نحو نظام قضائي منجز وعادل
الهدى 1236 أكتوبر 2021
أقرّ الدستور الكنسي الحالي نظامًا تأديبيًا وقضائيًا لغرض المحاماة عن مجد الرب يسوع وكرامة الكنيسة وطهارتها بإزالة الخطية والعثرات، وذلك من خلال محاكم عادلة منظمة «مادة 263». ومنذ أن وجدت كنيستنا الإنجيلية المشيخية في بلادنا، حرص قادة الكنيسة على تطبيق التقديم الكنسي بكل قوة وحزم، وبسطت الكنيسة ولايتها الكاملة على كل الشعب، فلم تفرق بين غني وفقير، بين عضو وأخر، وهذا يوضح كيف أن كنائسنا مارست التأديب الكنسي على الجميع، وانعكس ذلك على طهارة الكنيسة وقوة انتشارها، ففي خلال خمسين سنة انتشرت الكنيسة في كل بقاع بلادنا، ومنذ أن تركت الكنيسة التأديب الكنسي لفترة زمنية طويلة ضعفت رسالتها وتكونت مراكز القوى فيها، وأصبحت كل كنيسة تفعل ما يحسن في عينيها.
والسؤال هنا هل كنيستنا بحاجه إلى نظام قضائي جديد؟ هل النظام القضائي الحالي غير كاف لإعادة بوصلة الكنيسة وضبط الايقاع فيها؟
هل المشكلة في النظام القضائي الحالي؟ أم المشكلة في غياب الإرادة لتحقيق العدالة؟
هل الكنيسة أصبحت عاجزة ضعيفة عن ممارسه النظام القضائي أم هناك أسباب أخرى؟
أرى أن كنيستنا ليست بحاجه إلى نظام قضائي جديد، بقدر ما تحتاج إلى إرادة فاعلة ناجزة، وأرى أن النظام القضائي الحالي هو كافٍ وذلك للأسباب الأتية:
نظام قائم على المساواة للشخوص القانونية:
النظام القضائي الحالي يركز على فكرة المساواة الكنسية أمام المحاكم المختلفة، فهو يبسط ولايته القضائية على كل من القسيس، والشيخ، والشماس، وعضو الكنيسة، مع اختلاف مثول كل منهم أمام الجهة القضائية المختصة «مادة ٢٦٤».
نظام قائم على الفصل في الاختصاص:
إقرار الدستور الحالي في المادة رقم 266 محددًا قواعد الاختصاص على النحو التالي:
• مجلس الكنيسة بكل ما يتعلق بالأعضاء، بما فيهما شيوخ والاعضاء.
• المجمع بكل ما يتعلق بالقسوس التابعين له.
فالفصل في الاختصاص تكتمل مميزاته فيما يلي:
• تعميق مسؤولية جهات الاختصاص للقيام بدورها الرقابي والتأديبي بحسب السلطان الممنوح لها.
• سرعه الانجاز والحسم، حيث أن كل جهة قضائية تكون لديها قائمة الأدوات والمعلومات والتي تمكنها من سرعه الانجاز والحسم.
نظام قائم على العمومية والتجريد:
الذي يعطي للمادة الدستورية قوتها وسلطانها، أن تتوافر بها العمومية أي تشمل الجميع، وكذلك تكون مجردة أي لا تكون مفصلة على شخص بذاته، وهذا ما نجده في كافة المواد الدستورية المتعلقة بالنظام القضائي الحالي، سواء كانت هذه المواد تخص شيوخ وشمامسة وأعضاء الكنيسة، وكذلك المواد التي تخاطب الكنيسة كلها تتسم بالعمومية والتجريد.
نظام قضائي شامل:
إن الدستور الحالي وضع نظامًا قضائيًا شاملًا، سواء كان نظامًا قضائيًا متعلقًا بالشكل الإداري وفقًا لما جاء في مادة 265، وأجمل كل مخالفة أو تعدٍ، أو عصيان للنظم الكنسية، أو القوانين أو الأحكام التي تصدر عن مجلس الكنيسة أو المجمع أو السنودس، أو نظاماً قضائياً متعلق بكل ما يسمى بالعقيدة والأخلاق المسيحية والآداب العامة.
نظام قضائي يحقق العدالة:
وضع الدستور الحالي العديد من المواد الدستورية الواضحة التي تخص تحقيق العدالة الناجزة، وذلك من خلال مواد دستورية تخص الدعوة القضائية وكيفية النظر فيها، وكذلك الاطراف الأصلية في الدعوى وحقوق كلا منها، كذلك وضع قواعد عامة للمحاكم تعمل على تحقيق العدالة، في إطار نظام قضائي لاستئناف الأحكام وفق ضوابط وأسس قضائية سليمة. ووضع نظامًا قضائيًا للطعن في هذه الأحكام من خلال المحفل العام. يسبق هذه الإجراءات والتي تبدو طويلة لكنها إجراءات ضرورية ولازمة لتحقيق العدالة المنشودة.
نظام قضائي واضح محدد العقوبات:
أقرَّ الدستور الحالي المخالفات الإدارية، كذلك المخالفات المتعلقة بالعقيدة، والأخلاق المسيحية، والآداب العامة، أيضًا وضع المشرع الكنسي تدرج في العقوبات التي تبدأ بالإنذار وتنتهي بالقطع، ووضع لكل عقوبة الأساس التشريعي لها وكيفية السير فيها.
رؤية مستقبلية:
في ضوء ذلك أرى أن الكنيسة ليست بحاجه إلى تغيير نظامها القضائي الحالي، لكن ما تحتاجه الكنيسة اليوم هو إنشاء محكمه دستورية عليا على النحو التالي:
أولًا: تُشكَّل من رئيس ونائب الرئيس، بالإضافة إلى ما سبق من أشخاص يتوافر بهم المعرفة القانونية.
ثانيًا: الاختصاص، الرقابة القضائية من خلال الدستور ثم القوانين واللوائح، مراقبة تطابق القرارات واللوائح مع مواد الدستور، فهي تقوم بإلغاء القرارات التي تخالف نصوص ومواد الدستور، وتفسير النصوص التشريعية، أيضًا تكون هذه المحكمة مستقلة قائمة بذاتها كما تكون أحكامها نهائية وغير قابلة للطعن.