الميلادملفات دينية

الجوَّاد الكريم: التجسّد والعطاء

عندما جاء المسيح إلى أرضنا، ماذا فعل؟ وماذا نفعل نحن؟

الهدى 1252-1253                                                                                                          يناير وفبراير 2024

الجوّاد يجود بأجود الموجودات،

وأجود الموجودات ذات الله،

فيجود الله، إذًا، بذاته،

وهذا ما حدث في اتحاد الله بنا [في التجسّد] “.

الفيلسوف العربيّ المسيحيّ يحيى بن عديّ التكريتيّ، القرن التّاسع/العاشر

إنّ أهمّ فكرة ناقشها الكُتَّاب العَرَب المسيحيّون فيما يخصّ تجسّد الله في المسيح هي فكرة “جود الله“، وهذه الفكرة تشدّد على أنّ تأنّس المسيح هو ثمرة جود الله الكريم، الّذي جاد بأفضل ما عنده، أي ذاته. وهذه الفكرة تتلخّص فيما قاله الفيلسوف أبو زكريّا يحيى بن عدي التكريتي: ([1])“إنّ أفضل الجائدين هو الجائد بأفضل الذّوات. وأفضل الذّوات ذات البارئ. فلزم جودُ البارئ بذاته علينا، وهذا كان باتّصاله بنا.”([2]) هذا يعني أنّ السبب الوحيد الّذي دفع الله نحو العالم هو جوده، وثمرة هذا الجود كانت الاتّحاد بالإنسان، أي عندما صار كلمة الله إنسانًا. الجدير بالذكر أنّ يحيى بن عدي اختار لفظ “الجوّاد” لأنّها أقرب عبارة فلسفيّة إلى المفهوم اللاهوتيّ المسيحيّ القائل بأنّ “الله محبّة“.

وتناولت بعض الكتابات العربيّة القديمة التركِّيز على رأفة الله تجاه الإنسان، فيقول كاتب عربيّ غير معروف: “هكذا عرفنا، وجاءنا، وأعلمنا كلمة الله المحتجب في بشرنا، رأفةً مِنه بنا.”([3])

   يضيف الأسقف المصري بولس البوشيّ([4]) إلى هذا المفهوم أنّ كلمة الله تجسّد ليس بحاجة منه إلى ذلك، بل تفضّلًا وحبًّا بخلاص الإنسان، فيقول: “الله جوّاد متفضّل لم يزل في جوهريّته كما يليق بصلاحه. بل أظهر التفضّل بالفعل، لمّا خلق البريّة. ليس لحاجة منه إليها، بل تفضّلًا منه عليها. ومن العدم إلى الوجود أحضرها، وهيّأ لها ما تحتاج إليه، لكرمه وجوده، ليُعرف أنّه متفضّل منّان وهكذا تعاهد البريّة بالخلاص، ليس لحاجة منه إلى التجسّد، بل تفضّلًا منه عليها”([5])

 ينتقد الكتّاب العَرَب المسيحيّون مَن يرفضون الاعتقاد بتجسّد الكلمة، ويعتبرون موقف أولئك بأنّه نابع من “بُخل الإنسان” الّذي يرفض جود الله. فيقول يحيى بن عدي: “وإذا كان اتّصاله بنا ممكنًا، وكان لنا فيه غاية الشرف وله فيه كمال الجود، فلا يمنعه إلاّ العجز أو البخل. وهما من صفات النقص، فهو يتعالى عنهما. فيجب اتّصاله بنا.”([6])

التجسّد والعطاء في الكتاب المقدَّس

يخبرنا إنجيلي متى ولوقا وهما اللذان دونا قصة الميلاد وتفاصيلها عن عطاء الله في شخص المسيح، ويبقى الحدث الأهم في تاريخ البشريّة الذي يوازي قصّة الخلق هو قصّة الميلاد، الله صار إنسانًا ليرفع الإنسان إليه. السؤال هو كيف عبَّر الكتاب المقّدس في الكتابة في مرحلة ما بعد الأناجيل الأربعة عن مجيء المسيح إلى العالم؟ أو بالأحرى ماذا فعل المسيح لنفهم من خلاله موضوع التجسّد، والرسالة التي أتى من أجلها؟ يضع الكتاب المقدَّس سبعة أفعال توضح عمل ورسالة المسيح، وهي:

  • أخلى نفسه (فيلبي 2: 5-7)
  • وضع نفسه (فيلبي 2: 8)
  • لم يرض نفسه (رومية 15: 3)
  • أسلم نفسه (غلاطية 2: 20)
  • بذل نفسه (تيطس 2: 14)
  • قدَّم نفسه (عبرانيين 9: 13، 14)
  • سكب للموت نفسه (إشعيا 53: 12).

أوّلًا: أخلى نفسه (في 2: 5-7)

نظرية الإخلاء تبين كيف جرى التجسّد بلغة يحاول أن يصيغها الرسول بولس بالقول: “فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هذَا الْفِكْرُ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيْضًا: الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلًا للهِ. لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ.” (فيلبي 2: 5-7)

فالمسيح أخلى نفسه أخذًا صورة عبد صائرًا في شبه الناس، وفي كونه معادلاً لله أخذ صورة إنسان، صورة عبد، ظهر غير محاط بمجد كمان كان يظهر في العهد القديم. فاللامحدود صار بالتجسّد محدودًا، وصاحب السلطان صار خاضعًا بالتجسّد للقوانين.

قرينة أنشودة التجسّد الواردة في فيلبي كان الهدف منها وما زال أن يكون المسيح هو النموذج لكي تعيش الكنيسة فكرة الوحدة من خلال التواضع، فيقول: “فَتَمِّمُوا فَرَحِي حَتَّى تَفْتَكِرُوا فِكْرًا وَاحِدًا وَلَكُمْ مَحَبَّةٌ وَاحِدَةٌ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ، مُفْتَكِرِينَ شَيْئًا وَاحِدًا، لاَ شَيْئًا بِتَحَزُّبٍ أَوْ بِعُجْبٍ، بَلْ بِتَوَاضُعٍ، حَاسِبِينَ بَعْضُكُمُ الْبَعْضَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ. لاَ تَنْظُرُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لِنَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لآخَرِينَ أَيْضًا.” (فيلبي 2: 2-4). فهم عمل المسيح من خلال التجسّد عبر نظرية الإخلاء تساعد الكنيسة على كيفيّة عيش الوحدة والمحبة والاهتمام الواحد.

ثانيًا: وضع نفسه (فيلبي 2: 8-9)

يواصل الرسول بولس في أنشودته حول التجسّد باستخدام كلمة وضع بالقول: “وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ. لِذلِكَ رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضًا، وَأَعْطَاهُ اسْمًا فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ” (فيلبي 2: 8-9). المقارنة هنا بين آدم الأول في العصيان وآدم الأخير (المسيح) في الطاعة.

ويربط الرسول بولس في الأنشودة بين التجسّد والصليب في ارتباط وثيق الصِّلة، إذ لا يمكننا فهم الصليب إلا من خلال التجسّد، والتجسّد إلا من خلال الصليب. وهنا يتحقق كلام الملاك ليوسف “فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ».” (متى 1: 21). في مقابل وضع نفسه نجد كلمة أخرى هي رفعه الله، فالله يقاوم المستكبرين: “يُقَاوِمُ اللهُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً.” (يعقوب 4: 6)

ثالثًا: لم يرض نفسه (رومية 15: 3)

في الجانب التطبيقي لرسالة رومية يضع الرسول بولس مجموعة من القضايا العملية نتيجة التبرير بالإيمان من خلال عمل المسيح، وعلى رأس هذه القضايا قضية العلاقات بين أعضاء الجسد الواحد: “فَيَجِبُ عَلَيْنَا نَحْنُ الأَقْوِيَاءَ أَنْ نَحْتَمِلَ أَضْعَافَ الضُّعَفَاءِ، وَلاَ نُرْضِيَ أَنْفُسَنَا. فَلْيُرْضِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا قَرِيبَهُ لِلْخَيْرِ، لأَجْلِ الْبُنْيَانِ. لأَنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا لَمْ يُرْضِ نَفْسَهُ، بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: تَعْيِيرَاتُ مُعَيِّرِيكَ وَقَعَتْ عَلَيَّ.” (رومية 15: 1-3) وأيضًا: “لِذلِكَ اقْبَلُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا كَمَا أَنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا قَبِلَنَا، لِمَجْدِ اللهِ.” (رومية 15: 7).

القبول والاحتمال هما عاملان أساسيان في التعامل ولكيلا يكون الأمر بجهد بشري يضع الرسول بولس المسيح كمركز للدائرة فنحتمل بعضنا بعضًا كما احتمل المسيح، ونقبل بعضنا بعضًا كما قبلنا المسيح. والمسيح لم يرض نفسه، لم يعمل شيئًا لذاته، ولكن كل حياته كانت في خدمة الآخرين.

رابعًا: أسلم نفسه (غلاطية 2: 20)

يستخدم الرسول بولس في علاقته بالمسيح، عبارات مثل في المسيح، ومع المسيح، وعن المسيح، فيقول: “مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ، فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي.” (غلاطية 2: 20). وأساس العلاقة هي المحبة التي قدمها المسيح، فبلغة المفرد يقول “أحبني” وفي اللغة العامة يقول: “وَمِنْ يَسُوعَ الْمَسِيحِ الشَّاهِدِ الأَمِينِ، الْبِكْرِ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَرَئِيسِ مُلُوكِ الأَرْضِ: الَّذِي أَحَبَّنَا، وَقَدْ غَسَّلَنَا مِنْ خَطَايَانَا بِدَمِهِ،” (رؤ 1: 5). فالمسيح أسلم نفسه لأجلي، وهذا هو أعظم مقياس للحب والعطاء.

 خامسًا: بذل نفسه (تيطس 2: 14)

يستخدم الرسول بولس صورة أخرى لعمل المسيح، بالقول: “الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، لِكَيْ يَفْدِيَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، وَيُطَهِّرَ لِنَفْسِهِ شَعْبًا خَاصًّا غَيُورًا فِي أَعْمَال حَسَنَةٍ.” (تيطس 2: 14). فعلان مهمان في هذه الآية: يفدينا، ويطهِّر. صورة الفداء والطهارة ويعمل لنفسه شعبًا خاصًا غيورًا في أعمال حسنة. وهنا عمل المسيح من أجلنا يطهِّر الداخل من خلال الفداء بدم المسيح، وفي نفس الوقت ينعكس هذا على الأعمال الحسنة، وهنا يتطابق الداخل مع الخارج، الفكر مع السلوك.

سادسًا: قدَّم نفسه (عبرانيين 9: 13، 14)

الرسالة إلى العبرانيين هي أغنى الرسائل التي تتحدث عن المسيح ومكانته وأفضليته وعمله، يقول كاتب الرسالة إلى العبرانيين: “لأَنَّهُ إِنْ كَانَ دَمُ ثِيرَانٍ وَتُيُوسٍ وَرَمَادُ عِجْلَةٍ مَرْشُوشٌ عَلَى الْمُنَجَّسِينَ، يُقَدِّسُ إِلَى طَهَارَةِ الْجَسَدِ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ يَكُونُ دَمُ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِرُوحٍ أَزَلِيٍّ قَدَّمَ نَفْسَهُ للهِ بِلاَ عَيْبٍ، يُطَهِّرُ ضَمَائِرَكُمْ مِنْ أَعْمَالٍ مَيِّتَةٍ لِتَخْدِمُوا اللهَ الْحَيَّ!” (عبرانيين 9: 13-14).

يتحدث عن المسيح على أساس أنه منذ الأزل قدم نفسه لله بلا عيب، لكي يطهر الضمائر لنخدم الله الحي. المسيح يطهِّر الضمائر الميتة “فِي رِيَاءِ أَقْوَال كَاذِبَةٍ، مَوْسُومَةً ضَمَائِرُهُمْ” (1 تيموثاوس 4: 2). “لِنَتَقَدَّمْ بِقَلْبٍ صَادِق فِي يَقِينِ الإِيمَانِ، مَرْشُوشَةً قُلُوبُنَا مِنْ ضَمِيرٍ شِرِّيرٍ، وَمُغْتَسِلَةً أَجْسَادُنَا بِمَاءٍ نَقِيٍّ.” (عبرانيين 10: 22). من ضمير شرير إلى ضمير صالح: “وَأَمَّا غَايَةُ الْوَصِيَّةِ فَهِيَ الْمَحَبَّةُ مِنْ قَلْبٍ طَاهِرٍ، وَضَمِيرٍ صَالِحٍ، وَإِيمَانٍ بِلاَ رِيَاءٍ.” (1 تيموثاوس 1: 5). ويكون هدف الحياة هو: “لِذلِكَ أَنَا أَيْضًا أُدَرِّبُ نَفْسِي لِيَكُونَ لِي دَائِمًا ضَمِيرٌ بِلاَ عَثْرَةٍ مِنْ نَحْوِ اللهِ وَالنَّاسِ.” (أعمال الرسل 24: 16)

سابعًا: سكب للموت نفسه (إشعياء 53: 12)

بروح النبوة يكتب إشعياء عن المسيح بالقول: “لِذلِكَ أَقْسِمُ لَهُ بَيْنَ الأَعِزَّاءِ وَمَعَ الْعُظَمَاءِ يَقْسِمُ غَنِيمَةً، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ، وَهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفَعَ فِي الْمُذْنِبِينَ.” (إشعياء 53: 12). وقد تمَّ ذلك على الصليب حين قال: “فَلَمَّا أَخَذَ يَسُوعُ الْخَلَّ قَالَ: قَدْ أُكْمِلَ. وَنَكَّسَ رَأْسَهُ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ.” (يوحنا 19: 30). من أخلى نفسه إلى سكب للموت نفسه نجده حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين، ويبقى هو باب الرجاء أمام كل خاطئ وبائس ومسكين.

ملاحظات ختامية

  • كل الأفعال ذاتية إرادية، أداها المسيح غير مضطر عليها، فيها نوع من الإرادة والسيادة والسلطان، فيها إعلان المحبة الفائقة الوصف.
  • كل الأفعال التي حاولت تفسر كيف كان التجسّد، فالمسيح أخلى نفسه، ووضع نفسه، لم يرض نفسه، أسلم نفسه، بذل نفسه، قدَّم نفسه، سكب للموت نفسه، لكي نحيا حياة الوحدة والمحبة ولا نتفاخر بعضنا على بعض، نخدم الآخرين، نتمتع بالغفران، نطهر أنفسنا من الداخل ونثمر أعمال صالحة من الخارج، يكون لنا ضمير حيّ.
  • كل الأفعال التي فعلها المسيح تفسر بطريقة أو بأخرى الأمر الذي أعلنه الملاك ليوسف: “فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ».” (متى 1: 21)
  • التجسّد ركيزة أساسية عن العطاء الذي من خلال لنقدم ذواتنا لله “فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِرَأْفَةِ اللهِ أَنْ تُقَدِّمُوا أَجْسَادَكُمْ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ، عِبَادَتَكُمُ الْعَقْلِيَّةَ.” (رو 12: 1) ونتعلم منه العطاء “أَعْطُوا تُعْطَوْا، كَيْلًا جَيِّدًا مُلَبَّدًا مَهْزُوزًا فَائِضًا يُعْطُونَ فِي أَحْضَانِكُمْ. لأَنَّهُ بِنَفْسِ الْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ.” (لو 6: 38)

خاتمة

لا يمكن إنهاء هذه المقالة دون الإشارة إلى قصيدة الشعر المبهرة التي غنتها فيروز عن الميلاد، وفيها نرى تجلى العطاء والحب، والمسؤولية الروحية والأخلاقية تجاه الآخرين:

ليلة الميلاد يُمحىَ البُغضُ، ليلة الميلاد تزهرُ الأرضُ

ليلة الميلاد تُبطلُ الحربُ، ليلة الميلاد يَنبِتُ الحُبُ

***

عندما نسقي عَطشانَ كأسَ ماء نكونُ في الميلاد

عندما نكسي عُريانَ ثوبَ حُب نكونُ في الميلاد

عندما نُكفكف الدّموعَ في العيون نكونُ في الميلاد

عندما نَفرِشُ القلوبَ بالرجاء نكونُ في الميلاد

***

عندما أُقَبِلً رفيقي دونَ غِش أكونُ في الميلاد

عندما تموتُ فيً روحُ الانتِقام أكونُ في الميلاد

عندما يُرَمِدُ في قلبيَ الجفاء أكونُ في الميلاد

عِندما تذوبُ نفسي في كيان الله أكونُ في الميلاد

[1]من كبار فلاسفة القرن العاشر الميلاديّ. وُلد سنة 893 في مدينة تكريت، تتلمذ على يد أبي نصّر الفارابيّ، أستاذ مسكويه وأبي حيان التوحيديّ. وهو ينتمي إلى الكنيسة السريانيّة، وتوفّي سنة 974.

[2]الأب سمير خليل اليسوعيّ، “التراث العربيّ المسيحيّ القديم والإسلام“، في كتاب المسيحيّة والإسلام مرايا متقابلة (بيروت: جامعة البلمند، منشورات مركز الدراسات المسيحيّة الإسلاميّة، 1996)، 84-85.

[3]عيد صلاح (تحقّيق وتقديم)، مسائل وأجوبة عقليَّة وإلهيَّة، سيناء عربيّ 434، صفحة f.173v.

[4]وُلد في مدينة بوش في مصر الوسطى، وصار راهبًا ثمّ انتُخب سنة 1240 أسقفًا على مصر.

[5]الأب سمير خليل اليسوعيّ (تحقيق ودراسة وفهرسة كاملة)، مقالة في التثليث والتجسّد وصحّة المسيحيّة لبولس البوشيّ (لبنان: المطبعة البولسيّة، سلسلة التراث العربيّ المسيحيّ، العدد 4، 1983م)، 206-207.

[6]الأب سمير خليل اليسوعيّ، “التراث العربيّ المسيحيّ القديم والإسلام“، مرجع سبق ذكره.

القس عيد صلاح

قسيس في الكنيسة الإنجيلية المشيخية
راعي الكنيسة الإنجيلية في عين شمس القاهرة
باحث غير متفرغ في التراث العربي المسيحي له العديد من المؤلفات والأبحاث

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى