مقالات

تشكيل التوقعات .. بداية لحياة أفضل

الهدى 1233                                                                                                                               يوليو 2021

* يشجع الكتاب المقدس أولئك الذين يثقون في الرب أن يتوقعوا منه بركات صالحة «إِنَّمَا لِلَّهِ انْتَظِرِي يَا نَفْسِي لأَنَّ مِنْ قِبَلِهِ رَجَائِي.» (مزمور 62: 5)، «بَلْ كُنْ فِي مَخَافَةِ الرَّبِّ الْيَوْمَ كُلَّهُ. 18لأَنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْ ثَوَابٍ وَرَجَاؤُكَ لاَ يَخِيبُ» (أمثال 18:23) أولئك الذين يعيشون في مخافة الرب لديهم رجاء لا يخيب.
• من ناحية أخرى، هناك بعض الناس الذين يدعوهم الكتاب المقدس أنهم لا يجب أن يتوقعوا الكثير، فالإنسان لا يجب أن يتوقع أن يحتفظ بمكاسبه غير المشروعة حيث يقول «عِنْدَ مَوْتِ إِنْسَانٍ شِرِّيرٍ يَهْلِكُ رَجَاؤُهُ وَمُنْتَظَرُ الأَثَمَةِ يَبِيدُ» (أمثال 11: 7؛ 28:10)، وأيضًا الانسان المتقلقل في طرقه لا يتوقع إستجابات للصلاة: «فَلاَ يَظُنَّ ذَلِكَ الإِنْسَانُ أَنَّهُ يَنَالُ شَيْئاً مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ.» (يعقوب 1: 7).
• من خلال ذلك، يمكن أن تكون التوقعات مرتفعة أو منخفضة، أو معقولة أو غير معقولة، أو جيدة أو سيئة، يتحدث الكتاب المقدس عن توقعات الخلاص (رومية 8:19)، توقعات الدينونة (عبرانيين 10:27)، توقعات متأخرة (أمثال 13: 12 أ)، توقعات محققة (أمثال 13: 12 ب)، والتوقعات غير المحققة (أمثال 11: 7). أخبرنا يسوع أن نمتلئ برجاء عودته – على الرغم من أن توقيت عودته يتجاوز معرفتنا (لوقا 40:12).
• ببساطة، التوقعات هي المعتقدات التي تنبع من عملية تفكير الشخص عند فحص الأدلة، على سبيل المثال نرى السماء تتلون باللون الوردي عند الشروق، لذا نتوقع اقتراب رؤية الشمس، في كثير من الأحيان، تأتي التوقعات مما اعتدنا عليه، أو نشأنا عليه في عائلتنا، أو في مجتمعاتنا.
• توقعاتنا ليست صحيحة دائمًا بسبب عيوب منطقنا وتحيز الأمل والرغبة، وأحيانًا «نرفع آمالنا» استنادًا إلى فرضية خاطئة أو قراءة خاطئة للأدلة، وأحيانًا أخرى نقوم بتشكيل التوقعات تلقائيًا، دون جهد واعي، وعندما لا تتحقق التوقعات، يترتب عليها الألم، وكثيرًا ما نلقي باللوم على شيء أو شخص لم يرق إلى مستوى توقعاتنا، حتى لو كانت توقعاتنا غير معقولة تجاهها، طالما كنت تتوقع حليب البقر من ماعز قديم، فسوف تشعر بخيبة أمل دائمًا. فقط لأنك تتوقع شيئًا لا يعني أنك ستحققه.
• التوقعات المبنية على الافتراضات البشرية يمكن أن تسبب متاعب. على سبيل المثال، عندما يتزوج رجل وبامرأة، يحمل كلاهما توقعات نحو الأخر. قد يرى الرجل دليلاً على أن زوجته شخص عطوف ولطيف، فقد يشكل ذلك توقعات حول ما ستكون عليه كأم. أو ربما كانت والدته طباخة رائعة، ويتوقع أن تمتلك زوجته نفس مهارات الطهي. فإذا لم تتحقق توقعاته سوف يشعر بالألم والإحباط، كذلك قد توافق إمرأة على الارتباط من رجل لأن لديه وظيفة جيدة ويحبه الآخرون، وبالتالي تتوقع أنها لن تواجه مشاكل مالية. ثم، إذا فقد وظيفته فجأة أو غير مهنته وبدأ في النضال ماديًا، فقد تستاء منه بناءً على توقعاتها غير المرنة.
• وهكذا يمكن أن تتسبب التوقعات الخاطئة في الكثير من المشاكل في أي علاقة، سواء كانت بين الوالدين / أو الرئيس / الموظف، أو الأصدقاء، أو شركاء الخدمة، أو أعضاء الفريق الرياضي، فعندما يكون هناك اعتمادًا متبادلًا، توجد توقعات، وإذا لم يتم تتحقق الوفاء بهذه التوقعات، هنا تبرز الصراعات.
• ليس مجرد إعلان الساعة نهاية عام هو ما يمنحنا فرصة جديدة للتغيير، ولكن ثق أنه لا شيء يتغير في حياتنا حتى نغير طريقة بناء توقعاتنا، هنا يظهر السؤال الذي يبحث الكثيرون عن اجابته، هل تحتاج إلى المزيد من العمل على تغيير الآخرين يجعلك سعيدًا أم تحتاج إلى المزيد من العمل على تغيير طريقة تفكيرك؟
يضع الكتاب المقدس بعض المبادئ التي تساعدنا على تشكيل التوقعات والتعامل مع توقعات الآخرين:
التواصل:
الانفتاح والصدق مع أنفسنا ومع الآخرين هو المفتاح الأول، كلنا نفشل في طرق كثيرة للتواصل مع أنفسنا ومع الأخر (يعقوب 3: 2)، وهنا يجب أن نكون قادرين على الاعتراف عندما نكون مخطئين، ويجب ألا نبني توقعاتنا على مجرد الافتراض (أمثال 18: 13)، لكن نبنيها على الحقيقة التي يمكن التحقق منها، يجب أن نناقش مع أحبائنا ما هي توقعاتنا وما هي توقعاتهم، إن أمكن ذلك.
الغفران:
كان الناس المعاصرون ليسوع يتوقعون مجئ أو ظهور المسيا (لوقا 3: 15)، ولكن عندما جاء، كانت لديهم بعض التوقعات الخاطئة لما سيفعله، لقد أرادوا أن يحررهم المسيح من روما، وتوقعوا خطأ أن يؤسس يسوع مملكته على الأرض (لوقا 19:11)، ولكن عندما لم يحقق توقعاتهم، صاروا محبطين وغاضبين بما يكفي لمحاولة قتله، لكن يسوع غفر (لوقا 34:23)، فإذا استطاع يسوع أن يغفر للناس الذين هتفوا «اصلبه!» يمكننا نحن أيضًا أن نغفر لأحبائنا وأصدقائنا الذين لديهم توقعات خاطئة من نحونا.
المحبة:
المحبة تتأنى وترفق، ولا تظن السوء (1كورنثوس 13: 4-7)، علينا أن نتذكر أن كل الناس مختلفون، إذا كان لدينا توقعات للأصدقاء أو الأحباء لا يمكنهم الوفاء بها، فهذا ليس خطأهم، فنحن لدينا القدرة على تغيير توقعاتنا، وإذا وجدنا أن توقعاتنا للآخرين غير معقولة، فيجب أن نكون أكثر مرونة.
• في كل شيء، يجب أن ننظر إلى الله ونثق به:
(أمثال 3: 5-6) إن وعود الله صحيحة ولا يرجع عنها، وتوقعنا أنه سيفي بكلمته يسمى الإيمان في كثير من آيات الكتاب المقدس، يمكننا أن نتوقع من الله أن يفعل بالضبط ما يقول إنه سيفعله (2كورنثوس 20:1؛ يشوع 45:21؛ مزمور 77: 8؛ 2بطرس 1: 4)، عندما تؤسس توقعاتنا على كلمة الله، لن تفشل أبدًا، فوصايا الرب جديرة بالثقة (مزمور 19: 7-10).
أربعة أشياء يمكنك أن تتوقعها دائمًا من الله:
• الحياة لا تتحرك كما هو متوقع: تم تحقيق بعض توقعاتي، وتم تجاوز البعض الآخر، ومع ذلك بقي البعض الآخر دون تلبية. أتصور أنك ستقول نفس الشيء، فعندما درست الكتاب المقدس، أدركت أن توقعاتي ليست بالضرورة توقعات الله لحياتي، بدأت أفكر فيما يمكن أن نتوقعه من الله، مهما كانت حالتى أو شكل الظروف.
1. المحبة لا تتغير:
• إن محبة الأصدقاء والأحباء تتغير، لكن المؤكد أن محبة الله لا تتغير، يخبرنا الكتاب المقدس أنه بينما كنا ما زلنا خطاة ولم يكن لدينا معرفة تذكر بمحبة الله، مات المسيح من أجلنا، فعندما ندخل في علاقة مع الله، من خلال يسوع، نتعلم المزيد عما يعلمه الكتاب المقدس عن محبة الله، تنفتح أعيننا، فلا تعد محبة الله مجردة بالنسبة لنا، بل صارت ملموسة.
• ستكون هناك أوقاتًا تضعف فيها العلاقة مع الله، لكنني أعلم أنه لا شيء سيتسبب في انفصال الله عني، فهو يعرفني أفضل مما أعرف نفسي، ومن خلال المسيح يحبني وهو، خلقني له، ولن يتركني أبداً، أستطيع أن أتوقع محبة الله دائمًا (رومية 8: 38-39).
2. معيته لا تنتهي:
• هل تم استبعادك من أي شيء؟ أنا أيضًا حدث معي ذلك، من المؤلم أن تترك في الخارج عندما يكون الآخرون معًا في الداخل، في الآونة الأخيرة، لكنني أعرف أن الله معي وأننا نقترب منه من خلال الصلاة والبحث والانتظار.
• الله لن يتركنا أبداً، لقد وعد بأنه سيكون معنا دائمًا، بغض النظر عن أي شيء، ومهما كانت حالتنا، سواء أدركنا ذلك أم لا، ولكن يمكننا أن نتوقع وجود الله في صعوباتنا (عبرانيين 5:13؛ متى 28:20).
3. التغيير المجيد:
• يستخدم الله أيضًا المتاعب لبدء التغيير ؛ يمكننا أن نتوقع مشاكل في مرحلة ما من حياتنا، أكثر لحظات التغيير المعروفة في حياتنا نتيجة لاجتيازنا المتاعب .
• نرى في (رومية 12: 2) «وَلاَ تُشَاكِلُوا هَذَا الدَّهْرَ بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ.»، لاحظ أن «لا تتوافق» انت هنا الفاعل و «تغيروا» انت تحتاج لعمل الروح القدس، ليجدد عقولنا في كل مرة نغمس فيها أنفسنا في كلمة الله، ويحولنا الروح القدس تدريجيا لنصبح أشبه بالمسيح.
• عندما نتعلم أن نرفض نمط ومادية هذا العالم، سنكون متواضعين، سوف نتوب، سوف تنحسر عوامل الاغراء في هذا العالم، وسوف يظهر مجد الله فينا (2كورنثوس 18:3).
4. المجد المثالي:
• توقعاتنا غالبا تكون قصيرة النظر، هذه الحياة ليست سوى الخطوة الأولى من خلودنا مع الرب، لأننا نعيش في عالم ساقط، لا مفر فيه من آثار الخطية.
• في المسيح، لدينا توقعات ثابتة بأن نعيش معه في عالم مثالي خال من الخطية إلى الأبد، أن أبطال الإيمان يتطلعون إلى وطن مثالي، سماوي (عبرانيين 11: 15-16).
إذا تم بناء توقعاتنا على وعود محبة الله غير المشروطة، والثقة في حضوره المستمر معنا، والتغيير بروحه القدوس، والخلود المثالي مع يسوع، فلن يغمرنا الشعور بخيبة أمل حتى نهاية الحياة على الأرض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى