رئيس التحريركلمات وكلمات

كلمات وكلمات أبريل 2019

الهدى 1208                                                                                                                        أبريل 2019

عندما قام الإصلاح الديني عام 1517 (عصر الإصلاح) قام مستندًا على ما أطلق عليه (الفحص الحر للكتاب المقدس) أي حرية قراءة وتفسير الكلمة المقدسة لشعب الكنيسة وقياداتها، ولقد أعلن لوثر «أن رسالته تقوم على التخلص من ضباب الخرافة وتحرير المسيحيين من السمة الشمولية للكنيسة الكاثوليكية» أي ديكتاتورية الكنيسة وتحقيق الديمقراطية والتي نادت بها محاولات الإصلاح قبل لوثر وعندما أعلن جون كالفن «أن النجاح المادي والاجتماعي لا يتعارض مع العلاقة الصحيحة مع الله وليس الفقر والزهد» كما كانت تنادي الكنيسة من قبل، هنا أصبح التقّويون هم أصحاب المصانع ورجال الأعمال في سويسرا وإنجلترا، ومن ثم بدأت الثورة الصناعية وهذا طبقا لتحليل ماكس فيبر عن الإصلاح الديني.
وهكذا وضح وتحدد معنى مصطلح «الروحانية الإنجيليّة» بأنها ليست الزهد على طريقة يوحنا المعمدان، لكن روحانية السلوك والنقاء الفكري والضميري وكان عصر الإصلاح تمهيدًا لعصر التنوير والذى تجاوز الإصلاح الديني وحرر العقل ليس فقط من السلطة الكنسيّة المتحجرة بل من كل سلطة ما عدا سلطة العقل فالتنوير هو إضاءة المناطق المظلمة في عقل الجماعة ولقد عبر كانط عن ذلك بوضوح عندما عرَّف التنوير بالقول بأنه «هجرة الإنسان من اللارشد إلى الرشد والإنسان وحده هو المسؤول عن عدم رشده» ومعنى هذا التعريف أن الإنسان هو المسؤول عن التغلب على عدم نضجه، أى على عجزه عن أعمال عقله بدون معونة الآخرين. والتنوير يعني استخدام العقل في الإبداع ذلك أن المعرفة الإنسانية الحقيقية ليست مجرد وصف للواقع إنما هو تفسير له، وهذا التفسير يأتي من ربط الواقع بالعقل وعندئذ يأتي الإبداع والتجديد وهنا يمكننا أن نتعرف على دور العقل في العلاقة مع الله فتعريف العقل هو «موهبة التفسير العملي الذي يتجاوز الواقع والوقائع» أي أن العقل لا يرصد الواقع فقط لكنه أيضًا يفسره أي الإجابة على علامة الإستفهام لماذا؟
إن التحدي الأكبر للكنيسة اليوم هو تحدي الحوار وكيفية استخدام العقل في تفسير الواقع وتجاوزه، وهذا لا يتم إلا بالحوار. الحوار مع عضو الكنيسة العادى، رجل الشارع، وكان أول من قدَّم هذه النظرية هو الرب يسوع الذى كان يسير في الشارع يحاور البشر ويحاورونه، وإن كان البعض يقول إن سقراط سبقه في ذلك، إلا أن الرب يسوع كان يتميز عن سقراط بحواره مع خدَّام الهيكل ورجل الشارع والمرأة والطفل وهذا فضلًا عن أنه لم يكن مجرد فيلسوفًا يحاور الناس بل كان يحمل رسالة إلهية، ويصل مع كل حوار إلى نتيجة واضحة محددة فقد كان تعليم سقراط ضد السفسطائيين والنسبية الأخلاقية، أما الرب يسوع فقد كانت رسالته ضد استخدام الدين للسيطرة على الإنسان وضد استخدام الكهنة لسلطانهم ضد العقل البشرى والاستنارة. «تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ.» مت 11: 28، 29 وترجمة مصطلح الـ logos الذي استخدمه يوحنا البشير وتُرجم في العربية «الكلمة» والتي تعني في اليونانية العقل الأزلي المتحكم في العالم وتعنى أيضًا الكلمة المنطوقة وقد ربط الإنجيل بين يسوع والكلمة والنور «فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ. هذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللهِ. كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ. فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ، وَالنُّورُ يُضِيءُ فِي الظُّلْمَةِ، وَالظُّلْمَةُ لَمْ تُدْرِكْهُ. كَانَ إِنْسَانٌ مُرْسَلٌ مِنَ اللهِ اسْمُهُ يُوحَنَّا. هذَا جَاءَ لِلشَّهَادَةِ لِيَشْهَدَ لِلنُّورِ، لِكَيْ يُؤْمِنَ الْكُلُّ بِوَاسِطَتِهِ. لَمْ يَكُنْ هُوَ النُّورَ، بَلْ لِيَشْهَدَ لِلنُّورِ. كَانَ النُّورُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي يُنِيرُ كُلَّ إِنْسَانٍ آتِيًا إِلَى الْعَالَمِ.» يو 1: 1 – 9.
والكلمتان في الإنجليزية see – say لهما نفس الأصل فالأولى تعني الكلام والثانية تعني الرؤية. فإذا قلنا إن فلان «يقول شيئًا ما جديدًا» فهذا يعني في أصل المعنى أن الكلمة الجديدة التي قيلت «تنير» منطقة مجهولة لدينا. وعندما نستمع لشخص يتحدث لنا بكلمات غريبة علينا أو مصطلحات لم نسمعها من قبل نقول لقائلها «نورنا» تعليقًا على كلمات غير مفهومة وتعنى وضح كلامك وأيضًا يقول القاضي لشاهدٍ أضاف معلومات جديدة في القضية المنظورة «نورت المحكمة». وهذا يعنى أن ما نتحدث عنه قد أحضرناه إلى النور. ومن هنا يأتي دور الواعظ أو المعلم وتعليمه الذي يجب أن يكون في إطار الاستنارة الحقيقية وإذا لم تحتو العظة أو يحتوي التعليم على استنارة حقيقية فإن ما يقوله يعتبر فارغ المضمون أو المعنى.
والكلام هو وسيلة الحوار وهنا تأتي أهمية الديمقراطية في ارتباطها بالتنوير فإذا لم تكن هنالك ديمقراطية تسمح بأن يقول المستمعون رأيهم فيما يسمعون ويعلنون أراءهم في أي قضية متاحة للحوار فلا حوار وبالتالى لا إستنارة والعلاقة بين الاستنارة والحوار والديمقراطية علاقة طردية وليست عكسية فكلما كان الحوار مع الديمقراطية يمارس بإطراد كلما زادت مساحة التنوير في وسط الجماعة والمجتمع.
خبرة رعويَّة
كتب عزيز أباظة:
كان حُلمًا فخاطرًا فاحتمالًا
ثم أضحى حقيقية لا خيالًا
لقد كان وجود مطبعة تمتلكها كنيستنا التي شعارها التنوير والتجديد والإصلاح حلمًا بعيد المنال لأسباب كثيرة من ضمنها ترتيب الأولويات بطريقة تجعل المطبعة في آخرها وقد سبقتنا كنائس وهيئات مسيحية لكن جاء الوقت ليحقق الرب رؤانا وحلمنا على أفضل ما يكون وقد أعطانا الرب مطبعة هي الأفضل مع كل الآلات الملحقة بها بحيث لا نحتاج أن نتكامل مع مطابع أخرى ولقد كان العامل الرئيسي في تحقيق رؤيتنا هو اتفاقية تعاون بين سنودسنا الموقر وكنيسة المسيح المصلحة والتي تتميز بقسم الإعلام والSocial media ولذلك عقدنا إتفاقية بين هذا القسم ومجلس الإعلام والنشر لمدة أربع سنوات 2018-2022، يبدأ بمشروع المطبعة يليها مباشرة في نفس العام تأسيس موقع إلكتروني على أفضل مستوى مع صفحات الفيس بوك وتأسيس ستوديو إذاعة وبعض الفيديوهات المعبرة عن فكرنا الإنجيلي ومؤتمرات ولقاءات تدريب على الكتابة ومواجهة الكاميرا وتنتهي الاتفاقية باستديو يليق بكنيستنا عام 2022.
وسوف يقوم سنودسنا الموقر بافتتاح المطبعة يوم الثلاثاء (ثاني أيام السنودس) الساعة 12 أي بعد الجلسة الأولى مع افتتاح تجديدات المكتبة ويقوم بالإفتتاح السادة رئيس الطائفة ورئيس السنودس.
حكاية لاهوتية
قام الخديوي عباس الأول (1849-1854) بن محمد علي بإصدار قرار بطرد المسيحيين من وظائفهم وحاول طردهم من مصر وطنهم وإرسالهم للسودان وطلب من شيخ الجامع الأزهر- حينذاك- الشيخ الباجوري أن يصدر فتوى بجواز إبعادهم، لكن الشيخ الباجوري في موقف وطني عظيم وقف أمام رغبة الخديوي ورفض أن يفعل ذلك وقال له: إن المسيحيين هم أهل البلاد وأصحابها وهم في ذمة حكامها المسلمين، ومصطلح الذمة في ذلك الوقت يعني نام حماية الجيش للمواطنين المصريين من مسلمين ومسيحيين؛ ولم يطرأ على الذمة طارئ ولم يستول عليها خلل. فإن كان الوالي يعني النصارى الفرنجة النازلين في البلاد فليحذر إن فعل بهم شرًا أن يحل بالبلاد ما حلَّ بالجزائر من الفرنسيين. (طارق البشري، المسلمون والأقباط في إطار الجماعة الوطنية ص 40، محمد السماك الأقليات بين العروبة والإسلام ص96).
مختارات
يكرهونك لفشلك،
ويكرهونك لنجاحك،
في الحالتين تجاهلهم.
غاندي
نحن في زمن يندم المحترم على
احترامه لبعض البشر
ديل كارنيجي

د. القس إكرام لمعي

قسيس في الكنيسة الإنجيلية المشيخية
رئيس مجلس الإعلام والنشر
كاتب ومفكر وله العديد من المؤلفات والكتابات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى