هل حقًا أفاق السيد المسيح من إغماء؟
الهدى 1209 مايو 2019
في كتابه «المسيح في الهند» زعم الميرزا غلام أحمد أنّ المسيح لم يمت على الصّليب بل أغمي عليه ودفن ثمّ هرب إلى الهند وهناك عاش إلى أن مات موتةً طبيعيّة ودفن في كشمير وقبره معروف في سرنجار, وتبنى القاديانيون أتباع مرزا غلام أحمد هذه النظرية لكي يتجنبوا حقيقة قيامة المسيح من الموت.
وقد نادى بهذه النظرية الداعية أحمد ديدات -وقد تُرجمت معظم كتاباته التي تهاجم المسيحية إلى اللغة العربية وهي موجودة في المكتبات، فقال «إن تلاميذ المسيح أنزلوه عن الصليب وهو حي, ولما وضعوه في القبر دهنوه بمرهم خاص ولذلك لم يأت اليوم الثالث حتى كان قد أفاق, فخرج من القبر وانطلق شرقاً حتى وصل إلى الهند وهناك عاش حتى بلغ العاشرة بعد المائة وعند موته دُفن في بلدة كشمير بالهند والدليل على أنه لم يمت إن المسيح كان قد شبه وجوده في القبر بوجود يونان في بطن الحوت وبما أن يونان لم يمت بل دخل بطن الحوت حياً وخرج منه حياً يكون المسيح قد دخل القبر حياً وخرج منه حياً أيضاً».
وللرد على هذه النظرية نقول وبشهادة نصوص الكتاب المقدس أن السيد المسيح مات قبل أن يدفن ولذلك فالقول بأنه على أثر دهن جسمه بمرهم خاص أفاق واتجه إلى الشرق هو محض افتراء, كما أن القبر الموجود بالهند الذي يقال إن المسيح دُفن فيه ثبت بالدليل القاطع أنه بُني بعد المسيح بمئات السنين لشخص يهودي يدعى آساف وقد أشار الأستاذ عباس محمود العقاد إلى هذه الحقيقة في كتابه عبقرية المسيح.
أما من جهة تشبيه وجود المسيح في القبر بوجود يونان في بطن الحوت فنقول: إن الرمز لا يكون مثل المرموز إليه في كل الوجوه, فمثلاً عندما نقول أن الرجل مثل الأسد بالطبع فنحن لا نقصد المشابهة التامة بين الرجل والأسد, فنحن مثلاً لا نقصد أن نقول إن الرجل له أربعة أرجل مثل الأسد!! ونحن أيضاً لا نقصد أن نقول إن الرجل له ذيل كالأسد!! كل ما يحمله تشبيه الرجل بالأسد إن الرجل يتمثل بالأسد في شجاعته. وعندما نأتي إلى قول السيد المسيح «كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال» ندرك أن المسيح لا يقصد أبداً ما توصل إليه ديدات فالمسيح هنا لا يتحدث عن المشابهة التامة ولا عن التماثل التام ولا سيما وأن هناك فروقاً كثيرة بين يونان والمسيح:
1-فالذي آوى يونان كان حوتاً, بينما الذي آوى المسيح كان قبراً.
2-يونان دخل بطن الحوت وهو بكامل صحته بينما السيد المسيح دخل القبر بعد أن أُنهك من الضرب واللطم والجَلدات والصلب.
3- كان الغرض من إلقاء يونان في البحر هو نجاة الملاحين من الرياح التي كانت تعصف بسفينتهم أما الغرض الظاهري من صلب المسيح فهو إسكات صوته الذي كان يوبخ به رجال الدين ويُظهر عيوبهم.
ومن هنا لا تجوز المقارنة بين الرمز والمرموز إليه من كافة النواحي, بل إن هناك ناحية واحدة رئيسية وهذه الناحية الرئيسية المشتركة بين يونان والمسيح هي أن كليهما اختفى اختفاءً كاملاً عن العالم ثلاثة أيام وثلاث ليال, كان يونان موجوداً حياً في بطن الحوت أما السيد المسيح فكان ميتاً في بطن الأرض كإنسان, وذلك لأن نصوص الإنجيل المقدس تؤكد موته على الصليب فوجه الشبه هنا بين يونان والمسيح هو في المدة وليس في الحالة كما زعم ديدات وغيره من القاديانيين.
ولو كان يونان مات مثل المسيح لما كان قد قام من الموت لأنه كان مجرد إنسان عادي, أما السيد المسيح فكان من المحتم أن يقوم بعد موته لأنه لم يكن إنساناً عادياً، لقد كان في جوهره رئيس الحياة فكيف لقبضة الموت أن تمسك بمن قال عن نفسه أنا هو القيامة والحياة؟!! وكيف لظلمة القبر أن تحجب من قال عن نفسه أنا هو نور العالم؟!!
إن السيد المسيح قام فعلاً بعد موته على الصليب وعدم كسر سيقان المسيح وهو على الصليب مثل اللصين يؤكد موته التام قبل الدفن.
وختاماً…. لقد قام المسيح بعد موته وصعد حياً إلى السماء وهو في هذا يتميز عن جميع الذين قاموا من الموت لأنهم ماتوا ثانية, أما هو فقد قام ولم يعد للموت سلطان عليه لأنه رب الحياة وقبره الفارغ هو خير شاهد على قيامته, فبينما يذهب الناس لزيارة قبور بوذا وكونفوشيوس وغيرهما يذهبون وهم متأكدون أن رفاتهم موجوداً داخل القبور بينما من يذهب لزيارة قبر السيد المسيح يدرك أنه ليس في القبر لأنه قام كما قال, فهل يمكن أن يكذب المسيح؟!!!!!!!!!