ميلاد المسيح طريق السلام
الهدى 1247 يناير وفبراير 2023
ميلاد المسيح، كشف عن ذراع الله القدير ومجدها وقوتها، لقد أرسل الله هديته العظمى للبشريَّة في الوقت والمكان المحددين، فهو دائمًا يفعل كل شيء في الوقت المناسب، فقبل عدة مئات من السنين، أخبر الله ميخا النبي أنَّ المسيح سيولد في بيت لحم. لذلك، قبل ولادة يسوع مباشرة، أصدر أغسطس قيصر في روما مرسومًا يقضي بتسجيل مئات الآلاف من الأشخاص في امبراطوريته. لولا ذلك، لكان يسوع قد وُلِدَ في الناصرة.
في ملء الزمان، تدخل إله التاريخ، إلهنا الكلي القدرة والرحيم، في المشهد العالمي من أجلنا جميعًا. لقد جعل السلام ممكنًا. لقد أرسل رسله ليُمهد الطريق لتجسد ابنه، وليمنحنا طيفًا من سلامه، لكنَّ في ميلاده غنَّت جوقة السماء: «الْمَجْدُ لِلَّهِ فِي الأَعَالِي وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ». (لوقا 2: 14). وهذا ما يدور حوله ميلاد المسيح، أن يمنح البشر سلامًا، مع الله، مع النفس ومع الأخرين. وعندما يختبر الإنسان سلام وحياة المسيح في حياته، فإنَّه ينعم بالسلام مع الله، يكتب الرسول بولس: «فَإِذْ قَدْ تَبَرَّرْنَا بِالإِيمَانِ لَنَا سَلاَمٌ مَعَ اللهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ» (روميّة 5: 1)، هذا السلام الذي يُبنى عليه كل أنواع السلام.
لقد علَّمنا المسيح أن نحب بعضهم، كما نحب أنفسنا، ونحترم ذواتنا، كما علَّمنا أيضًا أن نحب أعداءنا. تخيل لو أن كل إنسان وجماعة وثقافة وبلد في هذا العالم تعلموا حب بعضهم البعض وحب أعدائهم؛ قطعًا سيحُل السلام عالمنا.
لم يقم المسيح فقط بتعليم الناس كيف يكونون في سلام مع بعضهم، لكنَّه عمل بنفسه سلامًا بين الله والناس، إذ صالح الإثنين معًا بدم صليبه. لقد فصلتنا الخطية عن الله القدوس، الكامل والمحب. كما منعتنا من التمتع بمحبته وسلامه، لكنَّ الله أظهر نفسه للناس من خلال شخص يسوع. جاء يسوع إلى الأرض بطريقة سلميّة كطفلٍ رضيعٍ في ظروف متواضعة من مذود وشرع في عيش حياة متواضعة، لقد صار الله إنسانًا، ليمنحنا طريقًا للوصول إليه، هذا الطريق هو نفسه يسوع، ابن الله، الذي قال عن نفسه: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي» (يوحنا 14: 6). ومن الإيمان به، والدخول في خلال علاقة شخصية معه:
• نتمتع بالسلام مع الله. لقد جاء ليعيش حياة كاملة ومات عوضًا عنا ليدفع عاقبة خطايانا. جعل موته السلام بين طبيعتنا الخاطئة وطبيعة الله المقدسة. تعطينا عودته إلى الحياة الأمل في العيش بسلام مع الله.
• نجد الكمال والسلام مع أنفسنا. يعتمد تقديرنا على ما يعتقده الله عنا – وهو أمر لا يتغير أبدًا – بدلاً من الأسس المتقلبة لآراء الآخرين أو الإنجازات العابرة أو الظروف المتغيرة. إن هُويَتُنا مبنيّة على من رؤيّة الله لنا في المسيح، وليس على الأشياء التي نقوم بها.
• نجد الكمال والسلام في علاقتنا مع الآخرين لأننا نبدأ في التغيير ونرى الناس من خلال عيون الله. نتذكر أن الله أحبنا أولاً، وتنمو رغبتنا في نشر الحب للآخرين.
• يمكننا أن نجلب الشفاء والكمال للآخرين من حولنا، في المجتمعات والمدن والعالم الذي نعيش فيه. نبدأ في رؤية الأمل في التغيير في الآخرين والعالم من حولنا.
لكن الدخول في علاقة مع المسيح وقبوله بالإيمان واتباعه لا يعني حياة خاليّة من الصراع. لكنَّه يُقدِّم وعدًا بالأمل بشيء أفضل آتٍ لا محالة، إنه يقدم قوة للمثابرة حتى ذلك الوقت يأتي عالم جديد.