كيف تشرح لأطفالك أهمية القيامة؟
الهدى 1231 مايو 2021
الكاتب: مايكل ريدجواي
القصة الأشمل للإنجيل تساعدنا على اكتساب فهم أفضل لأهمية قيامة المسيح.
في فصول مدرسة الأحد، في عيد القيامة، تحتل تفاصيل قيامة المسيح صدارة المشهد.. القبر الفارغ، الحجر الكبير الذي دُحرج بشكل عجيب، الملائكة الذين بشروا بالمسيح القائم من الأموات، وظهوره العجيب لمئات التلاميذ. قصة درامية مثيرة اعتمدت عليها الأفلام كثيرًا!
لكن ما يُفقد كثيرًا في هذه الدراما هو فهم أسباب أهمية القيامة بالنسبة لنا اليوم. القيامة أكثر من مجرد قصة مثيرة، بل هي القصة الوحيدة التي تستطيع أن تغيّر حياتنا. ويجب النظر إلى هذه القصة في سياقها الكامل: القصة الأشمل للإنجيل التي تجري خيوطها في كل سفر من أسفار الكتاب المقدس.
بينما نحتفل بالقيامة مع عائلاتنا هذا العام، دعونا نساعد أطفالنا على التمعن في قصة الإنجيل حتى يكتشفوا كيف تغيّر القيامة كل شيء في حياتنا.
الخلق
القصة تبدأ ”في البدء“ بأول آية في الكتاب المقدس، بخلق الله لكل شيء.. قال الله، ثم ظهر الكون إلى الوجود. خلق مليارات المجرات التي تمتلئ بتريليونات النجوم، وحول أحد النجوم وضع كوكبًا مكتظًا بتنويعة مذهلة من مظاهر الحياة. وفي وسط كل هذه الروعة والجمال، خلق الله رجلاً وامرأة، ووضعهما في بستان، وهناك عاشا بلا خجل، في حضور الله القدوس يتمتعان بعلاقة مثالية مع خالقهما.
في علاقة مثالية (تكوين ١: ١- ٢: ٢٥؛ مزمور ١٩: ١- ٦؛ جامعة ٣: ١١؛ يوحنا ١: ١- ٣).
السقوط
لكن شيئًا ما تغيّر.. لم تستمر روعة خليقة الله وكمالها. دخل المُخادع الجنة، وبكلامه الخبيث تظاهر بالحكمة، وغرس بذار الشك في ذهن الرجل والمرأة، وأثار بداخلهما سؤالاً ملحًا: لماذا حرّم الله علينا الأكل من شجرة معرفة الخير والشر؟
همس المُخادع وقال لهما: «اللهُ عَالِمٌ أَنَّهُ يَوْمَ تَأْكُلاَنِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا وَتَكُونَانِ كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ» (تكوين ٣: ٥).
لماذا يمنع الله شيئًا مرغوبًا؟
ضعف كلٌّ من الرجل والمرأة وأكلا من الشجرة، وكانا يظنان أنها ستشبع رغبتهما في أن يصيرا مثل الله. وعندما فعلا ذلك، فقدا الشيء الوحيد الذي كان يمكن أن يشبعهما.. حضور الله.
شوهت الخطية خليقة الله، ودخلت المعاناة إلى العالم. واستمرت أجيال الرجال والسيدات في التشكك في الله وفي الثقة في قلوبهم، مما أدخل العالم في فخ الخطية الانكسار.
الحياة على هوانا: (تكوين ٣: ١-٢٤؛ رومية ١: ١٨-٣٢؛ ٣: ٩-١٨؛ ٥: ١٢-١٤)
الفداء
لكن مأساة الخطية لم تستطع أن تبطل خطة الله من أجل خليقته. لقد وعد الله بيوم يهزم فيه الخطية، ويعيد شعبه للتمتع بحضوره. عبر العصور استُعلنت خطة فدائه بواسطة الأنبياء: سيرسل المسيّا الذي سيعيد مملكة الله، ويسد الفجوة بين الله والإنسان.
لكن الأنبياء لم يتنبأوا فقط بعظمة هذا المسيّا، لكنهم تنبأوا أيضًا بأن الله نفسه سيصير بشرًا وسيدخل عالمنا الساقط، بحيث يقدر أن يأخذ خطايانا على عاتقه ويموت الموت الذي نستحقه نحن. تسامى يسوع ابن الله فوق كل ما اعتقد الشعب اليهودي أنه يعرف عن المسيّا. جاء الله متجسدًا، ظاهرًا في الجسد، وعاش حياة كاملة بلا خطية، غير أنه حمل بالكامل عبء الانكسار والموت اللذين جلبتهما الخطية علينا.
عندما عُلّق على الصليب، صرخ: «إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟» (متى ٢٧: ٤٦). شعر الابن بالظلمة الطاحنة لاحتجاب وجه الآب. يسوع هو الإنسان الوحيد الذي لم يبتعد عن الله أبدًا، الآن يشعر أن الله يبتعد عنه (شعوريًا وليس من جهة لاهوته). تحمّل يسوع الموت الذي تفشى في البشرية، وهو الحمل الثقيل والجسيم الناتج عن سقوطنا. وفي هذه اللحظة البشعة والجميلة لموته، أُبطلت لعنة الخطية. افتدى الله شعبه المحبوب، وأزال الحاجز الذي كان يفصلهم عن حضوره.
إبطال اللعنة: (متى ٢٧: ٣٢-٥٦؛ رومية ٨: ١-٤؛ كورنثوس الثانية ٥: ١٧-١٩؛ أفسس ٢: ١-٩).
التجديد
وُضع يسوع في قبر، وكان القبر مغلقًا بإحكام بواسطة حجر كبير. لكن في صباح اليوم الثالث لم يستطع القبر الاحتفاظ به.. وحدثت قيامة المسيح.
كان البعض قد أقيموا من الموت من قبل (مثل لعازر صديق يسوع، وابن الأرملة في سفر الملوك الأول)، لكن انتصارهم على الموت لم يكن بقوتهم الخاصة، وكان مؤقتًا. لكن يسوع هو أول مَن قام من القبر بجسد ممجد، ولم يذق الموت بعد ذلك أبدًا. قهر يسوع الموت مرة وإلى الأبد، وافتتحت قيامته بداية طريق التجديد لكل الخليقة. لقد وعد بأن كل مَنْ يؤمن به سيُقام في يوم من الأيام، وسنعرف الفرح الذي لا يُنطق به لحضور الله في الأبدية. وبينما ننتظر ذلك، فنحن نختبر لمحات من حضوره في حياتنا اليومية. الله يجددنا الآن -يشفي جروحنا، ويحررنا من الخطية، ويعلمنا بلطف أن نضع ثقتنا فيه.
قيامتنا وتجديدنا: (لوقا ٢٣: ٥٠-٢٤: ٥٣؛ رومية ٨: ١٨-٣٩؛ 1كورنثوس ١٥: ١-٥٦؛ فيلبي ١: ٣-٦).
القيامة: أهمية رسالة الإنجيل
بحسب اللغة اليونانية، كلمة ”إنجيل“ تعني ”الأخبار السارة“. لماذا تعتبر قصة الخلق والسقوط والفداء والتجديد أخبارًا سارة؟ هناك على الأقل ثلاثة أسباب من جهة القيامة. إننا نرى عبر الإنجيل ما يلي:
لسنا بحاجة إلى اكتساب قبول الله بمجهودنا
لقد بيَّن الصليب لنا عمق الظلمة الحالكة التي فينا، وكذلك بيَّن عظم محبة الله لنا. وعندما أراد الله أن يدمر الخطية التي كانت تدمرنا، لم يبخل علينا بشيء، ولا ابنه الوحيد. كان هذا أعظم عمل يعبّر عن الحب الباذل عرفه العالم. ولأنه أحبنا بهذه الطريقة، بينما كانت قلوبنا لاتزال تتمرد عليه، فإننا نعرف أن محبته غير مشروطة.. لا يمكننا فعل شيء لنجعله يحبنا أقل أو أكثر مما هو عليه بالفعل!
هذه الحقيقة تولّد فينا حرية مذهلة.. إنها تعني أننا نستطيع أن نتوقف عن اللهث وراء اكتساب قبوله. في الواقع أي محاولة لذلك -سواء بحضور الكنيسة أو خدمة الفقراء، أو السلوك الأخلاقي المثالي- تعتبر نوعًا من البر الذاتي؛ بل يمكن أن تكون محاولة لتخليص أنفسنا، بدلاً من الاعتماد على العمل الذي أنجزه المسيح من أجلنا. لكننا عندما نتطلع إلى الصليب، فنحن ندع محبة الله تغيّر قلوبنا (ومن ثَم تأخذ مثل هذه الأعمال الصالحة شكلاً ومعنى مختلفًا).
لسنا بحاجة لإثبات أنفسنا
بداخل كل منا حاجة ماسة لنعرف أننا مقبولون، وأن لدينا قيمة ونتمتع بالجدارة. وكل واحد منا يحاول أن يُشبع هذا الاحتياج بطرق مختلفة، سواء من خلال الإنجاز الشخصي، أو الثروة، أو الجمال، أو العائلة، أو الشعبية، أو الفضيلة.. هذا الدافع لإثبات قيمتنا سيتركنا منهكين. إذا استطعنا أن نحقق مستوى ما يمنحنا الشعور بالقيمة، فإن هذا الشعور سيكون مؤقتًا، ولن يمر وقت طويل حتى نعود إليه مناضلين لإثبات أنفسنا مرة أخرى.
غير أن رسالة الإنجيل تخبرنا أننا لدينا قيمة هائلة.. لقد رأى خالق الكون أن قيمتنا غالية حتى أنه بذل حياته ليخلصنا. نحن جيدون لأن موته على الصليب جعلنا كذلك.. لأنه جعلنا مستحقين لندخل في علاقة معه. وعندما نتوقف عن التعب من أجل إحراز ما حققه لنا الله بالفعل، حينئذٍ تصبح الحياة أكثر غنى وأكثر بهجة. ليتنا نتوقف عن استخدام العمل، والمدرسة، والرياضة، والعائلة، والصداقات كوسيلة لإثبات ذواتنا، وفي المقابل نتمتع ببساطة بهذه الأمور كعطية من الله.
لسنا بحاجة إلى القلق بشأن المستقبل
تؤكد رسالة الإنجيل وتطمئننا بأن الرب صالح، وأنه كلي القدرة. لقد خلق الكون وكل ما فيه، وبرغم لعنة الخطية التي جلبناها على هذا العالم، إلا أن الله كان ولايزال ممسكًا بزمام مسيرة التاريخ. عندما ندرك أن الله ضابط الكل وأن خططه لخيرنا، حينئذٍ ندرك أنه ليس لدينا ما يبرر قلقنا حتى عندما تسوء الظروف من حولنا أو عندما يبدو المستقبل ضبابيًا. الله لايزال يعمل على تجديد حياتنا وشفاء انكسارنا.. وهذه الحقيقة تتحول إلى واقع بالنسبة لنا، وتتعمق ثقتنا فيه، وتهدأ قلوبنا الحائرة بسلام لا يوجد ما يبدده.
القيامة هي أهم حدث في التاريخ البشري، بل هي الحدث الذي غيّر مسار البشرية- ولايزال يغيّر حياتنا إلى اليوم. بينما نحتفل بعيد القيامة، فلنساعد صغارنا على رؤية كيف أن قصة الإنجيل الشاملة تغيّر كل شيء فعلاً.
https://www.focusonthefamily.me