أسرة

عطية الصلاة: اسألوا، اطلبوا، اقرعوا

الهدى 1217                                                                                                                                      يناير 2020

الكاتب: آمي باركر

منذ عدة سنوات، وفي الصباح الباكر، لم تجد ابنتي دُميتها المفضلة. وبحثنا في كل الدواليب والأدراج وتحت السرير، لكننا لم نعثر على الدُمية «بيلا». حاولت أن أقول لابنتي إنها ستجدها بالتأكيد، لكن كلماتي لم ترضيها. ثم جلست الابنة على سريرها وأغمضت عينيها.
وصلَّت: «يارب، من فضلك ساعدني أن أجد بيلا. أنت تعرف أين هي وكيف ذهبت إلى هناك. مِن فضلك ساعدني أن أجدها.»
هذه الصلاة البسيطة التي صلتها كارين أثلجت صدري، وذكّرتني مرة أخرى بأن أهم هدية يمكن أن أتركها لأبنائي هي علاقة الصلاة مع الله القدير. ومع ذلك في تلك اللحظة، لم أستطع أن أمنع عقلي من التفكير في كل الأسئلة القديمة عن الصلاة. هل الله يسمع فعلاً صلواتنا بشأن أمور تافهة؟ هل سيستجيب؟ هل يهتم فعلاً بالدُمية الصغيرة؟
في وقت لاحق في ذلك اليوم، وجدت ابنتي كارين دُميتها تحت كومة من اللعب في دولابها. فاندفعت من غرفتها متعجبةً: «كنتُ أعرف أنني سأجدها! كنتُ أصلي أن أجدها، وهو ما حدث بالفعل!»
وهكذا تعمّق إيمان ابنتي البالغة من العمر ٧ أعوام عندما تعلَّمت أن تعتمد على الله في الصلاة.
الصلاة هدية
معظمنا يريد أن نساعد أطفالنا على بناء علاقة مع الله تغذيها الصلاة. لكن كيف سنوجههم في هذا الأمر؟ هل توجد مساحة أثناء التوصيل بالسيارة إلى المدرسة، والمساعدة في الواجبات المنزلية، وتدريبات كرة القدم، لنركز على بناء حياة صلاة قوية لأبنائنا؟ هل نستطيع أن نصلي خلال هذه المواعيد المتوقعة: قبل الوجبات، وقبل النوم، أو عندما يمرض صديق أو عندما تضيع اللعبة أو الدُمية؟
عندما ننظر إلى الصلاة على أنها مهمة إضافية تضاف إلى جدول مهماتنا فهذا يبعدنا عن جوهر حياة الصلاة. الصلاة ليست إحدى المهمات، لكنها دعوة إلى بناء علاقة. خالق الكون يدعونا إلى عرشه، ويريد أن يسمع ما نريد أن نقوله. الأكثر من هذا، الصلاة تجعلنا على اتصال بتوجيهات الله وقوته، وبالتالي نستطيع أن نقف في وجه إبليس. عندما نساعد أبناءنا على رؤية الصلاة كما يصورها الكتاب المقدّس- كامتياز وليس كمسؤولية- فنحن نساعدهم على فتح هدية تمثل أعمق علاقة مع الله.
يريدنا أن نقترب إليه
من السهل أن نرى الصلاة من طرفنا نحن. «هل أحد يصغي؟». ربما يسأل أطفالك: «أليس الله مشغولاً جدًا بإدارة الكون؟»
يذكّرنا كاتب رسالة العبرانيين أننا عندما نصلي، فإننا نتحدث إلى الله الواحد الذي يهتم ويتصل بنا: «لأن ليس لنا رئيس كهنة غير قادر أن يرثي لضعفاتنا، بل مُجرّب في كل شيء مثلنا، بلا خطية. فلنتقدم بثقة إلى عرش النعمة لكي ننال رحمةً ونجد عونًا في حينه» (عب ٤: ١٥ و١٦).
ساعد أطفالك على إدراك أن الله يهتم فعلاً بما يدور في حياتنا؛ فهو إله يحبنا ويصغي إلينا بتعاطف. ويمكننا أن نقترب إليه بجسارة، عالمين أنه يريد أن يسمع لما نريد أن نقوله.
بابه مفتوح دائمًا
كيف تعلِّم طفلك التكلُّم؟ غالبًا بدون أن تكون حاصلاً على درجة علمية في اللغة العربية. ما ينطبق على اكتساب أطفالنا للغة ينطبق أيضًا على نضوجهم الروحي: أفضل مُعلِّم هو القدوة التي نقدمها.
لذا فإن الخطوة الأولى لمساعدة الأبناء على اختبار هدية الصلاة هي أن ندعهم يشاهدون والديهم وهم يصلون. قدّم قدوة في حياة الصلاة لتوصل لهم فكرة اعتمادنا الدائم على الله. وخلال اليوم دعهم يسمعون صلواتك، ودعهم يعرفون كيف استُجيبت هذه الصلوات. ثم تحدّث عما يعلِّمه الله لك من خلال حياة الصلاة.
عندما كنت صغيرًا، أربكتني وصية الرسول بولس بأن نصلي بلا انقطاع (١تس ٥: ١٧). وكان لأبنائي الصبيان نفس رَد الفعل أيضًا. بلا انقطاع؟ هل يُفترض بنا أن نبدأ الصلاة منحنين الرأس ومُغمضي العينين؟ ساعد أطفالك أن يفهموا أن هذا التعليم يُقصد به أسلوب حياة ووعي دائم بحضور الله. لا يجب أن نتوقف عن الرجوع إلى نبع الصلاة. نحن نطلب إرشاد الله بينما نتوجّه إلى المدرسة، وعندما نُجرّب بخطية ما، وعندما نسمع بالتجارب التي يخضوها أحد أصدقائنا. نحن نصلي عندما نشاهد أمرًا نبيلاً وجميلاً- أو عندما نرى أمرًا شريرًا. يقول القس ﭼون ماك آرثر: «تصبح الحياة بجملتها صلاة مرفوعة باستمرار. كل أفكار الحياة وأفعالها وظروفها تصبح فرصة لنصير في شركة مع أبينا السماوي.»
طرقه أكثر حكمة
«لماذا لم يستجب الله صلاتي؟» أظن أن معظم الآباء والأمهات قد سمعوا هذا السؤال بشكل أو بآخر، لأن الصغار كثيرًا يتساءلون لماذا لم تسر الأحداث بالطريقة التي أرادوها. أولاً، ساعد الصغار أن يفهموا أن الصلاة المستجابة لا تعني بالضرورة الحصول على ما يريدون. وإنما بمقدور الله أن يمنح أو يمنع، أو يغيّر قلوبنا، أو يفعل شيئًا مختلفًا تمامًا. وكل هذه الخيارات تمثل صلوات مستجابة.
السؤال ليس هل الله يستجيب الصلاة أم لا؟ ولكن هل من مصلحتنا أن يعطينا ما نريده. نحتاج أن نؤكد أن الله في حكمته المتعالية، يعطينا أكثر مما نظن أو نطلب.
نحن كوالدين لدينا مفهوم متفرد حول هذه الفكرة. دورنا أن نعرف ما هو الأفضل لأبنائنا ونفعِّل المبادئ التي تساعدهم على النمو في الحكمة. نريد لأطفالنا أن يذعنوا لخبرتنا. نحن نعلم أن أوقات النوم المناسبة تجعل الأطفال أكثر صحة، وأن سوء السلوك يحتاج إلى تقويم، وأن الوجبات الرئيسية لا تتكون من الحلويات فقط. ساعد أطفالك أن يروا أنه كما يتخذ الآباء والأمهات قرارات قد تبدو أحيانًا غير مريحة، كذلك الله قادر على أن يرى المنظور الأشمل والصورة الأكبر. اجعلهم يتخيلون ماذا يحدث لو رفض أخوهم الأصغر التطعيمات أو الاستحمام. التطعيمات تحمي الطفل من الأمراض، والاستحمام يحافظ على نظافته. وهذان الأمران يمثلان جانبًا من صورة أكبر أيضًا.
هو يساعدنا حتى في الصلاة
بينما نعلِّم أطفالنا كيف نصلي، بمقدورنا أيضًا أن نوجههم إلى الأمثلة الكثيرة عن الصلاة في الكتاب المقدّس. يمكننا أن نبدأ بإنجيل متى الأصحاح السادس، حين قال يسوع ببساطة: «فصلوا أنتم هكذا» ثم أعطانا نموذج الصلاة الربانيّة. ويمكننا قراءة المزامير، ونناقش معنى هذه الصلوات الجميلة، ونشجع أبناءنا على حفظ بعضها.
كذلك أحب أن أساعد أبنائي على التركيز على صلوات أبطال الكتاب المقدّس. صلى دانيال عندما تعقدت الأمور من حوله. كما كان الملك داود يقترب إلى عرش الله برعدة وتواضع في انتصاراته في الحروب. كما سلّمت العذراء مريم في إيمان كامل وقبلت مشيئة الله الكاملة. كما أن ابن الله نفسه كان دائمًا يقدّم قدوة في امتياز طلب توجيه الآب وحضوره.
إن جمال التربية في أننا نستطيع أن نساعد أبناءنا على تعلُّم الصلاة، حتى بينما يشاهدوننا ننمو أكثر في حياة الصلاة. نحن كوالدين مع الأطفال يمكن أن نشاهد عن قرب كيف تمثّل هدية الصلاة مفتاحًا للعلاقة مع الله.

http://www.focusonthefamily.me

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى