رئيس التحريركلمات وكلمات

كلمات وكلمات أكتوبر 2021

الهدى 1236                                                                                                                                    أكتوبر 2021

كلمة الإصلاح في اللغة الإنجليزية «Reformation»، وهي تتكون من «Form» وتعني الإطار أو الشكل وبإضافة «Re» لها تعني «إعادة التشكيل»، وهنا نجد معنى الإصلاح، فالإصلاح ليس أمرًا جديدًا من الألف للياء وليس تغييرًا جذريًا لأمرٍ من الأمور، أو جوهر لأمر، أو لشيء جوهري، فالجوهر هو الأساس وإطار الجوهر هو ما يحمي الجوهر، فالجوهر هو المعنى الحقيقي والأصيل والقاعدة التي نعتمد عليها ونعيشها ونعيها، فهي حقيقة في حد ذاتها. فكل كيان ثقافي أو اجتماعي أو ديني يتكون من اللُب « core» أو الأساس الذي قام عليه أو الفكرة التي عبرت عنه ثم الأسلوب أو الطريقة التي يمكن من خلالها تقديم الفكرة بشكل لا يؤثر على الأساس أو المضمون بل على العكس يقدم الفكرة للجمهور في الإطار ويجذب الجمهور لكي يتأمل في الفكرة الأصيلة التي بنى عليها الكيان، من هنا جاءت فكرة الـ Reformation الإصلاح، أي أن الأساس اللاهوتي والتاريخي الذي قام عليه الإصلاح في القرن السادس عشر والذي يتكون من النعمة وحدها، الكتاب المقدس وحدة، المسيح وحده… الخ، لا يمكن المساس به لكن ما يمكن تغييره هو الأطار والسؤال الأساسي: ترى ما هو تعريف الإطار؟ والإجابة البسيطة هي اللغة ووسائل الإيضاح التي نعبر بها عن الأساس أو الجوهر والشكل ومن خلاله نقدم فكرتنا الأصليّة ولكي تتضافر كل هذه الأبعاد لتعبر عن جوهر وأصل ما نريد توصيله للآخرين.
من هنا نستطيع القول أن الإطار يقصد به اللغه فاللغه تتغير أو تتطور مع الزمن والحضاره، والإطار أيضًا الشكل الذي نقدم به عقيدتنا، فالتقديم للطفل يختلف عن التقديم للبالغين والتقديم لدارسي اللاهوت أو أساتذته تختلف عن التقديم لرواد الكنائس… وهكذا. بعد كل هذا التقديم وهذه التعريفات نعود إلى معنى الإصلاح أو ماذا نقصد بالإصلاح، الاصلاح هنا وفي هذا الإطار الذي نتحدث عنه هو الإصلاح الذي حدث في القرون الوسطى في مواجهة الفكر التقليدي وقد فجره مارتن لوثر الراهب الثائر على تقاليد الكنيسة، وجون كالفن الذي يعتبر اللاهوتي والمُنظر للاهوت الإصلاح وهو الوحيد الذي قدَّم نظرية متكاملة له وقام بالفصل بين أساس الإصلاح وفروعه، وما يمكن تغييره بتغير الزمان والمكان والحضارة وما لا يمكن تغييره مع تغير الزمان والمكان والإنسان والحضارة، هنا عندما نتحدث عن الاصلاح في كنيستنا أو سنودسنا فإننا لا نتحدث إطلاقًا عن الأساسيات لكن نتحدث عن الطرق والأساليب التي يجب أن نقدم بها الإصلاح فالدعوة للإصلاح هنا لا يمس جوهر مفهومنا عن الكنيسة أو الكتاب المقدس … الخ.
خبرة رعوية
عندما كنت مديرًا لكلية اللاهوت ١٩٩١ – ١٩٩٩م وحيث إني قدمت إلى الكلية من خلفية رعوية أي بعد عملي للرعاية لمدة ٢٠ عامًا ١٩٧١م ١٩٩١م، لذلك كانت إدارتي للكلية يمكن أن أدعوها إدارة رعوية، كنت قريبًا جدًا من الطلبة أسمع مشاكلهم النفسية والأسرية واحتياجاتهم وآلامهم … إلخ وكنت أشجعهم أن يتغيروا ويثقوا فى أنفسهم، بل اهتممت أن تكون لهم علاقات مع قيادات الكنيسة، فكونت فريقًا يتكون من أعضاء وشيوخ وخدام الكنائس المتميزين وأطلقت عليهم أصدقاء الكلية، نجتمع معًا مرة شهريًا نختار موضوعًا هامًا لاهوتيًا أو رعويًا أو أدبيًا أو حتى سياسيًا أو اجتماعيًا نتحاور حوله، يقدمه أحد أعضاء هذه المجموعة لاسيما لو كان متخصصًا فيه أو مهتمًا به بحيث يقدم معلومات صحيحة ومهمة. كان من أبرز هذه المجموعة الشيخ نعيم عاطف والسيدة آمال توفيق قرينته وسامي سلامه وقرينته د. نبيلة لويس، والدكتور وليم فرج ود. عماد رمزي والقساوسة د. منيس عبد النور د. مكرم نجيب….الخ كنا نتبادل الأخبار ثم نختار موضوعًا ساخنًا نتناقش فيه معًا، وفى كل عام كنا أيضًا نُقَّيم عمل الكلية لمدة العام الدراسي، ونقترح أفكارًا جديدة ترتقى بكلية اللاهوت، كانت هذه المجموعة من أكثر البشر حبًا لكلية اللاهوت وعطاًء للوقت والجهد والمال، كانوا أيضًا يستضيفون طلبة الكلية في بيوتهم، وكان هذا بالنسبة للكلية قفزة اجتماعية متميزة، وتعريف بالكلية، وتدريب للطلبة غير مباشر لإدارة الحوار وآداب الضيافة والمائدة بطريقة غير مباشرة، في ذلك الوقت كان أعضاء الكنيسة الإنجيلية وشيوخها من صفوة المجتمع في كل الكنائس بدءًا من إسكندرية حتى أسوان، وكان رعاة الكنائس تراهم في ملبسهم وسلوكهم يناطحون الأعيان والأساتذة الكبار والمثقفين … إلخ . كانت كنيستنا وكليتنا من أرقى المجتمعات التي يمكن أن تشعر فيها بالثقافة اللاهوتية والأدبية والفنية … إلخ كثيرًا ما كنا نناقش فكرة لاهوتية، أو فيلمًا سينمائيًا له معنى أو مسرحية أو كتاب مهم… إلخ.
حكاية لاهوتية
في إحدى زياراتي لأمريكا دعاني صديق لزيارة الأسواق التجارية، والمحلات الضخمة في مدينة نيويورك والتي تعد من أكبر المدن لأعمال البيزنس والتجارة العالمية، واقترح صديقي أن نذهب إلى شارع الأديان المتعددة والمختلفة (مثل هايد بارك) وأيضًا الطوائف والملل … إلخ وعندما دخلنا إلى الشارع اكتشفنا أن هناك تنافسًا ضخمًا للدعاية للأديان، فكل أتباع دين يُروجون لدينهم مقابل الأديان الأخرى في منافسة شديدة. في ركن اليهودية داخل السوق قدموا لنا إلهًا يمتلئ صبرًا وطول أناة ويتكلم لغة واحدة هي العبرية، حيث أن اليهود هم فقط شعبه المختار، فلا يوجد شعب آخر يمكن أن نطلق عليه شعب الله المختار سوى الشعب اليهودي.
دخلنا ركن الإسلام علمنا وعلمونا أن الله رحمن ورحيم وأن له نبي واحد فقط هو الشفيع للناس جميعًا وهو الذي يفتح الباب لأي بشر يريد أن يُقبل من الله بشفاعته، فهو الطريق الوحيد إلى الله، الله واحد والرسول هو الطريق الوحيد له.
في ركن المسيحية اكتشفنا أن الله محبة ولا يوجد خلاص خارج شعب الرب (الكنيسة)، لذلك كل من يريد الحصول على الخلاص عليه أن ينتمي للكنيسة وإلا سيكون معرضًا للهلاك الأبدي. ونحن خارجون من سوق الأديان سألت رفيقي في الرحلة كيف تفكر فى الله بشكل شخصي؟ أجاب: هل يمكن أن يكون الله هو كل هؤلاء، أو أنه يظهر لكل جماعة بطريقة تختلف عن الجماعة الأخرى؟
وفى طريقي للمنزل قلت لله وأنا أعرفه جيدًا في محبته وغفرانه وعطائه ما رأيك يا إلهي؟! ألا ترى أن هؤلاء الناس قد شوهوا اسمك على مدى الزمان.
أجاب الرب: لست أنا الذي نظمَّ شارع الأديان هذا ولست مسؤولًا عنه، وأنا شخصيًا أخجل منهم ومن تصرفاتهم العجيبة.
مختارات
قال فيلسوف لكناس في الطريق: إني أرثى لك، عملك شاق وقذر …
قال الكناس: شكرًا لك يا سيدي، هات خبرني ما عملك؟
… أجاب الفيلسوف: إني أفحص عقل الإنسان، أفعاله ورغباته.
عندها تولى الكناس بمكنسته وهو يقول باسمًا: إني لأرثي لك أنت الآخر.
من رمل وزبد لجبران خليل جبران

د. القس إكرام لمعي

قسيس في الكنيسة الإنجيلية المشيخية
رئيس مجلس الإعلام والنشر
كاتب ومفكر وله العديد من المؤلفات والكتابات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى