الكنيسة بخير ولكن
الهدى 984-986 يناير – مارس 1999
من مكتب رئيس الطائفة
الكنيسة بخير ولكن….
في الأيام الأخيرة من شهر يناير من هذا العام، كانت لي فرصة زيارة بعض الكنائس في قرى صعيد مصر، وشكرت الله من أجل كنيسة القرية التي مازالت تفيض بالحياة وتموج بالحركة، رغم ما أصاب الريف المصري بعامة، وصعيده بخاصة، من نزوح العدد الكبير من شبابه لأغراض التعليم والبحث عن العمل في المدن الكبرى وفي الدول العربية.
رأيت قرية أولاد نصير بمحافظة سوهاج وهي تحتفل برسامة وتنصيب راع لها. رأيت الكنيسة وهي تتزين كعروس لهذه المناسبة، رأيت الشباب والشيوخ والنساء يقدمون بسخاء، لا حسب الطاقة فقط ولكن فوق الطاقة أيضًا، لتبدو كنيستهم أفضل من كل بيوت القرية. إنهم يحلمون بالكثير لأجل الكنيسة، رغم محدودية إمكانياتهم. أصلي من أجل الراعي الجديد القس عبد المسيح نبيل مع كنيسته.
ومن محافظة سوهاج إلى محافظة المنيا، وفي قرية بني غني، وهي غنية بتاريخ العمل الإنجيلي والخدمة الروحية المتميزة. شكرت الله لأجل هذه الكنيسة التي هي بحق غنية بشعبها السخي الذي تربى على حب الكنيسة وإكرام خدامها. لا بالكلام نثراً وشعراً فحسب بل بالتقدير العملي. فليبارك الرب كنيسة بني غني وراعيها الجديد القس ناجح فوزي، ومجلسها الجديد لتستمر كنيسة بني غني غنية في كل شيء.
ومن غرب المنيا إلى شرق المنيا… إلى نزلة فرج الله، الكنيسة التي انتقلت من جهة كرازية إلى كنيسة رعوية لأول مرة برعاية القس إيليا وديع ملطي.
في كنيسة نزلة فرج الله وفي كنيسة بني غني وكذلك في أولاد نصير، كانت الاحتفالات احتفالات شعبية، التف فيها المسيحيون والمسلمون قادة القرى ورجال الدين، الكاهن الأرثوذكسي مع القسيس الإنجيلي مع الشيخ المسلم الجميع جاءوا ليحتفلوا معًا: إنه يوم عرس القرية. نشكر الله من أجل محبة شعبنا المصري الذي لا يستطيع أحد أن يفرق بينه، إنها أصالة المصري.
ومن زياراتي لهذه القرى وغيرها، كقرية حلوة بالمنيا، وكنيسة أبو حماد بالشرقية، كانت هناك الملاحظات التي تجمع بين معظم كنائس القرية والمدن الصغيرة، ألا وهي الإمكانات المحدودة أمام انتظارات الرعاة والشعب. إن غالبية كنائس القرى مر عليها قرابة المائة عام وتحتاج إلى تجديدات وترميمات كما يحتاج بعضها إلى هدم وإعادة بناء. ونحن نشكر الله من أجل تعاون الجهات الأمنية والإدارية في تحقيق مطالبنا من أجل الكنائس. وصدور الكثير من التصاريح المطلوبة وفي أوقات قاسية تستحق التحية والتقدير للسيد الرئيس محمد حسني مبارك، والسادة المحافظين
وأجهزة الأمن في محافظات مصر. وعلى رأسها السيد وزير الداخلية. إن كل واحد منهم يستحق تقديراً شخصيًا خاصًا به من أجل التعاون الصادق والملموس.
ولكن!! هنا التساؤل ماذا بعد؟1 (ولكن) إن احتياجات تلك الكنائس تفوق قدراتها المحلية وأكثر من قدرة أمانة الصندوق السنودسي. أن السيد رئيس المجلس المالي يشاركني الإحساس بالاحتياج، ويشاركني أيضًا العلم بمحدودية الإمكانيات، وكلانا نرفع صلواتنا ليرسل الرب عونًا.
ماذا نفعل أمام احتياجات إسنا والحمادية وحلوة وشارونة والفيوم والوسطى وشبين الكوم والعاشر من رمضان والمدن الجديدة والساحل الشمالي وغيرها.
إنني أدعوا أبناءنا الذين تربطهم بتلك الجهات روابط تاريخية وروحية، أن لا ينشغلوا عنها. إنني أدعو الكنائس القادرة أن تضع في حسابتها وميزانياتها ومشروعاتها، امتداد الخدمة العامة. إنني أشكر الله من أجل الكنائس الولودة مثل كنيسة المنيا الثانية، وأتوقع أن كنائس أخرى تحذو حذوها.
إنني أدعوا الهيئات الكنسية والخدمية أن تضع في حساباتها تنمية كنيسة الريف التي هي جزء من التنمية الشاملة للقرية.
إنني أدعو إلى تخصيص صندوق خاص بالقرية، لتستمر الخدمة بها كما كانت. وأدعو أبناءنا الخدام أن لا يهربوا من الريف الذي صنع أكبر الخدَّام. ولنتذكر أننا مدينون جميعًا للقرية: لهور والبياضية، للمطيعة وباقور، للعضايمة والحووايش والغريزات وبني غني وأولاد نصير ونزلة فرج الله، ولابد أن نسدد جزءًا من هذه الديون. وليبارك الرب كنيسته في بلادنا ريفًا وحضرًا.