، العرق، القرابة، والعاطفة. وهكذا، ردّ القديس جيروم، قائلا: «ينقص كلام هيلفيديوس، الدّقة والمصداقيّة. بالنّسبة لفيكتورينوس، فإنّه لم يقل أنّ إخوة يسوع، هم إخوة في الطبيعة، بل في القرابة.» إنّ تبنّي القديس أوغسطينوس في القرن الخامس، لموقف القديس جيروم بعده، حول عذراوية مريم الدائمة، هو الذي ضمن استمرار هذا الاعتقاد حتى اليوم في الكنيسة الكاثوليكية.
انسحب نفس الأمر، على المصلحين الإنجيليين الأساسيين في حقبة الإصلاح الإنجيلي في القرن السّادس عشر. فقد آمن، كلّ من المصلح: مارتن لوثر، أولترخ زوينجلي، وجون كالڨن، بعذراوية القديسة مريم الدائمة، ولم يشكّك أحدٌ منهم في هذا الأمر. إلاّ أنهم انتقدوا كثيرًا الأفكار التقشفيّة التي سادت، ومنها فكرة القديس جيروم: «فقط النساء المتزوجات، اللواتي يخترن عيش حياة العزوبية والعذراوية، داخل الحياة العائلية الحميمية، هُنّ النساء القديسات.» لم يعتبر المصلحون أن حياة العزوبية والعذراوية، هي حياة أكثر تقوى من حياة الزواج. ولا الزواج أقل تقوى من العزوبية. بل شدّدوا كثيرًا على قدسية الزواج المسيحي، وسمحوا للإكليروس بالزواج. وهم أيضا تزوجوا. إنّ ما فعله المصلحون الإنجيليون، أنّهم لم يحصروا مفهوم القدسيّة في الأديرة، بل نقلوا مفهوم القدسيّة إلى البيت والعائلة، لكن مع أفكارهم تلك، التي كانت صادمة لكثيرين، فقد آمنوا بعذراوية القديسة مريم الدائمة. عندما كان يُقال أمام المصلح الفرنسي جان كالڨن أنّ مريم قد اتّخذت نذر العفة، والتزمت بالحياة العذراوية الدائمة، عندما كانت تعيش مع زوجها يوسف، كان كالڨن يرفض هذا الكلام جُملة وتفصيلًا، قائلًا: «لا يوجد أي أساس في الكتاب المقدّس لهذا النوع من الكلام». وأضاف، «لا يوجد أي دليل في التاريخ، أن مريم نطقت بهذا الكلام. فإذا ما افترضنا أنها نطقت بهذه الكلمات، هذا يعني أنها ارتكبت خيانة، ضد الزواج المسيحي المقدس، وسبّبت وأساءت له. من غير المعقول أن تنطق مريم بهذه الكلمات، لأنها تسبّب الإساءة لله، الذي أسّس الزواج المسيحي وباركه.» تابع كالڨن، «لم تكن العزوبية أو الامتناع عن الحياة الزوجية أمرًا جديدًا في الكنيسة المسيحيّة. فقد كانت معروفةً لدى بعض الجماعات اليهوديّة.»
وخلال تفسيره لقول البشير متى: « وَلَمْ يَعْرِفْهَا حَتَّى وَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ.» (متى1: 25). استنتج قائلا: «هذا لا يتبع، أنّ مريم دخلت لاحقًا في علاقة زوجية مع يوسف. لا، إنها لم تدخل معه.» لكن، بالرغم من قناعته الكاملة أنّ مريم بقيت عذراء، بعد ولادتها للرّب يسوع المسيح بالروح القدّس، إلّا أنّه اعتقد، أنّ المراجع الكتابيّة، هي غير حاسمة بشكل مطلق حول ذلك الأمر. أما المصلح الألماني مارتن لوثر، فإنه في مقالته، يسوع وُلِدَ يهوديًا، التي كتبها للرّدّ على مشككين حاولوا تشويه تعاليمه، قال: «يجري تداول كذبة عنّي، أنّه كان من المفروض أنْ أعظ، أنّ مريم لم تكن عذراء، لا قبل ولا بعد ولادتها المسيح. وأنها ولدت المسيح من علاقة زوجية مع يوسف، وقد أنجبا المزيد من الأولاد. ما هذه الأكذوبة!» وثَّق مارتن لوثر إيمانه، بعذراويّة مريم الدائمة، في مقالته، بنود سمالكلد، التي كتبها عام 1537. أمّا المصلح السويسري، أولترخ زوينجلي، فقال: «لقد ولد ربنا يسوع المسيح من عذراء. ونحن نعلم ذلك جيّدًا. وليس لدينا أي شكّ حول ذلك. ونحن ندين تعاليم هيلفيديوس المُشينة، وكل الذين شكّكوا بعذراوية مريم العذراء الدائمة.» كما أضاف: «إنّ الأذهان النقيّة، تجد بهجة كبيرة، في البحث عن أسباب اختيار المسيح، أن يولد من عذراء دائمة.» أمّا اللاهوتي الإنجيلي الانجليزيّ، جان ويسلي، مؤسّس الكنيسة المنهجية الإنجيليّة في القرن الثامن عشر، فقد صرّح قائلًا: «أؤمن، أنّ يسوع المسيح صار إنسانًا، وأخذ طبيعتنا البشرية. وقد حُبِل به بالروح القدّس من مريم العذراء المباركة، التي كانت عذراء قبل الولادة، وبقيت عذراء بعدها. واستمرّت عذراء كلّ حياتها.» قال أحد مؤرّخي الإصلاح، من أسباب اعتقاد، مصلحو زمن الإصلاح الإنجيلي، بعذراوية مريم الدائمة، الضمانة والتّأكيد على تجسدّ المسيح، وهو تعليم كان قد رفض من قبل جماعات راديكالية.
بالرُّغْم مِن نَقْد المُصلِحين للمُمارسات المريمية المُبالَغ فيها، في كنيسة القرون الوسطى، فقد حافَظوا على النَّظرة الكتابية في تقدير وتكريم مريم العذراء، كونها أمّ الرب يسوع المسيح، في روحانيتهم ووَعْظهم وتأمُّلاتهم. تمسَّك المصلحون بالنَّظرية القائلة بأنَّ إخْوَة يسوع الأربعة الذين تَذْكرهم الأناجيل (يعقوب ويوسي ويهوذا وسمعان) هُم لَيْسوا أولاد مريم ويوسف، وإنَّما أقرباؤه (أولاد عمّه أو خاله)، إذْ كانت كلمة (أخ) تُطْلَق آنذاك على الذين يرتبطون معًا بصِلَة قرابة. وقد كرّم المصلحون القديسة مريم العذراء، بالحدود التي يسمح بها الكتاب المقدّس. في تفسير قول الملاك لمريم: «سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! الرَّب مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ». ومَديح أليصابات لمريم: «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟» (لوقا 1: 28 و42 و43)، قال المُصلِح جان كالڨن» «لا نَسْتطيع أنْ نفرح بالنعمة المُعطاة لنا في المسيح، دون أنْ نتذكَّر في الوقت نفسه سُمُوّ الإكْرام الذي مَنَحَهُ الله لمريم حيْن اخْتارها لتكون أمًا لابْنه الوحيد، وحين كلَّمها الملاك بالكَلام الذي قالَتْه لها أليصابات». وأضاف: «لا يُمْكن أنْ نُنْكِر أنَّ الله باخْتياره مريم لتكون أمًا لابنه، مَنَحَها الشَّرف الأعْظَم.» أما مارتن لوثر، فقال «إنَّ أليصابات اسْتَخْدَمَت كلمات رائِعَة لَمْ تَسْمَعها امْراة في الكَوْن، فمريم هي أكثر مِن إمبراطورة أو مَلِكَة، وهي أعْظَم مِن حوَّاء وسارَة… ولا نَسْتطيع تَكْريمها كفايَةً، فتَكْريمها مَحْفورٌ في أعْماق قَلْب الإنسان. وعلى المسيحي أنْ يُدْرِك حقيقتها ويحترمها.» أما المُصلِح أولترخ زوينجلي، فقال: «كلَّما أحْبَبْنا واحْتَرَمْنا المسيح أكثر، فإنَّنا نُقَدِّر ونَحْتَرِم مريم العذراء أكثر فأكثر، لأنَّها حَمَلَت لنا المُخَلِّص في أحشائها.» وهكذا، انسجمت نَظْرة المُصلِحين الإنْجيليِّين لمَرْيم العذراء مع مَضْمون الكتاب المقدّس، إذْ لَمْ تَحْجُب المسيح، ولَمْ تُقلِّل مِن سيادته المُطْلَقَة على الحياة، بَلْ كما قالَت هي للخُدَّام في عُرْس قانا الجليل: «مَهْما قال لكُم فافْعَلوه.» (يوحنا 2: 5)
يقول اللاهوتي الإنجيلي المعاصر، كارل بارت: «عندما بشَّر الملاك جبرائيل مريم العذراء، كانت هناك كلمة مَدْح وكلمة تَحْذير. فقد مَدَح الملاك أهمية اخْتيار نعمة الله لها، ممَّا يدلُّ على أنَّها أعْظَمُ مِن كلّ الشَّخصيات، أعظم مِن إبراهيم وموسى وداود ويوحنّا المعمدان، فهي دون أيِّ شَكٍّ الشَّخصية المُميَّزة في الكتاب المقدّس. لكن هناك أيضًا كلمة تَحْذير، لأنَّنا سوف نُسِيء فَهْم حقيقتها ودورها إذا ما بَقينا في المَدْح. وكلمة التَّحذير هي أنْ نتذكَّر أنَّ مريم احْتاجَت لنِعْمة الله. فالله يأتي إليها ليكون معها ويَجْعلها مُميَّزة. وبالتّالي، فميزتها لَيْسَت مِن ذاتها، بَلْ لأنَّ الله أنْعَم عليها وميَّزها وبارَكها، لأنها سَمِعَت صوته وقَبِلَت دَعْوَته لتكون أداة لتجسُّد ابْنِه يسوع.»