الهدى 1218 فبراير 2020
على مدار يومين 21 و 22 يناير 2020 اجتمعت اللجنة التنفيذية لمجلس كنائس الشرق الأوسط، بمدينة لارنكا بقبرص، بحضور ممثلي الكنائس من دول: قبرص، مصر، سوريا، لبنان، العراق، الأردن، وفلسطين.
وحضر من مصر نيافة الأنبا بنيامين، ونيافة الأنبا توماس، والمطران نيقولا أندونيو، والمطران ناركيسوس، والقس رفعت فتحي، والأستاذ جرجس صالح، وكاتب هذه السطور.
وبحضور رؤساء الكنائس والأمين العام للمجلس الدكتورة ثريا بشعلاني، ناقش المجتمعون عددًا من الموضوعات، أبرزها التحدّيات المسكونيّة وحوار الأديان وأهميته في الشرق الأوسط، وشدد المشاركون على تعزيز التعاون المسكوني في ما بين كنائس الشرق الأوسط في المجالات اللاهوتيّة والخدمة الاجتماعية والإعلامية، وأكد أعضاء اللجنة التنفيذيّة إنهم يدركون مقدار المعاناة والآلام والتحديّات التي تمرّ بها شعوب المنطقة بمن فيهم أبناء الكنائس، لذا ناشدوا المسيحيين في الشرق الأوسط بالتمسّك بإيمانهم والتشبّث بالرجاء، ودعا البيان الختامي المسيحيين في هذا المشرق المبارك إلى التشبّث بأرضهم وتراثهم وهويتهم بإيمان ورجاء، وتعزيز دورهم في ترسيخ العيش المشترك والاحترام المتبادل والتكافل الاجتماعي، وأن استمرار حالات اللجوء والنزوح يتطلب تضافرًا للجهود مع المجتمع الدولي، وعلى رأسها الأمم المتحدة، كما الهيئات الدينية للعمل الجاد لعودة اللّاجئين والنازحين إلى أرضهم ومساعدتهم في بلدانهم ليتأمّن لهم العيش الكريم بما يحمي هويّتهم وحضارتهم، كما يتطلب استمرار دعم المجتمعات المضيفة، وتوفير مقومات الصمود والحماية للاجئين والنازحين حتّى عودتهم.
وأكد المشاركون أن تصاعد التوتّرات في الشرق الأوسط والعالم العربي، يستدعي الصلاة والعمل من أجل السلام وبناء مبادرات تهدف إلى مواجهة موجات التطرف، بما يحمي سلام المجتمع وكرامة الإنسان، ويؤمّن مسالك حكيمة وحوارية لحل النزاعات في رفض للعنف والحرب.
كما أشاد البيان الختامي بدور مصر ورئيسها في مكافحة الإرهاب وبناء دولة المواطنة فنص على: «أنه لطالما تطلع الشعب المصري إلى ترسيخ مسار المواطنة بمنأى عن التطرف والانعزال، وهو يعايش في هذه المرحلة تمتينًا للعيش معًا بما يدفع باتجاه التأكيد على الوعي الجماعي لما تختزنه مصر من ذاكرة مليئة بإشراقات العيش معًا».
كما ثمَّن البيان جهود الأردن في الحوار الإسلامي المسيحي والعيش معًا بالمواطنة، كما طالب البيان بضرورة الاستمرار في دعم الكنائس في فلسطين، وتثمين صمود الشعب على الرغم من معاناته في ظلّ الاحتلال وسياسة الفصل العنصري والإستيطان، مع الدعوة إلى احترام حرّية ممارسة الشعائر الدينيّة لجميع الفلسطينيين من مسيحيين ومسلمين.
وثمَّن المجتمعون حراك الشعب اللبناني السلميّ المحقّ لاستعادة عيشه الكريم من خلال محاربة الفساد والمطالبة بإدارة سليمة لمقدّراته، بما يعيد إلى وطن الرسالة دوره الحضاري نموذجًا في التلاقي على الخير العام، ومثالًا في الحرية المسئولة، كما طالب المجتمعون بدعم كل الجهود لإعادة الوحدة إلى جزيرة قبرص بما يلّم شمل الشعب القبرصي، ويعزّز السلام الإقليمي والدولّي وينهي الاحتلال الذي أدّى إلى تقسيم الجزيرة، كما صلى المجتمعون من أجل أن يحل السلام في العراق وسوريا مؤكدين إنّ مناداة شعوب المنطقة بالمواطنة الكاملة، المتكافلة بالحقوق والواجبات والحاضنة للتنوّع، يستدعي إعادة النظر بالنظُم والقوانين، وهذا يُثبِت أنّ الحاجة ملحّة لصوغ مسار يُشدّد على فهم الوحدة في التنوّع، باعتبار التنوّع غنى، بعيدًا من الإستنفارات الطائفيّة والفئويّة وأنواع العصبيّات كافة، وذكر البيان أن معاينة حال الفقر والتهميش الذي تعيشه بعض شرائح شعوب المنطقة، يستدعي انكباب مؤسسات الدولة وهيئات الكنيسة، على بلورة سياسات تنموية تحفظ للفرد حياةً لائقة وتُسانده في المساهمة ببناء العدالة الاجتماعية والازدهار الاقتصادي.
ودعا البيان الكنائس الأعضاء في المجلس إلى تعزيز حضورها إلى جانب كل إنسان متألّم مهجّر، نازح ومهاجر، فقد أحباءه أو ممتلكاته من جراء العنف والحروب، لكي تبقى الكنائس أيقونة العطف الإلهي والرحابة، لأن للمسيحيين دور في هذا الشرق الجريح لا سيما في النضال من أجل كرامة الإنسان، وهذا يقتضي تعاونًا بين المسؤولين لتأمين مستقبل يليق بحضارة هذا الشرق وقيَمه، حيث يشكّل التنوّع نموذجًا في العيش معًا.