كلمات وكلمات أغسطس 2019
الهدى 1212 أغسطس 2019
ما هو الفرق بين البصر والبصيرة؟! البصر هو ما نراه بعيوننا المجردة، وهو أحد الحواس الخمس، أما البصيرة فهي قدرة العقل والحدس السليم لتحليل الأمور، وهو ما يطلق عليه الحاسة السادسة. فما نستطيع أن نتخيله كإلهام، أو نتصوره لأحداث معينة يثبت صحتها فيما بعد، أو عندما يتذكر إنسان شخصًا لم يره من زمن ثم يلقاه أمامه بدون مقدمات، أو يسافر الإنسان إلى بلد معين ويرى منظرًا مألوفًا لديه فيبدأ في التركيز والتذّكر ترى أين رأى ذلك المكان؟ وأخيرًا يتذكر أنّه قد حلم به من قبل أن يسافر إليه، أو، أم، تفزع من نومها متذكره ابنها المسافر وعندما تتحدث إليه تعلم منه أنّه اجتاز أزمة ما في الوقت الذي تذكرته فيه، أو تعرض لحادث ما… إلخ. ولقد حاول العلماء على مدى سنين طويلة اكتشاف السر وراء هذه البصيرة، ومصدرها، وما الذي يستدعيها؟ وفي أي منطقة من مخ الإنسان توجد هذه الأمور؟… إلخ، ولقد توصل العلماء إلى بعض النتائج التي يمكن الاستدلال بها رغم أن هذه الأبحاث تحتاج إلى تدقيق أكثر لأن نتائجها جاءت صادمة لبعض التراث المتوارث، ولن يستدعوا هذه الأمور كنوع من الخوارق، أو الإيمانيات فمثلًا، فسرَّ العلماء أن هناك مركزًا في المخ إذا ركز الإنسان قبل أن ينام في شخص يحبه مثل الأب المتوفي، أو الأم، أو الأخ، أو الأخت، أو الابن، أو في قديس، أو ولي من أولياء الله، أو أحد الأنبياء، فإنَّ هذا المركز في المخ يستدعي الصورة المُتخيلة عن الشخص فيحلم هذا الشخص بالقديس على الشكل الذى تخيله هو فيه، أو الصورة التي يراها أو التي جسَّمها أحد الفنانين أو يخبره الشخص الذى في الحلم أنّه فلان الفلاني وهذا يكون في حالة أنه لا توجد للحالم صورة ذهنية عن الشخص المستدعى، وهكذا يستيقظ الإنسان سعيدًا ويحكى كيف أنّه رأى أباه، أو أمه، أو القديس، أو الولي الذى يفضله… إلخ؛ وأحيانًا يقوم هذا الشخص المستدعى بإجراء معجزة للذي استدعاه، ويكون الحالم يعاني من مرضٍ ما، وأحيانًا يُشفى هذا الشخص لإيمانه الكامل في الشخص الذى قام بزيارته في الحلم، فالإيمان هنا له دور عظيم في شفاء الإنسان. وهذا موجود في كل الأديان، ويتحدث الرهبان البوذيون عن قدرتهم على الشفاء للأمراض من خلال إيمان المريض بقدرتهم تلك، بل هم يقومون مثلًا بعد التركيز الشديد بالارتفاع عن الأرض، أي يتحركوا ضد الجاذبية الأرضية، أو يجتازون في النار… إلخ.
أما أولئك الذين في نزعات الموت قد يرون أولياءهم، وقديسيهم، وأحباءهم الذين رحلوا، قبلهم، ويلاحظهم المحيطون بهم وهم يتحدثون إليهم وكأن هؤلاء البشر المنقولين إلى الحياة الأخرى قد أتوا إليهم ليتسلموا أرواحهم. ويبدو على المؤمنين الذين على شفا الموت السعادة، ويرفعون أيديهم متحدثين إلى أرواح الموتى الذين أتوا إليهم، فقد فسرها العلماء على أن الإنسان وهو ينازع الموت تقل كمية الأكسجين التي تصل إلى المخ، والمعروف أنه عندما تقل نسبة الأكسجين يتخيل الإنسان من يعرفهم ومنهم من الذين انتقلوا ويبتهج برؤياهم أو تخيلهم. أما إذا كان شريرًا مطاردًا من خطاياه ولديه شعور بالذنب فيرى «إبليس» وأعوانه وقد أحاطوا به، أما في حالة الأم التي تشعر بالابن عن بعد، والصديق الذى نفكر فيه ونراه فجأة فكل هذا يرجع إلى انشغال الأم والصديق بعقله الباطن، ما يجعل الإنسان يحس بما يحدث عن بعد، ولقد مررت شخصيًا بشيء غريب من هذا القبيل عندما سافرت إلى جنيف لأول مرة وجلست أمام بحيرة جنيف المشهورة بنافورتها وتهيأ لي أني رأيت هذا المنظر من قبل بكل تفاصيله حتى المكان الذي جلست فيه وزاوية النظر وكل ما يحيط بي، وبعد رجوعي إلى المسكن تذكرت جيدًا أنني حلمت بهذا المكان بكل تفاصيله وأنا أستعد للسفر إلى هناك، لكنى تذكرت أيضًا أني قرأت كثيرًا قبل الحلم عن سويسرا وجنيف قبل سفري إليها وأعجبني ما قرأته عن البحيرة والنافورة، وفي دراسة أخيرة أثبتت أن الإنسان يستطيع أن يحل معضلة أو لغزًا صعبًا عن طريق الإلهام المباشر «البصيرة» أسرع من التحليل المنطقي، وذلك إذا كان ذلك بعد استماعه لنكته ساخرة أو مسرحية كوميدية وهو ما يدعونه بالمزاج الإيجابي، ويكون العقل أقل إلهاما إذا حاول حل اللغز بعد مشاهدته فيلمًا حزينًا واكتشف العلماء أن هناك منطقة في المخ مسماه بالقشرة الحزامية الأمامية والتي تنشط عندما يزيد انتباه الإنسان ويركز في مسألة أو شخص ما ويبعد كل ما يشوشر عليه، وقد توصل الباحثون إلى أن المراكز البصرية عند الإنسان عندما يكون مزاجه معتدلا يلتقط مزيدًا من التفاصيل ما يجعل حلوله للمشكلة أكثر إبداعًا وكأنه إلهام لذلك أدعوك – عزيزي القارئ – أن توفر لذاتك جوًا إيجابيًا متفائلًا مع أصدقاء خفيفي الظل الذين يحرصون على أن يكون مزاجك معتدلًا دائمًا.
هذه نتائج دراسات لتركيب المخ فهل هذا ينفي المعجزات التي حدثت في الكتاب المقدس؟ بالطبع لا، لأنّ مثلًا معجزة إقامة لعازر، أو ابن أرملة نايين، أو ابنة يايرس، لا يتوفر فيها ما قلناه سابقًا، فمعجزات السيد المسيح حالة خاصة وعلينا أن نفرق بين الإثنين من خلال حياة ونقاء وطهارة من يستخدمه الله لصنع المعجزة، وسوف نكتشف بسهولة إن كان الشخص يؤثر في الآخرين بطريقة مبالغ فيها ويضغط على أعصابهم وعواطفهم… إلخ، وهذه الحالات هي التي يفسرها العلم والحالات الأخرى التي تأتى دون جهد وتركيز وضغط وبكاء صانع المعجزة.
خبرة رعوية
أثناء رعاية الراعي لأحد الكنائس الهامة والتي كانت في منطقة شعبية حدثت حركة نهضة ضخمة على مستوى العاصمة تحمل لاهوتًا غريبا ظهر في الغرب وتسلل عبر بعض الأجانب إلى بلادنا – كالعادة – وتلقفه قيادات تبحث عن دور، وكان لاهوت الجماعة يتلخص في أن هناك أماكن لا يتمجد الله فيها وبالتالي علاج هذه الأماكن التي تمتلئ بإبليس وأعوانه والله بعيد عنها لابد أن تقوم هذه الجماعة بالصلاة لله لكى يجعلهم يقتحمون هذه الأماكن وبالطبع هذا مستحيل لذلك عليهم أن يصلوا لمدة شهر متواصل لسقوط المكان الذى يسيطر عليه إبليس ثم يحددون يومًا يتجمعون فيه حول المكان ويدورون حوله سبع مرات وسوف يسقط المكان – ليس ماديًا لكن روحيًا – بين أيديهم والبعض اعتقد أن السقوط ماديًا، وتفسيرهم للسقوط هو أن يتحول هؤلاء البشر إلى قلوب وعقول مفتوحة للرسالة، ومع اختيارهم لأكثر من مكان به إبليس مثل الأهرامات الفرعونية والتي تمتلئ بالشياطين، والمكان الثاني مكان ديني مشهور لا داعي لأن نذكر اسمه، وبعد الصلاة لمدة شهر على المكانين حددوا أيامًا للدوران سبع مرات وفي اليوم الذى تجمعوا فيه حول الأهرامات ورفعوا صلاة وبدأوا الحركة إذا بالبوليس يطوقهم ويقبض عليهم ويأخذهم لقسم الهرم والجماعة الأخرى لقسم العتبة، وقاموا بالاعتراف وأطلق سراحهم بعد أخذ التعهدات اللازمة، إذن ما هي الخبرة الرعوية في ذلك :
لاحظ الراعي كل يوم أن هناك ثلاثة أو أربعة من الشباب يجلسون في الحجرة التي في مدخل الكنيسة يصلون ولا يدخلون الكنيسة، وبعد ملاحظتهم لمدة أكثر من اسبوعين جلس إليهم وسألهم ما هي القضية قالوا للراعي نحن نصلى لكى تتحول مصر إلى المسيح وسوف نبدأ في أكثر من منطقة قال الراعي وهل كنيستنا أحد المناطق التي تريدون أن تدوروا حولها فارتبكوا وقالوا لا بالطبع نحن نصلى أن تكون مصر للمسيح، قال الراعي لماذا لا تبدأون مع البقال الذى دكانه في مواجهة الكنيسة وتتحدثون معه قال القائد ليست هذه طريقتنا، قال لهم الراعي أنا غير مستريح لهذا الفكر.
لم يرهم الراعي بعد ذلك لكن والد واحد منهم كان عضو بالكنيسة فاجأ الراعي يوم الأحد بالقول إن ابنه كان من الذين يدورون حول الهرم وقبض عليه وذهب بنفسه وأخرجه من القسم وتعهد أنه لن يقوم بمثل هذا الأمر ثانية.
كانت هذه أول موجات اللاهوت العجيب والعبادات الأخيرة.
حكاية لاهوتية
كانت المحاضرة عن ماذا بعد الموت؟
قال الأستاذ: بعد الموت نحن لا نعلم ما الذي سوف يحدث نحن نعلم أن هناك السماء التي فيها الرب وحوله القديسون المبررون ثم الجحيم وفيها الأشرار.
سأل أحد التلاميذ ما هو مقياس دخول السماء؟
قال الأستاذ ماذا يقول مثل الابن الضال اقرأوا لوقا 15، وقولوا على أي أساس كان المقياس لقبول الابن؛ هل الناموس أم النعمة؟، الابن الأكبر، أم الأب؟
بعد فترة صمت قال الأستاذ هل تريدون فعلًا معرفة من سيدخل السماء على أساس لوقا 15.
قالوا بصوت واحد كل البشر مهما كانت خطاياهم في حالة توبتهم، سيدخلون السماء بسبب قلب الآب المحب.
قال الأستاذ هناك قصة في التراث المسيحي تقول:
إنَّ الله دخل السماء بعد نهاية العالم فوجد زحامًا شديدًا، وفي الجحيم لم يجد أحدا فقال لجبرائيل هذا زحام شديد دعنا نجرب تصفية هؤلاء ونتصور دخولهم على أساس الوصايا العشر، فوقف جبرائيل ونادى، مَن كَسَرَ الوصية الأولى؟
وإذ بالملايين يخرجون ويدخلون الجحيم. ونادى ثانية، الوصية الثانية، الوصية الثالثة، حتى النهاية.
لم يتبق سوى شخص واحد سمين وعجوز وكسول قال الله: إذا كان لم يوجد غير هذا الإنسان اذهب وادعو الجميع.
مختارات
«إن الشخص الجامد هو ذاك الذي ينظر بلا بصيرة ويصغى بلا فؤاد، ويلمس بلا إحساس، ويأكل بلا استساغة، وتتحرك جوارحه بلا وعى. ويشم بلا رائحة ويتكلم بلا تفكير».
ليوناردو دافنشي