رئيس التحريركلمات وكلمات

كلمات وكلمات ديسمبر 2021

الهدى 1238                                                                                                                       ديسمبر 2021

عندما تبدأ تباشير الميلاد من منتصف ديسمبر إلى ٧ يناير، وبينهما الاحتفال بانتهاء عام بحلوه ومره، واستقبال عام جديد بتمنيات أن يكون الأفضل والأجمل والأرقى والأسمى من العام السابق، وهذه دائماً سُنة الحياة، وتوقع البشر، فإذا جاءت الرياح بما لا تشتهيه السفن، بمعنى أن العام المنصرم أفضل من العام القادم تكون صدمة حقيقية لأن السير ضد المستقبل المفروض أنه الأفضل والأكثر ذكاء وحكمة وغنى، لذلك في بداية كل عام ومع احتفالات الميلاد تكون الفرحة والبهجة والتوقعات الإيجابية للمستقبل القادم، ونحن إذ نحتفل بعيد الميلاد نتوقع دائمًا الأفضل والأقوى والأغنى والأكثر علمًا وحبًا وإنسانية، لأن تجسد المسيح في طفل صغير مولود حديثًا، نحتفي به في كل عام وكأنه يولد فعلًا كل مرة بفرح وابتهاج في الكنائس بالمغارة التي تحتوى يسوع المولود ومعه الرعاة اليهود الفقراء الذين يسجدون له وينظرون إليه كمخلص لهم من الفقر والجهل والاستعمار الروماني الذى يضغط عليهم بقوة وشراسة وكل أملهم أن يكون المولود مُحررًا لهم من الاستعمار الروماني الشرس والفقر والذل، لكن من الغريب والعجيب أن المشهد لم يتوقف عند هؤلاء الرعاة الفقراء فقد أضيف مشهدًا آخرًا بالمجوس (علماء فلك) الأغنياء بالحكمة والفلسفة والمال وأتوا كل الطريق من أقصى المشرق بجِمالهم وهداياهم وثرواتهم وحكمتهم جاءوا بحضارة وثقافة وعادات وتقاليد ولغة مختلفة بعيدة تمامًا عن تاريخ شعب الله أو شعب إسرائيل، جاءوا من البلاد الأممية الوثنية والتي يعتبرها اليهود نجسه وبعيدين عن الخلاص الإلهي ولا علاقة لهم بيهوه وهكذا يعتبرهم اليهود من الأمم الكافرة البعيدة عن خلاص يهوه وتاريخ شعب الله، لكن الصدمة أنهم جاءوا محملين بحكمة الفلاسفة وعمق العلم والقدرة على التنبؤ بالمستقبل، في ثياب فخمة ولغة مختلفة، وعلم يبحث في الفلك وحركة النجوم وتاريخ الشعوب، جاءوا ليعلنوا أن هذا الطفل المولود يهوديًا من ناحية الجسد، والولادة، لكنه يخص الإنسانية كلها وهو يتجاوز كل العراقيل والحواجز التي صنعها الإنسان بين الأعراق والجنسيات والحضارات، والمجوس جاءوا يمثلون جميع الشعوب والقبائل والأعراق، وقدموا للمولود في مذود البقر (أفقر الأماكن) ذهبًا ولبانًا ومرًا، الغنى والكهنوت والألم الذى يصاحب إعلان وتأسيس ملكوت جديد يتجاوز فلسطين بتاريخها الطويل ويتجاوز اليهود كشعب الله المقدس ويتجاوز عظمة الإمبراطورية الرومانية، ويقدم من هذه الثلاثية مخلصًا للعالم، لا شعب بعينه ولا أمة بعينها ولا جيش بعينه، من هنا جاء فريق السماء (الملائكة) يرنمون بالأغنية السماوية السرمدية والتي تردد صداها في الكون كله ويتردد على مدى التاريخ قائلين: «المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة» الله يتعالى في مجده، ويتنازل على الأرض بسلامه ويعلن للبشر سر السعادة الحقيقي «لقد ولد لكم اليوم مخلص هو المسيح الرب». المجد لله في الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة.
خبرة رعوية
اختبرت أعياد الميلاد في الريف ثم في المدينة، ثم العاصمة، فجنوب شرق آسيا وأخيرًا أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، والذى لفت نظري تمامًا أن قصص الميلاد بما في مركزها الطفل المولود في المغارة ومعه الأم العذراء ويوسف النجار وحولهم الخراف والرعاة يسجدون والحكماء (الفلاسفة) دارسوا الفلك، يقدمون هداياهم .هذه البانوراما هي هي في جنوب شرق آسيا (هونج كونج – سنغافورة – كوريا – … إلخ) كما هي في أوروبا (روسيا – إنجلترا – فرنسا – ألمانيا … إلخ) كما في أمريكا. نفس المغارة نفس الأشخاص المحيطين نفس الحيوانات نفس نجم المشرق هذا في حين أن جنوب شرق آسيا (سنغافورة – تايلاند – كوريا الشمالية … إلخ) معظمهم لا يؤمنون بالمسيحية وكذلك الصين وهونج كونج … إلخ نفس الأمر ومعظم البلدان الأوروبية وهي دول علمانية إلا أنها مازالت تحتفظ بالكنائس والطقوس … إلخ
هذا فضلًا عن الكنائس الشرقية والعربية المصرية، والسؤال الذى كنت أسأله لنفسي ومازلت أن معظم شعوب هذا العالم لا يؤمنون بالمسيحية هذا من جانب ومن الجانب الآخر أن كثيرين من الأمم الأخرى، مثل أوروبا وأستراليا … إلخ مسيحيون بالاسم لكنهم علمانيون، بل والبلاد الإسلامية والعلمانية في جنوب شرق آسيا وكوريا الشمالية والصين .. إلخ تحتفل بنفس الاحتفالات ونفس الرموز، ومن كل بلد أزورها أحرص على شراء المذود بما فيه من الخراف، وتماثيل العذراء ويسوع الطفل المولود مع الرعاة والمجوس وأقارن بينهم، ويكادوا يكونون نفس الأشخاص فالاختلافات بينهم نادرة. كيف نفهم هذه الظاهرة رغم الاختلاف الشديد بين الدول العلمانية والشيوعية من ناحية (روسيا – الصين هونج كونج … إلخ) والدول المسيحية أسما (أوروبا) وأستراليا وأمريكا أيضًا من الناحية الأخرى، والدول العربيةوالإسلامية … إلخ.
حكاية لاهوتية
«والكلمة صار جسدًا وحل بيننا ورأينا مجده مجدًا كما لوحيد من الآب … به كان كل شيء وبغيره لم يكن شيء مما كان فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس، النور يضئ في الظلمة والظلمة لم تدركه»
أنظر بعمق إلى كلمة «الظلمة» لم تبق الظلمة كثيرًا عندما ظهر النور، لقد أصبح الكلمة جسدًا وحل بيننا والحكمة اللاهوتية هنا هي هؤلاء الذين يريدون تحويل وإعادة الكلمة التي صارت جسدًا إلى كلمة مرة ثانية إنها (الانتكاسة) أصبحنا والكنيسة نتكلم ونتكلم ونتكلم لكننا مع الأسف لا نتحد. والتجسد هو الذي قام به الله الابن لقد تحول الكلمة إلى جسد، حي ملموس ومرئي، وهذه رسالة الكنيسة، إن تقديم المسيح الكلمة الذي يتحول هنا إلى جسد المسيح المرئي للعالم.
لكن مع الأسف اكتفت الكنيسة بالكلام. فجسد المسيح المصلوب تحول إلى كلمات بدل العكس لنتذكر أن (الكلمة صار جسدًا).
مختارات
العقل إذا سيطر وحده بات قوة تفيدكم
والعاطفة إذا تركت وشأنها غدت لهيبًا يتلظى حتى تبيد …
فدع روحك تُحلق إلى أسمى العواطف.
جبران خليل جبران
من كتاب النبي

الدكتور عبدالمسيح اسطفانوس
لا شك أن د. القس عبدالمسيح اسطفانوس، أحد أعمدة الكنيسة الإنجيلية المشيخية بمصر، ومنذ أن كان في كلية اللاهوت ظهرت عليه علامات التفوق، وهو أوائل من حصلوا على درجة الدكتوراه في اللاهوت PhD، في تاريخ الكنيسة الإنجيلية، وقد شغل منصب مدير دار الكتاب المقدس في القاهرة، كأول مدير وطني في أفريقيا، ولمدة ما يقرب من أربعين عامًا، وقام بتدريس مادة اللاهوت النظامي في كلية اللاهوت الإنجيلية منذ عودته من الخارج، في ستينيات القرن الماضي وحتى تقاعده في عام 2010، وقد كان مرجعية لاهوتية متميزة، وقد أثَّر وأثرى أجيال عدة.
جاستن أسامه
ومن المفاجأت المؤلمة والقاسية أن ينتقل ملاك صغير لم يتجاوز عمره العقد الأول، في حادث مأساوي يوضح مدى العشوائية في الشارع المصري، حيث كان يقود دراجته في طريقه إلى مدرسته، وإذ بسيارة يقودها سائق أرعن يصدمه، لا شك أنه الآن في حضن المسيح، وهو ما يعزي قلوبنا.

د. القس إكرام لمعي

قسيس في الكنيسة الإنجيلية المشيخية
رئيس مجلس الإعلام والنشر
كاتب ومفكر وله العديد من المؤلفات والكتابات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى